كيف أظهرت حرب غزة مصطلحات «ملتبسة»؟https://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85/5122610-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%A3%D8%B8%D9%87%D8%B1%D8%AA-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%84%D8%AA%D8%A8%D8%B3%D8%A9%D8%9F
فلسطينيون يتجمعون في موقع غارة إسرائيلية على منزل (رويترز)
على امتداد أكثر من 16 شهراً منذ بدء حرب غزة في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، برزت مصطلحات عدة على السطح مثل «الجحيم» و«التطهير» و«خط أحمر» استخدمها سياسيون، وتداولتها وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، متصدرة العناوين الرئيسة رغم ما تحمله من معانٍ «ملتبسة». ودارت حرب مصطلحات بموازاة الحرب على الأرض، حاول كل طرف من خلالها فرض سرديته للأحداث.
الدكتور محمد شومان، عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية في القاهرة، رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «حرب غزة كانت فضاءً لصراع خطابات متعددة، ولكل خطاب منطقه وأهدافه وآليات تبريره». وأضاف أن «مفهوم الثأر كان من بين أهم المفاهيم والمصطلحات المسكوت عنها في الحرب الأخيرة».
وتابع شومان أن «إسرائيل، الشعب والحكومة، مارست الثأر بقوة وعنصرية، وبقوة تفوق هجوم 7 أكتوبر 2023»، مشيراً إلى أن «ممارسة الثأر، وهو فعل مارسته كل من الولايات المتحدة والدول الغربية أيضاً، تمثَّلت بتجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ليصبحوا موضوعاً للقتل والتدمير، ويصبحوا كلهم حركة (حماس)».
شومان ذكر أن «الثأر كان المبرر غير المعلن للإبادة ولفكرة التهجير وللصمت الأميركي بشأن (حل الدولتين)... والثأر كان من سكان غزة، فمع أن السكان لم يهاجموا إسرائيل، فإنه استُخدم كآليةِ عنفٍ كي لا يجرؤ الفلسطينيون على تكرار الفعل».
نازحون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)
«الثأر أيضاً كان مفهوماً أساسياً عند حركة (حماس)»، وفق شومان، إذ لحظ أن «الثأر عند الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، كان يعني شرعية نفي الآخر، وأن يكون الصراع مباراة صفرية... إما أن أكون أو لا أكون». ومن ثم شرح أن «فكرة التهجير هي امتداد للثأر والرغبة في نفي الآخر... وأن إسرائيل الحكومة ضحَّت بأرواح غالبية الأسرى من أجل ممارسة الثأر، وفي المقابل اختطفت (حماس) الإسرائيليين في إطار محاولتها للثأر من إسرائيل». وخلص إلى القول: «الثأر هو آلية نتنياهو للبقاء في الحكم... وآلية بقاء (حماس) في حكم غزة».
حقاً، سلطت حرب غزة الضوء على مصطلح «التهجير»، الذي جرى تداوله مع بداية الحرب، قبل أن يكتسب زخماً إضافياً عقب طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب مقترحه للسيطرة على قطاع غزة وتحويله إلى «ريفييرا الشرق الأوسط» بعد تهجير سكانه، وهو ما قوبل برفض دولي وعربي واسع. وتزامناً مع انتشار مصطلح «التهجير»، بدأ الترويج لمفاهيم «ملتبسة» بشأنه عبر الحديث عن «التهجير الطوعي» بهدف جعله أكثر قبولاً لدى الرأي العام.
مصطلح آخر استُخدم بدلالات عدة، وفي مناسبات مختلفة طوال الحرب، هو «خط أحمر»، الذي استُخدم لتأكيد رفض التهجير. إذ قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 «التهجير خط أحمر. لم ولن نقبل أو نسمح به». وفي الشهر التالي، عدّت «هيئة الاستعلامات في مصر»، عبر إفادة رسمية، محور فيلادلفيا «خطاً أحمر ينضم إلى سابقه، الذي أعلنته مصر مراراً، وهو الرفض القاطع لتهجير الفلسطينيين قسراً أو طوعاً إلى سيناء، وهو ما لن تسمح القاهرة لإسرائيل بتخطيه». ثم أُعيد استخدام تعبير «خط أحمر» مراراً، وبرز على السطح من جديد مع تصدر «مخطط التهجير» المشهد مرة أخرى.
