شواطئ ليبيا تجتذب أفواج المهاجرين رغم الصقيع والمحاذير الأمنية

إنقاذ 112 شخصاً من الغرق في «المتوسط»

شواطئ ليبيا تجتذب أفواج المهاجرين رغم الصقيع والمحاذير الأمنية
TT
20

شواطئ ليبيا تجتذب أفواج المهاجرين رغم الصقيع والمحاذير الأمنية

شواطئ ليبيا تجتذب أفواج المهاجرين رغم الصقيع والمحاذير الأمنية

تتجاهل قطاعات واسعة من المهاجرين غير النظاميين الفارين من دولهم، المحاذير الأمنية وموجة الصقيع التي تمر بها البلاد، ويستهدفون المدن القريبة من الشواطئ المُطلة على البحر المتوسط بقصد الهجرة إلى أوروبا.

وتضبط الأجهزة الأمنية الليبية وبشكل متكرر «عشرات المهاجرين» في أماكن سرية، أو تعترض وتُعيد غيرهم من البحر إلى مراكز إيواء رسمية، في حين يتمكن آخرون من التسلل والهرب باتجاه شواطئ أوروبية.

مهاجرون تشاديون قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)
مهاجرون تشاديون قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

وتقول السلطات الليبية إنها تبذل «جهوداً واسعة وتفرض إجراءات صارمة»، لمكافحة عمليات تهريب المهاجرين التي عادة ما تنشط في فصل الشتاء؛ اعتقاداً من المهربين بضعف الرقابة. لكن ذلك لم يمنع الإعلان عن ضبط وإنقاذ مهاجرين في البحر، بعد انطلاق قواربهم من شواطئ ليبية.

ويقول مسؤول أمني بغرب ليبيا لـ«الشرق الأوسط»، إن العصابات المتاجرة بالبشر «لا تزال تستقطب عشرات المهاجرين غير القانونيين، وتجني من ورائهم أموالاً طائلة بوهم تسهيل هجرتهم إلى أوروبا».

وأشار المسؤول الأمني، إلى أن تلك العصابات «تحصل من المهاجر على قرابة 10 آلاف دولار لإطلاق سراحه إذا كان مخطوفاً لديها، ونصف هذا المبلغ لمساعدته في الهروب عبر البحر».

وأعلنت منظمة «إس أو إس ميديترانيه» غير الحكومية، المُستأجرة سفينة «أوشن فايكينغ»، إنقاذ 112 شخصاً قبالة سواحل ليبيا في عمليتَين بين يومي السبت والأحد الماضيين.

وقالت المنظمة التي يقع مقرّها في مرسيليا بجنوب شرقي فرنسا، مساء الأحد، إن السفينة ساعدت في البداية قارباً مصنوعاً من الألياف الزجاجية أثناء الليل وأنقذت 25 مهاجراً من بينهم ثلاث نساء، إحداهن حامل، وتم إنقاذ 87 آخرين، الأحد، كانوا على متن قارب خشبي بالتنسيق مع السلطات الإيطالية.

مهاجرون تشاديون قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)
مهاجرون تشاديون قبيل ترحيلهم من ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

وأفادت المنظمة، بأن الأشخاص الذين أُنقذوا كانوا بمعظمهم من بنغلادش والصومال ومصر، منوهة إلى أن السفينة اتجهت نحو ليفورنو في توسكانا، وهو ميناء خصصته السلطات الإيطالية على مسافة أكثر من ألف كيلومتر من منطقة الإنقاذ.

وبحسب أحدث الأرقام الصادرة عن «المنظمة الدولية للهجرة»، فُقد أو قضى 129 شخصاً في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية العام الحالي أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا.

وفي عام 2024، فُقد وقضى 2333 مهاجراً في البحر المتوسط، الغالبية العظمى منهم في وسط البحر الأبيض المتوسط، الذي يظل أحد أخطر طرق الهجرة في العالم.

ولم تعلن السلطات الأمنية المعنية بالهجرة في ليبيا عن عملية إنقاذ المهاجرين الـ112، لكن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، قال الاثنين، إن مكتب الترحيلات التابع للجهاز رحّل «مهاجرين غير نظاميين» من الجنسية التشادية بعد إتمام إجراءات الإبعاد عن الأراضي الليبية؛ وذلك لمخالفتهم القوانين المعمول بها لدى الدولة الليبية، منوهاً إلى استمرار عمليات الترحيل.

وعادة ما تعلن المنظمات الدولية المعنية بالهجرة، عن اعتراض وإعادة مهاجرين غير نظاميين من البحر إلى السواحل الليبية بعد انطلاق قواربهم من البلاد، وذلك قبل وصولهم إلى اليابسة الأوروبية.

عناصر الفريق الميداني خلال عمليات استخراج الجثث من «مقابر جماعية» (مركز طب الطوارئ والدعم)
عناصر الفريق الميداني خلال عمليات استخراج الجثث من «مقابر جماعية» (مركز طب الطوارئ والدعم)

وتحولت ليبيا طريق عبور للمهاجرين الفارين من الصراعات والفقر إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وأعلنت الأجهزة الأمنية خلال الأيام الماضية «تحرير» مئات المهاجرين من قبضة عصابات تتاجر بالبشر، كانوا محتجزين «في ظروف إنسانية وصحية سيئة للغاية»، كما تم اكتشاف «مقابر جماعية» تضم جثث العشرات منهم.

