كيف أصبح غزّيون مواطنين في إسرائيل بعد 7 أكتوبر؟

بينهم أطفال لوالدين أحدهما من القطاع والآخر يحمل جنسية إسرائيلية

توابيت رمزية يحملها عرب إسرائيل في تل أبيب احتجاجاً على جرائم العنف بالمجتمع العربي أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
توابيت رمزية يحملها عرب إسرائيل في تل أبيب احتجاجاً على جرائم العنف بالمجتمع العربي أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
TT
20

كيف أصبح غزّيون مواطنين في إسرائيل بعد 7 أكتوبر؟

توابيت رمزية يحملها عرب إسرائيل في تل أبيب احتجاجاً على جرائم العنف بالمجتمع العربي أغسطس 2023 (أ.ف.ب)
توابيت رمزية يحملها عرب إسرائيل في تل أبيب احتجاجاً على جرائم العنف بالمجتمع العربي أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

منذ كانت في السادسة من عمرها انتقلت بسنات وحيدي (24 عاماً) للعيش في قطاع غزة، على الرغم من أنها ولدت في إسرائيل لوالدين أحدهما عربي يحمل جنسية الدولة العبرية، والآخر من سكّان غزّة.

نشأت وحيدي في غزّة وتزوّجت من أحد أبناء القطاع، وأنجبت أطفالاً لم تكترث بإضافتهم إلى سجلّ السكّان الإسرائيليّ؛ غير أنها بعد اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فكرت في استخدام «حقوق المواطنة» للحصول على حقّ دخول الأراضي الخاضعة للسلطات الإسرائيلية، ونالت بالفعل حكماً قضائياً تحول إلى سابقة تتيح لعدد من الغزّيّين أصحاب الأوضاع الشبيهة أن يتمّ استيعابهم بصفتهم مواطنين في إسرائيل.

والحديث يدور هنا عن نساء حملت - لأسباب مختلفة - المواطنة الإسرائيليّة، كما أنهن عشنَ في قطاع غزّة معظم حياتهنّ وهن بالغات، وأنشأنَ عائلات وربّين أطفالهن واعتبرنَ قطاع غزّة وسلطة «حماس» مركزَ حياتهنّ.

اليمين يهاجم

لكن الآن، يطالب اليمين الإسرائيلي رئيس وزرائه، بنيامين نتنياهو، بإعادة مئات الفلسطينيين ممن سكنوا غزة وقدموا للسكنى في إسرائيل بعد الحرب، إلى القطاع، ويعدّونهم من وجهة نظرهم «قنبلة موقوتة» ضد أمن إسرائيل.

أحد هؤلاء، الكاتب عكيفا بيغمان، المقرب من الحكومة، الذي كتب: «في الوقت الذي يقاتل فيه الجيش الإسرائيليّ ضدّ (حماس)، أذعنت وزارة الداخليّة لتنظيمات يساريّة، وسمحت لسكّان من غزّة أن يصبحوا مواطنين في إسرائيل، وأن يحصلوا على كامل الحقوق الاجتماعيّة والمدنية».

مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل أغسطس 2023 احتجاجاً على انتشار الجريمة في البلدات العربية (أ.ف.ب)
مواطنون عرب يتظاهرون في إسرائيل أغسطس 2023 احتجاجاً على انتشار الجريمة في البلدات العربية (أ.ف.ب)

وتتولى منظمتان حقوقيتان هما: «هموكيد - مركز الدفاع عن الفرد»، و«غيشا - مسلك»، مساعدة المتضررين أمام سلطات الجيش والقضاء لإتاحة ذلك.

وبحسب السابقة القضائيّة التي أصدرتها «المحكمة العليا الإسرائيلية» فإنه يحقّ لوحيدي وأطفالها الدخول إلى إسرائيل بصفتهم مواطنين عاديّين.

سيدة أخرى، واجهت المسار ذاته هي نجوى بيّاري (23 عاماً)، التي ولدت لأب عربي يحمل الجنسية الإسرائيليّة وأم من غزّة.

انتقلت بيّاري إلى العيش في القطاع وهي في الثالثة من عمرها، وفي شهر مارس (آذار) 2024 طلبت الدخول إلى إسرائيل. ولأنّها لم تُسجّل بتاتاً بصفتها إسرائيليّة ولأنّها لا تملك وثائق تثبت هويّتها هذه، قرّرت المحكمة أنّ بإمكانها أن تقوم بذلك بشرط أن تخضع لفحص وراثيّ يثبت صلتها بوالدها.

