لجنة الرقابة تواكب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان

ضمانات أميركية بوقف هدم المنازل والإفراج عن المعتقلين

جنود لبنانيون يفتحون الطريق أمام سيارة إسعاف تحمل جريحاً لبنانياً أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته دخول قريته عيترون في جنوب لبنان (د.ب.أ)
جنود لبنانيون يفتحون الطريق أمام سيارة إسعاف تحمل جريحاً لبنانياً أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته دخول قريته عيترون في جنوب لبنان (د.ب.أ)
TT
20

لجنة الرقابة تواكب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان

جنود لبنانيون يفتحون الطريق أمام سيارة إسعاف تحمل جريحاً لبنانياً أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته دخول قريته عيترون في جنوب لبنان (د.ب.أ)
جنود لبنانيون يفتحون الطريق أمام سيارة إسعاف تحمل جريحاً لبنانياً أصيب برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولته دخول قريته عيترون في جنوب لبنان (د.ب.أ)

كشف مصدر سياسي مواكب للاتصالات التي أدت لتمديد وقف النار في جنوب لبنان حتى 18 فبراير (شباط) المقبل عن أن التمديد يأخذ في الاعتبار امتناع إسرائيل عن مواصلة خروقها وتجريفها وتدميرها المنازل واقتلاعها الأشجار المعمرة ويفتح الباب أمام بدء المفاوضات، بإشراف اللجنة «الخماسية» المكلفة بمراقبة تطبيقه، لإعادة المعتقلين اللبنانيين في السجون الإسرائيلية والذين اعتقلتهم إسرائيل بعد 4 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويبلغ عدد الأسرى، كما علمت «الشرق الأوسط»، 11 معتقلاً، ما عدا المفقودين الذين انقطع التواصل معهم خلال فترة المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»، لمعرفة مصيرهم وما إذا كانوا في عداد الذين سقطوا خلال المواجهة التي دارت بينهما.

اجتماع الناقورة

وأكد المصدر السياسي لـ«الشرق الأوسط» أن تمديد وقف النار جاء تتويجاً للاتصالات التي تولاها رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالجانب الأميركي بعد التشاور مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقال إن اللجنة «الخماسية» المشرفة على تطبيقه ستعاود اجتماعاتها في مقر قيادة قوات الطوارئ الدولية (يونيفيل) في الناقورة برئاسة الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز وعلى جدول أعمالها بندان: الأول يتعلق ببدء المفاوضات للإفراج عن المعتقلين لدى إسرائيل؛ خصوصاً أن الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية لم يأتِ على ذكرهم.

ولفت إلى أن التمديد لوقف النار الذي جاء بناء على رغبة الولايات المتحدة أتاح الفرصة لإدراج الإفراج عن المعتقلين على جدول أعمال اجتماعات اللجنة الدولية بعد أن أبدى رئيسها الجنرال جيفرز تجاوباً مع طلب الرؤساء الثلاثة بضرورة السعي للإفراج عنهم.

وقال المصدر نفسه إن البند الثاني الذي ستناقشه اللجنة «الخماسية» يتعلّق بمواكبة انسحاب إسرائيل من البلدات الجنوبية التي تحتلها على أن يستكمل الجيش الإسرائيلي انسحابه مع انتهاء فترة التمديد لوقف النار في 18 فبراير المقبل. وأكد أن الجنرال جيفرز كان أول من اقترح على الرئيس بري، عندما التقاه أخيراً في حضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون، إمكانية التمديد لوقف النار من دون أن يحدد المهلة الزمنية للتمديد.

موافقة بري

وكشف عن أن جيفرز ناقش مع الرئيس بري التمديد، بناءً على طلب إسرائيل، بذريعة أنه انقضى أكثر من أسبوعين على مهلة الستين يوماً لانسحاب إسرائيل من دون أن يتمكن الجيش اللبناني من استكمال جهوزيته للانتشار وبمؤازرة «يونيفيل» في البلدات التي ينسحب منها تدريجياً الجيش الإسرائيلي. وقال إن الرئيس بري أبلغه عدم ممانعته التمديد لوقف النار شرط أن يقتصر على أيام معدودة يكون الجيش اللبناني قد استكمل استعداده اللوجيستي للانتشار، رغم أن تباطؤ الجيش الإسرائيلي في الانسحاب هو من يؤخّر انتشاره.

