الجيش السوداني يوسّع دائرة سيطرته في ولاية الجزيرة

استردّ عدداً من المدن ويتجه نحو الخرطوم

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية-أ.ف.ب)
الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية-أ.ف.ب)
TT
20

الجيش السوداني يوسّع دائرة سيطرته في ولاية الجزيرة

الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية-أ.ف.ب)
الحرب أجبرت الآلاف على الفرار من ولاية الجزيرة إلى ولايات مجاورة (أرشيفية-أ.ف.ب)

كثَّف الجيش السوداني عملياته ضد «قوات الدعم السريع» في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، وأعلن استرداد مدينة الحصاحيصا؛ ثاني أكبر مدن الولاية، بالإضافة إلى بلدات رفاعة، وتمبول، والهلالية، في حين أكدت تقارير استرداد بلدة الكاملين؛ آخِر خطوط الدفاع عن جنوب العاصمة الخرطوم.

وقال الناطق باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، على الصفحة الرسمية بمنصة «فيسبوك»، إن قواته «طهَّرت مدينة الحصاحيصا تماماً من العدو». كما تناقلت منصات مُوالية للجيش أنه استردَّ بلدة الكاملين التي تبعد عن جسر «خزان الأولياء»، المَخرج الرئيسي لـ«قوات الدعم السريع» في الخرطوم، بنحو 130 كيلومتراً. وأضافت المنصات نفسها أن قوات الجيش تتجه نحو الخرطوم من جهة الجنوب.

كان العميد عبد الله قد أعلن، في وقت متأخر من مساء السبت، أن قواته استردَّت بلدات في شرق ولاية الجزيرة، بعد أن شنت «حملة تطهير» بالمنطقة.

وباسترداد مدينتي الحصاحيصا والكاملين، يكون الجيش قد استكمل سيطرته على الطريق البري الرابط بين الخرطوم ومدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، والذي يمر غرب نهر النيل الأزرق. كما أن باسترداده بلدات رفاعة، والهلالية، وتمبول، يكون أيضاً قد استعاد السيطرة على الطريق الذي يربط بين ود مدني والخرطوم، من الجهة الشرقية للنهر.

وفي 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، استعاد الجيش مدينة ود مدني بقوات قادمة من الشرق والشمال والغرب، دون قتال يُذكَر، إذ قالت «قوات الدعم السريع» إنها انسحبت «تكتيكياً»، لكن الجيش والقوات المساندة له واصلت تقدمها بعد استرداد ود مدني بنحو ثلاثة أسابيع، واستطاع استرداد معظم ولاية الجزيرة، التي لم يتبقَّ فيها سوى جيوب تابعة لـ«قوات الدعم السريع» التي ظلت تسيطر على هذه المناطق لنحو عام.

ترقب في الخرطوم

جانب من مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم 26 يناير 2025 (رويترز)
جانب من مقر القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم 26 يناير 2025 (رويترز)

وبنهاية معارك ولاية الجزيرة، فإن «قوات الدعم السريع»، المنتشرة في العاصمة الخرطوم، ستجد نفسها محاصَرة من جهة الشمال، بعد أن استعاد الجيش، في الأسابيع الماضية، وسط مدينة بحري (إحدى مدن العاصمة المثلثة)، ومن جهة الجنوب من قِبل القوات القادمة من الجزيرة.

وفي محاور القتال الأخرى، تراجعت «قوات الدعم السريع» أيضاً، ففي ولاية شمال كردفان غرب البلاد، استردَّ الجيش، يوم الجمعة، مدينة أم روابة؛ ثاني أكبر مدن الولاية، في حين نقلت تقارير محلية أن الطيران الحربي والمُسيّرات التابعة للجيش تشن هجوماً على مدينة الرهد أبو دكنة، التي تُعدّ آخِر مداخل مدينة الأُبيّض، عاصمة الولاية المحاصَرة، التي تبعد عنها بنحو 30 كيلومتراً.

وفي مدينة بحري، سيطر الجيش على حي العزبة، واقتربت قواته من ضاحية كافوري الثرية، التي تُعدّ معقلاً مهماً لـ«قوات الدعم السريع»، بالإضافة إلى أحياء دردوق ونبتة والشقلة، في شرق النيل التي تُعدّ مدخلاً لضاحية الحاج يوسف؛ حيث تتركز أيضاً «قوات الدعم السريع».

