إسناد سعودي لخطة الحكومة اليمنية بهدف إنقاذ الاقتصاد

إقرار المصفوفة التنفيذية وتشديد على مكافحة الفساد

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية (سبأ)
TT

إسناد سعودي لخطة الحكومة اليمنية بهدف إنقاذ الاقتصاد

جانب من اجتماع الحكومة اليمنية (سبأ)
جانب من اجتماع الحكومة اليمنية (سبأ)

غداة إقرار الحكومة اليمنية، الخميس الماضي، خُطة الإصلاحات الاقتصادية الإنقاذية مع مصفوفتها التنفيذية، قدّمت السعودية مساندة مالية جديدة تمثّلت في 300 مليون دولار وديعة لدى البنك المركزي اليمني، و200 مليون دولار لدعم الموازنة العامة للحكومة؛ وهي الدفعة الرابعة من إجمالي 1.2 مليار دولار.

ومع ترقب أن يُسهم هذا الدعم السعودي في تحسّن صرف العملة اليمنية (الريال) أمام العملات الأجنبية، ويساعد الحكومة على صرف مرتبات الموظفين وتشغيل المؤسسات، أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن عظيم الشكر والتقدير للسعودية، قيادة وحكومة وشعباً، على دعمها المستمر للاقتصاد في بلاده.

وقال العليمي إن «هذا الدعم يمثّل التزاماً قوياً للتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية، ودعم تطلّعات الشعب اليمني في الاستقرار والسلام والتنمية».

وحسب ما أوضحه السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، مساء الجمعة، يتضمّن الدعم الجديد وديعة بـ300 مليون دولار في البنك المركزي اليمني، تحسيناً للوضعَيْن الاقتصادي والمالي، و200 مليون دولار لمعالجة عجز الموازنة اليمنية من إجمالي 1.2 مليار دولار، عبر «برنامج التنمية والإعمار»، لتعزيز الأمن الغذائي، ودعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل، ومساعدة الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية.

ويهدف الدعم السعودي إلى إرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في اليمن، وتعزيز وضعية المالية العامة، وتنمية وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، وتعزيز حوكمتها وشفافيتها، وتمكين القطاع الخاص من دفع عجلة النمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، بما يؤدي إلى وضع الاقتصاد الوطني في مسار أكثر استدامة، ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مساندة للحكومة

جدّد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، الشكر إلى السعودية على الدعم الدائم والسخي لحكومته، مؤكداً أن ذلك «تعبير مستمر لمواقف المملكة الأصيلة ودعمها الدائم للشعب اليمني في كل الظروف».

وأوضح بن مبارك أن «هذا الدعم سيمكّن الحكومة اليمنية من دفع مرتبات موظفي الدولة وإيقاف التدهور في سعر العملة، كما سيمكنها من المضي بإصرار في برنامج الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد».

من جهته، قال وزير المالية في الحكومة اليمنية إن الدعم السعودي الجديد «سيُسهم بشكل مباشر في تعزيز الاستقرار المالي، ودفع مرتبات موظفي الدولة، وإيقاف تدهور العملة الوطنية، مما سيخفّف من الأعباء المعيشية على المواطنين، ويدعم مسار التعافي الاقتصادي».

في السياق نفسه، أكد محافظ البنك المركزي اليمني أحمد أحمد غالب، أهمية الدعم الاقتصادي الذي قدّمته السعودية إلى الحكومة اليمنية، وقال: «هذه الدفعة من الدعم جاءت في ظروف اقتصادية حرجة واستثنائية؛ لتُسهم في تخفيف حدة الأزمة وتعيد بعض التوازن إلى القطاع المصرفي».

وأضاف غالب أن هذا الدعم سيُسهم في تلبية الاحتياجات الضرورية والالتزامات الحتمية للدولة، وفي مقدمتها دفع مرتبات الموظفين.

خطة للإصلاح

جاء الدعم السعودي الجديد بعد أن أقرت الحكومة اليمنية، الخميس الماضي، مشروع الخطة الاقتصادية الحكومية للأولويات العاجلة ومصفوفتها التنفيذية، مع التشديد على رفع مستوى الإيرادات وتحسين وصول الدولة إلى مواردها السيادية، ومكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة، والرقابة على أسعار الخدمات، والسلع الأساسية.

