كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

«الشرق الأوسط» تحاور «بالو ألتو نتوركس» حول مستقبل الأمن السيبراني الذكي

تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)
تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)
TT

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية تشكيل الأمن السيبراني في 2025؟

تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)
تتضمن الاتجاهات الرئيسة لعام 2025 الاستعداد الكمومي وممارسات الأمن السيبراني الخضراء والامتثال (شاترستوك)

بينما تواجه المنظمات والشركات تهديدات سيبرانية متطورة، أصبحت تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والمنصات الأمنية الموحدة حاسمة في المشهد الحالي. لا تقتصر هذه الابتكارات على معالجة التهديدات الفورية فحسب، بل تساعد أيضاً في الاستعداد لتحديات المستقبل.

تحويل مراكز العمليات الأمنية

يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في الأمن السيبراني، خاصة داخل مراكز العمليات الأمنية (SOCs). مع تزايد تعقيد الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، تتوجه المنظمات نحو منصات بيانات موحدة لتعزيز الرؤية والاستجابة. يوضح حيدر باشا، الرئيس التنفيذي لأمن المعلومات لدى شركة «بالو ألتو نتوركس» لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية، خلال حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أن المنصات الموحدة لمراكز العمليات الأمنية تتيح دمج الرؤية والتحليلات والاستجابة، مما يعزز القدرة على اكتشاف التهديدات بشكل أسرع وأتمتة أولوياتها. وتعزز منصات مثل «Cortex XSIAM» لدى «بالو ألتو نتوركس» الكفاءة من خلال أتمتة المهام المتكررة، مما يسمح للمحللين بالتركيز على تفسير نتائج الذكاء الاصطناعي وصيد التهديدات، مما يعزز المرونة بحسب وصفه.

حيدر باشا الرئيس التنفيذي لأمن المعلومات لدى شركة «بالو ألتو نتوركس» لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية (Palo Alto)

تأثير الذكاء الاصطناعي

مع تحول الذكاء الاصطناعي إلى مساعد في العمليات الأمنية، تتغير طبيعة الأدوار البشرية. توفر الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي إمكانيات أتمتة للكشف عن التهديدات، مما يتطلب إعادة تعريف الوظائف التقليدية. يقول باشا إن المحللين سيتحولون إلى التركيز على مهارات أعلى، مثل تفسير مخرجات الذكاء الاصطناعي وصيد التهديدات. ويوضح أن المنظمات تحتاج إلى الاستثمار في تدريب فرقها على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي واستجابة الحوادث الاستراتيجية لضمان التعاون السلس بين البشر والذكاء الاصطناعي.

الأمن المقاوم للكمّ

لم تعد الحوسبة الكموميّة مجرد احتمال بعيد. وبينما لا تزال الهجمات الكمومية الفعلية على أساليب التشفير واسعة الانتشار غير ممكنة، ويُتوقع أن تصبح واقعاً خلال العقد المقبل. يعزز هذا الحاجة إلى خريطة طريق للأمن المقاوم للكم يشرحها حيدر باشا بالعناصر التالية:

- تقييم المخاطر: يجب على المؤسسات تحديد التطبيقات والتقنيات التي تحتاج إلى التشفير المقاوم للكم.

- الهجرة التدريجية: الانتقال إلى خوارزميات مقاومة للكم، مع مراعاة التأثيرات على الأجهزة وتأخيرات الأداء.

- التعاون مع القادة: التنسيق مع الأولويات المؤسسية لتعظيم إمكانيات الكم في تقليل استهلاك الطاقة وتحسين أحمال الذكاء الاصطناعي.

ويعُدّ باشا خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «الاستراتيجيات الفورية تشمل تطبيق التشفير الهجين والاستعداد لمعايير ما بعد الكم». يضمن هذا النهج الثنائي دفاعات فعالة ضد التهديدات الناشئة.

تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على أتمتة اكتشاف التهديدات وإعادة تعريف الأدوار البشرية للتركيز على التكتيكات المتقدمة (أدوبي)

كسر الصوامع الأمنية

أحد المحاور الرئيسة لتوقعات «بالو ألتو نتوركس» (Palo Alto Networks) للمستقبل هو الاتجاه نحو المنصات الموحدة التي تدمج أدوات الأمن السيبراني المختلفة. تسهّل هذه المنصات العمليات وتعزز الكفاءة، خاصة للمؤسسات الصغيرة ذات الموارد المحدودة. ويشرح باشا أنه يمكن للشركات الصغيرة تسوية ساحة اللعب من خلال خدمات مُدارة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ويوضح أن الشراكات مع مقدمي الحلول تتيح الوصول إلى التحليلات السلوكية والدفاعات المؤتمتة دون الحاجة إلى بيانات ضخمة. كما أن المنصات الموحدة أيضاً تدعم بنى الثقة الصفرية، وهو أمر بالغ الأهمية مع توسع الهجمات في نماذج العمل الهجين.

