«إنجاز تقني»... علماء يبتكرون قطع دجاج مزروعة في المختبر

قطعة الدجاج التي تمكّن الخبراء من زراعتها في المختبر (سكاي نيوز)
قطعة الدجاج التي تمكّن الخبراء من زراعتها في المختبر (سكاي نيوز)
TT

«إنجاز تقني»... علماء يبتكرون قطع دجاج مزروعة في المختبر

قطعة الدجاج التي تمكّن الخبراء من زراعتها في المختبر (سكاي نيوز)
قطعة الدجاج التي تمكّن الخبراء من زراعتها في المختبر (سكاي نيوز)

نجح فريق من العلماء اليابانيين في إنتاج قطع دجاج مزروعة في المختبر، في إنجازٍ وصفه الخبراء بأنه قد يمهد الطريق لإنتاج قطع لحم أكبر حجماً، وفق تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية.

وفي سعيهم لزراعة اللحوم من دون التأثير المناخي لحيوانات المزارع، لم يتمكن العلماء حتى الآن إلا من زراعة قطع صغيرة من الخلايا الحيوانية التي استُخدمت لإعادة إنتاج منتجات اللحم المفروم مثل كرات لحم الخنزير. لكن فريقاً يابانياً ابتكر طريقة جديدة لزراعة قطع دجاج أكبر حجماً في المختبر، والتي يقولون إنها تُعيد إنتاج قوام وبنية قطعة لحم كانت صعبة المنال حتى الآن.

وأشاد خبراء مستقلون بهذه الطريقة ووصفوها بأنها «إنجاز تقني هادف».

ويعتقد الباحثون المشاركون أنها تُمهد الطريق لزراعة قطع كاملة من الدجاج ولحم البقر والأسماك في المختبر.

وقال شوجي تاكيوتشي من جامعة طوكيو، المؤلف الرئيسي للورقة البحثية: «تُقدّم اللحوم المزروعة بديلاً مستداماً وأخلاقياً للحوم التقليدية».

وأضاف: «مع ذلك، لا يزال من الصعب محاكاة قوام وطعم اللحم الكامل. تُمكّن تقنيتنا من إنتاج لحم مُركّب بقوام ونكهة مُحسّنين».

واستخدمت طريقتهم أليافاً دقيقة مجوفة تُحاكي الأوعية الدموية لتوصيل الأكسجين والمغذيات إلى خلايا عضلات الدجاج الحية، مما أدى إلى نموها إلى كتل من اللحم يصل طولها إلى 2 سم وسمكها إلى 1 سم، ووزنها 10 غرامات.

وتُستخدم هذه الألياف بشكل شائع في فلاتر المياه المنزلية وأجهزة غسيل الكلى لمرضى الكلى.

ومن المثير للاهتمام اكتشاف أن هذه الألياف الدقيقة يمكن أن تساعد أيضاً بشكل فعال في إنتاج أنسجة صناعية، وربما أعضاء كاملة في المستقبل.

إنجاز يمهد الطريق لزراعة قطع كاملة من الدجاج ولحم البقر والأسماك في المختبر (رويترز)

وقال البروفسور ديريك ستيوارت، من معهد جيمس هاتون، لشبكة «سكاي نيوز»: «أعتبر هذا إنجازاً تقنياً».

ووصف الدكتور رودريغو أمارو-ليديسما، من إمبريال كوليدج لندن، إنتاج لحم دجاج مزروع بسُمك عدة سنتيمترات بأنه «إنجاز تقني مهم».

وقال إن هذا الإنجاز، إلى جانب أعمال أخرى في تحسين النكهات وخفض التكاليف، يضعنا «على الطريق الصحيح نحو مجموعة جديدة من المنتجات المثيرة والجذابة». لكنه أضاف: «لكي تُطرح منتجات اللحوم المزروعة بشكل واسع في المتاجر الكبرى، يجب أن تلقى رواجاً كبيراً لدى المستهلكين».

ويُفضل قطاع اللحوم مصطلح «البروتين البديل» على «اللحوم المزروعة في المختبر»؛ نظراً لقلقه من أن يُسبب... ويُثير هذا الأمر استياء الناس.