ويشير المسؤول الأمني، إلى أن ليبيا «لا تزال تشهد تدفق أفواج من المهاجرين»، وأرجع ذلك «إلى اتساع عمل العصابات وقدرتها على جلب مئات المهاجرين من دول أفريقية».

ولفت إلى وجود مئات الألوف من المهاجرين طلقاء في شوارع ليبيا، منوهاً إلى تصريح سابق لعماد الطرابلسي، وزير الداخلية المكلف بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، أشار فيه إلى ارتفاع عدد الوافدين غير الشرعيين إلى 3.5 مليون مهاجر، وهو الرقم الذي شككت فيه منظمات وحقوقيون ليبيون، باعتبار أنه «لم يستند إلى إحصاء رسمي».

وفي السابع من فبراير (شباط) الحالي، قال الهلال الأحمر الليبي، إن فريقاً تابعاً له انتشل جثث عشرة مهاجرين بعد غرق قاربهم قبالة ميناء ديلة في مدينة الزاوية على بعد نحو 40 كيلومتراً من العاصمة طرابلس.

ونشر الهلال الأحمر صوراً تظهر متطوعين على رصيف الميناء وهم يضعون الجثث في أكياس بلاستيكية بيضاء، في حين كان أحدهم يقوم بكتابة أرقام على أحد الأكياس. وفي الأثناء ذاتها، أعلن انتشال عشرات الجثث التي عثر عليها في «مقابر جماعية»، كانت عصابات تخلصت منهم بعدما عجزت أسرهم عن دفع الفدية المطلوبة والمقدرة بـ10 آلاف دولار، بحسب مديرية أمن الواحات.


مقالات ذات صلة

ليبيا: البعثة الأممية ترعى استحداث آلية تنسيق إقليمية معنية بالحدود

شمال افريقيا خوري تترأس اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)

ليبيا: البعثة الأممية ترعى استحداث آلية تنسيق إقليمية معنية بالحدود

تحدثت البعثة الأممية في ليبيا عن «اختيار مقر المركز المشترك للتواصل وتبادل المعلومات في طرابلس، والتخطيط لإنشاء مركز مماثل في بنغازي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من اجتماع «المركزي» في مقره ببنغازي مع حكومة حمّاد (الحكومة)

«المركزي» لتفكيك تعقيدات الإنفاق «المزدوج» بين حكومتي ليبيا

في لقاءين متتابعين ما بين مقري المصرف في طرابلس وبنغازي، أجرى «المركزي الليبي» مباحثات مع رئيسي الحكومتين الدبيبة، وحمّاد، تمحورت حول ضرورة ترشيد الإنفاق.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا اجتماع ديوان المحاسبة برئاسة شكشك (الديوان)

​«الرئاسي» الليبي يهدّد بإجراءات لحسم نزاع «النواب» و«الدولة»

دعا المجلس الرئاسي الليبي مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة» إلى سرعة تجاوز خلافاتهما والسمو فوق المصالح الضيقة والآنية

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا عقيلة صالح مستعرضاً مشروع الميزانية مع أسامة حماد (مكتب صالح)

ليبيا: حكومة حمّاد تواجه انتقادات بعد تقديمها «ميزانية ضخمة»

تواجه حكومة أسامة حمّاد، المكلفة من مجلس النواب الليبي، جملة انتقادات لكونها «لم تراعِ الواضع المالي للبلاد».

جاكلين زاهر (القاهرة)
شمال افريقيا صورة وزعها المجلس الأعلى للدولة لاجتماعه برئاسة تكالة في طرابلس

«الأعلى للدولة» الليبي يعمّق الانقسام بتنصيب رئيس جديد لـ«المحاسبة»

في غياب أي بيان من مجلس النواب الليبي، أعلن عددٌ من أعضائه تأجيل جلسته، التي كانت مقررةً الثلاثاء، إلى الأسبوع المقبل، بسبب تعذر مثول محافظ المركزي أمامه.

خالد محمود (القاهرة)

ليبيا: البعثة الأممية ترعى استحداث آلية تنسيق إقليمية معنية بالحدود

خوري تترأس اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)
خوري تترأس اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)
TT
20

ليبيا: البعثة الأممية ترعى استحداث آلية تنسيق إقليمية معنية بالحدود

خوري تترأس اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)
خوري تترأس اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)

قالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن اجتماعاً أمنياً رعته انتهى إلى بحث مقترح لاستحداث آلية إقليمية، معنية بالتنسيق الفني والميداني بين السلطات المختصة بأمن الحدود الليبية مع دول الجوار.

