أمين الجميل: حاولت بطلب من صدام إبعاد شبح الحرب الأميركية على العراق

قال لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية هي «الأخ الأكبر الذي لم يطعن لبنان يوماً في الظهر» (3 من 3)

TT

أمين الجميل: حاولت بطلب من صدام إبعاد شبح الحرب الأميركية على العراق

صدام مستقبلاً الجميل في بغداد (أرشيف الرئيس أمين الجميل)
صدام مستقبلاً الجميل في بغداد (أرشيف الرئيس أمين الجميل)

كان عهد الرئيس أمين الجميل (1982 - 1988) صعباً وصاخباً. انقسم فيه اللبنانيون واشتد الصراع الإقليمي والدولي على لبنان. بدأ العهد بذيول الغزو الإسرائيلي لبيروت واغتيال شقيقه الرئيس المنتخب بشير. ولم تتأخر المحطات الصعبة.

في السنة التالية للغزو دعمت موسكو ودمشق رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط فكانت «حرب الجبل» التي أحدثت تمزقاً عميقاً في نسيج التعايش الدرزي - الماروني في الجبل. وفي 1984 دعمت دمشق رئيس حركة «أمل» نبيه بري فكانت «انتفاضة 6 شباط» (فبراير) التي غيّرت ميزان القوى بين الطوائف اللبنانية.

حدث آخر بالغ الدلالات وقع في 1983. فجر انتحاريان مقري «المارينز» و«الوحدة الفرنسية» في القوة المتعددة الجنسيات في لبنان فسقط مئات القتلى وانسحب الدعم الغربي. وعلى دوي تلك التفجيرات سيولد «حزب الله» الذي تحول في القرن الحالي اللاعب الأول في لبنان، خصوصاً بعدما ورث الدور السوري فيه. وفي عهد الجميل حاولت سوريا إبرام سلام الميليشيات في لبنان، لكن «الاتفاق الثلاثي» سقط فاتحاً الباب لمزيد من الحروب وجولات التفاوض.

لم يستسلم الجميل لمحاولات إخضاع عهده أو تطويقه. سعى إلى إبقاء علاقات لبنان الغربية حاضرة وحية، وعزز الروابط مع الاعتدال العربي، وأقام علاقات مع الرئيس صدام حسين والعقيد معمر القذافي وغيرهما، كما يروي في الحلقة الأخيرة من مقابلته مع «الشرق الأوسط».

علاقة وثيقة بالسعودية وملوكها

سألت الجميل عن علاقته بالمملكة العربية السعودية، بدءاً بزيارتها برفقة والده بيار الجميل للقاء الملك فيصل بن عبد العزيز، فأجاب: «أنا فخور بهذه العلاقة. فخور أنني تعرفت على كل الملوك، من الملك فيصل إلى الملك سلمان. لا يوجد ملك منهم لم تكن تربطنا به علاقة حميمة، وأنا أفتخر بهذا. معظمهم كانت لديهم عاطفة خاصة تجاهي».

جمعت الجميل علاقات طيبة مع قادة السعودية منذ عهد الملك فيصل وحتى عهد الملك سلمان (أرشيف الرئيس أمين الجميل)

ويضيف: «في هذه المرحلة التي يعيشها لبنان، السعودية هي الأخ الأكبر، السعودية هي التي لم تطعن لبنان يوماً في الظهر، السعودية الوحيدة التي كانت بالسراء والضراء إلى جانب لبنان، وتمده بكل الدعم المعنوي والاجتماعي والإنساني في كل المراحل. لا يمكنك أن تنكر هذا الشيء. لا يمكنك أن لا تقدر هذا الشيء. لا يمكنك ألا تحترم الناس الذين احترموك ودعموك في الظروف الصعبة».

ويروي الجميل واقعة طريفة لا تخلو من دلالة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، قائلاً: «الملك سلمان، الله يطول بعمره، كنت مداوماً على زيارته عندما كان أمير الرياض. مكتب الرياض يعرفني تماماً، وكنت كلما ذهبت إلى المملكة، كان بديهياً أن أزور إمارة الرياض. مرة ذهبنا، وكان لدي موعد معه، أخذنا إلى الصحراء في مكان ما لديه نوع من مكان إقامة فيه. خيام على الطريقة القديمة، وبين هذه الخيم كان هناك مكتب له فيه (وسائل) اتصالات، آخر طراز الاتصالات، الإنترنت قبل الإنترنت. وبينما كنا نتحدث معاً، قال لي أنا يمكنني أن أتصل من هنا بأي كان وفي أي وقت. قلت له: هل يمكنني أن أتصل ببيتي؟ قال لي: لا. أنا استغربت فسارع إلى القول: لا يمكنك أن تتصل ببيتك لأن بيتك هنا. هكذا كان الجو حميماً، وأنا عندي تقدير واحترام».