جنود إسرائيليون يتمركزون في أحد المواقع لقطع الطريق باتجاه قرية عيترون بجنوب لبنان (أ.ب)
جنود إسرائيليون يتمركزون في أحد المواقع لقطع الطريق باتجاه قرية عيترون بجنوب لبنان (أ.ب)

وأكد أن الرئيس بري لم يبدِ حماسة لطلب التمديد لشهر تحسباً لقيام إسرائيل بالإفادة منه لابتزاز لبنان ومطالبته لاحقاً بتمديد آخر وهكذا دواليك بما يتيح لها تأخير انسحابها من الجنوب، وقال إنه أيّد التمديد لأيام شرط أن تكف إسرائيل عن مواصلة خرقها لوقف النار وتماديها في تدمير وتجريف المنازل. وقال إن الرؤساء الثلاثة توافقوا مع واشنطن على التمديد حتى 18 فبراير المقبل على أن تسرع إسرائيل انسحابها من البلدات الجنوبية ولا تتعرض لعودة الأهالي إلى قراهم في البلدات التي تنسحب منها.

اتصالات عون وميقاتي

وأكد المصدر نفسه أن الاتصالات الدولية والعربية التي أجراها الرئيس عون ومعه الرئيس ميقاتي للضغط على إسرائيل للانسحاب فور انتهاء المهلة التي نصّ عليها الاتفاق. وقال إن التمديد لم يحصل إلا بعد أن توافرت للبنان ضمانات أميركية بخروج الجيش الإسرائيلي بصورة نهائية من الجنوب فور انقضاء فترة التمديد تمهيداً للشروع بتطبيق القرار 1701.

علم إسرائيلي يرفرف في إحدى القرى في جنوب لبنان (رويترز)
علم إسرائيلي يرفرف في إحدى القرى في جنوب لبنان (رويترز)

على صعيد آخر، قال مصدر وثيق الصلة بالثنائي الشيعي إن «حزب الله» لم يكن مضطراً لتنظيم المواكب السيارة التي جابت ليل أول من أمس شوارع بيروت بشقيها الشرقي والغربي احتفالاً بعودة أهالي الجنوب إلى قراهم، في حين نأت حركة «أمل» بنفسها عن المشاركة التي رفع فيها المحتفلون أعلام «حزب الله» وصوراً عملاقة لأمينه العام الراحل حسن نصر الله. وكشف لـ«الشرق الأوسط» عن أن عدم مشاركتها جاء بإصرار من الرئيس بري الذي كان يرغب في أن يكتفي الذين عادوا إلى بلداتهم برفع العلم اللبناني بدلاً من أعلام «أمل» والحزب، كونه يبقى الجامع لكل اللبنانيين، إضافة إلى أنه كان يفضّل أن تقتصر الاحتفالات على منطقة الجنوب.


مقالات ذات صلة

حمادة: الأسد قال «انسوا بشير الجميل» وفوجئنا باغتياله

المشرق العربي حمادة: الأسد قال «انسوا بشير الجميل» وفوجئنا باغتياله

حمادة: الأسد قال «انسوا بشير الجميل» وفوجئنا باغتياله

قال النائب والوزير اللبناني السابق مروان حمادة إن منع قيام دولة متماسكة في لبنان كان من ثوابت «عهد الأسدين» في سوريا، محمّلاً عهدهما مسؤولية مسلسل الاغتيالات.