وقد كتب المحامي أهارون مايلز كورمان، ممثل منظمتي: «هموكيد» و«غيشا»، في رسالة وجهها يوم 15 أكتوبر 2023، للضابط غسّان عليّان، منسّق عمل الحكومة الإسرائيليّة في الأراضي الفلسطينيّة، يقول: «من واجب إسرائيل الدفاع عن حياة مواطنيها وسكّانها الذين خرجوا إلى غزّة... والذين لا يستطيعون الخروج من قطاع غزّة الآن. فهناك بضع مئات من المواطنين والسكّان من دولة إسرائيل، دخلوا مع تصاريح دخول إسرائيلية إلى القطاع، ومن بينهم من يرتبطون بشريك حياة من غزّة».

وتابع: «الآن مع اندلاع الحرب يخشى هؤلاء المواطنون والسكّان الإسرائيليّون على حياتهم ويطالبون بإعادتهم».

الحالات بالعشرات

وبناء على الجهد المتتابع للمنظمات الحقوقية، وبعد تقديم ثلاث دعاوى التماس إلى المحكمة، دخلت المجموعة الأولى إلى إسرائيل خلال أقلّ من شهر في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، وبعد أسابيع قليلة، في 6 ديسمبر (كانون الأوّل)، دخلت مجموعة ثانية، ومجموعة ثالثة في 19 فبراير (شباط) 2024.

وبلغ مجموعهم في المجموعات الثلاث 102 شخص، نحو نصفهم من الأطفال الذين حصلوا على المواطنة بالاعتماد على فحص جينيّ أجروه في إسرائيل.

عرب في إسرائيل خلال مظاهرة ضد تهجير الغزيين 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)
عرب في إسرائيل خلال مظاهرة ضد تهجير الغزيين 8 فبراير الحالي (أ.ف.ب)

وفي شهر مايو (أيار) الماضي وصلت مجموعتان إضافيّتان: الأولى مكوّنة من 20 من سكّان غزّة، والثانيّة من 12 من سكّان غزّة، حيثُ إنّ أحد «الأطفال» المشمولين شخص يبلغ من العمر 18 عاماً. وفي شهر يونيو (حزيران) دخلت مجموعة أخرى، عددها غير معروف.

هجرة معاكسة

وبالعودة إلى الكاتب اليميني بيغمن فإنه يقول: «تبدو هذه القصّة للوهلة الأولى نسجاً من خيال مُضطرب وغير مترابط، لكنّها تحصل بالفعل خلال حرب السيوف الحديديّة، وبعد وقت قصير من المذبحة المروّعة التي قامت بها (حماس)، وافقت دولة إسرائيل على دخول المئات من سكّان غزّة إلى أراضيها، بحيثُ يحصلون على المواطنة الإسرائيليّة وعلى كامل الحقوق الاجتماعيّة المترتّبة على ذلك».

ويشير الكاتب اليميني إلى أن ما يزعجه أكثر هو أنه قبل هذه الهجرة إلى إسرائيل، تعاني المدن اليهودية من هجرة معاكسة.

وبحسب معطيات دائرة الإحصاء المركزيّ في القدس، لعام 2024، كانت هناك هجرة سلبية من جميع المدن اليهوديّة الكبيرة إلى خارج البلاد.

مظاهرة في تل أبيب نظمتها حركة «السلام معاً» للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)
مظاهرة في تل أبيب نظمتها حركة «السلام معاً» للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة (أ.ف.ب)

وعلى سبيل المثال سُجّلت في تل أبيب مُغادرة 3.390 من السكّان، وفي حيفا سُجّلت مغادرة 1.021 من السكّان، وفي رمات غان 878، وفي ريشون لتسيون 828.

ويقول بيغمن: «إنها ظاهرة مفهومة (أي الهجرة المعاكسة) في ظلّ الحرب. لكن في المدن والقرى العربيّة في إسرائيل سُجّل اتّجاه مُعاكس في الهجرة إلى الداخل من خارج البلاد إلى هذه القرى تحديداً، وصل إلى كفر مندا 48 مهاجراً، ووصل إلى شقيب السلام 32 مهاجراً، وإلى كفر قاسم 25 مهاجراً، وإلى قلنسوة 22، وإلى الكسيّفة 16، وغيرهم. ومع أنه لا توجد معطيات رسميّة حول البلدان الأصليّة لهؤلاء المهاجرين، لكن الافتراض أنّ جزءاً كبيراً منهم وصل من مناطق السلطة الفلسطينيّة ومن قطاع غزّة هو افتراض معقول».


