طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

فقدان نفوذها المفاجئ في سوريا أكبر همومها الحالية

اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
TT

طهران تسارع لبناء علاقات مع القيادة الجديدة في دمشق

اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)
اللواء حسين سلامي (الثاني من اليسار) والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (مهر)

تحاول الحكومة الإيرانية استعادة بعض نفوذها مع القادة الجدد في سوريا، حيث تواجه طهران صدمة فقدان سلطتها المفاجئ في دمشق عقب انهيار نظام بشار الأسد. ورغم الأزمات الداخلية والدولية الكثيرة التي يواجهها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان حالياً، ومنها الأزمة الاقتصادية، والتوتر حول الملف النووي، فإن فقدان النفوذ المفاجئ في سوريا بعد سقوط الأسد لصالح جماعات المعارضة المسلحة هو ما يشغل المسؤولين الإيرانيين بشكل أكبر، وفق ما ذكرت صحيفة «الغارديان» البريطانية.

فعلى المدى القريب، تسعى طهران لاستعادة بعض نفوذها مع حكام دمشق الجدد، إذ يصرُّ الدبلوماسيون الإيرانيون على أنهم لم يكونوا مرتبطين بشكل وثيق بالأسد، وقد أُصيبوا بخيبة أمل من رفضه تقديم تنازلات.

وقال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في مقابلة أخيراً: «لقد توصَّلنا منذ زمن بعيد إلى استنتاج مفاده بأن استمرار الحكم في سوريا سيواجه تحدياً أساسياً، وكان من المتوقع أن يظهر المسؤولون الحكوميون مرونة تجاه السماح للمعارضة بالمشارَكة في السلطة، ولكن هذا لم يحدث». وأضاف: «كانت طهران دائماً على اتصال مباشر مع وفد المعارضة السورية. ومنذ عام 2011، كنا نقترح على سوريا ضرورة بدء محادثات سياسية مع تلك المجموعات المعارضة التي لم تكن مرتبطة بالإرهاب».

في الوقت نفسه، أصرَّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيراني، على أنَّ إيران دخلت سوريا في عام 2012 بناءً على طلب الأسد، فقط للمساعدة في هزيمة تنظيم «داعش»، قائلاً: «وجودنا كان استشارياً، ولم نكن أبداً في سوريا للدفاع عن مجموعة أو فرد بعينه. كان الأهم بالنسبة لنا هو المساعدة في الحفاظ على وحدة الأراضي والاستقرار في سوريا». لكن هذه التفسيرات لم تجد استجابةً تُذكر في دمشق، وتظل إيران واحدة من الدول القليلة التي انتقدها أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام».

شهر عسل قصير

الرئيسان التركي والإيراني التقيا في القاهرة على هامش قمة «دول الثماني» لبحث الوضع في سوريا (الرئاسة التركية)

ويدعي كثير من المسؤولين الإيرانيين أنَّ الإنجازات التي تستمتع بها تركيا حالياً في سوريا قد تكون قصيرة الأجل، حيث ستبدأ مصالح أنقرة في التباين مع الحكومة التي تقودها «هيئة تحرير الشام». وقال ناصر مكارم شيرازي، أحد المراجع الدينية في إيران: «علينا متابعة القضية السورية بالأمل، ونعلم أن هذا الوضع لن يستمر؛ لأن الحكام الحاليين في سوريا لن يبقوا متحدين مع بعضهم بعضاً». كما توقَّعت صحيفة «جوان» المحافظة أن «فترة شهر العسل الحالية في سوريا ستنتهي بسبب تنوع الجماعات، والمشكلات الاقتصادية، وانعدام الأمن، وتنوع الفاعلين».

تلقي إيران رسمياً باللوم على الولايات المتحدة وإسرائيل في انهيار نظام الأسد، لكن الاستياء الإيراني من دور أنقرة أيضاً واضح جداً. وفي خطابه الذي ردَّ فيه على سقوط الأسد، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، إن «دولة مجاورة لسوريا لعبت دوراً واضحاً في تشكيل الأحداث، وتواصل ذلك الآن».

