ضربات أميركية ليلية تستهدف مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة

الجماعة توعّدت بمزيد من التصعيد وهوّنت من ضرر الغارات

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
TT

ضربات أميركية ليلية تستهدف مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات "هاري ترومان" لضرب الحوثيين في اليمن (أ.ف.ب)

ضربت غارات أميركية مواقع للحوثيين في صنعاء وحجة ليل الأحد- الإثنين، استمراراً للحملة التي أمر بها الرئيس دونالد ترمب ضد الجماعة الموالية لإيران، سعياً لإرغامها على وقف تهديدها للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكان ترمب أمر الجيش ببدء الحملة الواسعة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) وتوعدهم بـ «القوة المميتة» وبـ «القضاء عليهم تماما»، وسط تقارير أميركية تحدثت عن تكبد الجماعة حتى الآن خسائر كبيرة على مستوى العتاد والقادة.

وتزعم الجماعة أنها استأنفت هجماتها وتهديدها للملاحة نصرة للفلسطينيين في غزة بعد انهيار اتفاق الهدنة بين حركة حماس وإسرائيل وعودة الأخيرة لعملياتها العسكرية في القطاع الفلسطيني المدمر.

وفي حين هدد وزير دفاع الجماعة الحوثية، الإثنين، بالمزيد من التصعيد وهون من أثر الضربات الأميركية، أقرت الجماعة بمقتل 3 أشخاص وإصابة 12 آخرين جراء الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء واستهدفت سيارة في محافظة حجة (شمال غرب).

وأوضحت الجماعة في بيان أن شخصا قتل وأصيب خمسة جراء الغارات التي ضربت منطقة جدر في شمالي صنعاء، إضافة إلى إصابة ستة آخرين جراء القصف الذي استهدف منطقة صرف التابعة لمديرية بني حشيش حيث المدخل الشرقي لصنعاء.

وقال البيان الصادر عن قطاع الصحة الذي يديره الحوثيون إن شخصين قتلا وأصيب طفل جراء غارة استهدفت سيارة في منطقة الطور حيث مديرية بني قيس في محافظة حجة.

وبحسب إعلام الجماعة الحوثية، استهدفت 4 غارات منطقة جدر مديرية بني الحارث في صنعاء، كما استهدفت 8 غارات منطقة «الملكة» في مديرية بني حشيش و5 غارات أخرى صرف في المديرية نفسها.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحل لا يكمن في الضربات الأميركية لإنهاء التهديد الحوثي وإنما في دعم القوات الحكومية على الأرض وتمكينها من تحرير الحديدة وموانئها وصولا إلى صنعاء وصعدة لاستعادة المؤسسات وإنهاء الانقلاب على الشرعية.

270 غارة

بهذه الغارات تكون الجماعة قد استقبلت نحو 270 غارة منذ بدء الحملة الأميركية الجديدة، لتضاف إلى حوالي ألف غارة وضربة بحرية تلقتها في عهد إدارة جو بايدن على مدار عام ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، وحتى إبرام هدنة غزة بين حركة حماس وإسرائيل في 19 يناير الماضي.

وكانت إدارة بايدن توقفت عن ضرباتها ضد الحوثيين بعد سريان اتفاق الهدنة في غزة كما توقفت الجماعة عن مهاجمة السفن وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، قبل أن تعود مجددا للتهديد بشن الهجمات تجاه السفن الإسرائيلية مع تعذر تنفيذ المرحلة الثانية من الهدنة في غزة.

ألسنة لهب ودخان يتصاعدان إثر غارة أميركية ضربت موقعا للحوثيين في صنعاء (أ.ف.ب)

ويقول مراقبون يمنيون إن الضربات التي أمر بها ترمب تختلف عما كان عليه الحال مع إدارة بايدن، لجهة أنها لا تكتفي بالعمليات الدفاعية والاستباقية وإنما تتخذ منحى هجوميا أكثر كثافة وشمولية لمواقع الحوثيين ومراكز قيادتهم ومخابئهم الحصينة في الجبال مع التركيز على معقلهم الرئيسي في صعدة والذي يرجح اختباء زعيمهم فيه.

ولم يحدد الجيش الأميركي مدة زمنية لوقف الضربات، بينما رهنها المسؤولون في واشنطن بتوقف الحوثيين عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر، وهو أمر كما يبدو بعيد المنال مع بقاء قدرة الجماعة العسكرية على حالها، وتحولها من لاعب محلي إلى لاعب إقليمي يعوض خسارة إيران لفاعلية حزب الله اللبناني.