تجمّع للنازحين في منطقة النصيرات بأمل العودة إلى منازلهم شمال القطاع (أ. ف. ب.)
في لقاء مع «الشرق الأوسط» أشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، إلى أن «واحداً من أبرز المصطلحات التي فرضتها حرب غزة، كان مصطلح (حيوانات بشرية)، الذي روّجت له دوائر إعلامية وسياسية إسرائيلية واستخدمته لوصف المنتمين لحركة (حماس)... ويعكس هذا المصطلح قمة العنصرية والتحيّز في النظر للمقاومة».
الدكتور أحمد تطرق إلى مصطلحات أخرى برزت على الساحة مثل «الإبادة الجماعية» و«التطهير العرقي»، لا سيما مع الدعوة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في هذا الصدد. ولفت أستاذ العلوم السياسية المصري إلى مصطلحات أخرى عدّها «دليلاً على مراوغة الجانب الإسرائيلي»، وأبرزها «المناطق الآمنة». ثم أوضح: «المناطق الآمنة من المفترض أنها مناطق يلجأ إليها المدنيون في وقت الحرب، لكن إسرائيل استخدمتها لاستهداف المدنيين، وكانت هناك وقائع لقتل مدنيين وهم في طريقهم إلى المناطق التي أعلنتها تل أبيب آمنة».
«أيضاً جاء مصطلح (الهدوء المستدام) بديلاً مراوغاً لمصطلح (وقف إطلاق النار)»، وفق أحمد، الذي أشار إلى أن «الهدوء المستدام لا يعني بالضرورة انعدام العمليات العسكرية من آن لآخر، وبالتالي، فهو مختلف عن وقف إطلاق النار».
وتابع الدكتور أحمد أن مصطلح «معلومات استخباراتية موثوقة» كان من المصطلحات التي جرى الترويج لها «لتبرير الأفعال الإسرائيلية، ولقد عمدت إسرائيل إلى استخدام هذا التعبير لتبرير معظم عملياتها ضد أهداف مدنية طوال حرب غزة، وكان مبرِّرها المزعوم معلومات استخباراتية موثوقة بوجود إرهابيين».
هذا، ورغم حجم الالتباس في المعاني الذي حمله كثير من المصطلحات المُتداولة إعلامياً إبان حرب غزة، رأى أحمد أن «إسرائيل سكّت مصطلحات وحاولت الترويج لها، لكنها لم تستطع إقناع الرأي العام العالمي بها»، مدلّلاً على ذلك «بموجة الاحتجاجات الداعمة لفلسطين التي شهدتها دول عدة حول العالم».
جدير بالملاحظة أن مصطلحات كـ«التطهير» و«الجحيم» كانت من بين المعاني «المُلتبسة» التي جرى تداولها إبان الحرب، بحسب مراقبين، لا سيما أنها وردت على لسان الرئيس ترمب الذي «هدَّد بجحيم في الشرق الأوسط ما لم يُطلَق سراح الأسرى قبل توليه مهام منصبه رئيساً للولايات المتحدة»، من دون أن يوضِّح ما هو الجحيم، وكيف سيحدث.
من جهة أخرى، في معرض كلام ترمب عن مشروعه لقطاع غزة، قدَّم مقترحاً لـ«تطهير» غزة، حسب تعبيره، داعياً مصر والأردن لاستقبال الفلسطينيين من القطاع من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، ليغدو «التطهير» مرادفاً لـ«التهجير».
في أي حال، «حرب المصطلحات» في القضية الفلسطينية ليست وليدة الحرب الأخيرة.
وللعلم، تاريخياً لعبت اللغة والمصطلحات دوراً كبيراً في «التحشيد الجماهيري»، حتى إن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وينستون تشرشل، وُصف بأنه «حشد اللغة الإنجليزية وأرسلها إلى الميدان»، إبان الحرب العالمية الثانية، تعقيباً على استخدامه الفصاحة اللغوية في إقناع المعارضة بدخول الحرب ضد ألمانيا.
احتفت وزارة الإعلام السعودية بالفائزين بـ«جائزة التميّز الإعلامي» الخامسة من المؤسسات والشخصيات ذات البصمات البارزة والجهود النوعية في مختلف مجالات القطاع.