دور الأمن السيبراني في الاستدامة

مع تبني الممارسات البيئية، يجب أن تتماشى فرق الأمن السيبراني مع الأولويات البيئية. تقلل الابتكارات مثل التعلم الفيدرالي (وهو نهج مبتكر في مجال التعلم الآلي يهدف إلى تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات دون الحاجة إلى جمعها في مكان مركزي واحد) ونماذج الذكاء الاصطناعي الخفيفة من استهلاك الطاقة. ويشدد حيدر باشا على أن الاستدامة تبدأ بتحسين الخوارزميات واستخدام مراكز بيانات صديقة للبيئة. علاوة على ذلك يقول: «تمتلك أطر الكمّ إمكانات لتحسين كفاءة الطاقة في أحمال الذكاء الاصطناعي».

الذكاء الاصطناعي والخصوصية

مع تحول أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى عنصر أساسي في الأمن السيبراني، يصبح ضمان الشفافية والاستخدام الأخلاقي أمراً بالغ الأهمية. يؤكد باشا على أهمية الذكاء الاصطناعي القابل للتفسير والتقنيات التي تحافظ على الخصوصية. ويقول: «يجب على المنظمات إعطاء الأولوية للتفسير، مما يُظهر كيفية اتخاذ قرارات الذكاء الاصطناعي مع دمج تقنيات الحفاظ على الخصوصية مثل الخصوصية التفاضلية».

تعزز هذه الخطوات ثقة العملاء وتتوافق مع أطر تنظيمية مثل النظام الأوروبي العام لحماية البيانات (GDPR).

في المستقبل، سيدفع التقاطع بين الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وتقنيات الاتصال الناشئة مثل الجيل السادس للاتصالات الخلوية (6G) لتغييرات جذرية. بحلول عام 2030، يُتوقع أن يدير الذكاء الاصطناعي الكشف عن التهديدات والاستجابة بشكل مستقل. ويرى باشا أن هذا التقاطع سيمكّن أمان «إنترنت الأشياء» على نطاق غير مسبوق، مما يضمن حماية المليارات من الأجهزة المتصلة دون تدخل بشري.

تسهل هذه التطورات أيضاً تقسيم الشبكات، مما يتيح للشركات تخصيص حلول للأمن السيبراني حسب حالات الاستخدام بحسب رأيه.

"بالو ألتو نتوركس": يتطلب الأمن السيبراني مستقبلا حلولاً تعاونية قابلة للتكيّف والموازنة بين التهديدات الفورية والاستعداد طويل الأجل (شاترستوك)

مشهد الأمن السيبراني في عام 2025

حددت «بالو ألتو نتوركس» (Palo Alto Networks) خمسة اتجاهات رئيسة من المتوقع أن تشكل الأمن السيبراني بحلول عام 2025، وهي:

- الجاهزية الكمومية: ستتكثف الجهود لنشر خوارزميات مقاومة للكمّ، خاصة في الخدمات المالية والبنية التحتية الوطنية.

- مقاييس الذكاء الاصطناعي للأمن السيبراني: ستتبنى المنظمات مؤشرات أداء رئيسة لقياس فاعلية الأمن المدعوم بالذكاء الاصطناعي.

- إعادة تعريف الأدوار الوظيفية: سيؤدي الذكاء الاصطناعي المساعد إلى تغيير وصف الوظائف الأمنية.

لممارسات السيبرانية المستدامة: ستؤدي المبادرات الخضراء إلى تعزيز وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي.

- الامتثال التنظيمي: ستصبح الأدلة الفورية على تأثير الأمن السيبراني أمراً ضرورياً في عمليات التدقيق.

بناء دفاعات سيبرانية مرنة

يشهد مشهد الأمن السيبراني تحولاً جذرياً مدفوعاً بتقدم الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية والمنصات الموحدة. مع تقارب هذه التقنيات، فإنها تَعد بتحسين الكفاءة والاستدامة في العمليات الأمنية.

يلخص حيدر باشا هذا التصور قائلاً: «نركز على تقديم حلول تكيفية وشفافة ومواكبة للمستقبل. من خلال مواءمة التكنولوجيا مع الأولويات المؤسسية، نضمن بقاء الأعمال آمنة ومبتكرة في مواجهة المشهد المتغير للتهديدات».

بالنسبة للمؤسسات من جميع الأحجام، يكمن التحدي في موازنة التهديدات الفورية مع الاستعداد طويل الأمد. سواء من خلال مراكز العمليات الأمنية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، استراتيجيات مقاومة الكم، أو الممارسات المستدامة، يتطلب الطريق إلى الأمام نهجاً تعاونياً واستباقياً. فمع اقتراب عام 2025، ستصبح هذه الأدوات لا غنى عنها للتعامل مع هذه التعقيدات.