وحسب ما ذكره الإعلام الرسمي، استوعبت الخطة المسارات الخمس لأولويات رئيس الوزراء وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي الموقع مع صندوق النقد العربي، والخطط الحكومية ذات العلاقة بالتعاطي العاجل مع الوضع الاقتصادي والخدمي، وتعزيز جهود مكافحة الفساد، وتحسين الإيرادات العامة، وتقليص النفقات، وتنفيذ الإصلاحات الشاملة والتفاهمات مع شركاء اليمن من الدول والمنظمات المانحة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وذكرت وكالة «سبأ» أن الحكومة شكّلت لجنة إشرافية عليا برئاسة رئيس الوزراء، تتولى الإشراف على مستوى الإنجاز لخطة الحكومة للتعاطي مع المستجدات وأولوياتها العاجلة، ومراجعة التقارير المرفوعة من اللجنة الفنية، وتقييم مستوى التقدم في إنجاز المصفوفة التنفيذية لخطة الحكومة، بالإضافة إلى الاطلاع على الصعوبات التي تواجه عملية سير تنفيذ الخطة واقتراح المعالجات المناسبة، والعمل على حشد الدعم والتمويل اللازم لتنفيذ الخطة.

كما أقر الاجتماع الحكومي، الذي وُصف بـ«الاستثنائي»، تشكيل لجنة فنية من الجهات الرئيسة وذات العلاقة، تتولّى وضع الآلية والنماذج المناسبة لتنفيذ خطط الجهات المنصوص عليها بالمصفوفة، بما يسهّل عملية التنفيذ والمتابعة والتقييم، والرفع إلى اللجنة الإشرافية العليا بتقارير عن مستوى تنفيذ الخطة والمعوقات التي تواجه تنفيذها والمقترحات والحلول.

وأكدت الحكومة اليمنية التزامها بالعمل على تنفيذ توجيهات مجلس القيادة الرئاسي، في تسريع إجراءات التعاطي مع الوضع الاقتصادي، واحتواء تداعيات الإجراءات الممنهجة للميليشيات الحوثية المدمرة للاقتصاد الوطني، وإزالة جميع العوائق والقيود أمام مجتمع العمل الإنساني.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

المشرق العربي حفرة أحدثها سقوط صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب في 21 ديسمبر (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي صورة من كاميرا مراقبة وزعها الحوثيون تظهر لحظة استهداف غارة إسرائيلية برج مطار صنعاء (أ.ف.ب)

الحكومة اليمنية تندد باستدعاء الحوثيين الضربات الإسرائيلية

وسط خروق حوثية للتهدئة القائمة مع الجيش اليمني في جبهات تعز والساحل الغربي، جددت الحكومة الشرعية إدانتها لما وصفته بـ«الاستدعاء الحوثي» للضربات الإسرائيلية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي دورات عسكرية في صنعاء لمنتسبي القطاع الزراعي الخاضع للحوثيين (فيسبوك)

إخضاع منتسبي القطاع الزراعي في صنعاء للتعبئة العسكرية

أخضعت الجماعة الحوثية عشرات من المسؤولين والموظفين في القطاع الزراعي الخاضع لها في صنعاء للتعبئة الفكرية والعسكرية، ضمن حملات تطييف تستهدف كافة فئات المجتمع.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي المعلمون يطالبون برفع الرواتب لتتناسب مع الزيادة في أسعار السلع (إعلام محلي)

الإضراب يوقف التعليم بمناطق يمنية خاضعة للشرعية

شل الإضراب قطاع التعليم في محافظات يمنية من بينها تعز احتجاجاً على تأخر صرف المرتبات لمدة شهرين وللمطالبة بإعادة النظر بهيكل الأجور.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مظاهرة شعبية للاحتفال بالثورة اليمنية ورفض النفوذ الحوثي في إب العام الماضي (إعلام محلي)

تصفيات حوثية لأعيان محافظة إب رداً على الرفض الشعبي للجماعة

قتل قيادي حوثي أحد أعيان محافظة إب في وقت لا تزال الجماعة الحوثية تحاول تمييع قضية مقتل شيخ قبلي من المحافظة التي تشهد فوضى أمنية وفساداً بسبب ممارسات الحوثيين

وضاح الجليل (عدن)

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)
TT

مساعي مصر لتسلّم نجل القرضاوي... ما السيناريوهات المتوقعة؟

عبد الرحمن القرضاوي  (وسائل التواصل الاجتماعي)
عبد الرحمن القرضاوي (وسائل التواصل الاجتماعي)

أثار توقيف السلطات اللبنانية، عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، التابع لجماعة «الإخوان المسلمين»، على خلفية إدانته نهائياً في قضايا جنائية بمصر، تساؤلات بشأن إمكانية تسليمه للقاهرة في ظل جدل على منصات التواصل الاجتماعي.

ووفق الإجراءات القضائية الدولية، فإنه بعد التوقيف، تتحرك السلطات المصرية تلقائياً لتقديم ملف استرداد الموقوف القرضاوي، غير أن الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم القرضاوي لمصر، وفق ما ذكره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».

ومَثَل نجل القرضاوي أمام النيابة العامة التمييزية في لبنان، الاثنين، وخضع لاستجواب مطوَّل حول مذكرة «الإنتربول» الصادرة عن مجلس وزراء الداخلية العرب، التي تطلب توقيفه بناءً على حكم غيابي صادر بحقه عن القضاء المصري بالسجن 5 سنوات، وإدانته بجرائم «إذاعة أخبار كاذبة والتحريض على العنف والإرهاب والتحريض على قلب النظام».

وجرى إطلاع نجل القرضاوي على مضمون مذكرة «الإنتربول» الصادرة بحقّه، وأيضاً على برقية صادرة عن دولة الإمارات، تسلّمها النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي جمال الحجار، الاثنين، وتطلب من لبنان توقيفه أيضاً، وتسليمه إياه لملاحقته بجرم «التحريض على زعزعة الأمن في دولة الإمارات».

ولدى انتهاء جلسة التحقيق، أعطى القاضي الحجار إشارة بإبقاء عبد الرحمن القرضاوي موقوفاً على ذمة التحقيق، وقرر «تسطير كتاب إلى السلطات المصرية يطلب فيه إيداع ملف استرداده لدراسته، واتخاذ القرار بشأنه»، وفق مصدر قضائي لبناني لـ«الشرق الأوسط».

مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية بين مصر ولبنان بخصوص تسليم المجرمين، تستند على تقديم لبنان طلب الحصول على ملف استرداد من مصر على أن تقرر بعد وصوله مدى توافر شروط التسليم على الموقوف من عدمها»، مؤكداً أن «مصر ملزمة وفق الاتفاقية بشكل تلقائي أن تقدم طلب الاسترداد طالما تم توقيفه».

وحسب تقدير الشافعي، فإن «ملف الاسترداد تكون به الاتهامات والأحكام التي ستنظر فيها بيروت وترى بعدها إمكانية تسليمه للقاهرة من عدمه»، مشيراً إلى أن «الاتهامات التي تلاحقه جميعها جنائية وليست تهماً سياسية، التي تمنع الاتفاقات والقوانين الدولية تسليم أي دولة متهماً بها».

وفي حالة نجل القرضاوي، فإن الإدانة بحقه تتعلق بـ«تهم جنائية فقط، بالتالي وفق الورق المصري الذي سيرسل لبيروت، يجب تسليمه لمصر، لكن الأمر يخضع لظروف بيروت فهي صاحبة القرار في ذلك»، يضيف الشافعي.

مطالبات

ومنذ توقيفه، تصاعدت مطالب إعلامية وسوشيالية بتسليمه، كان بينها الإعلامي المصري أحمد موسى، الذي قال خلال تقديمه برنامج «على مسؤوليتي» عبر «صدى البلد»، السبت، إن سلطات لبنان أوقفت نجل القرضاوي، عقب عودته من سوريا إلى بيروت، وقيامه بـ«التحريض ضد مصر ودول خليجية في ساحة المسجد الأموي بدمشق».

وكشف موسى أن نجل القرضاوي «مطلوب للعدالة المصرية ومدرج على لائحة الإنتربول الدولي، حيث يواجه أحكاماً بالسجن لمدة 15 سنة في عدد من القضايا في المحاكم المصرية»، مؤكداً «ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسليمه إلى القاهرة».

