​«الرئاسي» الليبي يهدّد بإجراءات لحسم نزاع «النواب» و«الدولة»

عقب أزمة تعيين رئيس جديد لديوان المحاسبة

اجتماع ديوان المحاسبة برئاسة شكشك (الديوان)
اجتماع ديوان المحاسبة برئاسة شكشك (الديوان)
TT

​«الرئاسي» الليبي يهدّد بإجراءات لحسم نزاع «النواب» و«الدولة»

اجتماع ديوان المحاسبة برئاسة شكشك (الديوان)
اجتماع ديوان المحاسبة برئاسة شكشك (الديوان)

دعا المجلس الرئاسي الليبي، مجلسي «النواب» و«الأعلى للدولة»، إلى سرعة تجاوز خلافاتهما، والعمل على التوافق العاجل حول تسمية شاغلي المناصب السيادية، وفق ما نص عليه الاتفاق السياسي، وبما يتماشى مع معايير الكفاءة والحياد والشفافية، تفادياً لانزلاق البلاد في أزمة جديدة، تُضاف إلى ما يعانيه المواطن الليبي من أزمات متراكمة.

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي (رويترز)

وهدد «الرئاسي» في بيان، مساء الثلاثاء، بأنه سيضطر انطلاقاً مما وصفه بمسؤولياته الوطنية، إلى اتخاذ ما يلزم من خطوات، لم يحددها، لمعالجة هذا القصور، بما يضمن الحفاظ على وحدة الوطن ومؤسساته، وضمان السير قُدماً نحو الاستقرار والتوافق، مُحذراً من أن استمرار حالة الجمود والتأخر في تنفيذ الاستحقاقات الوطنية «لن يُقابل بموقف المتفرج».

وقال «الرئاسي» إنه يتابع بقلق بالغ ما تشهده الساحة السياسية من تصعيد غير مبرر، من خلال خطوات أحادية الجانب تقابلها أخرى من بعض المؤسسات، الأمر الذي من شأنه أن ينسف حالة الاستقرار النسبي التي تعيشها البلاد. مجدداً حرصه على استكمال تنفيذ خريطة الطريق للحل السياسي الشامل، ولا سيما المواد المتعلقة بتوحيد المؤسسات السيادية في مهل زمنية محددة.

اجتماع عيسى مع أعضاء مجلس النواب (المصرف المركزي)

بدوره، دعا رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، إلى عدم الاعتداد بقرار محمد تكالة بشأن تكليفه رئيساً جديداً لديوان المحاسبة، وذلك «لمخالفته للقانون والاتفاق السياسي».

وطلب صالح في رسالة حملت توقيع مبروك رافع، مدير مكتبه، من رؤساء حكومة الاستقرار الموازية، وهيئة الرقابة الإدارية، وديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، والمجلس الأعلى للقضاء، والنائب العام، وكذلك محافظ مصرف ليبيا المركزي، بعدم الاعتداد بقرار تكالة، وأوضح أنه «حتى لو تم التشاور مع مجلس الدولة فيما يتعلق بتكليف رؤساء المناصب السيادية، فإن قرار التكليف يصدر من مجلس النواب، وليس من المجلس الاستشاري».

في غضون ذلك، جدد خالد المشري، الذي يتنازع على رئاسة «الأعلى للدولة»، اعترافه بخالد شكشك رئيساً شرعياً ووحيداً للديوان، وطلب من مؤسسات الدولة الرسمية كافة التقيد بذلك، إلى حين تكليف رئيسه الجديد بشكل دستوري سليم.

خالد المشري (متداولة)

وبعدما أكد على عدم صحة جميع القرارات والإجراءات، التي يتخذها تكالة، بصفته منتحل صفة رئيس مجلس الدولة، بموجب أحكام القضاء النافذة، حذّر المشري من خطورة التعدي على أحكام الإعلان الدستوري، أو اتخاذ إجراءات أحادية تزيد الانقسام بالمؤسسات السيادية، وتعمق الأزمة في البلاد.