ونشرت وكالة «فارس» للأنباء ملصقاً يُظهِر زعيم «هيئة تحرير الشام» متحالفاً مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الأميركي جو بايدن. كما تساءلت اللجنة الاستراتيجية العليا للعلاقات الخارجية، عمّا إذا كانت «هيئة تحرير الشام» ستظل حليفة لتركيا لفترة طويلة. وقالت: «على الرغم من أن تركيا من الفائزين الرئيسيين من سقوط بشار الأسد على المدى القصير، فإن أنقرة لا يمكنها أبداً جلب حكومة متحالفة معها إلى السلطة في سوريا حتى لو حاولت (هيئة تحرير الشام) تشكيل حكومة مستقرة، وهو أمر مستحيل، وعلى المدى المتوسط ستصبح تهديداً كبيراً لتركيا، التي تشترك بحدود طولها 830 كيلومتراً مع سوريا».

الاعتماد على تركيا

المدفعية التركية في حالة تأهب على الحدود مع تركيا قبالة عين العرب (إعلام تركي)

وتوقَّع الرئيس الإيراني السابق، حسن روحاني، مستقبلاً قاتماً لسوريا وتركيا، قائلاً: «في الأسابيع الأخيرة، تم تدمير كل القوة العسكرية لسوريا على يد إسرائيل، وللأسف لم يرد المقاتلون وتركيا بشكل مناسب على إسرائيل. وستستغرق إعادة بناء الجيش السوري والقوات المسلحة سنوات».

وأشار محسن بهاروند، السفير الإيراني السابق لدى بريطانيا، إلى أن حكومة دمشق الجديدة قد تجد نفسها معتمدة بشكل مفرط على تركيا. وقال: «إذا حاولت الحكومة المركزية في سوريا تعزيز سلطتها وسيادتها من خلال التدخل العسكري والمساعدة من الدول الأجنبية - بما في ذلك تركيا - فإن سوريا، أو أجزاء رئيسية منها، ستُحتل من قبل تركيا، وستدخل تركيا في مستنقع ستتكبد منه تكاليف بشرية واقتصادية باهظة».

وتوقع بهاروند حدوث توترات بين تركيا و«هيئة تحرير الشام»، خصوصاً حول كيفية التعامل مع مطالب الأكراد السوريين في شمال شرقي البلاد بشكل من أشكال الحكم الذاتي. وأضاف أن «الجيش الوطني السوري» المدعوم من تركيا مستعدٌّ لشنِّ هجوم ضد «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية في عين العرب (كوباني)، وهي بلدة سورية ذات أغلبية كردية على الحدود الشمالية مع تركيا.

وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، يوم الأربعاء، إنه إذا تمت معالجة القضية بشكل صحيح، فلن تسعى أنقرة إلى تدخل عسكري، مضيفاً: «هناك إدارة جديدة في دمشق، وأعتقد بأن هذا الأمر في المقام الأول هو من مسؤوليتها الآن».

وعلى نطاق أوسع، يدفع التغيير في سوريا إيران إلى تسريع إعادة التفكير في سياستها الخارجية. وتتركز المراجعة حول ما إذا كان ضعف ما يُسمى «محور المقاومة» يتطلب من إيران أن تصبح دولة نووية، من خلال بناء علاقات أفضل في المنطقة. ولسنوات عدة، كان القادة الإيرانيون يقولون إن «الدفاع عن إيران يجب أن يبدأ من خارج حدودها»، لكن عدداً من الدبلوماسيين الغربيين يرون أن هذه الاستراتيجية الباهظة التكلفة أصبحت الآن بالية إلى حد كبير، والطريقة التي تشرح بها إيران تراجعها في سوريا ستكون حاسمة في تحديد ما سيحل محل تلك الاستراتيجية.


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
TT

احتفالات بذكرى سقوط الأسد... وأنصاره يخططون لـ«انتفاضتين»

حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)
حشد كبير في ساحة العاصي بحماة أمس احتفالا بالذكرى السنوية الأولى لسقوط نظام بشار الأسد أمس (إ.ب.أ)

في موازاة احتفالات مستمرة في سوريا بمرور قرابة سنة على إسقاط حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، تسربت معلومات أمس عن خطط يقف وراءها رئيس سابق للمخابرات السورية وابن خال الأسد لإطلاق انتفاضتين في الساحل السوري ضد حكم الرئيس أحمد الشرع.

