رغم التحديات العالمية... السعودية تواصل مسيرة التنوع الاقتصادي

مختص يتوقع لـ«الشرق الأوسط» ازدهار قطاعَي الصناعة والتكنولوجيا خلال السنوات المقبلة 

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

رغم التحديات العالمية... السعودية تواصل مسيرة التنوع الاقتصادي

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

مع تصاعد التحديات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك تقلبات أسعار الفائدة، والسياسات التجارية، والتوترات الجيوسياسية، تسير السعودية بخطى ثابتة نحو تنويع اقتصادها من خلال «رؤية 2030»، التي أسهمت في تعزيز قطاعات حيوية مثل السياحة، والصناعة، والتكنولوجيا؛ ما أدى إلى تحقيق تقدم ملحوظ، رغم الحاجة المستمرة إلى مزيد من الإصلاحات والاستثمارات؛ لضمان الاستدامة والتنافسية.

وفي ظل هذا التوجه، رفعت وكالة «إس آند بي غلوبال» في مارس (آذار) 2024 التصنيف الائتماني السيادي طويل الأجل للمملكة من «إيه» إلى «إيه+» وذلك بفضل النمو القوي للقطاع غير النفطي، وتطوير أسواق رأس المال المحلية.

وكان الاقتصاد السعودي استعاد نموه في عام 2024، محققاً 1.3 في المائة، مع قفزة مهمة خلال الرُّبع الرابع وصلت إلى 4.4 في المائة، وهي الأعلى خلال العامين الأخيرين، مدفوعاً بشكل أساسي بنمو الأنشطة غير النفطية التي ارتفعت بنسبة 4.3 في المائة.

وتتبنى المملكة نهجاً متعدد المسارات لتحقيق التنويع الاقتصادي، وفق ما أكده المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي، تيم كولين، خلال ندوة افتراضية نظَّمتها «جمعية الاقتصاد السعودية». ويشمل هذا النهج إصلاح الأسواق المالية، وإصدار التأشيرات السياحية، وتطوير النظام القانوني، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار الطاقة. كما يتم العمل على تطوير البنية التحتية من خلال الاستثمار في المطارات، والمواني، والسكك الحديدية، وأنظمة المترو، والبنية الرقمية، إلى جانب المشروعات الحكومية الضخمة مثل «نيوم» و«القدية».

استثمارات ضخمة

ووفقاً لأستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الدكتور عبد الله المير، «تؤدي المشروعات الضخمة دوراً محورياً في تحقيق التنويع الاقتصادي، إذ إنها تجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتعزز المنافسة، ما يسهم في تحسين جودة المنتجات وزيادة أرباح الشركات. كما أنها تسرّع التحول الاقتصادي وتُحفّز القطاع الخاص على المشاركة بفاعلية في الإنتاج».

وأشار المير إلى أن هذه الاستراتيجية ليست جديدة على المملكة، فقد شهدت فترة السبعينات والثمانينات استثمارات حكومية كبيرة في قطاع البتروكيميائيات، مما حفّز القطاع الخاص على دخول هذا المجال وتعزيز نموه.

والتنويع هو عملية الابتعاد عن الاعتماد على قطاع واحد مصدراً رئيسياً للدخل، وهو أمر ضروري لاقتصادات تعتمد على الموارد الطبيعية مثل السعودية، نظراً لتقلبات أسعار النفط والاتجاه العالمي نحو الطاقة البديلة. ويقاس التنويع عادة من خلال تنويع الصادرات، والإنتاج، وإيرادات الحكومة، وفرص التوظيف.

الصناعة والتكنولوجيا

يتوقع المير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يزدهر قطاعا الصناعة والتكنولوجيا خلال السنوات المقبلة، خصوصاً مع التركيز على البحث والتطوير، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية في مجالات مثل صناعة السيارات الكهربائية، والصناعات الدوائية، والتقنية السحابية. كما يعزز إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة مكانة المملكة وجهةً صناعيةً رائدةً في الشرق الأوسط وغرب آسيا.

ومن جهة أخرى، لفت إلى أن السياحة والاستدامة البيئية تلعبان دوراً مهماً في تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط، فضلاً عن تحفيز القطاعات المرتبطة مثل النقل والخدمات اللوجيستية.

البحث والتطوير

وذكر المير أن قطاع البحث والتطوير في السعودية شهد تطوراً ملحوظاً خلال الفترة 2018 - 2022، حيث ارتفع عدد الباحثين من 24 ألفاً إلى 59 ألفاً، وتضاعف الإنتاج العلمي من 23 ألفاً إلى 45 ألف بحث. ومع ذلك، لا تزال مساهمة القطاع الخاص في تمويل البحث والتطوير محدودةً مقارنة بالدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة.

ويرى أن تحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال الإعفاءات الضريبية وتعزيز التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية يمكن أن يسرّع وتيرة التطور العلمي، ويدعم الابتكار، ما يسهم في خفض تكاليف الإنتاج ورفع كفاءة العمليات الاقتصادية.

وشدَّد أخيراً على أن القطاع الخاص يؤدي دوراً حيوياً في تعزيز التنويع الاقتصادي، من خلال الاستثمار في الابتكار ودعم الشركات الناشئة والمتوسطة عبر التمويل والخبرات. ويُسهم ذلك في خلق فرص عمل جديدة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، مما يعزز مكانة السعودية بوصفها اقتصاداً متنوعاً وقادراً على مواجهة التحديات المستقبلية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان ووزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى) play-circle 02:29

«ملتقى الميزانية»: الإنفاق الحكومي السعودي «يتحرر» من «الدورة الاقتصادية»

شكّل «ملتقى الميزانية السعودية 2026» منصة حكومية استراتيجية لتحليل مستهدفات الميزانية التي أقرّها مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد وزيرا «النقل» و«الإسكان» في «ملتقى الميزانية السعودية» (الملتقى)

«ملتقى الميزانية»: مبادرات تطوير البنية التحتية تدعم «النقل» و«الإسكان» وتوسع فرص الاستثمار

أكد وزيرا «النقل» و«الإسكان» أن القطاعين شهدا نهضة كبيرة، مع استثمارات ضخمة توسع الوظائف وتوفر وحدات سكنية للأسر المستفيدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الإبراهيم يتحدث وإلى جانبه وزير المالية في ملتقى «ميزانية السعودية 2026»... (الشرق الأوسط)

السعودية: لدى «هيوماين» فرصة لقيادة الاقتصاد الوطني مثل «أرامكو»

أعلن وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن المملكة تستعد لدخول مرحلة جديدة سيكون فيها الذكاء الاصطناعي المحرك الأكبر للنمو غير النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية (الملتقى)

ملتقى الميزانية: تقدم كبير في توطين الإنفاق العسكري بالسعودية

كشف المهندس أحمد العوهلي، محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، عن تطورات نوعية شهدها قطاع الصناعات العسكرية في السعودية خلال السنوات الست الماضية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.