في المقابل، سعى رئيس ديوان المحاسبة، خالد شكشك، الذي حصل، الأربعاء، على حكم من محكمة جنوب طرابلس بشرعية وضعه في نزاعه القضائي مع وكيل الديوان، عطية السعيطي، إلى تأكيد بقائه في ممارسة عمله، حيث ترأس اجتماعين متتالين.

وأدرج شكشك ترؤسه الاجتماع السنوي الأول لمديري الفروع للعام الحالي: «في إطار تعزيز التنسيق المؤسسي، ومتابعة الأداء الرقابي»، مشيراً إلى استعراض مدى التقدم في تنفيذ الخطة التشغيلية للعامين الماضي والحالي، ومناقشة مستوى الجاهزية لإعداد التقرير السنوي للديوان، وأبرز التحديات والصعوبات التي واجهت تنفيذ الخطة خلال العام الرقابي الماضي، بالإضافة إلى آليات تقييم الأداء المؤسسي وجودة العمل، ووضع آليات لإعلان نتائج التميز في أداء العمل خلال العام الماضي.

وأوضح شكشك أنه تم عرض الخطة التشغيلية المقترحة لعامي 2025 - 2026 من حيث الأهداف، والبرامج والأنشطة، بما يسهم في تعزيز كفاءة العمل، وتحقيق نتائج رقابية فعّالة.

وكان شكشك قد أكد خلال ترؤس اجتماع مماثل في طرابلس، على أهمية الاستثمار في الكفاءات الوظيفية وتطوير القدرات، وربط البرامج الرقابية بأهداف استراتيجية واضحة، بما يضمن رفع جودة المخرجات الرقابية، ويعزز من دور الديوان في حماية المال العام.

من جهة أخرى، بحث رئيس حكومة الوحدة «المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، في اجتماع مفاجئ، الأربعاء، مع محافظ المصرف المركزي ناجي عيسى، وبحضور بعض الوزراء، حل مشكلة سعر الصرف. كما بحث عيسى مع رئيس وأعضاء اللجنة المالية، وبعض أعضاء مجلس النواب، الوضع الاقتصادي والمالي العام للدولة، والتحديات والإصلاحات اللازمة للخروج من الأزمة.

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة خلال اجتماعه مع تيتيه (مندوب ليبيا)

من جهته، قال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، طاهر السني، إنه بحث في نيويورك مع رئيسة بعثتها لدى ليبيا، هانا تيتيه، قبل إحاطة ستقدمها لمجلس الأمن الدولي، الخميس، نتائج اجتماعاتها الأخيرة في إطار مساعيها لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة الراهنة، مؤكداً أهمية دورها في إطار دعم القيادة والملكية الليبية للحل، مع ضرورة دعم المبادرات الوطنية لإنهاء المراحل الانتقالية وصولاً للانتخابات.

في شأن آخر، أعلنت المفوضية العليا للانتخابات، مساء الثلاثاء، غلق منظومة سجل الناخبين للمرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية، مشيرة إلى أن عمل لجان إدخال بيانات الناخبين المسجلين في سجل الناخبين من فئة المقيمين غير المقيدين، شمل 62 بلدية.


مقالات ذات صلة

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

شمال افريقيا حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

قال مكتب القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي إن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)

«الوحدة» الليبية لمواجهة «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»

أكد محافظ المصرف المركزي الليبي ناجي عيسى التزام المصرف «بحل إشكالية السيولة واتخاذ الإجراءات اللازمة بما يضمن انتظامها وتحسين الخدمات المصرفية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي صورة وزعتها البعثة الأممية لاختتام افتتاح الحوار المهيكل

«الوحدة» الليبية تعد بتعديل وزاري قريب

أظهر تقرير أممي تفضيلاً واسعاً بين الليبيين لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.

خالد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا وقفة احتجاجية بالكراسي المتحركة لمرضى ضمور العضلات في طرابلس (رابطة ضمور العضلات)

مرضى «الضمور» للتظاهر ضد «الوحدة» الليبية

وصل غضب مرضى ضمور العضلات في ليبيا إلى ذروته عقب تسجيل 3 وفيات خلال أسبوعين بينهم طفلان.

