وفد الحوار مع أوجلان إلى كردستان العراق لبحث دعوته لإلقاء السلاح

انقسام في حزب «الشعب الجمهوري» على طريقة اختيار منافس إردوغان

مناصرون لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التركي يتظاهرون للمطالبة بالحرية لأوجلان (موقع الحزب)
مناصرون لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التركي يتظاهرون للمطالبة بالحرية لأوجلان (موقع الحزب)
TT

وفد الحوار مع أوجلان إلى كردستان العراق لبحث دعوته لإلقاء السلاح

مناصرون لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التركي يتظاهرون للمطالبة بالحرية لأوجلان (موقع الحزب)
مناصرون لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» التركي يتظاهرون للمطالبة بالحرية لأوجلان (موقع الحزب)

يتصاعد يوماً بعد يوم الحراك الدائر تمهيداً لدعوة مرتقبة من زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين في تركيا عبد الله أوجلان لمسلحيه لإلقاء السلاح. على صعيد آخر، ظهرت بوادر انقسام في حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية، بشأن عملية تحديد المرشح للرئاسة تحسباً لتوجه البلاد إلى انتخابات مبكرة.

وبينما تترقب الأوساط السياسية والشعبية في تركيا دعوة أوجلان لإلقاء السلاح، التي ينتظر أن يطلقها عبر «رسالة بالفيديو» عبر البرلمان التركي، قال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان عبر «إكس»، الاثنين، إن وفده المؤلف من نائب رئيس البرلمان نائب الحزب عن مدينة إسطنبول، سري ثريا أوندر ونائبة وان (شرق تركيا) بروين بولدان، سيلتقي رئيس «الحزب الديمقراطي» مسعود بارزاني، ورئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، في أربيل يوم الأحد المقبل.

وأضاف: «سيتوجه الوفد إلى السليمانية، حيث يلتقي رئيس حزب (الاتحاد الوطني الكردستاني) بافل طالباني، ونائب رئيس وزراء إقليم كردستان قباد طالباني، يوم الاثنين المقبل».

مباحثات في أربيل والسليمانية

وتابع البيان أن وفد الحزب، الذي يعرف إعلامياً بـ«وفد إيمرالي»، سينقل تفاصيل ما دار خلال اللقاءين اللذين عقدهما مع أوجلان في محبسه في ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) الماضيين، وسيتلقى آراءهم ومقترحاتهم فيما يتعلق بالعملية الجديدة التي تهدف إلى تحقيق السلام في تركيا ونقلها إلى «السيد أوجلان».

وكان وفد إيمرالي قد عقد أول اجتماع مع أوجلان في محبسه الذي يقضي فيه عقوبة السجن مدى الحياة في جزيرة إيمرالي (غرب تركيا)، في 28 ديسمبر الماضي، في إطار عملية تستهدف إنهاء الإرهاب في تركيا عبر إطلاق أوجلان دعوة لمسلحي «العمال الكردستاني» لترك أسلحتهم.

النائبان سري قريا أوندر وبروين ببولدان عضوا وفد إيمرالي (موقع حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»)

وعقب هذا اللقاء، زار الوفد، الذي انضم إليه السياسي الكردي المخضرم أحمد تورك، رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، وقادة وممثلي الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، باستثناء حزب «الجيد» القومي، الذي رفض المشاركة في العملية برمتها.

وعاد الوفد إلى إيمرالي مرة أخرى في 22 يناير للقاء أوجلان، فيما تخلف تورك عن اللقاء لظروفه الصحية، وبعد هذا اللقاء، الذي تم إطلاع أوجلان فيه على ما دار في اللقاءات مع رئيس البرلمان وقادة وممثلي الأحزاب، أعلن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» أن أوجلان سيوجه «نداء تاريخياً» لترك السلاح في 15 فبراير (شباط) الحالي أو بعد ذلك التاريخ.