وزير الإعلام السعودي: لدينا حرية منضبطة وإعلامنا الأقوى عربياًhttps://aawsat.com/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85/5122699-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B6%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%8B
وزير الإعلام السعودي: لدينا حرية منضبطة وإعلامنا الأقوى عربياً
سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي يتحدث لبرنامج «الليوان» (روتانا خليجية)
عدَّ سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، إعلام بلاده الأقوى والأكثر تأثيراً وانتشاراً عربياً، ومشاريع «رؤية 2030» أهم أذرعه لمخاطبة العالم، مشيراً إلى وجود «حرية منضبطة لديه، وبمستوى يناسب ثقافة المملكة، وسقف مرتفع مقارنة بالدول المحيطة».
وأكد الدوسري في برنامج «الليوان» مع الإعلامي السعودي عبد الله المديفر على قناة «روتانا خليجية» منتصف ليل الأحد/ الاثنين، أن الحكومة لا تطالب وسائل الإعلام بمدحها، وقال: «ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لا يقبل المدح، ولا يرضى بالمدح الزائف. نحن نعمل معه ونسمع منه ونعرف أن هذا توجهه، لكن هناك فرق بين إظهار إنجازاتنا - وهذا دور أصيل لوسائل الإعلام، - وبين المدح الزائف غير المقبول وغير المطلوب».
وأضاف الوزير: «هناك حس مسؤولية عالي لدى وسائل الإعلام والإعلاميين في المملكة، واليوم أصبحت لدى الصحافي رقابة ذاتية فهو يعرف مصالح الدولة، ويستطيع أن يتفادى الحساسيات أو يقف عند حد معين يحدده بنفسه، كذلك المؤسسات الإعلامية. ونعول على ذلك الحس كثيراً لا على الرقابة اليومية غير الموجودة لدينا»، متسائلاً: «إذا لم تكن هذه حرية إعلامية فأين هي؟».
وزير الإعلام تحدَّث عن الفرق بين إظهار الإنجازات والمدح الزائف (روتانا خليجية)
ونوّه الدوسري بأن «المطلوب من الإعلاميين هو القيام بدورهم، وأحد الأدوار الأصيلة المناطة بهم هي كشف العيوب، ونحن نشجعهم على ذلك ما دام ذلك ضمن الحرية المنضبطة، ومن حقهم على المواطنين أن يتحدثوا بالطريقة المناسبة التي يرونها في خدمة بلدهم»، عادَّاً «انتقاد وسائل الإعلام الخدمات جزءاً من واجبها الأصيل، وهي تقدم بذلك خدمة للحكومة، ولا نعتبره أمراً سلبياً».
وأشار وزير الإعلام إلى «ضرورة أخذ المرحلة الزمنية والظروف الإقليمية في الاعتبار»، ذلك أن التوقيت قد يكون غير مناسب لقضايا معينة في وقت ما والعكس في وقت آخر، مؤكداً: «يجب الأخذ بالمصلحة العامة، وأن تكون لدينا حرية مسؤولة فيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية والدول الشقيقة». وزاد: «لا نقول إن مراعاة الحساسيات هي قدرة الدولة على التدخل في وسائل الإعلام، بل هي في الحقيقة قدرة الارتقاء بالمصلحة العامة من قبل وسائل الإعلام نفسها، وهذه مسؤولية كبيرة، وثقة وضعتها الدولة في الإعلام الخاص، وأرى أنه كان على قدر المسؤولية في كل الأوقات».
سلمان الدوسري يرى أن الإعلام الخاص كان على قدر المسؤولية في كل الأوقات (روتانا خليجية)
وحول رضا المجتمع السعودي عن الإعلام، يرى الدوسري أنه «من حق الناس أن تكون تطلعاتهم عالية في إعلامهم، لكن لدينا انطباعات وحقائق»، مضيفاً: «فيما يتعلق بالحقائق عندما ننظر للإعلام السعودي لدينا ثلاثة أركان له، وهي: المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG) بمطبوعاتها وتاريخها وحضورها القوي جداً في كل مكان، ومجموعة (إم بي سي)، و(روتانا) بمجموعة قنواتها ومكتبتها الضخمة غير الموجودة في أي دولة عربية».