غسان شربل (بيروت)
المشرق العربي أنصار «حزب الله» يحرقون إطارات خلال احتجاج أمام مدخل مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت (إ.ب.أ)

مناصرو «حزب الله» يصعّدون تحركاتهم الميدانية في محيط مطار بيروت

صعّد مناصرو «حزب الله» اللبناني من تحركاتهم الميدانية في محيط مطار بيروت، في امتداد لاحتجاجات بدأت، الخميس، على خلفية منع هبوط طائرات إيرانية في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود لبنانيون يشرفون على فتح الطرقات في بلدة رب تلاتين بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

اسرائيل ترفض مقترحاً فرنسياً يضمن انسحابها الكامل في 18 فبراير

أعلن رئيس لجنة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الجنرال الأميركي جاسبر جيفيرز، أن «الجيش اللبناني سيسيطر على جميع المراكز السكانية قبل الثلاثاء»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق «سيبانة رمضان» تقليد قديم يتبعه أهل بيروت (جمعية فانوسي)

«فوانيس الأمل»... عروضٌ مسرحية وموسيقية في رمضان ببيروت

يتضمّن برنامج «سيبانة فانوسي» هذا العام نشاطات ترضي جميع الأعمار. فيخصّص مساحة للمسرح الإنشادي وأخرى للدمى المتحرّكة. كما يطلّ الحكواتي...

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام اللبنانية أثناء تجمعهم لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري (رويترز)

مشاركة حاشدة في الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري

تجمّع الآلاف من اللبنانيين في وسط بيروت اليوم لإحياء الذكرى العشرين لاغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

توجهات حوثية لاستثمار النقل البري والتجسس على المسافرين

مقر وزارة النقل التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مقر وزارة النقل التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
TT
20

توجهات حوثية لاستثمار النقل البري والتجسس على المسافرين

مقر وزارة النقل التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مقر وزارة النقل التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية إلى السيطرة التامة على قطاع النقل في مناطق سيطرتها والاستحواذ على محطات سيارات نقل المسافرين بين المدن والمناطق الواقعة تحت سيطرتها، من خلال إجراءات أقرتها ضمن سياساتها لإعادة هيكلة المؤسسات التي بدأتها منذ أشهر، وتهدف الإجراءات المزمعة إلى إلغاء صلاحيات نقابة النقل والمواصلات.

وتهدف الجماعة من خلال عدد من الإجراءات غير القانونية التي تزمع تنفيذها إلى الاستيلاء على موارد النقل البري بشكل كامل، والإضرار بمعيشة قطاع واسع من السائقين، إلى جانب فرض إجراءات أمنية ورقابة مشددة على النقل والسفر والتجسس على المسافرين.

وفي وثيقة حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة ضوئية منها، أقر قطاعا الداخلية والنقل والأشغال العامة اللذان تسيطر عليهما الجماعة الحوثية، لائحة لنشاط محطات نقل الركاب بين المدن والمحافظات، تُشكل بموجبها هياكل تنظيمية لتنظيم وإدارة العمل في المحطات تخضع لها، بعد أن كانت تديرها نقابة النقل والمواصلات.

واتهمت مصادر نقابية في العاصمة صنعاء، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الجماعة الحوثية بالسعي للتجسس على المسافرين والركاب والسائقين والرقابة المشددة على عمليات النقل، إلى جانب الاستيلاء على الموارد المالية لهذه المحطات، والتي تعدّ من حقوق نقابة النقل والمواصلات.

الصفحة الأولى من اللائحة الحوثية الجديدة لتنظيم نشاط محطات نقل الركاب التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»
الصفحة الأولى من اللائحة الحوثية الجديدة لتنظيم نشاط محطات نقل الركاب التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»

وقالت المصادر إن الجماعة الحوثية تعمل حالياً على إعداد وتجهيز مئات، وربما، آلاف المركبات، لإطلاق خدمات نقل الركاب بين مختلف المدن والأرياف الواقعة تحت سيطرتها، بالتزامن مع تحضيرات لإصدار قرارات ببدء تنفيذ اللائحة التي مضى أكثر من 3 أشهر على صدورها، دون التشاور مع نقابة النقل والمواصلات.

وتوقعت المصادر أن يتم البدء بتنفيذ اللائحة بشكل مفاجئ، وبإصدار قرارات مباغتة في أي وقت، في حين لم تتجرأ النقابة على الاعتراض أو حتى التعليق على نيات الجماعة الحوثية، خوفاً من أي إجراءات تعسفية ضدها وضد قياداتها.