وأظهر استطلاع أجرته وكالة معايير الغذاء أن ثلث المستهلكين في المملكة المتحدة مستعدون لتجربة اللحوم المُصنّعة مخبرياً.

وعلى الرغم من التقدم العلمي السريع في السنوات الأخيرة، لم يُصرّح بعدُ بأي منتجات للاستهلاك البشري، على الرغم من أنه قد تم ترخيصها للحيوانات الأليفة. لكن الحكومة تُريد تغيير ذلك؛ إذ أعلنت العام الماضي عن تمويل بقيمة 15 مليون جنيه إسترليني، تُضاف إلى 23 مليون جنيه إسترليني من مصادر أخرى، لمحاولة توفيرها لأطباقنا خلال العامين المقبلين. ويشمل ذلك تسريع عملية الموافقات لمواكبة التطور العلمي، وخفض تكاليف المدخلات المرتفعة حالياً.

وأضاف أمارو-ليديسما: «تُعدّ اللحوم المُصنّعة مخبرياً بديلاً واعداً للحوم التقليدية؛ إذ تُتيح إمكانية تقليل الآثار البيئية (مثل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، واستخدام الأراضي والمياه)، والتخلص من الحاجة إلى ذبح الحيوانات، وتحسين سلامة الغذاء من خلال تجنب استخدام المضادات الحيوية، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض الحيوانية المنشأ، من بين مزايا أخرى».



دارين أرونوفسكي في «البحر الأحمر»: جبل قارة موقع سينمائي

‎⁨المخرج دارين أرونوفسكي خلال الجلسة (تصوير: إيمان الخطاف)
‎⁨المخرج دارين أرونوفسكي خلال الجلسة (تصوير: إيمان الخطاف)
TT

دارين أرونوفسكي في «البحر الأحمر»: جبل قارة موقع سينمائي

‎⁨المخرج دارين أرونوفسكي خلال الجلسة (تصوير: إيمان الخطاف)
‎⁨المخرج دارين أرونوفسكي خلال الجلسة (تصوير: إيمان الخطاف)

أبدى المخرج الأميركي دارين أرونوفسكي انبهاره بمدينة الهفوف (شرق السعودية)، وذلك خلال زيارته الأخيرة لها، خصوصاً أمام التكوينات الصخرية البديعة لجبل قارة، كاشفاً في جلسة حوارية ضمن «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» عن أنه راودته فكرة تصوير فيلم داخل هذا الموقع الطبيعي اللافت، وأردف ممازحاً الجمهور: «المكان هناك مذهل! هل تعرفون أماكن سرية في جدة أيضاً؟».

الجملة التي جاءت بعفوية خلقت موجة تفاعل داخل القاعة، مع وضع الجبل السعودي على خريطة مواقع التصوير المحتملة في مخيّلة أحد أبرز المخرجين الأميركيين المعاصرين، حيث لا يكتفي أرونوفسكي بصناعة الأفلام، بل يصنع تجارب نفسية وروحية تبقى عالقة في الذاكرة، منذ ظهوره الأول بفيلم «باي» أواخر التسعينات، مروراً بأفلامه الكبرى مثل «مرثية حلم»، و«البجعة السوداء»، التي رسخت مكانته صوتاً سينمائياً متفرداً، لا يشبهه أحد.

ورغم شدة الأمطار التي هطلت على مدينة جدة صباح الثلاثاء، فإنه وصل في الوقت المحدد، ودخل بعفوية مرحباً بالجمهور: «هاي... أنا دارين أرونوفسكي»، ثم تبعته مديرة الجلسة؛ عالِمة الأعصاب الأميركية هيذر برلين، التي قدمت الجلسة بوصفها حواراً بشأن العلاقة بين السينما والذهن، لكنها تحوّلت إلى نقاش متعدد الطبقات، امتد من علم النفس إلى الفلسفة، ومن الوعي الإنساني إلى الذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى علاقة المكان بتشكيل الخيال السينمائي.

السينما... وسيلة لتصوير الداخل

ومن اللحظات الأولى، بدا أرونوفسكي حريصاً على توضيح أن اهتمامه الأساسي ليس بالحبكة ولا بالمشهد الخارجي، بل بحالة الشخصية الداخلية، وقال: «أحد الفوارق الكبرى بين السينما والمسرح هو قدرة الكاميرا على خلق تجربة ذاتية... يمكنك أن تضع الجمهور داخل رأس الشخصية، لا فقط أمامها».

