الحكومة اليمنية تتعهد مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية

TT

الحكومة اليمنية تتعهد مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية

تعهدت الحكومة اليمنية، في اجتماع لمجلس الوزراء في العاصمة المؤقتة عدن، بالاستمرار في مواصلة الإصلاحات الاقتصادية والإدارية، بما في ذلك مواصلة دعم التجار لاستيراد السلع الأساسية الخمس عن طريق الاعتمادات المستندية، وبسعر الصرف المعتمد من قبل البنك المركزي اليمني.
كانت التدابير الحكومية المتخذة في الأسبوعين الأخيرين قد أدت إلى تعافي العملة اليمنية تدريجياً أمام العملات الأجنبية، بعد أسابيع من التدهور غير المسبوق، مستفيدة في ذلك من الوديعة السعودية والمنح الأخرى التي قدمتها المملكة، سواء للبنك المركزي اليمني أو على صعيد شحنات الوقود المخصصة لتوليد الكهرباء.
وذكرت المصادر الحكومية الرسمية أن مجلس الوزراء انعقد الاثنين، برئاسة رئيس الحكومة معين عبد الملك، وخصص الاجتماع لبحث ومناقشة آخر المستجدات المتعلقة بعمل الحكومة في مساعيها لإصلاح الوضع الاقتصادي، والازدواج الوظيفي في الوظيفة العامة.
وبحسب ما أوردته وكالة «سبأ»، أكدت الحكومة التزامها الكامل بدعم وتوفير وتسهيل كافة الاعتمادات ومتطلبات استيراد السلع الأساسية، وضمان وصولها إلى جميع المحافظات والمديريات في الجمهورية اليمنية، إلى جانب التزامها بالاستمرار في تقديم التسهيلات والخدمات المصرفية التي أقرها القرار 75 لعام 2018 لتجار السلع الأساسية، المتمثلة في تنفيذ الاعتمادات والحوالات المالية الدولية المستندية لتجار السلع الغذائية، وتغطية احتياجاتهم من الدولار الأميركي.
وأكد الاجتماع الحكومي على تعليق الآليات التنفيذية الواردة في القرار، التي تحصر استيراد وشحن السلع الأساسية عبر الاعتمادات والحوالات المصرفية المستندية لضمان التدفق الكامل لكل الواردات من السلع الأساسية إلى اليمن، وتعزيز المخزون الغذائي.
وأثنى الاجتماع الحكومي على عمل اللجنة الاقتصادية، ودور البنك المركزي في تقديم التسهيلات المصرفية لتجار السلع الغذائية الأساسية، وأوصى بمرونة وسرعة الإجراءات، بما يلبي متطلبات إنقاذ الاقتصاد والوضع الإنساني، ورفع تقرير أسبوعي عما تم إنجازه في هذا الموضوع للأمانة العامة لمجلس الوزراء.
وكلف الاجتماع وزارة الصناعة والتجارة لتفعيل دورها ومؤسساتها الرقابية على السوق بشكل عام، وسوق السلع الغذائية بشكل خاص، لضبط أسعار السلع وبيعها في السوق الرسمية، وبالأسعار الطبيعية المتناسبة مع السعر التفضيلي الذي يحصل عليه التجار من البنك المركزي للدولار الأميركي.
كما شدد على ضرورة قيام الوزارة بعمل قائمة سوداء للتجار المخالفين، بالتنسيق مع البنك المركزي اليمني، في حين استمع الوزراء إلى مشروع معالجة الازدواج الوظيفي، والأسماء الوهمية في كشف الراتب، المقدم من وزير الخدمة المدنية والتأمينات، والذي يأتي في إطار تنفيذ خطة الحكومة لعام 2018، ووفق توجيهات الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ويؤكد المشروع المقدم أن «الازدواج الوظيفي، والأسماء الوهمية في كشوفات الراتب، شكل طوال السنوات الماضية إحدى أهم قنوات الفساد، التي ما تزال تستنزف الخزينة العامة بكثير من المبالغ، كما سبب عملية تضخم في النفقات».
واستناداً إلى المشروع الذي يهدف إلى إصلاح منظومة الخدمة المدنية، أقرت الحكومة تشكيل لجنة لمشروع الرقم الوطني، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية كل من نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية ووزير الخدمة المدنية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات ورئيس مصلحة الأحوال المدنية.
وأفادت وكالة «سبأ» أن الحكومة أكدت في الاجتماع على محاربة الفساد، والتزام الشفافية والحكم الرشيد، كجزء من أولويات الحكومة في خطتها وأعمالها التي تأتي في سياق إصلاح الوضع الاقتصادي، ووقف انهيار العملة المحلية، بما يخدم اليمنيين في أولوياتهم المعيشية.
وكان رئيس الحكومة اليمنية، معين عبد الملك، قد وعد بعد تعيينه في المنصب باتخاذ إجراءات من شأنها أن تحافظ على استقرار الاقتصاد، وتحول دون مواصلة تدهور سعر العملة المحلية، إلى جانب إعادة بناء هياكل المؤسسات الحكومية، والبدء في إعمار المناطق المحررة من قبضة الميليشيات الحوثية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».