مقاتلة أميركية تتأهب للإقلاع من على متن حاملة طائرات في طريقها لضرب الحوثيين (رويترز)
توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الأربعاء)، الحوثيين بالقول إنه سيقضي عليهم.
وكتب ترمب على منصته «تروث سوشيال» أن «أضراراً كبيرة لحقت بالهمجيين الحوثيين وراقبوا كيف سيتدهور الوضع تدريجياً. هذه ليست معركة عادلة ولن تكون أبداً على هذا النحو. سيتم القضاء عليهم تماماً». وتحدث الرئيس الأميركي عن تقارير تفيد بتخفيف إرسال الأسلحة التي ترسلها إيران للجماعة، لكنه شدد على ضرورة أن تتوقف الإمدادات «فوراً» وأن تترك الجماعة الحوثية «تقاتل بنفسها».
وغداة إعلان الجماعة استئناف استهداف إسرائيل وإطلاقها صاروخاً باليستياً فرط صوتي، ركّزت الضربات الأميركية في يومها الخامس على مخابئ الحوثيين وتحصيناتهم بمعقلهم الرئيسي في صعدة شمال اليمن، مع امتداد الضربات إلى مواقع في صنعاء وحجة والبيضاء.
وتعتقد مصادر يمنية أن تركيز الضربات على معقل الحوثيين يأتي بهدف تدمير المواقع المحصنة في الجبال والكهوف التي حولتها الجماعة إلى قواعد لتخزين الأسلحة خلال السنوات الماضية، إضافة إلى اتخاذها مخابئ من الاستهداف الجوي.
في الأثناء، قال الفريق ركن محسن الداعري، وزير الدفاع اليمني، إن القوات المسلحة اليمنية وجميع التشكيلات العسكرية في جاهزية عالية للتعامل بصلابة وحَزم مع أي اعتداءات أو مغامرات قد تُقدم عليها الميليشيات الحوثية.
بعد مرور شهرين على انطلاق الولاية الثانية لدونالد ترمب، ما زال ملف العلاقات بين واشنطن وجوارها الأميركي اللاتيني موضع تساؤلات وتخمينات حول موقعه في تراتبية أولويات الإدارة الأميركية الجديدة. إنه ما زال كذلك رغم المؤشرات الكثيرة التي وردت في خطاب القَسَم الرئاسي أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، وما تلاها من خطوات بشأن ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإعلان الحرب على التنظيمات الإجرامية الناشطة في تجارة المخدرات، وفرض حزمة من الرسوم الجمركية الإضافية على البضائع والسلع الواردة من المكسيك، أحد الشركاء التجاريين الأساسيين للولايات المتحدة، ناهيك من التوعد باسترجاع السيطرة على قناة بنما، وإطلاق التهديدات باتجاه كولومبيا وكوبا وفنزويلا.
بعد شهرين على عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تظل ملامح سياسته الأميركية اللاتينية وإمكانيات تحقيق أهدافها، موضع ترقب. وكأمثلة، هناك انتظار معرفة خطوات.
امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
20
القاهرة :«الشرق الأوسط»
TT
مقترح «سد الفجوة»... تحركات مصرية لإحياء «هدنة غزة»
امرأة فلسطينية وطفل يبكيان على جثة قريب لهما قُتل في غارة إسرائيلية (أ.ف.ب)
تحركات مكثفة من الوسطاء لمنع توسع التصعيد العسكري في قطاع غزة وسط مفاوضات جارية بشأن أفكار تضم مقترح مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بشأن تهدئة جديدة لم تقبل «حماس» بنودها السابقة، وأفشلتها حكومة بنيامين نتنياهو بشن عمليات ضد القطاع.
طاولة المفاوضات أيضاً تشمل مقترحاً مصرياً بشأن «وضع جداول زمنية لانسحاب إسرائيلي كامل وتسليم (حماس) الرهائن المتبقيين»، وهذا الزخم في المحادثات تحت النيران المستمرة، سيذهب، حسب خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، إلى هدنة إنسانية في أقصى تقدير مع قرب عيد الفطر الذي يحل أواخر مارس (آذار) الحالي، مع استمرار المفاوضات بشأن اتفاق شامل أو مرحلي، خصوصاً وأن الطاولة مليئة بالقضايا الحرجة مثل مستقبل القطاع وإبعاد «حماس».
وبعد تشاور مع إدارة الرئيس الأميركي، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة في 18 مارس الحالي، بعد هدنة استمرت 6 أسابيع، في حين لا يزال هناك 59 رهينة في غزة يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة، بعد أن سمحت المرحلة الأولى التي انتهت مطلع مارس الحالي من اتفاق الهدنة الذي انطلق قبل نحو شهرين، بإطلاق سراح 33 رهينة ونحو 1800 أسير فلسطيني.
ووفق المتحدث باسم «حماس»، عبد اللطيف القانوع، في بيان، السبت، فإن «مقترح ويتكوف وبعض الأفكار يتم مناقشتها مع الوسطاء والاتصالات لم تتوقف لإتمام اتفاق وقف إطلاق النار»، داعياً إلى أن «تمارس إدارة ترمب الضغط على الاحتلال للعودة لاتفاق وقف إطلاق النار، خاصة ونتنياهو هو المُعطِّل للاتفاق ويُقدِّم بقاء حكومته على حياة الأسرى».