وأضاف: «حقيقة، في الأيام الصعبة، دائماً كانت المملكة بجانب لبنان، وإلى حد اليوم، رغم العتب والزعل بالنسبة لنكران الجميل من بعض لبنان تجاههم والتصرف الذي حصل في ظل الهيمنة الإيرانية وغيره، بقيت المملكة عينها على لبنان، وقلبها على لبنان، وانتظرت أول فرصة حتى ترجع (إليه). وإذا كان اليوم لبنان ينعم بهذا الأمل الجديد فهو بفضل المملكة التي وضعت كل ثقلها ونفوذها لإعادة إيقاف لبنان على رجليه وتعزيز قدراته وبناء المؤسسات الدستورية لتستأنف دورها».

سيارة صدّام المصفحة

عن علاقته بالرئيس صدام حسين، قال الجميل: «كانت علاقة حميمة جداً، وأنا زرته مرات عدة في بغداد. في يوم، وكنت رئيساً جرت محاولة اغتيال ضدي، اتصل بي وقال لي: ماذا تفعل أنت؟ يقولون لي إن أمنك يحتاج إلى شدشدة؟ قلت له: نفعل ما بيدنا، والله هو الذي يحمي. قال: لا، هذا ليس عملاً، سأرسل لك سيارتي. في اليوم التالي تصل سيارته وهي مصفحة بالكامل، تصفيح قوي من الداخل والخارج. وصلت بالطائرة. لترى كيف كانت لفتته واهتمامه بأمني».

استمرت هذه العلاقة حتى اللحظات الأخيرة لحكم صدام، حين وصل الجميل طلب فاجأه. يتذكر: «بقيت العلاقة حميمة إلى درجة أنه عشية الحرب (الغزو الأميركي) بعث لي خبراً أنه يريد رؤيتي، فذهبت إلى بغداد. قال لي الأمور ليست سوية بيننا وبين الأميركيين، وهناك صدام معهم، ما رأيك؟ أنت لديك علاقة جيدة معهم، هل نستطيع أن نفهم شيئاً منهم؟ ماذا نفعل؟ قلت له إن هذه قصة كبيرة، أكبر مني. لدي علاقات جيدة، لكنها ليست على مستوى، عندما كنت رئيساً كانت على مستوى الرؤساء. الآن لدينا علاقات أقل. قال لي: حاول. ذهبنا إلى أميركا، واجتمعنا مع بعض الناس. وكان من المهم ألا نعقد اجتماعاً مع المسؤولين المباشرين، أي الفريق الرئاسي، لئلا يسلط الإعلام الأميركي الضوء علينا ويحولها إلى قضية. كنا نمشي على رؤوس أصابعنا لنصل إلى نتيجة.

صدام مستقبلاً الجميل في بغداد (أرشيف الرئيس أمين الجميل)

لي قريب في أميركا من آل الجميل، من أهم المحامين الذين حصلوا على رقم قياسي في كتاب غينيس. من أهم المحامين في أميركا، ولديه علاقات. تحدثنا معه، وهذه قضية عائلية لا تحدث جلبة، وهو كانت علاقته جيدة مع جيمس بايكر الذي كان وزيراً للخارجية وتولى حقائب وزارية عدة في أميركا. عقدنا اجتماعاً معه، وحينها لم يكن في الإدارة ومتقاعداً تقريباً لكن لديه كل العلاقات. كنا نحاول ألا نتسبب بأي إحراج للإدارة.

