«الشرق الأوسط» ترصد ردود الفعل السورية على مرسومَي العدالة الانتقالية والمفقودين

حقوقيون ينتقدون اقتصارهما على جرائم نظام الأسد واستبعاد التشاور مع المجتمع المدني وذوي الضحايا

«الشرق الأوسط» ترصد ردود الفعل السورية على مرسومَي العدالة الانتقالية والمفقودين
TT

«الشرق الأوسط» ترصد ردود الفعل السورية على مرسومَي العدالة الانتقالية والمفقودين

«الشرق الأوسط» ترصد ردود الفعل السورية على مرسومَي العدالة الانتقالية والمفقودين

تصادف افتتاح معرض «مغيبون ومعتقلون ذاكرة إبداعية»، في المتحف الوطني بدمشق، مساء الأحد، مع إعلان الرئاسة السورية تشكيل هيئتَي العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين.

وقال وزير الثقافة محمد الصالح، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن صدور المرسومين لا سيما الخاص بالمفقودين والمغيبين قسرياً، هو «إعادة الكرامة عن طريق إكمال الصورة»، ولا يمكن أن تكون هناك ثقافة حقيقية من دون حقيقة، وكشف مصير المفقودين هو نوع من رد الكرامة»، عادَّاً إقامة معارض فنية للتذكير بقضية المفقودين هي تأكيد على أن «الفن جزء من حياة الناس» وأحد «أشكال المشاركة والتعافي على جميع المستويات».

وزير الثقافة ووزيرة الشؤون الاجتماعية في معرض المفقودين والمغيبين قسرياً ذاكرة إبداعية

تحولت أرجاء المتحف الوطني فضاءً لمواصلة النقاش السوري الذي انطلق منذ سقوط النظام حول مسار العدالة الانتقالية وملف المفقودين، وتنوعت الآراء التي رصدتها «الشرق الأوسط» بين متفائل بالمرسومَين وبين منتظر لنتائج تشكيل اللجان المنبثقة عن الهيئتين، وآخر يطالب بضرورة إشراك أهالي المفقودين والمتضررين والمجتمع المدني والمنظمات الحقوقية التي عملت منذ سنوات على مسار العدالة الانتقالية. ورابع ينتقد فصل هيئة المفقودين عن هيئة العدالة، الأمر الذي أوضحته وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل هند قبوات لـ«الشرق الأوسط»، بأنه تم «لأسباب تقنية بحتة ولتسهيل العمل، لافتة إلى جهود كبيرة للغاية تبذل الآن في تشكيل لجان الهيئتين». مؤكدة ضرورة «التذكر عبر الفن والجمال للمساعدة في التعافي».

معرض «مغيبون ومعتقلون» (سانا)

رئيس الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني عدَّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تشكيل هيئة للمفقودين مستقلة «يزيد التعقيدات البيروقراطية»، ورأى أنها يجب أن تكون «هيئة للحقيقة» تشمل الضحايا كافة ضمن مسار هيئة العدالة. كما اعتبر عبد الغني، أن هذه الهيئات لا تتشكل بمرسوم رئاسي، وإنما «بقانون يصدر عن المجلس التشريعي لأن في هذا ترسيخاً للشرعية».

وأوضح عبد الغني، أن معالجة موضوع التفويض وتحقيق مشاركة أوسع للضحايا وفئات المجتمع، يعززان «الشرعية» ويضعانها في إطارها القانوني. كما شدد على ضرورة تمتع الهيئة بالاستقلال المادي والإداري، والأهم «الاستقلال عن السلطة التنفيذية».

وقال إن المرسوم عيَّن رئيس الهيئة وفوَّضه اختيار أعضاء اللجان «دون محددات ومعايير للاختيار»، وبهذه الطريقة تكون السلطة التنفيذية هي التي عيَّنت كل أعضاء الهيئة.

ونبَّه عبد الغني إلى «إشكالية» عدم تضمن المرسوم ما يشير إلى مشاركة منظمات المجتمع المدني أو المنظمات الحقوقية أو روابط الضحايا.

المحامي حسين عيسى عبَّر عن سروره بمرسومَي 19 و20، لافتاً إلى مصادفة غريبة (إيجابية) وهي تطابق الرقمين مع رقمي قانون الإرهاب وقانون تشكيل محكمة الإرهاب اللذين أصدرهما النظام السابق وكانا سبباً في قهر مئات الآلاف من السوريين، عادَّاً ذلك دلالة رمزية لافتة. متمنياً لو جرى حوار بين الهيئتين وأهالي الضحايا قبل إصدار المرسومين، آملاً في استدراك هذا القصور؛ لأن الضحايا وأهالي المفقودين والاختفاء القسري الطرف المعني بمسائل جبر الضرر وتحقيق العدالة الانتقالية، وتمنى ألا يجري تجاهل أي جهد بذلته منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية في هذا الشأن خلال السنوات الماضية، لا سيما الذين اشتغلوا على الأرض في مناطق سيطرة النظام السابق، حيث لم يجر التشاور مع أي من النشطاء المدنيين والحقوقيين في هذا المجال قبل إصدار المرسومين.