وفيما لم يوضح متحدث «حماس» طبيعة الأفكار الأخرى، قالت 3 مصادر بينهم مسؤولان مصريان، وثالث فلسطيني لـ«رويترز»، إن «القاهرة قدمت مقترحاً لوقف الحرب وسد الفجوات، وحظي بموافقة الولايات المتحدة»، موضحين أن مصر وضعت جدولاً زمنياً لإطلاق سراح باقي الرهائن، إلى جانب تحديد موعد نهائي لانسحاب إسرائيلي كامل من غزة بضمانات أميركية.
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة في وقت سابق (رويترز)
وكان ويتكوف قدّم في 13 مارس الحالي اقتراحاً «مُحدَّثاً» لتمديد وقف إطلاق النار في غزة حتى 20 أبريل (نيسان) المقبل، وقبلت «حماس» بإطلاق الرهينة الأميركي - الإسرائيلي، عيدان ألكسندر فقط، وعدَّ المبعوث الأميركي رد الحركة «غير مقبول»، وذلك قبيل يومين من استئناف إسرائيل الحرب.
وتحدث ويتكوف، مساء الجمعة، عن أن «هناك مفاوضات جارية» لوقف الغارات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن «نتنياهو يريد تحرير المحتجزين في غزة، لكنه يسعى إلى تحقيق ذلك من خلال سياسة الضغط على (حماس)».
لكن لا تزال تلك المفاوضات تحت النيران، وسط توسع إسرائيلي في غزة خلَّف مئات الضحايا، لا سيما من النساء والأطفال، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه يشنّ ضربات ضد أهداف لـ«حزب الله» اللبناني في جنوب لبنان، رداً على إطلاق ثلاثة صواريخ من هذه المنطقة على شمال إسرائيل، وذلك غداة إعلان «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، أنها أطلقت رشقة صواريخ من غزة باتجاه تل أبيب، وتأكيد الجيش الإسرائيلي أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، مساء الجمعة، استهدف مطار بن غوريون.
عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، يرى أن الخيار الأفضل هو دعم وإنجاح التحركات المصرية لإحياء الهدنة مجدداً، وإلا ما نراه من عودة التصعيد لن يكون في صالح المنطقة أو واشنطن، لافتاً إلى أن «عودة إطلاق الصواريخ مرة أخرى أياً كان تأثيرها تعني أن المنطقة ستشتعل مرة أخرى، وبالتالي من المهم نجاح تلك المفاوضات الجارية والتوصل لحل وسط وصيغة توافقية».
وباعتقاد السفير الفلسطيني الأسبق لدى القاهرة، بركات الفرا، فإن «مصر قادرة على سد الفجوات وإحياء هدنة غزة بمقترحها الجديد، وعلى نتنياهو أن يستمع للتحركات الجديدة، خاصة وأن الضغوط ستزداد ضده داخلياً وخارجياً»، متوقعاً «حدوث هدنة إنسانية مع حلول عيد الفطر إن لم تسفر المفاوضات الجارية عن التوصل لاتفاق واضح قبله».
ومتفقاً مع تلك التقديرات، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه بإمكان مصر تحقيق تقدم في تلك المفاوضات الجارية بمقترحها لسد الفجوات المتداول، سواء بزيادة عدد الرهائن أو التسليم المرحلي، لافتاً إلى أن «هذا يتوقف على حجم الضغوط التي ستبذل من قبل أميركا على إسرائيل للتوصل لاتفاق قريب؛ وإلا ستبقى مفاوضات تحت النار وفقط».
رد فعل فلسطينية بعد التعرف على جثث أقاربها الذين قُتلوا في غارة إسرائيلية شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
وبتقديرات ويتكوف، فإن «(حماس) تسعى للبقاء في غزة وإدارة القطاع، وهذا أمر غير مقبول»، معتقداً أن «ما هو مقبول بالنسبة لواشنطن، هو أن تتخلى الحركة عن أسلحتها، وربما يمكنهم البقاء هناك مؤقتاً».
وأفاد القانوع، السبت، بأن الحركة «جاهزة لأي ترتيبات بشأن إدارة غزة تحظى بالتوافق وليست معنية أن تكون جزءاً منها ولا طموح لديها لإدارة القطاع»، مؤكداً أنها «سبق أن وافقت على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي بالقطاع لا تتضمن الحركة».
ورغم هذا الجدل لا تزال الدعوات الدولية تتواصل لإحياء هدنة غزة، وأصدرت فرنسا وبريطانيا وألمانيا بياناً مشتركاً، مساء الجمعة، تدعو فيه إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وبرأي حسن، فإن التصريحات الأميركية الأقرب أن تكون من باب الضغوط على «حماس»، لافتاً إلى أن رسائل الدول الغربية واضحة وحاسمة بأهمية وقف إطلاق النار، وبالتالي من المهم التوصل لصيغة توافقية توقف الحرب، فيما لم يستبعد إمكانية الوصول لهدنة جديدة مع حلول عيد الفطر.
ويعتقد الفرا أيضاً أن «واشنطن تريد زيادة الضغط على (حماس) لجعلها بلا أنياب بغزة، وقد تستمر قضية نزاع سلاحها إعلامياً فقط غير أن الحركة ذاتها ستبحث عن حماية كوادرها داخلياً وخارجياً، وأن يكون لها وجود مدني».
ويتوقع الرقب أن تشكل لجنة إدارة غزة بدون «حماس» بناءً على التوافقات على أن يكون مستقبل الحركة وسلاحها مرتبطين بوجود قوات دولية للفصل مع إسرائيل من عدمه، مضيفاً: «لكن هذه قضايا تطرح للضغط لا أكثر والمطلوب حالياً إحياء الهدنة وهو ما يتحرك فيه الوسطاء».