واستعاد أرونوفسكي لحظة مبكرة شكّلت طريقه نحو هذه المقاربة، حين لفت أحد زملائه نظره، خلال مشاهدة فيلم في سنوات الدراسة، إلى أول لقطة موضوعية في العمل، مضيفاً: «كانت لحظة اكتشاف... فهمت أن زاوية الكاميرا ليست محايدة، بل هي اختيار نفسي وفلسفي.. هذه الفكرة جعلتني أبحث عن لغة تُشعر الجمهور بما تشعر به الشخصية».

بين الفلسفة والعلم

وعن شراكته الطويلة مع آري هاندل، الذي يحمل دكتوراه في علوم الأعصاب، قال أرونوفسكي إن وجوده جزء أساسي من البنية المفاهيمية للأفلام. وأضاف: «آري يفتح أمامنا باب الحديث مع كبار المفكرين والعلماء.. يمكنه التواصل مع أي باحث في الفلسفة أو علم الأعصاب أو الأنثروبولوجيا، ويطلب مشاركته في تطوير المشروع... نحن نحتاج هذه الروح البحثية».

هذا التداخل بين العلم والفلسفة لا يظهر فقط في بنية الحكايات، بل في الطريقة التي يبني بها أرونوفسكي أسئلة أفلامه، بما يشمل حدود الوعي، ومعنى الألم، وأشكال الهوس، والصراع بين السيطرة والفوضى.

وأحد أعلى الأجزاء إثارة في الجلسة كان حديثه بشأن علاقته بـ«التحكم» خلال صناعة الفيلم، فبعد 6 سنوات من التطوير الدقيق لفيلمه «النافورة»، وجد نفسه محاصراً بمنهجية لا تترك مجالاً للتجريب، ثم إن التخلي الجزئي عن «السيطرة» قد يكون مفتاحاً لحرية أكبر في السرد البصري.

عالمة الأعصاب الأميركية هيذر برلين التي أدارت الجلسة (المهرجان)

أفلام تُقلق الجمهور

عندما سألته برلين عن سبب ميله إلى المشاهد التي تضع الجمهور في حالة توتر أو عدم ارتياح، أجاب ضاحكاً: «ربما لأني كنت الطفل الذي يزعج أخته دائماً... والآن أزعج العالم!». وأضاف: «الأمر لا يتعلق بالصدمات، بل بالحقيقة... نشأت في جنوب بروكلين، والحياة لم تكن ناعمة، حيث انجذبت دائماً إلى الجانب الذي يفضّل الناس عدم النظر إليه».

وأكد أن عدم انتماء أفلامه إلى نوع سينمائي واحد جعلها أحياناً خارج التصنيفات التقليدية، قائلاً: «لا أفكر في النوع.. أبدأ من الإنسان».

عصر الذكاء الاصطناعي

كان محور الذكاء الاصطناعي من أكثر الأجزاء التي لاقت اهتماماً من الجمهور، خصوصاً مع إطلاق أرونوفسكي استوديو «Primordial Soup» المختص في تطوير أدوات بصرية تعتمد على تقنيات توليد الفيديو، وأكد هنا أن الصور التي تنتجها «النماذج» الآن مذهلة، «لكنها بلا معنى»، ومع ذلك، يرى أن الذكاء الاصطناعي سيصبح جزءاً أساسياً من أدوات المخرجين، قائلاً: «لا أعتقد أنه قادر على صناعة فيلم مؤثر في المدى القريب، لكنه سيكون أداة قوية».

صفقة «نتفليكس»... المثيرة للاهتمام

ولم يغب الحدث الجديد الذي يشغل الناس حول العالم هذه الأيام بشأن صفقة استحواذ «نتفليكس» على «وارنر براذرز»، التي أثارت قلقاً في قطاعي السينما والتلفزيون، إلا إن أرونوفسكي رد بإيجاز: «لم أقرأ التفاصيل بعد... لكن وجود مشترٍ واحد ليس أمراً جيداً... نحن أصلاً نعمل في سوق محدودة، كلما قل عدد المشترين، تقل فرص خلق منافسة تساعد الفن».