لقاء وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» مع رئيس البرلمان نهمان كورتولموش عقب اللقاء الأول مع أوجلان (موقع الحزب)

وخلال اللقاء الأول معه، وجه أوجلان رسالة أكد فيها قدرته على توجيه نداء لإلقاء السلاح من أجل السلام والتضامن بين الأكراد والأتراك، في ضوء الظروف التي تمر بها المنطقة والتطورات المقلقة التي تشهدها غزة وسوريا.

عملية سابقة ودور لبارزاني

وتشير تحركات «وفد إيمرالي»، التي ستمتد إلى قيادات إقليم كردستان العراق، إلى أن العملية الجارية قد تشبه عملية «الحل الديمقراطي» للقضية الكردية أو «السلام الداخلي»، التي شهدت حراكاً مماثلاً بين العامين 2013 و2015، ووجه أوجلان خلالها دعوة لـ«العمال الكردستاني» لإلقاء السلاح خلال احتفال عيد النيروز في 31 مارس (آذار) عام 2014، والتي انتهت بعدم اعتراف الرئيس رجب طيب إردوغان بها وإعلانه أنه لا وجود لمشكلة كردية في تركيا.

أنصار لحزب «العمال الكردستاني» في لندن خلال مظاهرة للمطالبة بالإفراج عن أوجلان (إعلام تركي)

وتصنف تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب «العمال الكردستاني»، الذي يقاتل ضد الدولة التركية منذ العام 1984 من أجل حكم ذاتي للأكراد في جنوب شرقي البلاد، منظمة إرهابية، وقتل في مواجهاته مع قوات الأمن التركية ما يزيد على 40 ألف شخص، بحسب ما تقول أنقرة.

وكان مسعود بارزاني قدم دفعة لعملية الحل الأولى، عندما زار تركيا وشارك في احتفالات عيد النيروز إلى جانب إردوغان في مارس 2013، وكان إردوغان رئيساً لوزراء تركيا قبل أن يصبح رئيساً للبلاد عام 2014.

إردوغان ومسعود بارزاني في احتفالات عيد النيروز في ديار بكر جنوب شرقي تركيا عام 2013 (أرشيفية)

وليس من المعروف، حتى الآن، ما إذا كان «وفد إيمرالي» سيلتقي قيادات مسلحي حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل، لا سيما بعدما أعلن قائد الحزب الحالي، مراد كارايلان، الجمعة، وقف عمليات الحزب المسلحة في المدن التركية، ما اعتبر تمهيداً لدعوة أوجلان لإلقاء السلاح.

لكن كارايلان أكد أن المسألة لا يمكن أن تحل بمكالمة فيديو فقط وأنه يجب الرجوع إلى المؤتمر العام للحزب، والحديث إليه، لأن هناك نحو 10 آلاف مقاتل، لا يتصور أنه يتم إبلاغهم بأننا قطعنا عنكم الرواتب، فعودوا من حيث جئتم.

وتعتبر اتصالات الوفد مع قيادات إقليم كردستان ذات أهمية حاسمة فيما يتعلق بكيفية سير العملية الجديدة.

بدوره، قال الكاتب المقرب من الحكومة في صحيفة «حرييت»، عبد القادر سيلفي، إن دعوة أوجلان لإلقاء السلاح، والتي توقع أن تكون «مختصرة ومركزة وواضحة جداً»، يمكن أن تصدر في نهاية فبراير أو بعد هذا التاريخ، لافتاً إلى أن المسألة ليست متروكة لإرادة أوجلان، بل للدولة، وأن المبادرة والإرادة وسلطة اتخاذ القرار كلها ملك للدولة.

صورة لأوجلان داخل أحد محلات البقالة في القامشلي بمحافظة الحسكة شمال شرقي سوريا (أ.ب)

وذكر أن دعوة أوجلان ستمر عبر 4 عناوين، أولها جبل قنديل وحزب «العمال الكردستاني»، والثاني هيكلية حزب «العمال الكردستاني» و«وحدات حماية الشعب الكردية» في سوريا، والثالث حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» في تركيا، والرابع هيكلية «العمال الكردستاني» في أوروبا، وأنه سيتضح من منهم سيستجيب لدعوة أوجلان ومن سيعارضها، وسيكون ذلك بمثابة اختبار خاص لـ«قنديل» (قيادات الحزب في جبل قنديل)، الذين كانوا يقولون منذ سنوات: «إرادة إيمرالي (أوجلان) هي إرادتنا».

