هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)
من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)
TT
20

هل يُحرم المغتربون اللبنانيون من مقاعدهم في برلمان 2026؟

من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)
من عمليات فرز الأصوات في الانتخابات السابقة (أرشيفية - أ.ب)

بدأت في لبنان باكراً النقاشات بخصوص قانون الانتخاب الذي يفترض اعتماده لإجراء الاستحقاق النيابي في مايو (أيار) 2026، باعتبار أن هذه الانتخابات ستكون مفصلية لكثير من القوى السياسية بعد التطورات الكبيرة التي شهدها البلد في السنوات الماضية.

وفيما يدفع البعض لتغيير القانون ككل، تتمسك به بشكل أساسي القوى المسيحية معربة عن انفتاحها على تعديلات بسيطة لا تطيح بجوهره. ومن أبرز التعديلات المطروحة الإطاحة بما يلحظه لجهة تخصيص 6 مقاعد للمغتربين، سيشكلون دائرةً انتخابيةً إضافيةً تُضاف إلى الدوائر الـ15 المعتمدة، ويصبح عدد الدوائر 16 دائرة.

وتنص المادة 122 من قانون الانتخابات الذي أُقر عام 2017، على إضافة 6 مقاعد لغير المقيمين إلى عدد أعضاء مجلس النواب، ليصبح 134 عضواً في الدورة الانتخابية التي سوف تلي الدورة الأولى التي جرت وفق هذا القانون، على أن يتم في الدورة الثالثة تخفيض 6 مقاعد من عدد أعضاء مجلس النواب الـ128 من الطوائف نفسه التي خصّصت لغير المقيمين، وتوزيع هذه المقاعد بالتساوي على القارات الست وعلى المسيحيين والمسلمين.

وقد أجريت انتخابات 2018 على أساس هذا القانون، أي كان من المفترض أن يتم السير في المقاعد الـ6 لغير المقيمين في انتخابات عام 2022، ولكن في العام 2021، تم إصدار قانون قضى بتعديل العديد من المواد في قانون الانتخاب وبتعليق المادة 122، على أن يتم السير بهذه المقاعد في انتخابات عام 2026.

«الوطني الحر»

ويُعدُّ «التيار الوطني الحر» أبرز المتحمسين للمقاعد الـ6، وشدد رئيسه النائب جبران باسيل أخيراً على أن «المسّ بحقوق مكتسبة للمنتشرين للتصويت لنواب يمثلونهم في لبنان أو في الخارج، غير مسموح»، لافتاً إلى أن «مصلحة المقيمين والمنتشرين أن يكون هناك نواب مخصّصون للانتشار».

ويقول نائب رئيس «الوطني الحر» الدكتور ناجي حايك إن «المطلوب تطبيق القانون الذي ينص بوضوح على المقاعد الـ6 المخصصة للمغتربين، وبالتالي لا يفترض أن نخوض معركة سياسية لتطبيق القانون»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التمثيل الحقيقي للمغتربين يكون من خلال نواب يمثلونهم، ويتابعون قضاياهم في الخارج». ويضيف: «كذلك، من الممكن تخيير المغترب بين التصويت لنواب مغتربين أو لنواب في دائرته الانتخابية».

موقف «القوات»

من جهتها، توضح مصادر «القوات اللبنانية» أسباب اعتراضها على تخصيص ستة نواب للمغتربين، لافتةً إلى أنه «بمجرد أن يكون هناك ستة نواب فقط للمغتربين، فهذا يعني تكريساً لفكرة أن على المغترب البقاء في الخارج، وكأنه يجب أن يكون خارج المعادلة المحلية، بينما المغترب يجب أن يشعر بأنه جزءٌ لا يتجزأ من وطنه، من قريته، من منطقته، ومن بيئته، وأن يتفاعل مع مجتمعه وخياراته السياسية». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن يكون المغترب جزءاً من العملية الانتخابية الكاملة، لا أن يتم فصله عنها عبر تخصيص نواب له في الخارج فقط».

الواقع الاغترابي

وحسب الباحث في «الدولية للمعلومات»، محمد شمس الدين، يتراوح عدد اللبنانيين المقيمين في الخارج الذين يحق لهم الاقتراع، أي من هم فوق سن 21 عاماً، بين 950.000 و1.000.000 شخص، معتبراً أنه «رقم كبير جداً مقارنة بعدد الناخبين في لبنان».