مقالات ذات صلة

منظمة إسرائيلية: الجيش دمر مبانيَ وحقول غزة «بشكل ممنهج»

المشرق العربي جندي إسرائيلي يثبت لغماً على أحد أعمدة مبنى بقطاع غزة خلال العمليات العسكرية (الجيش الإسرائيلي) play-circle

منظمة إسرائيلية: الجيش دمر مبانيَ وحقول غزة «بشكل ممنهج»

قال جنود إسرائيليون خدموا في قطاع غزة إنهم دمروا بشكل منهجي المباني والحقول الزراعية؛ لإنشاء منطقة عازلة مترامية الأطراف داخل القطاع في الأشهر الأولى من الحرب.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا صورة مأخوذة من فيديو استُعيد من هاتف أحد عمال الإغاثة الذي قُتل في غزة إلى جانب منقذين آخرين ونشرته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني 5 أبريل 2025... تُظهر سيارات إسعاف وأضواء الطوارئ تومض (أ.ف.ب) play-circle

ألمانيا تدعو إلى فتح تحقيق بمقتل مسعفين في غزة بضربات إسرائيلية

دعت الحكومة الألمانية اليوم (الاثنين)، إلى فتح تحقيق «عاجل» في مقتل مسعفين وعمال في الشأن الإنساني، في غزة، إثر ضربات إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا مركبات عسكرية إسرائيلية ودخان كثيف جرَّاء قصف قطاع غزة (أ.ف.ب)

بريطانيون يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة

يواجه 10 مواطنين بريطانيين اتهامات بارتكاب جرائم حرب، بعد قتالهم في صف الجيش الإسرائيلي في غزة؛ إذ يقدِّم مجموعة من المحامين والباحثين البريطانيين شكوى ضدهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية فلسطينيون بموقع تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)

تقديرات ترجح استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال أسابيع

أفادت تقديرات للجيش الإسرائيلي نشرت، اليوم (الاثنين)، بأن إسرائيل بصدد الاستعداد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال أسابيع، وفي بعض الحالات…

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رجل يمر أمام متاجر مغلقة خلال إضراب عام احتجاجاً على القصف الإسرائيلي على غزة في البلدة القديمة بالقدس (رويترز)

إضراب شامل يعُم المحافظات الفلسطينية تنديداً بالعدوان الإسرائيلي على غزة

عمَّ إضراب شامل المحافظات الفلسطينية، اليوم، تنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وللمطالبة بوقف المجازر والقصف الذي يستهدف منازل المواطنين.

«الشرق الأوسط» (رام الله )

تقديرات ترجح استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال أسابيع

فلسطينيون بموقع تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)
فلسطينيون بموقع تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)
TT
20

تقديرات ترجح استئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة خلال أسابيع

فلسطينيون بموقع تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)
فلسطينيون بموقع تعرض لغارة إسرائيلية في دير البلح (أ.ب)

أفادت تقديرات للجيش الإسرائيلي نشرت، اليوم (الاثنين)، بأن إسرائيل بصدد الاستعداد للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال أسابيع، وفي بعض الحالات خلال وقت أقرب، بعد أن خلصت مناقشات عسكرية رفيعة المستوى إلى أن النقص الحاد في الإمدادات الأساسية بالقطاع يستلزم إعادة استئناف إدخال المساعدات الإنسانية لتجنب حدوث انتهاكات للقانون الدولي.

وأبلغ الجيش الإسرائيلي أعضاء الكنيست أنه يقترب من المرحلة التي «لن يكون فيها أمامنا خيار سوى استئناف إدخال المواد الغذائية والوقود والأدوية إلى القطاع، إلا إذا كنا نخاطر عمداً بمواجهة العواقب القانونية» وفقاً لما ذكرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» على موقعها على الإنترنت «واي نت».

وكانت الأمم المتحدة قالت نهاية الشهر الماضي إن مخابز غزة سينفد منها الدقيق في غضون أسبوع. وقد خفَّضت الوكالات توزيعات الغذاء على العائلات إلى النصف. والأسواق خالية من معظم الخضراوات. ولا يستطيع كثير من عمال الإغاثة التنقل؛ بسبب القصف الإسرائيلي.

وعلى مدار 4 أسابيع، أغلقت إسرائيل جميع مصادر الغذاء والوقود والأدوية وغيرها من الإمدادات لسكان قطاع غزة، الذين يزيد عددهم على مليوني فلسطيني. وهذا هو أطول حصار حتى الآن في الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ 17 شهراً، ولا توجد أي علامة على انتهائه، وفق تقرير سابق من وكالة «أسوشييتد برس».