وخلال فقرة الأسئلة، تلقى أرونوفسكي سؤالاً عمّا تردد عن احتمال إخراجه فيلماً يتناول رجل الأعمال إيلون ماسك، فاكتفى بالرد بطريقة ساخرة أثارت ضحك القاعة: «مَن؟ إيلون ماسك؟ لا أعرف مَن يكون!». ولم يكن رده نفياً قاطعاً بقدر ما كان التفافاً فكاهياً على سؤال لا يرغب في الخوض فيه، خصوصاً في ظل تداول الشائعات بشكل واسع.

وهذا الأسلوب المرح بدا جزءاً من شخصية أرونوفسكي على المسرح، الذي فضّل إبقاء تركيز الجلسة على الأسئلة الفكرية والسينمائية، لا على التكهنات المتعلقة بمشروعات مستقبلية تحفّظ عن الإعلان عنها.


البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)
الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)
TT

البشت الخليجي والكشري المصري ضمن 68 ترشيحاً لقائمة اليونيسكو للتراث الثقافي

الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)
الكشري عبارة عن طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي (بيكسلز)

سينافس البشت الخليجي وطبق الكشري المصري والشعر الموسيقي اليمني ضمن 68 ترشيحاً تنتظر موافقة منظمة اليونيسكو لإضافتها لقائمة التراث الثقافي غير المادي، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتضمن القائمة الطويلة رقص كوارتيتو الأرجنتيني، والطبخ الإيطالي، ومهرجان الأضواء الهندوسي «ديوالي» في الهند، وحمامات السباحة الآيسلندية.

شخص يقوم بإعداد معكرونة الأوريكيت التقليدية في بوليا بإيطاليا (أ.ف.ب)

وتدرس منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، في اجتماعها بالعاصمة الهندية نيودلهي من الثلاثاء إلى الخميس، عشرات الترشيحات من 78 دولة.

والبشت عبارة عن عباءة يرتديها الرجال في دول الخليج ليس لها كمّان، ولكن لها فتحتان من أجل إخراج اليدين، ويعدّ جزءاً مهماً من الهوية الثقافية في الخليج.

واشتهر البشت عالمياً عقب نهائي كأس العالم لكرة القدم 2022 بعدما قام أمير قطر الشيخ تميم آل ثاني بإلباس قائد منتخب الأرجنتين ليونيل ميسي البشت قبيل رفعه كأس العالم إثر الفوز على فرنسا.

ميسي يرفع كأس العالم عالياً مرتدياً «البشت العربي» (أرشيفية - أ.ف.ب)

وسينافس الكشري المصري، وهو طبق شعبي واسع الانتشار في مصر من المعكرونة والأرز والعدس والبصل المقلي، مُغطى بصلصة طماطم حارة، من أجل مكان على القائمة البارزة.

يؤكل الكشري، الذي تضاف إليه «الدَقّة» المصرية وهي عصير لمزيج من الثوم والخلّ، عادة ساخناً.

ويعبر الشعر الموسيقي اليمني عن ثقافة الريف اليمني الثرية وهو يتميز بالوصف الدقيق للطبيعة والحياة.

وينقسم إلى مدارس متنوعة في مختلف المدن اليمنية أبرزها «الغناء الصنعاني» نسبة إلى العاصمة صنعاء.

تتراوح الترشيحات الموسيقية الأخرى بين مزمار القربة البلغارية ورقصة السون الكوبية، واليودل السويسري، وهو تقليد غنائي لرعاة الماشية في جبال الألب، وموسيقى الهاي لايف الغانية، بإيقاعاتها السريعة التي لا تُقاوم.

أعضاء نادي اليودل المسمى Jodelclub Stadtjodler Heimelig Frauenfeld يقدمون عرضهم بسويسرا (إ.ب.أ)

ستُضاف الترشيحات المُعتمدة إلى قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي، التي تهدف إلى «زيادة الوعي بتنوع هذه التقاليد» وحمايتها للمستقبل.

وصرح وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكار في كلمة ألقاها أمام الوفود المشاركة الثلاثاء: «إن كل اعتراف بالتراث غير المادي له آثار تتجاوز بكثير القرار الفوري».