ويوضح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «اقتراع غير المقيمين له تأثير كبير على النتائج. فإذا قمنا بتحليل تأثير هذه الأصوات، يتبين أنه في حال عدم احتساب 141.000 صوت من المغتربين اللبنانيين في الانتخابات الأخيرة، فإن النتائج ستتغير بشكل كبير وبالتحديد في ثماني دوائر من أصل 15 دائرة انتخابية، وأكثر من ذلك، فإن قوى المجتمع المدني ستكون الأكثر تأثراً، إذ قد تخسر 6 مقاعد من أصل 12 مقعداً كانت قد فازت بها».

من المستفيد؟

بدوره، يشير الخبير الانتخابي جان نخول إلى أنه «تم تعليق العمل بالدائرة 16 في الانتخابات الماضية لأنه ثبُت أن هذا الطرح ليس منطقياً، ويجعل المغترب شخصاً لا علاقة له بالداخل اللبناني»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «من يستفيد من إلغاء الدائرة 16 هي القوى التي حصلت على نسبة كبيرة من الأصوات في الخارج في الانتخابات الأخيرة، وبالتحديد قوى التغيير». ويضيف: «الناخبون في الخارج غالباً لا يتابعون السياسة اليومية مثل المقيمين، وقد لا تكون لديهم الدوافع أو الضغوط نفسها التي تؤثر على الناخبين في الداخل. هذا ما جعل بعض الأحزاب التقليدية تعتبر أن المغتربين منحوا فرصة كبيرة لقوى التغيير، بينما استفادت أحزاب مثل (القوات اللبنانية) التي تمتلك تنظيماً قوياً في الخارج».

ويكشف نخول عن «نقاش جدي حول إلغاء المقاعد الـ6 للمغتربين»، لافتاً إلى أنه «في النهاية، القرارات تُتخذ بناءً على المصالح السياسية، ولكن لا يوجد اقتناع عميق لدى الجميع بضرورة إبقاء هذه الآلية في الدورات المقبلة».


مقالات ذات صلة

خبراء: «حزب الله» بين خياري الرضوخ والاستسلام... أو الحرب المدمرة

تحليل إخباري عمال إنقاذ يعملون في موقع استهداف غارة إسرائيلية للضاحية الجنوبية لبيروت (إ.ب.أ)

خبراء: «حزب الله» بين خياري الرضوخ والاستسلام... أو الحرب المدمرة

لا تبدو خيارات «حزب الله» بعد استهداف إسرائيل للضاحية الجنوبية لبيروت للمرة الأولى منذ التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي، كثيرة.

بولا أسطيح (بيروت)
خاص سكان نزحوا الى شارع آمن بعد قصف إسرائيلي لمنطقة سكنهم بضاحية بيروت الجنوبية  (أ ب)

خاص سكان ضاحية بيروت يسألون بذهول: هل جددت إسرائيل الحرب؟

عمت الفوضى شوارع الضاحية الجنوبية لبيروت، فور نشر الجيش الإسرائيلي تحذيره إلى السكان هناك

حنان حمدان (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره اللبناني جوزيف عون قبل مؤتمر مشترك في قصر الإليزيه في باريس (إ.ب.أ) play-circle

الرئيس اللبناني: «حزب الله غير مسؤول» عن الهجمات الصاروخية على إسرائيل

أكّد الرئيس اللبناني جوزيف عون، الجمعة، أن «التجربة السابقة» وتحقيقات الجيش تشير إلى أن «حزب الله ليس مسؤولاً» عن إطلاق الصواريخ أخيراً نحو إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

عون يؤكد للشرع ضرورة التنسيق لحل قضية الحدود بين لبنان وسوريا

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في اتصال هاتفي مع نظيره السوري أحمد الشرع، الجمعة، ضرورة التنسيق بين البلدين لمعالجة موضوع الحدود المشتركة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في قصر الإليزيه يوم 28 مارس 2025 (إ.ب.أ)

ماكرون: الضربات الإسرائيلية على بيروت تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن الغارات (الإسرائيلية) على بيروت، صباح الجمعة، «غير مقبولة»، وتُمثل انتهاكاً لوقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تباين «عراقي - إيراني» بشأن طلب أميركي بحل «الحشد»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)
TT
20

تباين «عراقي - إيراني» بشأن طلب أميركي بحل «الحشد»

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

تباينت مواقف رسمية بين بغداد وطهران بشأن مطالب أميركية بحل ودمج «قوات الحشد الشعبي» في العراق، بالتزامن مع إعلان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مقاطعة الانتخابات لأن «العراق في أنفاسه الأخيرة»، على حد تعبيره.