إصرار على التصعيد

على وقع هذه الغارات الأميركية والهجمات الصاروخية الحوثية باتجاه إسرائيل هدد وزير دفاع الجماعة الانقلابية محمد ناصر العاطفي، الإثنين، بالمزيد من التصعيد، زاعما أن جماعته «أصبحت تمتلك ترسانة عسكرية قتالية متعددة المهام وقاعدة صناعية نوعية».

كما ادعى وزير دفاع الحوثيين أن لدى الجماعة «من القدرات والمفاجآت الكبيرة والواسعة بشأن الصناعة العسكرية والإنتاج الحربي ما يذهل العدو ويريح الصديق».

وهون المسؤول الحوثي من أثر الضربات الأميركية، وقال إنها لن تؤثر على قدرات الجماعة التي زعم أنها اتخذت «كافة التدابير الممكنة لمواجهة طويلة الأمد».

تقارير أميركية تحدثت عن مقتل قادة أساسيين في الجماعة الحوثية جراء ضربات ترمب (أ.ب)

وكان الحوثيون قد استأنفوا هجماتهم الصاروخية تجاه إسرائيل منذ 17 مارس، وتبنّوا خلال أسبوعين إطلاق 10 صواريخ باليستية اعترضها الجيش الإسرائيلي دون أضرار.

يشار إلى أن الجماعة دخلت على خط التصعيد بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أطلقت نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة تجاه إسرائيل، دون أن يكون لها أي تأثير عسكري باستثناء مقتل شخص واحد في 19 يونيو (حزيران) الماضي حينما انفجرت مسيرة في إحدى الشقق في تل أبيب.

كما تبنت الجماعة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، حتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، وأدّت الهجمات خلال 14 شهرا إلى مقتل 4 بحارة وغرق سفينة بريطانية وأخرى يونانية، إضافة إلى قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر».

وردت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين كان آخرها في 10 يناير الماضي، واستهدفت الضربات موانئ الحديدة ومستودعات الوقود ومحطات كهرباء في الحديدة وصنعاء إضافة إلى مطار صنعاء.


مقالات ذات صلة

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

العالم العربي مخاوف يمنية من إفراغ الحوثيين اتفاق تبادل المحتجزين من مضامينه (إعلام حكومي)

«اتفاق مسقط» للمحتجزين يفتح نافذة إنسانية وسط تفاؤل يمني حذر

اتفاق مسقط لتبادل نحو 2900 محتجز ينعش آمال اليمنيين بإنهاء معاناة الأسرى وسط تفاؤل حذر ومطالب بضمانات أممية لتنفيذ «الكل مقابل الكل»

«الشرق الأوسط» (الرياض - صنعاء)
العالم العربي لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «خروج سلس وعاجل» لـ«الانتقالي»

يرسم البيان السعودي مسار التهدئة شرق اليمن، داعياً لانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة، وسط ترحيب رئاسي وحكومي وإجماع حزبي ضد التصعيد.

«الشرق الأوسط» (جدة)
وفد سعودي زار حضرموت ضمن مساعي التهدئة وخفض التوتر (سبأ)

حضرموت تتمسك بالشرعية وتحذر من تكلفة «التحركات الأحادية»

جددت سلطة حضرموت دعمها الكامل للشرعية، محذّرة من التحركات العسكرية الأحادية، ومؤكدة أن أمن المحافظة، والحوار السياسي هما السبيل للاستقرار، والتنمية

«الشرق الأوسط» (جدة)
العالم العربي العليمي مستقبلاً في الرياض السفيرة الفرنسية لدى اليمن (سبأ)

العليمي يرفض «تقطيع» اليمن ويؤكد حماية المركز القانوني للدولة

جدّد العليمي رفضه القاطع لأي محاولات لتفكيك الدولة اليمنية أو فرض وقائع أحادية خارج المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية مؤكداً حماية المركز القانوني للدولة

«الشرق الأوسط» (جدة)
خاص نجاح صفقة تبادل الأسرى مرتبط بجدية الحوثيين والوفاء بالتزاماتهم (إعلام حكومي)

خاص «اتفاق مسقط» لتبادل المحتجزين اختبار جديد لمصداقية الحوثيين

يُشكّل الاتفاق الذي أبرمته الحكومة اليمنية في مسقط مع الحوثيين لتبادل 2900 محتجز من الطرفين اختباراً جديداً لمدى مصداقية الجماعة في إغلاق هذا الملف الإنساني

محمد ناصر (تعز)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.