في اليوم العالمي للمفقودين - أغسطس الماضي - تجمع الناجون السوريون وعائلات المختفين خارج مقر الأمم المتحدة في جنيف وخطوا رسائلهم على منحوتة الفنان السوري خالد ضوا «الديكتاتور ملك الثقوب» ويبلغ ارتفاعها 3 أمتار (موقع الحملة)

من جانبه، انتقد معتصم السيوفي، مدير مؤسسة «اليوم التالي»، تخصيص مرسومَين للعدالة الانتقالية والمفقودين بجرائم نظام الأسد، وقال إن هناك جملة قضايا أخرى تندرج ضمن مسار العدالة الانتقالية تتعلق بالمفقودين وعودة المهجرين وجبر الضرر، منها على سبيل المثال عودة المهجرين في منطقة عفرين، كما يوجد طرق ونماذج عدة لتحقيق العدالة تحتاج إلى نقاش، وقال لم يتم التواصل معنا، ولكن سنسعى للقاء رئيس هيئة العدالة الانتقالية وسنحاول المشاركة.

ياسمين المشعان العضوة المؤسسة لـ«رابطة عائلات قيصر» تتحدث في اجتماع مجلس حقوق الإنسان حول العدالة الانتقالية

وتتفق مع هذا الرأي الناشطة السورية ورئيسة «رابطة عائلات قيصر» ياسمين المشعان، التي عبَّرت عن حماسها بصفتها أحد أهالي الضحايا لتشكيل هيئة للمفقودين طال انتظارها، إلا أن المرسوم الثاني الخاص بالعدالة الانتقالية أطفأ هذا الحماس، بحسب قولها، مضيفة: «شعرنا بالإحباط لأنه مرسوم (غير منصف)؛ لاقتصاره على جرائم النظام السابق؛ كون أن في ذلك اجتزاءً لحقوق ضحايا الأطراف الأخرى التي شاركت في الصراع». وقالت المشعان: «أنا شخصياً فقدت خمسة من إخوتي، أحدهم على يد تنظيم (داعش) وأربعة على يد نظام الأسد»، وإذا «قبلت بمرسوم غير منصف فكأني أميز بين إخوتي» مشددة على أن «مرسوماً لا يشمل الضحايا كافة يجعل العدالة (انتقامية) وتصفية حسابات أكثر منها (عدالة انتقالية)»، وفق تعبيرها.

معرض «مغيبون ومعتقلون» (سانا)

وقضي مرسوم هيئة العدالة الانتقالية بتعيين عبد الباسط عبد اللطيف رئيساً لها، وتعنى «بكشف الحقيقة حول الانتهاكات الجسيمة التي تسبب فيها النظام البائد، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وجبر الضرر الواقع على الضحايا، وترسيخ مبادئ عدم التكرار والمصالحة الوطنية». في حين كُلّفت «الهيئة الوطنية للكشف عن مصير المفقودين» البحث والكشف عن مصيرهم مع المختفين قسراً، وتوثيق الحالات، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية، وتقديم الدعم القانوني والإنساني لعائلاتهم». وعين محمد رضى جلخي رئيساً لها.


مقالات ذات صلة

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

المشرق العربي انتهى حكم بشار الأسد الطويل والوحشي سريعاً لكنه وحاشيته المقربة وجدوا ملاذاً آمناً في روسيا (نيويورك تايمز)

تتبّع مصير 55 من جلادي النظام السابق اختفوا مع سقوط الأسد في منافي الترف

تمكّن تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» من تحديد أماكن وجود عدد كبير من كبار المسؤولين الحكوميين والعسكريين، وتفاصيل جديدة عن أوضاعهم الحالية وأنشطتهم الأخيرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - لندن)
شمال افريقيا وزير العدل (وسط) مع البرلماني صاحب مقترح تعديل قانون الجنسية (البرلمان)

الجزائر: مسؤول يهوّن من المخاوف بشأن «إسقاط الجنسية» عن المعارضين

هوَّن مسؤول حكومي رفيع من المخاوف المرتبطة بأحد نصين سيناقشان في البرلمان الجزائري، مؤكداً أنه «لا يستهدف أصحاب الرأي المخالف».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا جانب من اجتماع القوى السودانية في نيروبي (الشرق الأوسط)

قوى سودانية توقِّع على إعلان مبادئ لإنهاء الحرب

وقَّعت قوى سياسية وحركات مسلحة في نيروبي على إعلان مبادئ لوقف الحرب في السودان، وتصنيف حزب «المؤتمر الوطني» المعزول «منظمة إرهابية».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أحمد بن بلة ومحمد خيدر غداة الاستقلال (مؤسسة الأرشيف الجزائري)

«كنز الثورة الجزائرية» لا يزال يثير جدلاً حاداً رغم مرور 60 سنة على اندلاعها

مثل اليوم الخميس الصحافي الجزائري المعروف، سعيد بوعقبة، أمام قاضي التحقيق بمحكمة العاصمة، للاستماع إليه بشأن شكوى رفعتها ضده عائلة الرئيس السابق أحمد بن بلة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل عنصر بارز بـ «فيلق القدس» الإيراني في غارة على لبنان

دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)
دخان يتصاعد جراء غارات إسرائيلية سابقة على جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي اليوم الخميس إنه قتل شخصاً وصفه بأنه عنصر بارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في غارة على منطقة الناصرية في لبنان.

وذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن الغارة أسفرت عن مقتل حسين الجوهري، الذي قال إنه ينتمي لوحدة العمليات التابعة لفيلق القدس الإيراني.

وأشار أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى أن القتيل شارك في عمليات ضد إسرائيل «في الساحتين السورية، واللبنانية» خلال السنوات الأخيرة.


الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
TT

الجنرال مظلوم عبدي: تم التوصل إلى تفاهم مشترك مع دمشق فيما يخص دمج القوى العسكرية

اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)
اجتماع الهيئة الاستشارية لدعم لجنة تفاوض شمال شرقي سوريا مع دمشق في مدينة الطبقة الخميس (نورث برس)

أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مظلوم عبدي، التوصل إلى تفاهم مشترك مع الحكومة السورية، بشأن دمج القوى العسكرية بما يتماشى مع ما وصفه بالمصلحة العامة، مؤكداً أن عدداً من القضايا السياسية والدستورية ما زال يحتاج إلى وقت وحوارات أعمق.

وفي كلمة مصورة ألقاها خلال مشاركته في اجتماع الهيئة الاستشارية للجنة تفاوض الإدارة الذاتية مع دمشق، المنعقد في مدينة الطبقة، قال عبدي: «هناك تقدم في تشكيل رؤية مشتركة مع دمشق بخصوص المعابر والحدود والثروات الباطنية لكل السوريين»، مؤكداً أن الثروات الباطنية هي ملك لجميع السوريين، وليست حكراً على جهة بعينها.

ونقل موقع تلفزيون سوريا، الخميس، عن عبدي قول: «إن الاجتماع ناقش آخر المستجدات السياسية على الساحة السورية، إضافة إلى اتفاقية 10 مارس (آذار)، مشيراً إلى وجود تقارب في الآراء حول ملفات أساسية». وأضاف أن شكل النظام السياسي في سوريا، وآليات التشاركية بين المكونات، يعدان من الركائز الأساسية لأي حل، لافتاً إلى أن ذلك يتطلب حوارات أعمق للوصول إلى دستور يعكس تطلعات السوريين كافة.

وبيّن قائد «قسد» أن هناك أموراً دستورية تحتاج إلى وقت للوصول إلى حل يشمل كل سوريا، مشيراً إلى أنه «نرى بأن الحل في سوريا يجب أن يكون لا مركزياً، ونريد أن يدير أبناء مناطق شمال وشرق سوريا مناطقهم ضمن إطار دستوري»، معرباً عن أمله في التوصل خلال الفترة المقبلة إلى اتفاقات شاملة حول القضايا العالقة.

وأشار إلى أن بعض الملفات الدستورية لا تزال قيد النقاش، وأن الوصول إلى حل يشمل كامل الجغرافيا السورية يتطلب وقتاً وتوافقاً وطنياً أوسع، وفق قناة «روجافا» الرسمية التابعة «للإدارة الذاتية».

ويتضمن الاتفاق الموقع في 10 مارس (آذار) الماضي بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومظلوم عبدي، دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرقي سوريا ضمن إدارة الدولة وحماية حقوق جميع السوريين، مع الالتزام بعدم الانقسام وإنهاء الخلافات قبل نهاية العام الحالي.

ونقلت صحيفة «الوطن» السورية، الخميس، عن مصدر بالحكومة نفيه الأنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق عسكري بين الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).