وأوضحت البعثة في بيان، مساء الأربعاء، أن الفريق الفني التنسيقي المشترك لأمن الحدود، الذي يضم ضباطاً أمنيين وعسكريين من أنحاء ‫ليبيا، أنهى اجتماعاته بحضور نائبة الممثل الخاص للشؤون السياسية، ستيفاني خوري، والرؤساء المشاركين في مجموعة العمل الأمنية لـ«عملية برلين» بشأن ليبيا.

‏وأشارت البعثة إلى أن الفريق الفني أطلع الحضور على الأعمال التي أجراها خلال الأشهر القليلة الماضية، و«توّجت بخطوات عملية»، مبرزاً أن من بينها «اختيار مقر المركز المشترك للتواصل وتبادل المعلومات في طرابلس، والتخطيط لإنشاء مركز مماثل في بنغازي».

جانب من اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)
جانب من اجتماع الفريق الفني الليبي بحضور «مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)

كما كشفت البعثة عن أن الفريق الفني التقى مع ممثلين عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والمنظمة الدولية للهجرة، وقالت إنه استعرض «مجمل الجهود المشتركة لأمن الحدود والهجرة غير النظامية، ومكافحة الإرهاب ومناقشة الدعم المطلوب».

وبخصوص أمن الحدود الليبية، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إنها كلفت دوريات متجولة تابعة للقاطع الأمني نالوت في جهاز حرس الحدود، بدعم التمركزات الاستراتيجية على الحدود مع تونس، بهدف تكثيف أعمال المراقبة، ومكافحة ظاهرتي التهريب والهجرة غير المشروعة.

وأوضحت الداخلية أن هذه الخطوة تأتي ضمن خطة أمنية متكاملة، تهدف إلى «تعزيز السيطرة الأمنية على الشريط الحدودي، وحماية الأمن الوطني».

الفريق الفني الليبي بحضور خوري و«مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)
الفريق الفني الليبي بحضور خوري و«مجموعة العمل» المنبثقة عن «عملية برلين» (البعثة)

في غضون ذلك، بحث مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني، مع الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، هانا تيتيه، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك المستجدات الإقليمية وتأثيرها على ليبيا ودول الجوار.

وقال السني عبر حسابه على منصة «إكس»، الأربعاء: «سعدت بهذا اللقاء الذي استعرضت خلاله المبعوثة نتائج اجتماعاتها ومشاوراتها، التي أجرتها في ليبيا بعد توليها منصبها، وذلك في إطار مساعيها لدعم الجهود الوطنية لإيجاد حل سياسي، شامل للأزمة الراهنة في ليبيا». كما تم استعراض التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تمر بها ليبيا.

وقال السني بهذا الخصوص: «أكدنا أهمية دورها في الفترة المقبلة في إطار دعم القيادة والملكية الليبية للحل، مع ضرورة دعم المبادرات الوطنية لإنهاء المراحل الانتقالية، والوصول إلى الانتخابات»، مشيراً إلى أنه تم التطرق إلى المستجدات الإقليمية وتأثيرها على ليبيا ودول الجوار، و«أهمية إنهاء الأزمة الراهنة في ليبيا، مما يسهم في استقرار المنطقة».

وكانت البعثة الأممية قد أصدرت بياناً توعوياً يتعلق بسبل مكافحة «خطاب الكراهية»، الذي وصفته بـ«المؤذي والخطير»، متسائلة باللهجة الليبية: «شن هو خطاب الكراهية؟».

وأجابت البعثة عن سؤالها، موضحة أن هذا الخطاب هو «أي نوع من أنواع التواصل، البث، النشر الشفهي، أو الكتابي أو السلوكي، الذي يهاجم أو يستخدم لغة مهينة، أو تمييزية بالإشارة إلى شخص، أو مجموعة أشخاص على أساس الهوية».

وزادت البعثة في تعريف خطاب الكراهية بأنه الترصد «على أساس الدين، أو الانتماء الإثني أو الجنسية أو العرق، أو اللون أو الأصل أو الجنس، أو أحد العوامل الأخرى المحددة للهوية».

وتساءلت البعثة عن الفرق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، ورأت أن الأولى هي «حجر الزاوية لحقوق الإنسان وركيزة للمجتمعات الحرة والديمقراطية، لكنّ هناك فرقاً بين حرية التعبير، والتحريض على التمييز والعداوة والعنف، وهو أمر محظور بموجب القوانين المحلية والتشريعات الدولية، وكذلك الأعراف المجتمعية والقيم الدينية».

جانب من لقاء السني وتيتيه (حساب السني على إكس)
جانب من لقاء السني وتيتيه (حساب السني على إكس)

وقالت البعثة إن «التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير. بل يعني منعه من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة على الأفراد والمجتمعات»، موضحة أن خطاب الكراهية «أسهم في التمهيد لجرائم مروعة، بما في ذلك الحروب والإبادة الجماعية».

وانتهت البعثة إلى أن «تسليح الخطاب العام من أجل تحقيق مكاسب سياسية ليس بالأمر الجديد للأسف. ويمكن أن يؤدي خطاب الكراهية والمعلومات المضللة إلى التمييز والتحقير، والعنف على نطاق واسع ومدمر».