خلاف حول الترشح للرئاسة

على صعيد آخر، قرر رئيس بلدية أنقرة، منصور ياواش، عدم المشاركة في الانتخابات التمهيدية التي سيتم فيها تحديد المرشح الرئاسي لحزب «الشعب الجمهوري» المعارض، من خلال تصويت أعضائه.

وأبلغ ياواش قراره لرئيس الحزب، أوزغور أوزل الذي التقاه ورئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، خلال لقاء على مأدبة عشاء استغرق ساعتين ونصف الساعة في أنقرة ليل الأحد الاثنين، بأنه لا ينبغي استخدام الانتخابات التمهيدية وحدها معياراً في تحديد المرشحين، بل يجب أخذ نتائج استطلاعات الرأي العام والخيارات البديلة في الاعتبار أيضاً.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزال خلال لقائه مع منصور ياواش وأكرم إمام أوغلو (من حسابه في «إكس»)

وأكد ياواش، الذي تظهر استطلاعات الرأي تفوقه على إمام أوغلو والرئيس رجب طيب إردوغان، أنه رغم عدم مشاركته في الانتخابات التمهيدية فإن نيته الترشح للرئاسة مستمرة، وسيلتزم بقرارات الحزب ويعمل على إنجاحها.

وأعلن أوزال الأسبوع الماضي أن حزب «الشعب الجمهوري» سيحدد المرشح الرئاسي من خلال تصويت أعضائه، متوقعاً أن تشهد البلاد انتخابات مبكرة خلال العام الحالي.

وسبق أن أعلن ياواش أنه «من المبكر للغاية تحديد مرشح، فموعد الانتخابات غير واضح، وحتى موعد الانتخابات المقررة في عام 2028 ستتغير الظروف وكل شيء في تركيا، وأنه مع الدعوة للانتخابات المبكرة، لكن المرشح الرئاسي يمكن أن يعلن اسمه عندما يتحدد موعد الانتخابات حتى لا يستنزف المرشحون».


مقالات ذات صلة

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

شؤون إقليمية أكراد خلال مظاهرة في فرنسا فبراير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (أ.ف.ب)

أزمة جديدة تعترض «عملية السلام» في تركيا

تواجه «عملية السلام» في تركيا أزمة جديدة بسبب الخلاف حول سرية لقاء عقده وفد برلماني مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية اجتماع للجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لعملية السلام في تركيا (البرلمان التركي - إكس)

لجنة نزع أسلحة «الكردستاني» تنهي جلسات الاستماع حول عملية السلام

اختتمت اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب العمال الكردستاني وعملية السلام في تركيا جلسات الاستماع حول العملية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية عناصر من «البيشمركة» بالزي الرسمي والأسلحة رافقوا بارزاني خلال تحركاته في بلدة جيزرة جنوب شرقي تركيا يوم 29 نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

حراس بارزاني يفجرون جدلاً قومياً حاداً في تركيا

فجرت زيارة أجراها مسعود بارزاني، زعيم «الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، إلى تركيا يرافقه حراس من قوات «البيشمركة» أزمةً سياسيةً وجدلاً شعبياً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي والرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلهام أحمد خلال لقاء مع السياسي الكردي التركي عثمان بادمير نوفمبر الماضي (إعلام تركي)

أنقرة ترفض زيارة أي مسؤول من «الإدارة الذاتية» أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتهم

رفضت تركيا الحديث عن زيارة أي مسؤول من الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أو «قسد» قبل إلقاء أسلحتها وتنفذ اتفاق الاندماج في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مسيرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية يوم 8 نوفمبر الماضي للمطالبة بإطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

أوجلان يطالب بقانون انتقالي لـ«السلام» في تركيا.. وإردوغان متفائل بحذر

طالب زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان بإقرار قانون للمرحلة الانتقالية لـ«عملية السلام» في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.