وشدد المصدر على أن الاتصالات مع «قسد» متوقفة حالياً، وأن الحكومة تدرس رد «قوات سوريا الديمقراطية» على مقترح من وزارة الدفاع السورية.


سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
TT

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)
قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين، في وقت حذر فيه القضاء من تجاوز المدد الدستورية، بينما أعلن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي استعداده للعودة إلى المنصب في حال التوافق عليه.

وقال العبادي للصحافيين إن هناك «نقاشاً بين القوى السياسية» بشأن رئاسة الحكومة، داعياً إلى «احترام الجداول الدستورية في عملية تشكيل الحكومة والالتزام بها».

وأضاف أن مجلس النواب من المتوقع أن يعقد جلسة خلال الأسبوع المقبل لانتخاب رئيسه ونائبيه، يعقبها انتخاب رئيس للجمهورية، قبل أن تسمي الكتلة البرلمانية الأكبر مرشحها لرئاسة الوزراء.

وأكد العبادي أنه أحد المرشحين المطروحين، مشيراً إلى جدل داخل القوى السياسية حول ما إذا كان من الأفضل إعادة تكليف رؤساء وزراء سابقين أو اختيار شخصية جديدة. وقال إن العراق يواجه «أزمة اقتصادية ومالية حقيقية»، إلى جانب أوضاع إقليمية ودولية معقدة، ما يتطلب «إدارة حكيمة».

وأضاف أنه «جاهز نفسياً وواقعياً» لتولي المنصب، مذكراً بتجربته عام 2014 حين تسلم رئاسة الحكومة في ظل تمدد تنظيم «داعش»، وأزمة مالية حادة نتيجة انهيار أسعار النفط، وقال إن النجاح آنذاك تحقق «بتوحّد العراقيين».

ويأتي إعلان العبادي في وقت تشهد فيه الساحة الشيعية خلافات حول هوية المرشح لرئاسة الحكومة، مع تمسك ائتلاف رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، بترشيحهما، في ظل تعدد الخيارات داخل «الإطار التنسيقي».

وحسب قيادي في إحدى الكتل الشيعية الكبيرة، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن القوى الشيعية تحاول دفع الشريكين الكردي والسني إلى حسم مواقفهما خلال أيام، غير أن تعدد المرشحين وعدم وضوح الرؤية يعمّقان حالة الجمود السياسي.

وتتزامن هذه التطورات مع تصاعد القلق من العجز المالي، إذ يحذر خبراء اقتصاديون من صعوبات محتملة في تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين، في بلد يعتمد أكثر من ستة ملايين شخص فيه على الإنفاق الحكومي. كما عادت إلى الواجهة دعوات لإقامة أقاليم، لا سيما في محافظة البصرة الغنية بالنفط، ما يثير مخاوف من تعميق الخلافات بين الحكومة المركزية والمحافظات، على غرار العلاقة المتوترة بين بغداد وأربيل.

حيدر العبادي (وكالة الأنباء العراقية)

الخلاف السني - السني

في موازاة ذلك، لا يزال منصب رئيس مجلس النواب محور خلاف داخل المكون السني. وقال وزير الدفاع ورئيس تحالف الحسم الوطني، ثابت العباسي، إن «المجلس الوطني السياسي» سيعلن مساء الأحد المقبل اسم مرشحه لرئاسة البرلمان، مشيراً إلى أن الحوارات لا تزال مستمرة مع الأطراف السنية والشيعية والكردية.

وأضاف العباسي، في تصريحات لشبكة «روداو» الكردية، أن المشاورات تشمل الاستحقاقات الثلاثة: رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء، متوقعاً أن تتضح صورة المرشحين خلال الساعات المقبلة. وأكد ضرورة حسم ملف رئاسة البرلمان قبل الاثنين لتفادي الذهاب بعدة مرشحين، ما قد يعرقل عمل المجلس.

وينظر إلى الخلاف السني على رئاسة البرلمان على أنه اختبار لقدرة المكون على التوافق الداخلي، في ظل تحذيرات من أن انتخاب الرئيس بأغلبية برلمانية عامة، لا بتوافق المكون، قد يقيّد صلاحياته لاحقاً.

وتأتي هذه التحركات بينما شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، على أن المدد الدستورية لا تقبل «الانتهاك أو المخالفة»، في إشارة إلى أزمات سياسية سابقة شهدت تجاوز الجداول الزمنية لتشكيل السلطات.

ورغم كثافة المشاورات، لا تلوح حتى الآن مؤشرات واضحة على حسم وشيك للرئاسات الثلاث قبل نهاية العام، ما يضع العملية السياسية أمام اختبار جديد في بلد يعاني أصلاً من ضغوط اقتصادية وتحديات داخلية وإقليمية متشابكة.