سجلت الأسهم الآسيوية ارتفاعاً، يوم الخميس، حيث تمسك المستثمرون بآمال تهدئة التوترات التجارية بعد أن أعلن البيت الأبيض، يوم الأربعاء، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيعفي شركات صناعة السيارات من الرسوم الجمركية العقابية البالغة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسيك لمدة شهر، شريطة التزامها بقواعد التجارة الحرة الحالية. ويشمل هذا الإعفاء شركات «فورد» و«جنرال موتورز» و«ستيلانتس»، وهو التطور الذي ساعد في وقف أسوأ تراجع لأسواق «وول ستريت» فيما يقرب من ثلاثة أشهر، على الأقل في الوقت الراهن.
وارتفع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 0.8 في المائة ليصل إلى 37.704.93 نقطة، مدعوماً بمكاسب أسهم شركات صناعة السيارات اليابانية في التعاملات الأميركية، رغم تراجع أسهم «تويوتا موتور كورب» في بورصة طوكيو بنسبة 1 في المائة. وعلى الجانب الآخر، صعدت أسهم «هوندا موتور كورب» بنسبة 2 في المائة، بينما ارتفعت أسهم «نيسان موتور» بنسبة 1.1 في المائة، وفق وكالة أسوشييتد برس.
وفي هونغ كونغ، قفز مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 3.3 في المائة إلى 24.362.68 نقطة، مدعوماً بتقارير الدورة التشريعية السنوية في الصين، التي أظهرت التزام بكين بتعزيز الإنفاق الاستهلاكي والطلب المحلي. كما ارتفع مؤشر «شنغهاي» المركب بنسبة 1.2 في المائة ليصل إلى 3.381.10 نقطة.
وفي كوريا الجنوبية، صعد مؤشر «كوسبي» بنسبة 0.7 في المائة إلى 2.576.16 نقطة، بينما تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز/إيه إس إكس 200» في أستراليا بنسبة 0.6 في المائة ليصل إلى 8.094.70 نقطة. كما انخفض مؤشر «تايكس» في تايوان بنسبة 0.7 في المائة، وتراجع مؤشر بورصة «بانكوك» بنسبة 0.6 في المائة.
وفي أسواق السندات، شهدت السندات الحكومية اليابانية انخفاضاً حاداً، متأثرة بأكبر موجة بيع للسندات الألمانية طويلة الأجل منذ عقود، وذلك بعدما وافقت الأحزاب المشاركة في محادثات تشكيل الحكومة الجديدة في ألمانيا على تخفيف القيود المالية.
«وول ستريت» تنتعش بفضل قطاع السيارات
وفي تداولات يوم الأربعاء، قادت مكاسب أسهم «فورد موتور» و«جنرال موتورز» ارتفاعات «وول ستريت»؛ حيث صعد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.1 في المائة ليغلق عند 5.842.63 نقطة، بينما أضاف مؤشر «داو جونز» الصناعي 1.3 في المائة ليصل إلى 43.006.59 نقطة. كما ارتفع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 1.6 في المائة ليغلق عند 18.552.73 نقطة.
وأعلن ترمب عن الإعفاء الجمركي بعد التشاور مع كبرى شركات السيارات الأميركية، مثل «فورد» و«جنرال موتورز» و«ستيلانتس» (المالكة لكرايسلر)، مما أثار ارتياح الأسواق ودفع أسهم هذه الشركات إلى الارتفاع بأكثر من 5 في المائة.
وكانت المخاوف تتزايد من أن فرض رسوم جمركية إضافية لن يؤثر فقط على أرباح الشركات، بل سيرفع أيضاً أسعار السيارات، مما يزيد الضغوط على الأسر الأميركية التي تعاني بالفعل من التضخم المرتفع. غير أن التوقعات تشير إلى أن ترمب قد يستخدم هذه الرسوم كورقة ضغط تفاوضية، وربما يتجه إلى حلول أقل تأثيراً على الاقتصاد والتجارة العالمية.
التوترات التجارية لا تزال قائمة
ورغم التراجع عن بعض الرسوم الجمركية، لم يتخلَّ ترمب عن جميع الرسوم التي أعلنها على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، بما في ذلك الصين. فقد أكد خلال خطاب أمام الكونغرس يوم الثلاثاء أنه سيمضي قدماً في فرض رسوم جديدة، من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 2 أبريل (نيسان).
وأثار ذلك موجة من عدم اليقين في الأسواق، خاصة بعد تصريحاته يوم الاثنين بأنه «لم يعد هناك مجال للتفاوض». وقد أدى هذا الغموض إلى اضطرابات في «وول ستريت»؛ حيث شهدت السوق الأميركية انخفاضاً حاداً يوم الثلاثاء نتيجة تصاعد المخاوف بشأن هذه الرسوم.
وبغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن مجرد التهديد بفرض رسوم جمركية يضغط على الشركات والأسر الأميركية. فقد تراجعت ثقة المستهلك بشكل كبير، وسط مخاوف من أن يؤدي تصاعد الرسوم إلى تفاقم التضخم. وبحسب المصنعين الأميركيين، فإن حالة عدم اليقين بشأن السياسات التجارية تعوق نموهم، مما قد يهدد الاقتصاد الأميركي.
مخاوف من «الركود التضخمي»
أظهرت التقارير الاقتصادية الصادرة يوم الأربعاء صورة متباينة للاقتصاد الأميركي. فقد أشار تقرير صادر عن «إيه دي بي» إلى تباطؤ حاد في وتيرة التوظيف خلال الشهر الماضي، وهو ما قد يكون مؤشراً على ضعف في سوق العمل قبل صدور التقرير الرسمي من وزارة العمل يوم الجمعة.
وفي المقابل، أظهر تقرير آخر أن قطاعي التمويل والعقارات في الولايات المتحدة يحققان أداءً أفضل من المتوقع، إلا أن الشركات أعربت عن قلقها إزاء «الفوضى وعدم اليقين» الناجمين عن الرسوم الجمركية، وفقاً لمعهد إدارة التوريد.
وقد أدى توالي البيانات الاقتصادية الضعيفة إلى تصاعد المخاوف من سيناريو «الركود التضخمي»، وهو وضع نادر يجمع بين ركود اقتصادي وارتفاع في التضخم. فإذا تباطأ الاقتصاد، قد يلجأ الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو، لكن ذلك قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم، خاصة إذا تسببت الرسوم الجمركية في رفع أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود.