وقال السفير الإيراني لدى بغداد، محمد كاظم آل صادق، إن رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للمرشد علي خامنئي تضمنت طلباً بحل «الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة.

وشدد آل صادق، خلال حوار تلفزيوني مساء الخميس، أن «حل (الحشد الشعبي) أو دمجه أمر غير مقبول، بالنسبة لإيران والعراق».

في وقت لاحق، ردَّ رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، على تصريحات السفير الإيراني، بتأكيد عدم وجود طلب أميركي بحل «الحشد الشعبي».

وقال السوداني في لقاء تلفزيوني مطول، إن «حل الفصائل مرتبط بإنهاء وجود التحالف الدولي في العراق».

وكان وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، قد صرح بأن بلاده ليست جزءاً مما يُعرف بـ«محور المقاومة»، محذراً من هجوم إسرائيلي على إيران في حال فشل التفاهم مع الولايات المتحدة.

وأكد حسين، في مقابلة متلفزة، أن «العراق لا يقبل بـ(وحدة الساحات)، ودستوره يمنع خوض حرب ضد أحد بقرار فردي».

لا ضغوط على العراق

إلى ذلك، أكد السوداني عدم وجود ضغوط دولية على مشروعات الطاقة في العراق، ونفى وجود وصاية أميركية على الأموال العراقية.

وقال السوداني: «كل الدول المصدرة للنفط لديها حسابات في البنك الفيدرالي الأميركي، والعراق لديه حساب أيضاً، ونحن مَن نتحكم بحساباتنا هناك».

وتسود في بغداد تكهنات لا حصر لها عن السياسة الأميركية الجديدة، منذ وصول الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وتوعده إيران بحملة قوية ضد نفوذها في المنطقة.

زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (إعلام التيار)
زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر (إعلام التيار)

الصدر يقاطع

سياسياً، فاجأ زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأوساط السياسية بإعلانه مقاطعة الانتخابات المقبلة «بسبب اشتراك من وصفهم بالفاسدين».

وقال الصدر، ردّاً على سؤال وجه له من أحد أنصاره حول المشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها نهاية العام الحالي، إنه «ليكن في علم الجميع، ما دام الفساد موجوداً فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء، لا همَّ لها إلا المصالح الطائفية والحزبية بعيدة كل البُعد عن معاناة الشعب، وعمَّا يدور في المنطقة من كوارث كان سببها الرئيسي هو زج العراق وشعبه في محارق لا ناقة له بها ولا جمل».

وتابع الصدر: «ما زلت أعول على طاعة القواعد الشعبية، ولذا فإني كما أمرتهم بالتصويت فاليوم أنهاهم عن التصويت والترشيح، ففيه إعانة على الإثم».

وتساءل الصدر: «أي فائدة تُرجى من مشاركة الفاسدين والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله».

ووفق نسخة من ردّ الصدر تداولته منصات مقربة منه، فإنه يعود شهر فبراير (شباط) 2025، حتى قبل أن يدعو أنصاره إلى تحديث بياناتهم الانتخابية.

ومطلع مارس (آذار) 2025، استدعى الصدر ممثليه السابقين في البرلمان العراقي إلى مأدبة رمضانية، وأشعل سجالاً سياسياً حول عودته الوشيكة إلى العملية السياسية.

وشارك في المأدبة نحو 200 من نواب التيار الصدري في جميع الدورات الانتخابية منذ برلمان 2005، وحتى دورة عام 2018، وكان لافتاً ظهور النواب الذين قدموا استقالاتهم عام 2022، بناءً على أوامر من الصدر نفسه.

وتحاول أطراف شيعية، أبرزها نوري المالكي، زعيم ائتلاف «دولة القانون» ومحمد شياع السوداني، رئيس الحكومة، التقرب من التيار الصدري لإنشاء تحالف شيعي قوي يخوض منافسات الانتخابات المقبلة.