كان هذا قبل الحرب الكبيرة على العراق. عرضت عليه الموضوع، فقال لي: دعنا نرى ماذا يمكننا أن نفعل. بعد ثلاثة أو أربعة أيام، أنا بقيت في هيوستن حيث مركزه، عقدنا اجتماعاً وقال لي عندي باب نور، هناك شيء يمكننا أن نقوم به، ابق معنا على الخط. وكان هو وزير مالية، ويوقع على ورقة الدولار. ذهب وراء مكتبته وأحضر رزمة دولارات، من فئة الدولار الواحد، وقال لي: لنر مدى حظنا في الموضوع، وقال لي: متى ولدت؟ قلت له: في 1942. أي تاريخ؟ قلت له: في كانون الأول، كانون الثاني. ذهب إلى دولاراته ونظر إذا كان بينها رقم يتناسب مع تاريخ ميلادي. وجدها، وقالي لي: هذا هو. وعندي الدولار موجود هنا. فقال لي عندنا حظ، هذا الدولار رقم عيد مولدك، والله يوفقنا. فقلت له: هذا الدولار أريده، وموقعاً منك بخط يدك. وقع عليه وأعطاني إياه، على أساس أنه دليل خير. وأكملنا، لكن لسوء الحظ، وكما يقولون سبق السيف العزل، والأميركيون كانوا حددوا موقفهم وانتهت القصة. حاول ولم ينجح، وهذه القصة لن نتوسع فيها، دخل فيها الفاتيكان ومجموعة عناصر، وكانت هناك محاولات عدة نسقناها بعضنا مع بعض لكي نصل إلى نتيجة، لكنها لم تعط نتيجة، ولكن المهم، أن التجربة أو المهمة التي قمنا بها بناء على طلب صدام حسين.

هذا بالنسبة إلى صدام، بقيت العلاقة جيدة جداً مع صدام ومع فريق صدام، كان وزير الخارجية طارق عزيز صديقاً لي، كانت العلاقة ودية جداً معه. ذهبت مرات عدة إلى العراق، في الحقبة التي كان صدام رئيساً فيها، وكان مهتماً أن يساعد في شيء. لكن وقتها، علاقته مع الأسد لم تكن جيدة. كان متحفظاً في كلامه. أكيد لم يكن هناك ود بينهما. هذا مع صدّام حسين، والسيارة لا تزال موجودة. السيارة مرسيدس موجودة، لكن الكراهية مع الأسد كانت أكيدة ومتبادلة. السيارة (موديل) سنة 80، حافظت عليها بيضاء، وتصفيحها رقم واحد، أي أهم تصفيح، ومازلت محتفظاً بها. كانت مشاعره جيدة تجاه لبنان وربطته علاقات بجهات لبنانية بينها العماد ميشال عون قائد الجيش إبان ولايتي. والحقيقة أنه أرسل مساعدات بكمية كبيرة».

تأمين صدام وشبيهه!

سألت الجميل عن أسلوب صدام واستقباله لضيوفه، فأجاب: «قريب جداً إلى القلب. عندما تكون معه رأساً برأس، لا يوجد بروتوكول. قريب إلى القلب. متحدث، متحدث مهم، وعندما تكون معه تنسى أنه هو صدام حسين الأسطورة أو التاريخ. ودود جداً عندما يكون لديه ثقة بالشخص. وكان الطريف أنك لتصل إليه هناك كثير من التمويه الأمني. قصة كبيرة، تلف مائة لفة ودوران، ثم تصل إلى مكان وتعتقد أنك وصلت إلى صدام حسين، ثم تتبين أنك وصلت إلى شبيه صدام حسين، وليست له علاقة به. ثم تأتي سيارة أخرى وتأخذك إلى مكان آخر، ثم تدخل إلى بيت متواضع جداً فتجد صدام حسين فيه. الاجتماع في بيت متواضع، في منطقة واسعة، بعيدة عن المطار، فيها مراكز كثيرة، وتظن أنه هذا المركز الرئيسي ثم يتبين أنه محطة، ثم تذهب إلى المحطة الأخيرة وتجد البيت المتواضع. ليس متواضعاً كثيراً لكنه عادي وليس بمستوى القصور. الإجراءات الأمنية صارمة جداً».