وتابع الوزير: «عندما ننظر اليوم إلى منصة (شاهد) على سبيل المثال التي تصل إلى 70 في المائة من المنازل العربية، والمشاهد للقنوات السعودية هو الأعلى، والإعلام السعودي الذي يتبع القطاع الخاص يعدّ الأكثر تأثيراً وقوة وانتشاراً في الدول العربية»، مواصلاً: «عندما نأتي لبرامج البودكاست، تتصدر السعودية المشهد عربياً؛ على سبيل المثال لدينا (بودكاست ثمانية) التابع للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام؛ 300 مليون مشاهد ومستمع له في عام 2024، بينهم 68 في المائة داخل السعودية و32 في المائة خارجها. ولدينا 52 مليون حساب سعودي في (يوتيوب) و(إنستغرام) و(إكس) وبقية المنصات، وهؤلاء جزء أساسي من إعلامنا».
سلمان الدوسري استعرض قوة وتأثير الإعلام السعودي عربياً (روتانا خليجية)
وزاد الدوسري: «قد يكون لدى البعض انطباعات، لكن عندما ننظر إلى هذه الحقائق، نجد أن الإعلام السعودي مؤثر ويصل ويضع بصمة في كل مكان، ومع ذلك نحن مطالبون بالارتقاء به ليكون قوياً جداً ويرتقي برؤية السعودية 2030»، مبيناً أن «الحقائق هي من تتكلم، وجعلت إعلامنا الأقوى عربياً، والأكثر مشاهدة والأكثر وصولاً، وهذا ما يؤكد إذا كان يمثلنا أم لا».
وعن التحديات التي تواجه الإعلام السعودي، يعتقد الوزير أن التحدي الحقيقي هو القدرة على مواكبة التقنية في القطاع. ويرى أنه «ليس هناك إعلام قديم وجديد، بل إعلام وطني يُقدِّمك سواءً كان قناة تلفزيونية أو موقعاً إلكترونياً أو حساباً على منصة تواصل اجتماعي، ونحن نُقدِّم محتوى بشكل إيجابي وأكثر بكثير من المحتوى السلبي أو الهابط، لكن التحدي الحقيقي هو مواكبته مع التقنية».
وفيما يتعلق بموت الصحافة الورقية، علّق وزير الإعلام، قائلاً: «لا يقلقني ذلك لأن الورق وسيلة وليس غاية، بل يقلقني موت الصحافي. عندما نتحدث عن أركان الإعلام السعودي الثلاثة فأساسها هو الصحافي، وعندما نتحدث عن المحتوى الإيجابي وصانع التأثير وصانع المحتوى فأساسها الصحافي»، مضيفاً: «في الفترة السابقة، كان المطبخ الصحافي هو الذي يصنع الصحافيين، ومع غياب الصحافة الورقية، أصبح هناك صعوبة في إيجادهم». وأكد: «ما يجب أن نعمل عليه اليوم هو بقاء الصحافي، ونحن دورنا كمُمكِّن نحافظ عليه من الموت عبر الأكاديميات الإعلامية الموجودة والشراكات مع الشركات الكبرى مثل (غوغل) و(أمازون) وغيرها ومع الوزارات والهيئات».
وزير الإعلام أعرب عن قلقه من موت الصحافي بعد غياب الصحافة الورقية (روتانا خليجية)
وعن مستقبل القطاع في البلاد، قال الدوسري: «لدينا في الإعلام السعودي ركيزتان أساسيتان، هما: الإعلام الوطني، واقتصاديات الإعلام. عندما نتحدث عن الأول فهو هادف بكل منصاته، ويُمثِّل رؤية المملكة ويرتقي بها في 2030، أما الجانب الآخر فللأسف وفي فترات كثيرة كان الإعلام عبئاً على الدولة، ونحن بحاجة لرفع مساهمته في الناتج المحلي البالغة اليوم أقل من 1 في المائة عند 0.4 في المائة، ولكن نستهدف رفعها بنسبة 150في المائة بحلول 2030».
وحول فرص التوظيف في القطاع، أكد أهمية هذا الملف بالنسبة لمنظومة الإعلام، مشيراً إلى أنه «في عام 2023 وصلنا لأكثر من 60 ألف وظيفة، ونستهدف الوصول إلى 150 ألف وظيفة بحلول 2030 بزيادة 100 في المائة عن الوظائف الحالية».