وجاءت هذه المعلومات، في وقت شهدت ساحة العاصي بمدينة حماة، الجمعة، فعالية حاشدة بمناسبة مرور عام على تحريرها من قوات الأسد. ورفع مشاركون في الفعالية علماً سوريّاً بطول 500 متر، وعرض 4 أمتار، وسط الساحة «في مشهد رمزي يؤكد وحدة الأرض والشعب»، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة «سانا» الرسمية.

تزامناً مع هذه الاحتفالات، نشرت «رويترز» تحقيقاً ذكرت فيه أن اللواء كمال حسن المسؤول السابق في المخابرات السورية، وابن خال الأسد الملياردير، رامي مخلوف، ينفقان ملايين الدولارات على عشرات الآلاف من المقاتلين المحتملين؛ أملاً في إشعال انتفاضتين ضد الحكومة الجديدة.

وقال 4 أشخاص مقربين من العائلة إن الأسد، الذي فرّ إلى روسيا في ديسمبر (كانون الأول) 2024، استسلم إلى حد كبير لفكرة العيش في المنفى بموسكو.


قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

قاسم يؤيد «الدبلوماسية» ويتمسك بسلاح «حزب الله»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم متحدثاً في احتفال «تعظيماً للعلماء الشهداء على طريق القدس وأولي البأس» (الوكالة الوطنية للإعلام)

رفع الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم، أمس، سقف خطابه السياسي، مؤكداً أنّ المشاركة برئيس مدني في لجنة وقف إطلاق النار تمثل «إجراءً مخالفاً للتصريحات والمواقف الرسمية السابقة»، التي كانت تشترط، حسب تعبيره، وقف الأعمال العدائية من قبل إسرائيل قبل إشراك أي مدني في آلية التنفيذ.

وفيما أعرب قاسم عن تأييده «خيار الدبلوماسية» الذي تتبعه السلطات اللبنانية، رأى أن تعيين السفير سيمون كرم على رأس الوفد اللبناني «تنازل مجاني لن يغيّر من موقف إسرائيل ولا من عدوانها ولا من احتلالها»، مشيراً إلى أنّ «المندوب المدني ذهب واجتمع فازداد الضغط، وأن إسرائيل ومعها أميركا تريدان إبقاء لبنان تحت النار». وأضاف: «نحن مستعدون للتضحية إلى الأقصى، ولن نستسلم».


«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
TT

«ونعمين» و«صياح» يحلقان بكأسي ولي العهد في السباق الفروسي الكبير

أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)
أمير الرياض يسلم الأمير متعب بن عبدالله كأس ولي العهد خلال مراسم التتويج (واس)

تحت رعاية الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ونيابة عنه، حضر الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض، أولى السباقات الكبرى للفئة الأولى على كأسي ولي العهد لشوطي الخيل المنتجَة «محليًا»، والشوط مفتوح الدرجات «إنتاج محلي ومستورد» المصنف دوليًا بدرجة «ليستد»، والمقام ضمن الحفل الثالث والأربعين من موسم سباقات الرياض بميدان الملك عبد العزيز في الجنادرية، وبجائزة مالية قدرها مليونا ريال.

وفي الشوط الثامن على كأس ولي العهد للإنتاج محلي الفئة الأولى مسافة 2400 متر، أحرز الجواد «ونعمين» العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز بالمركز الأول، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبدالله بن عبد العزيز.

وفاز بجائزة الشوط التاسع على كأس ولي العهد المصنف دوليًا «ليستد» على مسافة 2400 متر الجواد «صياح»، العائدة ملكيته إلى أبناء الملك عبد الله بن عبد العزيز، وسلم أمير منطقة الرياض كأس الشوط للأمير متعب بن عبد الله بن عبد العزيز.

يذكر أن الكأس يمثل أهمية كونه يحمل اسم ولي العهد إلى جانب أهميته الكبيرة في خارطة السباقات السعودية، بسبب فئويته العالية وقيمة جوائزه، إضافةً إلى مستوى المشاركة الفني الكبير، إذ أظهر البرنامج النهائي مشاركة نخبة من أقوى الخيل في الميدان السعودي على مسافة 2400 متر.