وأضاف: «أعمالك لا تُثير الفخر الثقافي وتُعزز التقاليد فحسب، بل تُؤثر أيضاً على حياة الناس وسبل عيشهم».

طاهي المعجنات جيوفاني كابيلو يقوم بإعداد الكانولي الصقلية (رويترز)

تشمل القائمة المتنوعة فن المنمنمات الأفغاني، وتقاليد السيرك التشيلية، ونسج الساري البنغلاديشي، وثقافة حمامات السباحة الآيسلندية. إلى جانب المطبخ الإيطالي.

يُعقد الاجتماع داخل أسوار الحصن الأحمر الشامخ في دلهي، وهو موقع مُدرج على قائمة التراث العالمي للأمم المتحدة.

يُعد هذا أول حدث رئيسي يُقام في الحصن منذ انفجار سيارة أدى إلى مقتل 12 شخصاً على الأقل الشهر الماضي.

يُعتبر الحصن الأحمر أحد أشهر معالم الهند، وقد اكتمل بناؤه في القرن السابع عشر، ويُعتبر «ممثلاً لذروة» إبداع حكام المغول في الهند، بحسب تعريف قائمة اليونيسكو.

وهو أيضاً موقع الخطاب السنوي لرئيس الوزراء الهندي في عيد الاستقلال.

لكن دراسة نُشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي وجدت أن هواء المدينة الضار يُحوّل الحصن الأحمر إلى اللون الأسود، حيث تشوّه جداره الرملي باستمرار بفعل قشرة سوداء، وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة «هيريتدج» أجراها فريقٌ مشترك من الباحثين الهنود والإيطاليين.


أبو بكر شوقي يعود بفيلم يتتبَّع مصر من الهزيمة إلى التحوّلات الكبرى

الأسرة مجتمعةً لمُشاهدة إحدى المباريات ضمن أحداث الفيلم (إدارة المهرجان)
الأسرة مجتمعةً لمُشاهدة إحدى المباريات ضمن أحداث الفيلم (إدارة المهرجان)
TT

أبو بكر شوقي يعود بفيلم يتتبَّع مصر من الهزيمة إلى التحوّلات الكبرى

الأسرة مجتمعةً لمُشاهدة إحدى المباريات ضمن أحداث الفيلم (إدارة المهرجان)
الأسرة مجتمعةً لمُشاهدة إحدى المباريات ضمن أحداث الفيلم (إدارة المهرجان)

يستلهم المخرج المصري النمساوي أبو بكر شوقي قصة حب والديْه في أحدث أفلامه «القصص»، الذي يضم 5 حكايات تدور في أجواء سياسية مُشتعلة، تُماثل حرارة صيف 1967 الذي تنطلق منه الأحداث في مصر. صيف بدأ بالنكسة، وضمّ مَشاهد من خطب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقرار التنحّي، ثم عهد الرئيس السادات و«نصر أكتوبر» والانفتاح الاقتصادي واتفاقية كامب ديفيد، عبر عائلة مصرية من الطبقة المتوسطة مرتبطة بمباريات الكرة ونشرات الأخبار التلفزيونية.

يُعرض الفيلم في مسابقة «البحر الأحمر» للأفلام الطويلة، ويشارك فيه نجوم، من بينهم أمير المصري، ونيللي كريم، وفاليري باشنر، وكريم قاسم، وأحمد كمال، وصبري فواز، وشريف الدسوقي، وخالد مختار، وأحمد الأعزر، وعمرو عابد. الفيلم من تأليف أبو بكر شوقي وإخراجه؛ وهو المستلهم من قصة الحبّ التي جمعت بين والدته النمساوية ووالده المصري، لينطلق منها إلى حكايات أخرى تعكس زمناً بتقلباته وأزماته.

صُوِّر العمل بين القاهرة وفيينا، بمشاركة مدير التصوير النمساوي وولفغانغ ثالر، ومصمّمة الديكور هند عبد الرازق حيدر، والمونتير رولاند شتوتينغر، ومصمّمة الأزياء ريم العدل. والفيلم من إنتاج «سينينوفو»، و«فيلم كلينك»، و«لاجوني»، و«فيلم سكوير»، و«شوفها للإنتاج»، وحصل على دعم من «صندوق البحر الأحمر»، و«المعهد السينمائي النمساوي»، و«صندوق فيينا السينمائي».