وبشأن تسرب إيرادات الإعلانات إلى الخارج، عدَّ الوزير السوق والمعلن والإعلام السعودي الأكبر في المنطقة العربية، «والفاقد من الإعلانات الذي يذهب لخارج البلاد يصل إلى 90 في المائة بدلاً من أن يُسجَّل ضمن مساهمة الإعلام في الناتج المحلي»، متابعاً: «لذلك نحن نستهدف توطين مثل هذه الصناعة، وبقاء كل الإنفاق الإعلاني في وسائل الإعلام والجهات السعودية داخل المملكة، وعدم تسرُّبه خارجياً».
سلمان الدوسري أكد السعي لتوطين صناعة الإعلان لمنع تسرَّب إيراداتها إلى الخارج (روتانا خليجية)
وحول المحتوى الهابط، لفت الدوسري إلى وجود ثلاثة أنواع من المحتوى عموماً، «الأول (الإيجابي)، وهو ما يُعزِّز القيم المجتمعية والهوية الوطنية، وهذا تدعمه الدولة بالكامل عبر جوائز ومبادرات لتعزيزه. والثاني (المقبول اجتماعياً)، ولكنه ليس متميزاً وليس مسيئاً، وهو الغالب بنسبة 90 في المائة من المحتوى اليوم»، مردفاً: «أما الثالث (المخالف)، وهو الذي لا تقبل به التشريعات والقوانين، ومنه على سبيل المثال مظاهر الثراء الزائف في مواقع التواصل الاجتماعي، التي نتخذ موقفاً قوياً جداً ضدها، لكن إذا أردت أن تظهر الثراء فهذا شيء آخر».
ونوّه الوزير بأن «المجتمع هو الذي يحدد الذائقة، سواء نرتقي أو نقبل بها، وله دور ضد المحتوى الهابط الذي تخالفه منظومة الإعلام»، مشيراً إلى أن أفضل عقوبة لمشاهير ذلك المحتوى هي التخلي عن متابعتهم، وعدم تسويق وترويج محتواهم. وأضاف: «نحن مجتمع متنوع، ولدينا مساحة، فما يقبله البعض ثقافياً قد لا يقبله البعض الآخر، وهناك حدود وخط فاصل، ودورنا ضبط المشهد ولا نتحكم فيه. وليس دورنا قمع أفراد المجتمع، ولكن لدينا أنظمة وقوانين نطبقها على المحتوى المخالف».
وزير الإعلام شدَّد على التمسك بتعزيز القيم المجتمعية والهوية الوطنية (روتانا خليجية)
وحول دور الإعلام في تعزيز القيم المجتمعية والهوية الوطنية، أكد الدوسري أهمية هذا الموضوع بالنسبة للوزارة التي ضمّنته في كل مبادرة ومشروع لديها، وتقبل كل محتوى إيجابي يساهم في ذلك، وتعتبر من يُقدِّمه صديقاً؛ لضرورة بقاء القيم المجتمعية وظهورها بشكل مستمر.
وبشأن الإعلام الخارجي، يرى الوزير أن فكرة هذا المفهوم باتت «قديمة وانتهت»، حيث «لم يعد اليوم بمفهومه التقليدي السابق»، مستعرضاً عدة أوجه للإعلام في وقتنا الحاضر، منها «الاستضافات العالمية مثل رالي داكار، والسوبر الإسباني، وفورمولا 1، وموسم الرياض، ومباريات الملاكمة، وعروض الأوبرا السعودية في طوكيو ونيويورك وباريس، ومشاركة بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق في المنتدى السعودي للإعلام 2025 وذهابه مع أسرته إلى مشروع البحر الأحمر وتحدثه بشكل إيجابي وفق ما رآه هناك، و7 آلاف فعالية ومؤتمر استضافتها السعودية خلال عام 2024 بمعدل فعاليتين كل ساعة، وصورة لكريستيانو رونالدو وكريم بنزيمة يتناولان الإفطار في جدة»، مؤكداً أن مشاريع «رؤية 2030» هي أهم الأذرع الإعلامية لدى المملكة لمخاطبة العالم.