تقاسم العاصمة

دخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)
دخان يتصاعد خلال اشتباكات سابقة بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز)

وأعلن الجيش، في 24 يناير الماضي، فكّ الحصار عن مقر قيادته العامة بوسط الخرطوم، وأيضاً مقر «سلاح الإشارة» على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق، مُنهياً بذلك حصاراً على المنطقتين العسكريتين المهمتين فرضته «قوات الدعم السريع» منذ بداية الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023.

كما فرَضَ الجيش مؤخراً سيطرته على مصفاة الخرطوم بمنطقة الجيلي، واستطاع استرداد الأحياء الشمالية من المنطقة وأحياء في الوسط، حتى وصل إلى جسر «المك نمر» القريب من القصر الرئاسي ويربط بين مدينتيْ بحري والخرطوم.

ولا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على معظم وسط الخرطوم، بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات والأسواق، والمناطق الشرقية من المدينة حتى جسر «المنشية»، وجنوب المدينة حتى جبل الأولياء، باستثناء مقر سلاح المدرَّعات والمناطق المحيطة به. كما لا تزال «قوات الدعم السريع» تسيطر على مناطق شرق النيل حتى جسر «سوبا» من الجهتين الشرقية والغربية، بما في ذلك أحياء الحاج يوسف، والجامعة، والنصر، وسوبا شرق.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الوضع الصحي «مُزرٍ للغاية» في شمال دارفور بالسودان

العالم العربي سودانية متطوعة وأخرى نازحة تحضِّران الطعام قبل إفطار رمضان في بورتسودان (رويترز)

الأمم المتحدة: الوضع الصحي «مُزرٍ للغاية» في شمال دارفور بالسودان

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الوضع الصحي في ولاية شمال دارفور بغرب السودان «مُزرٍ للغاية».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أعمدة الدخان الكثيف تتصاعد من جهة مطار الخرطوم الدولي الملاصق لمقر القيادة العامة للجيش (أرشيفية - رويترز)

البرهان مجدداً: لا عودة للمسار التفاوضي قبل القضاء على «الدعم السريع»

ياسر العطا يوجّه بعودة «الأجهزة النظامية» لمواقعها التي غادرتها منذ بدء الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023، ومباشرة مهامها الطبيعية في محليات ولاية الخرطوم.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا أعلام دول «الاتحاد الأفريقي» الـ55 خلال القمة الـ38 في أديس أبابا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

السودان يسعى للعودة إلى الاتحاد الأفريقي وهيئة «إيغاد»

أبدى السودان رغبته في استئناف نشاط عضويته في كل من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا، المعروفة اختصاراً بـ«إيغاد».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا عودة نحو 400 ألف سوداني إلى ديارهم (رويترز)

مئات آلاف النازحين يعودون إلى ديارهم في السودان

عاد نحو 400 ألف سوداني إلى ديارهم خلال الشهرين ونصف الشهر الماضيين بعد نزوحهم بسبب النزاع المستمر، حسبما أعلنت المنظمة الدولية للهجرة، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة يونيو 2024 (واس)

السعودية ترسِّخ مكانتها وسيطاً موثوقاً في الدبلوماسية العالمية

تعيد المملكة العربية السعودية رسم ملامح دورها في الدبلوماسية العالمية، وسيطاً موثوقاً ومنصةً رئيسيةً للمفاوضات الحساسة بين القوى الإقليمية والدولية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

السودان: معاناة متفاقمة للنازحين في رمضان

المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
TT
20

السودان: معاناة متفاقمة للنازحين في رمضان

المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)
المعاناة نفسها في كل أنحاء السودان (أ.ف.ب)

قبل ساعتين من أذان المغرب تصطف النساء وأطفالهن في طوابير طويلة متعرجة للحصول على وجبة إفطار رمضان داخل مركز لإيواء النازحين في مدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للسودان.

هذا المشهد يتكرر يومياً، مع اختلاف قليل في صنف الوجبة التي في الغالب تتكون من عصيدة الذرة، وفي بعض الأحيان «القراصة» التي تصنع من دقيق القمح، وفوقها يصبّ «ملاح الويكة»، وهي الأصناف المفضلة لدى عامة السودانيين، في شهر رمضان.