نيللي كريم وأولادها في أحد مَشاهد فيلم (إدارة المهرجان)

تبدأ الأحداث داخل أسرة تضم 3 أبناء، بينما الأم «فيروز» (نيللي كريم) تنتظر مولوداً رابعاً. الزوج «راغب» (أحمد كمال)، موظف في وزارة الزراعة، يعتزّ بصورته مع عبد الناصر ويُعلقها في بيته. الابن «أحمد» (أمير المصري) يحبّ الموسيقى ويعزف على بيانو قديم يُزعج الجار. تمتزج أصوات عزفه مع الأغنيات الحماسية التي يبثّها التلفزيون ومباريات الكرة التي يتابعونها بشغف. يُراسل «أحمد» مجلة أجنبية تنشر اسمه للتعارف، ويتلقى خطاباً من إليزابيث النمساوية، فتتشكك الأسرة بأنها جاسوسة. يسافر لتعلّم الموسيقى في النمسا ويصطدم بعوائق، ثم يعود إلى مصر مصدوماً باستشهاد شقيقه التوأم في الجبهة.

طاقم الفيلم على السجادة الحمراء في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

تتطوَّر قصة حب «أحمد» و«ليز»، التي تسافر إلى القاهرة من أجله، ويتزوجان. تدفعه «ليز» لتحقيق حلمه في تقديم حفل موسيقي عام، ويعيشان معاً الانتصارات والإخفاقات التي شهدتها مصر حتى ثمانينات القرن الماضي.

يمزج الفيلم بين لقطات أرشيفية لخطابات سياسية ومباريات كرة القدم ومقاطع من الأفلام والبرامج الإذاعية، كما يُقدّم عرضاً موسيقياً متشابكاً للأغنيات المصرية، من الحماسية زمن الحروب مثل «خلِّ السلاح صاحي» و«وطني حبيبي الوطن الأكبر»، وصولاً إلى مرحلة «زحمة يا دنيا زحمة» لأحمد عدوية.

في ثالث أفلامه، يواصل أبو بكر شوقي تثبيت موهبته التي كشف عنها في «يوم الدين» و«هجان»، مقدّماً عملاً يتأمّل قوة الحب وروابط الإنسان واللحظات التي تشكّل مسار الحياة، وفق نقاد.

الفنان أمير المصري والممثلة الألمانية فاليري باشنر (إدارة المهرجان)

في هذا السياق، قال الفنان أمير المصري إنه كان يبحث عن سيناريو مصري متميّز، مُضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أعجبني السيناريو ورأيتُ فيه التميّز الذي أبحث عنه. أحببتُ شخصية (أحمد) وسعيه إلى تحقيق هدفه، وأحببت أيضاً قصص العائلة». وأشار إلى أنه تعلّم عزف البيانو خصيصاً للفيلم، وأنه شاهده 7 مرات وكلّ مرة كان يكتشف فيه جديداً.

الأسرة مجتمعةً لمُشاهدة إحدى المباريات ضمن أحداث الفيلم (إدارة المهرجان)

بدوره، رأى الناقد طارق الشناوي أنّ جمال الفيلم يعود إلى فطريته، موضحاً أنّ ذكاء المخرج يكمن في حفاظه على تلقائية السرد، مما انعكس على أداء الممثلين الذين ظهروا في قمة عطائهم، وفي مقدّمتهم نيللي كريم وأمير المصري، إلى جانب أحمد كمال، وصبري فواز، وشريف الدسوقي، وخالد منصور.

وأشار الشناوي إلى أسلوب المخرج في تقديم القصص بإيقاع خاص، عبر لقطات سريعة لا تمنح كل الإجابات، لينتقل المُشاهد بين شخصيات عدّة في حكايات تبدو متفرّقة لكنها موثقة عن الخوف من السلطة والعلاقة بالآخر والأحلام المستحيلة، مؤكداً أنّ المخرج لا يحدد مدّة زمنية بعينها، بل يقدّم «حالة مصرية» تقول إن الهزيمة «مِن صنع أيدينا وسببها نحن».