وعن الغزو العراقي للكويت، قال: «قصة الكويت قديمة في العراق كما هي قصة لبنان في سوريا. لكن التذرع بروايات تاريخية لا يبرر أبداً الاعتداء على سيادة الدول أو شطب الحدود الدولية المعترف بها... سألتني عن علاقتي الشخصية مع صدام حسين وأجبتك بأنها ممتازة وأنه كان يريد مساعدة لبنان. موقفه هذا لم يمنعنا من الوقوف بقوة ضد غزو الكويت البلد الذي ربطته دائماً علاقات ممتازة مع لبنان. فكما رفضنا سياسة الأسد الرامية إلى ضم لبنان إلى سوريا، رفضنا سياسة صدام الرامية إلى ضم الكويت إلى العراق».

أمين الجميل خلال المقابلة مع رئيس تحرير «الشرق الأوسط» غسان شربل (الشرق الأوسط)

الجميل والقذافي... من القطيعة إلى الصداقة

بدأت علاقة الجميل مع العقيد معمر القذافي في مناخ من التوتر والقطيعة لكنها تحسنت لاحقاً إلى درجة صار معها الرئيس اللبناني يشارك في معالجة مشاكل الزعيم الليبي وخيمته الجوالة. سألته فروى: «حين توليت الرئاسة كانت لدي ملفات، لا سيما ملف إيران وملف ليبيا. لم يكن هناك حديث عن مشاركة ليبية في قوات السلام العربية التي أرسلت إلى لبنان. بادرت ليبيا وبالتفاهم مع سوريا إلى إرسال وحدة عسكرية. دخلت وهذا شيء ضد المنطق وضد القانون وضد البروتوكول الدبلوماسي.

عندما تسلمت (الرئاسة) بعثت رسالة مفادها أن هذا الوضع شاذ ومناف للدستور اللبناني ولبروتوكول جامعة الدول العربية، وطالبت القذافي بسحب الوحدة. لم يتجاوب، لا بل في الإعلام كان هناك موقف عدائي للبنان. أخذت قراراً بقطع العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا. قطعنا العلاقات الدبلوماسية وسحبنا السفراء. هذا في بداية العهد.

مرت الأيام، وكانت تربطني علاقة حميمة جداً وودية جداً مع الملك الحسن الثاني، ملك المغرب، وكان يصر علي حين أكون في المنطقة أن أزوره لتناول عشاء على انفراد. إنها جزء من هذه السفرات أو هذه الرحلات واللقاءات، غير السرية، لكن البعيدة عن الأضواء. تماماً بلا إعلام. اتصلت بالملك الحسن الثاني وأبلغته أنني موجود، فقال لي: تفضل تعال نتعشى معاً في اليوم الفلاني. أثناء العشاء، والملك الحسن الثاني رجل مهذب جداً وخبير في الأصول، غادر العشاء مرتين. استغربت إذ لم يكن ذلك من عادته. في المرة الثانية عاد ضاحكاً وقال لي: معمر القذافي على الهاتف. اتصل بي مرتين ويريدك أن تذهب إليه. قلت له: يا عمي الدم للركب بيننا وبينه وهناك قطع علاقات دبلوماسية. وكذلك كانت قضية إخفاء الإمام موسى الصدر ساخنة، كيف أذهب إلى هناك؟ قال لي: معك حق، وأنا اختبرت القذافي وأعرف كم يمكن أن يضر، لكنني أنصحك، ولدينا تجربة معه وطبعنا العلاقات، وكان صادقاً، ومتى ما اتفقت معه يكون صادقاً. أنا أنصحك كرمى للبنان أن تقيم هذه العلاقة معه، وأنا أضمنها لأنني أخذت ضمانات من القذافي أنه سيفتح صفحة جديدة مع لبنان، وبصورة خاصة معك.

أصر علي الملك، فقلت له: كيف سنبررها؟ عندي دولة وعندي حكومة وعندي مجلس نواب؟ قال لي: نجريها بسرية تامة ولا يعرف أحد بها. طائرة تحط في ليبيا بمطار عسكري لا يعرف أحد، تلتقي القذافي فإذا اتفقتما اتفقتما وإذا لا فكل شيء يبقى على حاله، وتغادر. وأنا سأرسل معك وزير كبير بطائرتي حتى يكون كل شي مضموناً وبأمان.

ذهبنا في طائرة مغربية وطائرتي «الميدل إيست». على أساس أن العاهل المغربي هو الضامن لكل شيء. وصلنا إلى المطار واستقبلني (القذافي) وكان في قمة اللطف والتهذيب والمودة. تحدثنا مطولاً، طوينا الصفحة؟ قال لي: نعم، انتهت، ربما حصل خطأ، وما تريدنا أن نقوم به سنفعل، المهم أن تكون العلاقة جيدةً معكم، وكيف يمكننا أن ندعم لبنان في الأوساط العربية والمحافل الدولية نحن مستعدون. (قلت له) كثر خيرك. صعدنا إلى الطائرة وعدنا إلى بيروت. غبنا مدة الهواء، مدة خمس أو ست ساعات أي مشوار الوصول إلى بيروت. ماذا حدث في هذه الوقت؟ في هذا الوقت تبث الإذاعة الإسرائيلية: طائرة الرئيس اللبناني تركت المغرب باتجاه بيروت واختفت في الجو. كان الاتفاق أن الزيارة سرية. إطفاء أضواء في المطار في ليبيا وتختفي الإشارات كلها، ثم تأتي الإذاعة الإسرائيلية وتذيع أنه من الأرجح أن الرئيس الجميل اختطف في الأجواء الليبية. وقامت القيامة ووصل الخبر إلى بيروت وصار هناك استنفار كامل، رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ووزير الخارجية والمخابرات، حصل اضطراب كامل. قامت القيامة في بيروت وعقدوا اجتماع حرب في القصر الجمهوري، جاء رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب.

جرت اتصالات مع سفارة أميركا وكلام مفاده نريد أن نقدم شكوى لدى الأمم المتحدة، وشكوى لدى الجامعة العربية. وطلب اجتماع طارئ لجامعة الدول العربية. وسنأخذ إجراءات فورية بحق ليبيا، لأن هذا ليس منطقياً وليس معقولاً. وجاء واحد من الحضور، وقال لنبلغ زوجة الرجل، نحن نقوم بكل هذه الإجراءات وستصدر في الإذاعات والأخبار، فلنبلغها بأننا نقوم باللازم.

اتصلوا بزوجتي وقالت لهم، بعد فترة تفكير: أنا لست خائفة. أعرف زوجي عنده «نتعات» (مفاجآت) من هذا النوع ويجب أن يكون هناك شيء للخير وراء ذلك. لدى زوجتي إلهام، تستكشف ذهنياً. قالت: أنا لست خائفة على أمين ولا أرى سوءاً، ولنستمر في البحث. اتصلوا بليبيا ولم يكن لدى أحد خبر.

(وزير الخارجية اللبناني الأسبق) إيلي سالم اتصل بوزير خارجية ليبيا فقال له إنه ليس لديه خبر. اتصلوا بالمغرب وجاءهم رد مشابه. في الأخير إيلي سالم أخذ قراراً بالاتصال بالملك مباشرة. لحسن حظنا، استجاب الملك بعدما علم بخطورة الموضوع، وقالوا له لا تشغلوا بالكم والرئيس الجميل بألف خير وسيصل إلى بيروت بعد ساعة. طائرتي معه تواكبه ومعه وزير من عندي. أهنئكم كانت الزيارة ناجحة إلى ليبيا وإن شاء الله تكون بينكم أطيب العلاقات.

علاقة الجميل بالقذافي انتقلت من المواجهة إلى الصداقة (أرشيف الرئيس أمين الجميل)

هذه قصة ليبيا، ومن وقتها أصبحت بيني وبين القذافي علاقات وكل فترة يريدني أن أزوره بالقوة، وأزوره. ولهذا لعبت دوراً في القمة العربية في الجزائر، خصوصاً أن مقعد لبنان مجاور لمقعد ليبيا. طالب القذافي العرب بإصدار بيان استنكار للغارة الأميركية على طرابلس والتي قال إنها قتلت ابنته بالتبني. أكد أنه لن يغادر مقعده ما لم يصدر بيان من هذا النوع.

أنا كنت بجانبه، وقلت له: سأجد حلاً. ما رأيك تعد ليبيا بياناً تستنكر فيه ما حصل، ونطلب أن يكون هذا البيان جزءاً لا يتجزأ من البيان الختامي، أي يضم إلى البيان الختامي. اقترحت هذا المخرج لأن دولاً عربية عدة لم تكن في وارد تضمين البيان الختامي للقمة إدانة لأميركا. سألت القذافي إن كان موافقاً، فأجاب: شرط أن تكتب أنت البيان وتضمنه انتقاداً لأميركا واستنكاراً للغارة. وكتبت له بياناً طويلاً عريضاً وعجبه كثيراً، هذا كلام هذا كلام. قلت للرئيس (الجزائري الراحل) الشاذلي بن جديد أن الأخ معمر موافق ووجدنا وليس هناك سوى إضافة هذا البيان ويكون جزءاً من أعمال القمة. وافق الجميع على المخرج. كان إقناع القذافي قصة كبيرة. هذا نوع من المحطات.

واجهتنا مشكلة أخرى. جاء العقيد مع خيمته وأصر على الإقامة فيها وليس في الفندق. عارض الأمن الجزائري طلبه لأسباب أمنية وتبنى الرئيس بن جديد الموقف نفسه. لوّح القذافي بمغادرة القمة وتوليت أنا حل الإشكال وفي النهاية أرسل القذافي الخيمة إلى طائرتي كهدية منه».

لم يتحدث القذافي خلال لقاءاته مع الجميل عن قصة إخفاء الإمام الصدر خلال زيارته إلى ليبيا. ويقول الجميل إن معلومات وردت في تلك الفترة ومفادها «أن المخابرات السورية لعبت دوراً في إخفاء الصدر بسبب وجودها في المطارات الليبية منذ تولي القذافي السلطة. وقيل إن الحشود المليونية التي كانت تشارك في مناسبات الصدر أزعجت النظام السوري لأن رؤية الصدر لدور الشيعة في لبنان لا تتوافق مع مشروعه».

أكد الجميل أن لا مرارات لديه على رغم الصعوبات الهائلة التي اصطدم بها عهده. قال إنه «مرتاح الضمير لتمسكي بالثوابت الوطنية وبذلي كل جهد ممكن». بدا شديد الارتياح لتجربة نجله سامي النائب ورئيس «حزب الكتائب»، مشيراً إلى «اجتماع الشجاعة والنضج في إطلالاته». أشاد بتجربة الرئيس جوزيف عون يوم كان قائداً للجيش وبالمسيرة المهنية لرئيس الحكومة نواف سلام متمنياً النجاح للعهد الحالي في لبنان.


مقالات ذات صلة

هكذا أسقطت سوريا «كامب ديفيد اللبناني» مع إسرائيل

خاص جان عبيد (يسار الصورة) خلال لقاء جمع (من اليمين) حافظ الأسد وأمين الجميل وإيلي سالم وعبد الحليم خدام (أرشيف جان عبيد)

هكذا أسقطت سوريا «كامب ديفيد اللبناني» مع إسرائيل

تنشر «الشرق الأوسط» فصلاً جديداً من كتاب «جان عبيد... ستة عقود في الوطن» وفيه تفاصيل إسقاط سوريا ما سمته اتفاق كامب ديفيد اللبناني مع إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد خلال أحد لقاءاته مع جان عبيد (أرشيف جان عبيد)

خاص رفض جان عبيد دخول السوريين قصر بعبدا... فسقط رئاسياً في امتحان الأسد

كان جان عبيد، السياسي اللبناني المعروف، قاب قوسين من رئاسة الجمهورية عام 1989. رفض السماح بأن يحتل الجيش السوري قصر الرئاسة اللبنانية... فسقط في الامتحان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص كانت العلاقة بين الجميل وخدام بالغة التوتر (غيتي) play-circle 01:31

خاص الجميل لـ«الشرق الأوسط»: خدام كان عصا يحركها الأسد... وأساليبه خبيثة ولئيمة

أمين الجميل يروي لـ«الشرق الأوسط» كيف استخدم حافظ الأسد عبد الحليم خدام لترهيب اللبنانيين، وكيف اخترق رفيق الحريري النظام السوري.

غسان شربل (بيروت)
خاص الأسد والجميل خلال قمة لحركة عدم الانحياز في الهند (غيتي) play-circle 07:13

خاص أمين الجميل: نظرة الأسد إلى لبنان كانت شبيهة بنظرة صدام إلى الكويت

قال الرئيس أمين الجميل لـ«الشرق الاوسط» إن حافظ الأسد كان يرى لبنان «خطأً تاريخياً»، وكشف عن ضغوط الأسد عليه ومحاولات اغتياله وضلوع دمشق في مقتل شقيقه بشير.

غسان شربل (بيروت)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.