متطوعات يعملن على تحضير وجبة الإفطار في بورتسودان (رويترز)
متطوعات يعملن على تحضير وجبة الإفطار في بورتسودان (رويترز)

تبدأ النساء منذ منتصف النهار في إعداد الطعام لنحو 500 شخص من النازحين المقيمين في المركز، بينهم أعداد كبيرة من الأطفال صغار السن... وهذه تُعدُّ وجبتهم الوحيدة في اليوم، فيما لا يتسنى لكثير من الصائمين الحصول على الوجبة لنفاد الكمية.

وقال أحد النازحين لـ«الشرق الأوسط»، إن الأوضاع في رمضان السابق «كانت أفضل بكثير من هذا العام»، عازياً ذلك لتراجع الدعم الذي كانوا يتلقونه من فاعلي الخير والمنظمات.

وأضاف: «كنا نجد دعماً كبيراً من المنظمات والخيرين من داخل السودان وخارجه، بالإضافة إلى المعونات التي كانت تأتي للدار باستمرار من سكان الأحياء السكنية التي يقيمون في وسطها».

وجبة واحدة في اليوم... في أحد مراكز الإيواء في بورتسودان (رويترز)
وجبة واحدة في اليوم... في أحد مراكز الإيواء في بورتسودان (رويترز)

ويقول مسؤولون إن أكثر من 17 ألف نازح يتوزعون على 55 مأوى منذ اندلاع الحرب، ولم تتقلص هذه الأعداد كثيراً، رغم استعادة الجيش السوداني مناطق واسعة في الجزيرة وسط البلاد، وأجزاء من مدينة الخرطوم بحري.

لكن لا تزال دور الإيواء تحتضن الآلاف من النازحين الذين قدموا من مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، وكذلك أعداد مقدرة من إقليم دارفور غرب البلاد... وذكر بعض النازحين، أن عدداً من مراكز الإيواء تسلمت حصتها من المساعدات الإنسانية، بعد مضي أسبوع من حلول شهر رمضان.

وأثَّرت قلة الدعم بشكل مباشر على غذاء النازحين، إذ إن بعض النساء الحوامل والأطفال والرجال كبار السن، يعانون من سوء التغذية، وتتضاعف معاناتهم لعدم توفر المال لشراء العلاج، خصوصاً أصحاب الأمراض المزمنة، وأغلب الموجودين في المركز يقيمون فيه منذ عامين.

توزيع الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين من جراء الحرب بمدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)
توزيع الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين من جراء الحرب بمدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)

وقال أحد المشرفين لـ«الشرق الأوسط»، في الصباح: «نسمع صراخ الأطفال الجوعى، إنهم يحتاجون إلى وجبة الإفطار، أو المال لشرائها»... وأضاف: «تلجأ بعض الأمهات إلى العمل في بيع الشاي والطعام في الأسواق، وأخريات يعملن في مجال الخدمة المنزلية لتوفير القليل من الطعام لأسرهن، علماً بأن أكثر من 180 أسرة تحتضنهم دار الإيواء، تعتمد بالكامل على دعم أحد الخيرين، الذي يتبرع بـ25 كيلوغراماً من دقيق القمح و2 كيلو من اللحم يومياً».

من جهة ثانية، قال متطوعون يعملون في المطابخ العامة لتوفير الطعام للعالقين في مناطق القتال بالعاصمة الخرطوم، إن الوضع في رمضان لم يتغير عن الأيام العادية، وأن الآلاف من المواطنين لا يزالون يعتمدون في طعامهم على المطابخ «التكايا».

وتعد معظم دور الإيواء عبارة عن مدارس قديمة ومتهالكة تفتقر إلى التهوية الجيدة، في حين توجد بعض الأماكن التي تتكون من خيام مصنوعة من الأقمشة. وفي الوقت الراهن، يواجه عدد من المقيمين مشكلة ترحيلهم إلى أطراف المدن، حيث لا تتوفر هناك الخدمات الأساسية. وقد طالبوا الجهات المعنية بالتدخل لإيجاد حلول لهذه المشكلة.