وليس هناك وقت محدد لوصول ملف الاسترداد من مصر لبيروت، حسب الشافعي، مؤكداً أن القاهرة تقدم طلباً للإنتربول والأخير يخاطب مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام المصري، الذي يجهز الملف كاملاً وتسلمه الخارجية المصرية بعد ذلك للجهات اللبنانية التي تحوله للجهات القضائية المختصة.

وليس هناك ما يمنع أن يبقى نجل القرضاوي رهن الحبس حتى يصل ملف الاسترداد من مصر، أو يطلق سراحه بضمانات بقائه بالبلاد لحين حسم موقفه، وهذا كله يخضع لتقديرات السلطات اللبنانية، وفق مدير الإنتربول المصري السابق.

وكان الإعلامي عمرو أديب خلال برنامجه «الحكاية» عبر فضائية «mbc مصر»، تحدث السبت عن احتمال أن «تركيا ستقوم بممارسة ضغوط كبيرة على لبنان لمنع تسليم عبد الرحمن القرضاوي الذي يحمل جنسيتها»، مطالباً بتسليمه لمصر.

غير أن النائب العام التمييزي في لبنان، القاضي الحجار، قال لـ«الشرق الأوسط»، الأحد، إنه «لم تمارس أي دولة ضغوطاً على القضاء اللبناني الذي سينفِّذ القوانين في هذه القضية كما ينفِّذها في القضايا المماثلة كلها».

ولا تمنع الجنسية التركية لنجل القرضاوي أن يتم النظر في ملف استرداده الذي سيصل من مصر، ولا يمنع كذلك تسليم بيروت للموقوف بأي حال من الأحوال حتى ولو لم يكن يحمل الجنسية المصرية افتراضاً، وفق مدير الإنتربول المصري السابق اللواء مجدي الشافعي.

وفي المقابل، عقب توقيف سلطات لبنان نجل القرضاوي، ظهرت حملات مؤيدة لجماعة «الإخوان» المحظورة بمصر، بشكل مكثف تطالب بإطلاق سراحه، ونقلت مقطع فيديو لوكيله القانوني، محمد صبلوح، يطلب خلاله إطلاق سراح موكله.

بينما وصف الناشط المصري لؤي الخطيب ما تقوم به الجماعة المحظورة عقب توقيف نجل القرضاوي بأنه «رعب»، قائلاً في منشور عبر منصة «إكس»: «رعب المطاريد بعد اعتقال عبد الرحمن يوسف القرضاوي.. ده تمامكم.. تعيشوا حياة رخيصة مافيهاش أمان».

سيناريوهات

وفي ظل استمرار توقيف نجل القرضاوي، يضع أستاذ القانون الدولي، الدكتور أيمن سلامة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، سيناريوهات المستقبل قائلاً إن «لبنان الدولة المطلوب منها المتهم القرضاوي هي التي لها القول الفصل والحل والعقد وليس الإنتربول، وإن أصدر المذكرة الحمراء (المعنية بالتوقيف)»، موضحاً أن «الإنتربول بحسب الأمم المتحدة دوره تنسيق وتسهيل التعاون بين الدولة الطالبة تسليم المتهمين والدولة المطلوب منها التسليم».

وستعمل بيروت على تكييف طبيعة جريمة الملاحق والمطلوب تسليمه من مصر، فإن كيفتها سياسيةً، فمحظور تسليمه، كما تنص القوانين الدولية، فضلاً عن أن اتفاقية تسليم المتهمين بين البلدين يجب أن تكون مجددةً ليتم تنفيذ الأمر بالأساس، وفق سلامة.

وينبه أستاذ القانون الدولي إلى أن إيطاليا وألمانيا سبق أن رفضا تسليم الوزير السابق الإخواني محمد محسوب، والإعلامي أحمد منصور، رغم تقديم مصر ملف استرداد لهما، مؤكداً أن تقديم الملف لا يعني إطلاقاً حتمية استلام المطلوب، وستبقى الحكومة اللبنانية هي التي تقرر في نهاية المطاف قبول أو رفض تسليم نجل القرضاوي للقاهرة.