إفقار وتجسس

تقر اللائحة الصادرة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تشكيل هيكل تنظيمي لمحطات نقل الركاب بين المدن والمحافظات، يتكون من مدير المحطة الذي يمثل قطاع النقل البري، ونائب للمدير يمثل قطاع الداخلية والأمن الحوثيين، بالإضافة إلى رئيس قسم المرور، ورئيس قسم الحركة، ورئيس قسم الخدمات.

قادة حوثيون يحصلون جبايات من سيارات الأجرة إلكترونياً (إعلام حوثي)
قادة حوثيون يحصلون جبايات من سيارات الأجرة إلكترونياً (إعلام حوثي)

أوضح مصدر قانوني في النقابة أنه، وبموجب القانون اليمني، تخضع محطات نقل الركاب، التي تسمى في اللهجة اليمنية «الفرزات»، وهي جمع فرزة، لنقابة النقل والمواصلات، ولا يحق لأي قطاع حكومي الوصاية عليها أو إدارتها، وتكتفي وزارة النقل بتحصيل رسوم الخدمات التي تقدمها، بينما تعود باقي الرسوم إلى النقابة التي تحصلها بموجب نظامها الأساسي ولوائحها الداخلية.

وتبين مواد اللائحة التي أصدرها قطاعا الداخلية والنقل التابعان للجماعة أن الغرض من التوجه الجديد تحويل المحطات إلى مصادر إيرادات، ومراكز للتجسس والرقابة على المسافرين والسائقين والأمتعة والمنقولات.

وأقرت اللائحة منح قطاع النقل البري وإدارة المرور التابعين للجماعة حق الاستثمار في نقل الركاب والمسافرين، وتغيير محطات النقل وفقاً للمواصفات الفنية والاشتراطات المطلوبة التي يحددانها، وتشكيل لجنة مشتركة منهما لإقرار كافة المتطلبات الخاصة بذلك.

الحوثيون فرضوا جبايات وإجراءات مشددة على قطاع نقل المسافرين (إعلام حوثي)
الحوثيون فرضوا جبايات وإجراءات مشددة على قطاع نقل المسافرين (إعلام حوثي)

وأبدت المصادر النقابية مخاوفها من أن الإجراءات الجديدة المزمعة ستؤدي إلى الإضرار بإحدى المهن في سوق العمل اليمني، والتأثير على آلاف السائقين العاملين في مهنة نقل الركاب، وإزاحتهم إلى دائرة البطالة التي تتسع رقعتها في البلاد منذ انقلاب الجماعة الحوثية وسيطرتها على مؤسسات الدولة.

ومكنت اللائحة المشرفين الحوثيين في قطاع النقل والداخلية من اتخاذ أي إجراءات أو إصدار قرارات جديدة لم تنص عليها.

ويرى المصدر القانوني أن اللائحة تمكن المشرفين المسؤولين عن محطات الركاب من الحصول على كامل بيانات المسافرين والحصول على معلومات حول الغرض من سفرهم أو تنقلاتهم وأماكن إقامتهم وأعمالهم، إلى جانب التحقق من تلك البيانات والتحري حولهم.

الصفحة الأخيرة من لائحة تنظيم نشاط محطات نقل الركاب
الصفحة الأخيرة من لائحة تنظيم نشاط محطات نقل الركاب

وتمنع الإجراءات الحوثية المزمعة خروج أي مركبة من المحطة دون إذن من إدارة المحطة، وتحظر سفر أي وسيلة نقل تحمل ركاباً دون ترخيص من أقرب محطة مع تدوين بيانات جميع الركاب عليها.

ومن المتوقع أن تكون الإجراءات الجديدة سبباً في فرض الكثير من الغرامات على السائقين والمسافرين، إلى جانب إخضاعهم لإجراءات تعسفية واحتجازهم والزج بهم في السجون بسبب الشكوك حولهم وحول أنشطتهم.