علاء حموده (القاهرة )
شمال افريقيا اجتماع حفتر مع حمّاد رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فى بنغازي (القيادة العامة)

حفتر: قوت المواطن الليبي «خط أحمر لا يمس»

شدد المشير حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» الليبي خلال اجتماعه مع رئيس الحكومة أسامة حمّاد، على ضرورة معرفة الأسباب الحقيقية وراء أزمتي نقص السيولة والوقود.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.


مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

رسمت مصر «خطوطاً حمراء» بشأن الأزمة في السودان، وحذرت من تجاوزها باعتبارها «تمس الأمن القومي المصري». ولوّحت باتخاذ كافة التدابير التي تكفلها «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، في خطاب يراه خبراء «الأكثر حدة» منذ اندلاع الحرب في السودان.

وجاء الموقف المصري بالتزامن مع استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أكد السيسي «دعم بلاده الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة»، وشدد على «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره»، مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي.

وجددت مصر، في أثناء زيارة البرهان، «تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان»، وذلك في إطار «توجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام، وتجنب التصعيد، وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم».

تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك

مع التأكيد على تلك الثوابت، وضعت القاهرة «خطوطاً حمراء» للمرة الأولى في الأزمة السودانية، مؤكدة أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوزها باعتبارها تمس الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني»، وتضمنت المحاذير المصرية «الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان».

وقالت الرئاسة المصرية، الخميس، إن «الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع المساس بهذه المؤسسات، هو خط أحمر آخر».

وأكدت «الحق الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين؛ لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها».

الرئيس المصري خلال محادثات في القاهرة الخميس مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان (الرئاسة المصرية)

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري، اللواء يحيى كدواني، قال إن الأمن القومي المصري يرتبط مباشرة بوحدة الأراضي السودانية، «ومع وجود مؤامرات تهدف إلى تقسيمه، فإن ذلك يستدعي وضع (خطوط حمراء) لعدم تجاوزها، بما يحقق الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، وبما يشكل ضمانة لحماية الأمن القومي المصري».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري بشأن الحفاظ على وحدة وسلامة السودان ثابت وقوي، والقاهرة قادرة على تنفيذ ما تعلن عنه من شعارات ومبادرات لحماية مؤسسات الدولة السودانية»، لافتاً إلى أن استدعاء «اتفاقية الدفاع المشترك» جاء للتأكيد على أن «هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في إطار الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة في السابق بين البلدين».

وذكر بيان الرئاسة المصرية، الخميس، أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر»، كما أكدت «رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه».

أما عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فأكد أن التنسيق المصري - السوداني في مجابهة تهديدات تقسيم البلاد يأتي في إطار حماية الأمن القومي المصري والسوداني والعربي، خاصة أن البلدين ضمن «مجلس الدول المتشاطئة على البحر الأحمر»، وهو لديه أدوار رئيسية تتمثل في «الدفاع والتنمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف المصري يأتي في إطار مبادرة «الرباعية الدولية»، والمبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، موضحاً أن «القاهرة تدعم تنفيذ (خريطة طريق) تبدأ بهدنة تستمر ثلاثة أشهر، ودمج (قوات الدعم السريع) في الجيش السوداني، مع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية السودانية».

ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، أكدت القاهرة «حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية».

وطرحت «الرباعية»، التي تضم دول (المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية) في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر».

جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد أخرى قام بها إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين الماضي، وأكد في ختام زيارته حينها «حرص السودان على العمل مع ترمب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ومبعوثه للسلام في السودان، مسعد بولس، في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب».

وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أماني الطويل، أن «مصر وضعت خطوطاً حمراء لأول مرة في الملف السوداني، وموقفها الأخير هو الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، وهو يتماهى مع الموقفين السعودي والأميركي بشأن الحفاظ على وحدة السودان، وضرورة وقف الحرب، ورفض الكيانات الموازية، والحفاظ على مؤسسات الدولة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع القول إن هناك توافقاً سعودياً - مصرياً على المواقف القوية بشأن وحدة السودان، ما يبرهن على أن الاتجاه السائد الآن هو بلورة مبادرة لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية»، لكنها شددت أيضاً على أن «المسألة الأكثر تعقيداً تتعلق بالحلول السياسية في ظل التعامل مع أطراف سودانية لا تقبل بعضها، ومن الممكن أن يأتي إعلان مبادئ (نيروبي) مقدمةً لهذا السياق».

ووقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل) لوقف الحرب في السودان، ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب.

وأكد متحدث الرئاسة المصرية، الخميس، أن محادثات السيسي والبرهان «تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، وتطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان».


«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
TT

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

طرحت الزيارة التي أجراها قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، لمقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي في مدينة بنغازي، أسئلة كثيرة، وسط إشارات إلى «خريطة تحالفات جديدة» تتعلق بموازين القوى.

واستقبل حفتر مساء الأربعاء، في بنغازي (شرق)، قائد الجيش الباكستاني، يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى، في إطار زيارة رسمية إلى ليبيا لعقد سلسلة من الاجتماعات ذات الاهتمام المشترك. وقال مكتب القيادة العامة إن زيارة الوفد الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات»، حيث أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية الليبية - الباكستانية، وأهمية المضي قدماً في تطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في زيارة لبنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وعدّ المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، زيارة الوفد الباكستاني «غير عادية»، ورأى أنها «تمثل نقلة نوعية مرتبطة برؤية القيادة العامة 2030 في تطوير قدرات القوات المسلحة الليبية، التي لم تعد رهينة الاعتماد على دولة واحدة للتسلّح منها بلا آفاق وأبواب جديدة».

وأضاف قشوط في إدراج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن التعاون مع الجيش الباكستاني «سيضيف إلى قواتنا المسلحة كثيراً»، وعدّه «حليفاً استراتيجياً سيكون بمنزلة ردع لأي تهديدات مستقبلية».

وأُقيمت مراسم استقبال رسمية للوفد الباكستاني، وكان في مقدمة مستقبليه، نائب القائد العام الفريق أول صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، الفريق أول خالد حفتر، إلى جانب عدد من رؤساء الأركان بالقوات المسلحة.

وينظر الباحث في الشأن الليبي، محمد تنتوش، إلى زيارة الوفد العسكري الباكستاني لبنغازي على أنها «فشل دبلوماسي لحكومة (الوحدة)؛ ورئاسة الأركان في المنطقة الغربية»، وأرجع ذلك إلى أنها «لم تصنع علاقة بذات المستوى مع باكستان». وذهب تنتوش إلى أن «كل قوة وتطور في عمل معسكر الرجمة هو عامل إضافي، قد يُمكِّنها من السيطرة على كامل ليبيا، أو على الأقل يشجعها على ذلك».

كانت القيادة العامة قد مهّدت لقدوم الوفد الباكستاني بزيارة أجراها صدام حفتر إلى إسلام آباد في يوليو (تموز) الماضي، التقى خلالها شخصيات باكستانية عديدة، من بينهم رئيس الوزراء محمد شهباز شريف، ورئيس أركان البحرية الأدميرال نويد أشرف، وذلك ضمن زيارته الرسمية للبلاد.

ويرى محللون أن الزيارة، التي بحثت تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات، جاءت في توقيت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية، وإعادة رسم خرائط النفوذ العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان تعديل دستوري أقرته باكستان مؤخراً، قد عزز من نفوذ منير، بمنحه أدواراً إضافية وحصانة مدى الحياة، في خطوة عدّها محللون ترسيخاً لمكانة قائد الجيش في موقع «الرجل الأقوى في البلاد».

وسبق أن قال موقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، إن حفتر «لم يعد مكتفياً بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا؛ بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، ويخلق توازناً في منطقة مضطربة». فيما يرى متابعون أن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تحمل رسائل عدة تشير إلى انفتاح شرق ليبيا على تعاون عسكري أوسع مع قوى مؤثرة خارج الإطار التقليدي.

حفتر ومنير يستعرضان قطعة سلاح الأربعاء (القيادة العامة)

كان حفتر قد التقى في مايو (أيار) الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، كما التقى أيضاً وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

ويفرض مجلس الأمن الدولي منذ إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حظراً على السلاح. فيما جدد مؤخراً تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر. وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن.