متى يكون القلق إيجابياً ومفيداً؟

هناك نوع من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)
هناك نوع من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)
TT
20

متى يكون القلق إيجابياً ومفيداً؟

هناك نوع من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)
هناك نوع من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة (أ.ف.ب)

يُنظَر عموماً إلى القلق على أنه أمر سلبي وضارّ بالصحتين النفسية والجسدية، وهي النظرة التي أكد خبير علم النفس الأميركي جيف كراسنو عدم صحتها في كثير من الأحيان، مشيراً إلى أن هناك نوعاً من القلق الإيجابي الذي قد يكون مفيداً للصحة.

وقال كراسنو، وهو الرئيس التنفيذي لشركة «Commune»، وهي منصة تُقدم دورات تدريبية متقدمة في مجال الصحة النفسية، لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية، إن «القلق المزمن طويل الأمد يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في النوم، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وصداع. إلا أن القلق الإيجابي يكون عادةً قصير الأمد، وهو يساعد في تعزيز المرونة والصحة».

ومن أمثلة القلق الإيجابي، ذلك الذي ينتج عن الصيام أو العلاج بالماء البارد، أو تكوين صداقات جديدة.

وقال كراسنو: «مع أن هذا الأمر قد يكون مزعجاً لفترة قصيرة، لكنه عادةً ما يؤدي إلى نتائج إيجابية. فكلما انخرطتَ في أنشطة تُفاقم استجابتك للتوتر مؤقتاً، وتدفعك خارج منطقة راحتك، أصبحتَ أكثر مرونة وأكثر قدرة على تنظيم مشاعرك».

وأضاف: «ما فعلناه في مجتمعنا الحديث هو أننا جرّدنا حياتنا من كل هذه الضغوط القديمة، تلك الضغوط المفيدة؛ سعياً وراء الراحة والرفاهية. وبصراحة، أدت الراحة المزمنة إلى عدد من الأمراض المزمنة».

ولفت كراسنو إلى أنه يحرص يومياً على القيام بأشياء تُسبب إزعاجاً وقلقاً مؤقتاً لتحقيق مكاسب طويلة الأمد.

ويتجلى ذلك في صورة اختياره الخروج في الصباح الباكر، بدلاً من النوم، والجلوس بهدوء للتأمل أو ممارسة تمارين التنفس في أوقات فراغه، بدلاً من تصفح هاتفه.

وفيما يلي بعض الممارسات التي نصح كراسنو الأشخاص بدمجها في روتينهم اليومي للاستفادة من «القلق الإيجابي»:

6 صباحاً: ابدأ يومك مُبكراً بكوبٍ من الماء بدرجة حرارة الغرفة، ويمكنك إضافة ليمونةً إليه، إذا أردتَ ذلك. ولا تُمسك هاتفك في هذا الوقت تماماً.

6:30 صباحاً: اخرج من المنزل وقم بالمشي لمدة 20 دقيقة، كما يمكنك قضاء هذا الوقت في الهواء الطلق في ممارسة التأمل أو تمارين التنفس.

7 صباحاً: تناول كوباً من القهوة أو الشاي، مع تجنب إضافة الحليب أو السكر.

7:30 إلى 8:05 صباحاً: ينصح كراسنو الأشخاص بتعريض أنفسهم للحرارة ثم البرودة بشكلٍ مُتعمّد في كل صباح، حيث نصح بملء الحمام بالبخار، والجلوس به لمدة 20 دقيقة، ثم الاستحمام بماء بارد لمدة 3 دقائق، مؤكداً أن هذا الأمر يعزز الصحتين النفسية والجسدية بشكل كبير.

8:30 صباحاً: توجّهْ إلى العمل.

11 صباحاً: تناولْ وجبتك الأولى في اليوم. اجعل الأولوية للألياف والبروتين والدهون الصحية.

12 ظهراً: خصص خمس دقائق للاتصال بشخص عزيز عليك.

2 ظهراً: خذ استراحة من العمل، وامشِ في الخارج دون هاتفك. راقب الطبيعة من حولك.

5 مساءً: مارس القليل من الرياضة، إن أمكن.

6 مساءً: حضِّر لنفسك عشاءً غنياً بالبروتين مع الخضراوات. تناول وجبتك مع شخص آخر، إن أمكن.

7 مساءً: توقفْ عن الأكل للالتزام بالصيام المتقطع. اذهب في نزهة قصيرة، أو قم بعشرين تمرين ضغط.

7:15 مساءً: استرخِ. استغِلَّ هذا الوقت لمشاهدة فيلم أو القراءة. في الوقت نفسه، مارسْ بعض تمارين التمدد على الأرض، أو اقضِ بعض الوقت في وضع القرفصاء، بدلاً من الجلوس.

9 مساءً: أطفئ جميع الأجهزة الإلكترونية. هيئ أجواء النوم بجعل غرفتك مظلمة وباردة، ويمكنك أن تقرأ كتاباً أو تُدوّن الأشياء التي تشعر بالامتنان بشأنها قبل نومك مباشرة.


مقالات ذات صلة

لمرضى السكري... ابتعدوا عن هذه الفواكه في الصيف

صحتك رجل يختار حبات من الفواكه في إحدى الأسواق (أرشيفية-رويترز)

لمرضى السكري... ابتعدوا عن هذه الفواكه في الصيف

يمثل داء السكري حالة صحية مزمنة يعاني منها الجسم عندما يكون هناك كثير من الغلوكوز بالدم، بسبب نقص حاد في الإنسولين الذي ينتجه البنكرياس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك سياح يستريحون بالقرب من مجرى مائي أثناء سيرهم عبر وادي كوسيليسكا في جبال تاترا جنوب بولندا (إ.ب.أ)

دراسة تؤكد: النظر إلى الطبيعة يخفف الألم

أظهرت دراسة جديدة أن مشاهدة فيلمك الوثائقي المفضل عن الطبيعة أو النظر إلى الحياة البرية يمكن أن يخفف الألم جسدياً.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك الأطعمة شديدة المعالجة وعالية السعرات الحرارية تلعب دوراً مهماً في تطور السمنة (رويترز)

كيف تؤثر 5 أيام فقط من تناول الوجبات السريعة على دماغك؟

بعد يوم عمل طويل ومجهد، أو عند ضيق الوقت، قد يكون تناول وجبة خفيفة سريعة ومشبعة - مثل رقائق البطاطس أو لوح الشوكولاته - حلاً لذيذاً ومرضياً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
يوميات الشرق الرضا عن الحياة والسعادة انخفضا بين الشباب خلال العقد الماضي (أرشيفية)

دراسة: مرحلة الشباب «لم تعد من أسعد أوقات الحياة»

لأكثر من نصف قرن، كانت «أزمة منتصف العمر» سمة بارزة في المجتمعات، تتمثل في «ذروة بؤس» بين سن الأربعين والخمسين. لكن كل ذلك يتغير الآن، وفقاً للخبراء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق العقار تطوره شركتا «يور تشويس ثيرابيوتكس» و«كوشنت ساينسز» (أرشيفية)

أقراص لمنع الرجال من الإنجاب «توشك أن تصبح واقعاً»

قالت شركة تعمل على تطوير عقار يمنع الرجال من الإنجاب إن تجارب أولية على البشر أجريت على أقراص خالية من الهرمونات تمنع الرجال من الإنجاب تظهر أنها آمنة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض «شمس» لماركو بالومبي تحية مشرقة من لبنان إلى إيطاليا

صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)
صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)
TT
20

معرض «شمس» لماركو بالومبي تحية مشرقة من لبنان إلى إيطاليا

صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)
صورة الشمس التي استوحى منها اسم معرضه في بيروت (الشرق الأوسط)

يحتار المرء كيف يحدد معاني كلمة «شمس»، فهي تحمل الدفء والأمل والضوء والحرية وغيرها. ولكن المصور الفوتوغرافي الإيطالي، ماركو بالومبي، جمع فيها كل هذه الصفات في معرضه «شمس»، فأطلق عليه هذا الاسم تيمناً بلبنان المشرق والمضيء. يقول إنه هكذا تراءى له في عيون تلامذة مدارس زارهم في صفوفهم. ومتنقلاً بين مناطق لبنان ومن شماله إلى جنوبه اكتشف في ملامح الأولاد ضوءاً لا يخفت في عيونهم. مشروعه الفني يرتكز على جولات قام بها لمدارس تستفيد من مبادرات التعاون الإيطالي.

مجموعة من صور معرض ماركو بالومبي في متحف سرسق (الشرق الأوسط)
مجموعة من صور معرض ماركو بالومبي في متحف سرسق (الشرق الأوسط)

ويتضمّن معرض «شمس» في متحف سرسق أكثر من 50 صورة فوتوغرافية. وجميعها تتناول ملامح و«بورتريهات» لتلامذة تلك المدارس. قرأ في وجوههم كما يسرّ لـ«الشرق الأوسط» الصلابة والقوة. واستشفّ من سمات وجوههم أحلام المستقبل المشرقة. «طبعت ذاكرتي عيون هؤلاء الأولاد بشكل كبير. واكتشفت مدى صلابتهم وقوتهم وحبّهم للحياة. إنها تلمع بالنور والأمل ولا مجال لكسرها أو إحباطها».

مرّ ماركو بالومبي على مدارس في طرابلس وصور وصيدا وبيروت، توقف في ساحاتها وملاعبها، تواصل مع تلامذتها ولمس جمالية تنوع أطيافهم. فهم يمثّلون نموذجاً حيّاً عن لبنان المتنوع بطوائفه وبمجتمعاته. ويعلّق في سياق حديثه: «سبق أن زرت لبنان أكثر من مرة، وهذه الصور التي ترونها تعود إلى عام 2023 حتى اليوم. وفي زيارتي الأخيرة لهذا البلد استوقفني حماس الشباب، كما أعجبت ببنية المدرسة اللبنانية إلى حدّ كبير».

وفي مقارنة سريعة يجريها بالومبي بين مدارس إيطاليا ولبنان يخبرنا: «تلامذة المدارس في إيطاليا يتمتعون بالاكتفاء على أصعدة مختلفة. ولديهم كل ما يرغبون به من أدوات وقرطاسية وأجواء كي تحفّزهم على الدراسة. ولكن تلامذة لبنان لم أرهم يحملون سوى الكتاب فقط. وهو أمر رائع؛ لأنهم يركّزون على لبّ الهدف التعليمي. ومع ذلك رأيتهم مرتاحين وفرحين بما لديهم. والأهم هو أنهم يمثّلون حلم مستقبل لبنان الواعد. وهو أمر لمسته عن قرب سيما وأن عيونهم تلمع بالأمل».

وعن سبب إطلاقه اسم «شمس» على معرضه يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لفتتني إحدى تلامذة المدارس في صيدا تحمل رسماً لكوكب الشمس، عنونته بالفرنسية (سولاي)، وقدّمته في رسم بسيط ومعبّر. كانت سعيدة لحملها هذا الكوكب على ورقة. والأهم هو أن نور الشمس الذي رسمته كان ينعكس على وجهها. فألهمتني لإطلاق هذه التسمية على معرضي».

يتألّف معرض «شمس» من مجموعة فوتوغرافية لتلامذة لبنانيين (الشرق الأوسط)
يتألّف معرض «شمس» من مجموعة فوتوغرافية لتلامذة لبنانيين (الشرق الأوسط)

على مساحات شاسعة من صالة المعارض في متحف سرسق تتوزّع صور ماركو بالومبي. التقط في بعضها لغة دمار قاسية لم توفّر حتى المدارس. وفي غيرها نقل براءة تلميذ يشير إليه بصفته مصوراً أجنبياً. في حين حملت باقي الصور موضوعات متفرقة، بينها رسمة على حائط تجمع ما بين عبارة «للوطن» وعلم لبنان. وفي أخرى التقط نماذج لتلامذة ترك لعدسة كاميرته حرية التعبير عن محتواها. فهنا ولد يعمل على تطبيق بصري. وهناك مجموعة فتيات تلوّن أحلامهن على الورق.

وبينما صور معرض «شمس» تتصدّرها شخصيات منفردة، عزّز بعضها الثنائية، فالتقط صوراً لزميلتَيْن على مقاعد الدراسة. وكذلك لتلميذتَيْن تبتسمان بخجل وعيناهما على كاميرا بالومبي. ويتوقّف المصور الإيطالي أمام واحدة من الصور التي يحبّ: «إنها تبرز رسماً للعلم اللبناني وتبرز بوضوح هوية البلد الذي التقطت فيه هذه الصور. فأنا أنوي نقل هذا المعرض قريباً إلى إيطاليا. وهناك سيتعرّفون بسرعة إلى لبنان من خلال علمه».

بابلو إلى جانب الصورة التي يحب وتحمل العلم اللبناني (الشرق الأوسط)
بابلو إلى جانب الصورة التي يحب وتحمل العلم اللبناني (الشرق الأوسط)

تم تنظيم معرض «شمس» من قِبل مكتب الوكالة الإيطالية للتعاون والتنمية في بيروت، بمشاركة السفارة الإيطالية في لبنان. وتابع ماركو بالومبي على مدار عام كامل، بعثات رصد المشروعات الإيطالية. وزار المدارس ومراكز تعليم الكتابة والقراءة في جميع أنحاء لبنان. وسرد من خلال صوره الفوتوغرافية الوقع الإيجابي لهذه المبادرات على حياة الأطفال.

وتأتي صوره من ضمن مشروع أطلقته إيطاليا في لبنان عام 2023، وهدفه دعم نظام تعليم وتدريب مهني أكثر شمولاً وإدماجاً واستدامة في مجال التعليم. وهو يزيد من فرص الحصول على عمل محترف من خلال التدريب الجيد.

ويشير ماركو إلى أنه يختار شخصيات صوره تلقائياً ومن دون سابق تصميم. «عندما أدخل مكاناً ما يجذبني دفء ناسه. ربما نظرة أو ابتسامة أو حركة عفوية تلفتني فألتقطها بكاميرتي. فأنا لا أحب تصوير الأماكن الفارغة أو المقفلة. وأفضّل ممارسة التصوير في الشوارع التي تضج فيها الحياة».

والمعروف أن ماركو بالومبي اشتهر بتقاريره المصورة التي يروي فيها قصص الناس. عمل في مجال الريبورتاج المصور لتصاميم الأزياء والإعلانات التجارية. ونشرت أعماله في «لاريبوبليكا» و«لاستامبا» وصحف إيطالية أخرى. حاز على جائزة «بريميو أنيما» للتصوير الفوتوغرافي في عام 2023.

ويختم ماركو بالومبي لـ«الشرق الأوسط»: «سأتذكر لبنان دائماً مشرقاً بضحكات وابتسامات أولاده. إنه بلد رائع، ولا بد أن أقوم فيه بمشروعات تصويرية مستقبلية».