وزير الإعلام نقل خلال البرنامج 3 من رسائل الحكومة للناس (روتانا خليجية)
وبشأن رسائل الحكومة للناس، نقل وزير الإعلام ثلاثاً منها، هي: «المواطن أولاً مهما كانت الظروف والتحديات، وهنا نذكر جائحة (كورونا) عندما أوقفت الدولة كل مشاريعها لصالحه، وقدَّمت تجربة لم تُقدِّمها أي دولة في العالم. ثانياً: التنمية لن تستمر ولا تنجح من دون شراكة مع المواطن، ولدينا أكبر دليل (رؤية 2030) التي وصلت لمستهدفاتها قبل أوانها؛ لأن المواطن شريك آمن فيها واقتنع بها وعمل بها. ثالثاً: صوت المواطن وحقوقه مكفولة وكفلها له النظام».
وحول تجربته مع جريدة «الشرق الأوسط»، يقول الدوسري: «وصلت إلى طموحي بتولي رئاسة تحرير الصحيفة بعدما كان هذا حلماً لي في المرحلة المتوسطة»، مؤكداً أن هذه الخطوة «كانت نقلة كبيرة جداً بالنسبة لي، ليس فقط من الناحية المهنية، بل من ناحية العلاقة العاطفية مع (الشرق الأوسط)، فما زلت مرتبطاً عاطفياً بها إلى اليوم».
وعدَّ الدوسري رئاسة تحرير «الشرق الأوسط» مسؤولية كبيرة، مبيَّناً أن ميزة الصحيفة أنها استطاعت الوصول إلى كل الدول العربية وغيرها، فأكثر جمهورها هو سفارات الدول الأجنبية في لندن، و«نفاجأ أحياناً بسفارة دولة ما ترسل مُعلِّقة على خبر صغير، وتبدي رأيها فيه». ويضيف: «قدرتك على التوازن وجعل الصحيفة تستمر كما هي قوية من دون إثارة أي مشكلة مع أي دولة، خصوصاً ما يتعلق بالدول العربية، أعتقد أن هذه مهمة ليست سهلة».
سلمان الدوسري تناول خلال المقابلة تجربته مع جريدة «الشرق الأوسط» (روتانا خليجية)
وعن قصته مع الراحل علي إبراهيم نائب رئيس التحرير الأسبق، قال الدوسري: «كان نائب رئيس التحرير، ورئيساً، وأنا مراسل ومسؤول تحرير، وعندما كنت مساعد رئيس تحرير أيضاً، ثم أصبحت أنا رئيسه، ولم يتغير»، مضيفاً: «الصحيفة مرَّ عليها كُتَّاب ورؤساء تحرير وقامات ولم تتعثر. أنا في تقديري ووجهة نظري الشخص الوحيد الذي فقدته (الشرق الأوسط)، وأحد أهم من فقدته فيها هو علي إبراهيم. كانت بالنسبة له ليس بيته الثاني بل الأول، وأعطاها من روحه وحياته».
وواصل: «عندما جاءت علي إبراهيم أزمة قلبية وهو على رأس العمل، انقطع فترة ثم عاد، والأزمة القلبية أثرت عليه، ولا يستطيع المشي، فكنت في صراع يومي معه، أطلب منه أن يخفِّف العمل ولا يضغط على نفسه، وكانت كلمته الشهيرة هي (حاضر)، وكنت أشتكيه عند زوجته، ويبتسم ويقول لي: (حاضر)، حتى جاء يوم، وهذه من النوادر، ضج من كثرة ما أطلب منه تخفيف العمل. قال لي: لو سمحت اتركني أنا أستمتع هنا أكثر من أي مكان آخر، فقلت حينها له: (حاضر)».
وحول الأثر الذي تركه علي إبراهيم، قال: «التفاني. مهما حاولنا أن نقول إننا تفانينا في عملنا لن نصل إلى جزء من التفاني الذي كان يحمله في عمله، والدرس الذي أعطاني إياه ليس فقط فيما يتعلق بـ(الشرق الأوسط) حتى بعدها. كان تفانيه في هذه المسألة ركناً من أركان (الشرق الأوسط). الطريقة التي يتعامل بها، أسلوبه، ابتسامته، وتحمله للضغوط. كل هذه صراحة كانت دروساً عظيمة بالنسبة لي ولزملائي»، متابعاً: «اليوم الذي فقدناه فيه كان بالنسبة لنا جرحاً لكل الزملاء في (الشرق الأوسط) لم يندمل».