مقالات ذات صلة

طائرات أعضاء الحكومة الألمانية تتجهّز بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية

أوروبا طائرة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك تصل إلى بيروت 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

طائرات أعضاء الحكومة الألمانية تتجهّز بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية

تقوم وحدة الاستعداد الجوي التابعة لوزارة الدفاع الألمانية بتجهيز طائرات الركاب المخصصة لتنقلات أعضاء الحكومة بنظام حماية ضد الهجمات الصاروخية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تواجه السعودية التحديات السيبرانية باستراتيجيات متقدمة مع معالجة حماية البيانات وأمن السحابة وفجوات مواهب الأمن السيبراني.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف سمات شخصيتك من مقطع صوتي لك (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يكشف سمات شخصيتك من خلال صوتك

توصلت دراسة جديدة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكنه اكتشاف سمات شخصيتك من مقطع صوتي لك مدته 90 ثانية فقط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تقدم «APS» أدوات تحليل بيانات فورية تساعد التجار على مراقبة المعاملات واتخاذ قرارات ذكية خلال فترات الذروة (أدوبي)

خاص «أمازون» تنتهز موسم الرياض لإثبات حضورها في خدمات الدفع الإلكتروني

تعالج «أمازون لخدمات الدفع الإلكتروني» تحديات الطلب المرتفع من خلال حلول قابلة للتطوير وبنية تحتية مصممة للتعامل مع زيادات الطلب بسلاسة.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق شعار منصة «تلغرام» (رويترز)

دراسة: خوارزميات «تلغرام» تروج للمحتوى المتطرف

كشفت دراسة جديدة أن منصة التواصل الاجتماعي «تلغرام» تستخدم خوارزمية تروج للمحتوى المتطرف.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)
تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)
TT

السعودية تسجل 44 % انخفاضاً في الهجمات الإلكترونية حتى نوفمبر مقارنة بـ2023

تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)
تعمل استراتيجيات مثل الأمن متعدد الطبقات واستخبارات التهديدات المتقدمة على تعزيز دفاعات الشركات السعودية (شاترستوك)

يضع التقدم التكنولوجي وتحوله إلى العمود الفقري للاقتصادات الحديثة المنظمات أمام مجموعة متزايدة من تحديات الأمن السيبراني.

يكشف تقرير سنوي جديد لشركة «كاسبرسكي» لاقتصاديات أمن تكنولوجيا المعلومات، عن تناول اتجاهات أمن تكنولوجيا المعلومات وتحدياته في 27 دولة، بما في ذلك المملكة العربية السعودية.

ويبيّن التقرير الاتجاهات العالمية في مجال الأمن السيبراني والضغوط الفريدة التي تشعر بها الشركات في المملكة أثناء تنقلها في اقتصاد رقمي سريع.

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، يقول يوجين كاسبرسكي، الرئيس والمؤسس لشركة «كاسبرسكي» إن تحقيق السعودية تقدماً كبيراً في اقتصادها الرقمي، يمكّنها من ترسيخ مكانتها واحدةً من أكثر الدول تقدماً في المنطقة، وأن تصبح لاعباً مهماً على الساحة العالمية.

ويؤكد كاسبرسكي أن شركته تنظر إلى المملكة بصفتها سوقاً بالغة الأهمية؛ ما ينعكس على استثمارها في المواهب المحلية وبناء القدرات.

التعطل وفقدان الإنتاجية... مصدَرا قلق مستمر

يُعدّ تأثير التعطل وفقدان الإنتاجية أحد أكثر المخاوف إلحاحاً بين المنظمات السعودية، وهي القضية التي ذكرها 34 في المائة من المستجيبين في التقرير من داخل المملكة.

وتم تحديد أوقات الكشف والإصلاح المطولة لتهديدات الأمن السيبراني عوامل رئيسة.

عندما تتعرض أنظمة تكنولوجيا المعلومات للخطر، سواء بسبب الهجمات الخارجية أو الثغرات الداخلية، فإن التأثيرات المتتالية على الإنتاجية تكون فورية وشديدة.

من العمليات المعطلة إلى المشاريع المتأخرة، فإن العواقب محسوسة في جميع الصناعات.

يؤكد هذا التحدي على أهمية تبسيط عمليات الكشف عن التهديدات والاستجابة لها لتقليل الاضطرابات التجارية.

يٌعدّ الأمن السيبراني أمراً بالغ الأهمية للتحول الرقمي في المملكة العربية السعودية وأهداف «رؤية 2030» (شاترستوك)

حماية البيانات... أولوية قصوى

برزت حماية البيانات باعتبارها الشاغل الأكثر أهمية، حيث سلطت 73 في المائة من المؤسسات السعودية الضوء على هذه القضية.

تشعر الشركات في المملكة بالقلق بشكل خاص بشأن الخسارة المادية للأجهزة من قِبل الموظفين وتسرب البيانات الناجم عن عوامل داخلية وخارجية.

ومع تبني الشركات في السعودية الحلول الرقمية بوتيرة غير مسبوقة، ينمو حجم البيانات الحساسة التي يتم إنشاؤها وتخزينها ونقلها بشكل كبير.

يعدّ ضمان أمان هذه البيانات أمراً حيوياً لحماية ثقة العملاء والحفاظ على الامتثال التنظيمي.

لا يكمن التحدي فقط في الحماية من الهجمات الإلكترونية الخارجية، لكن أيضاً في معالجة نقاط الضعف داخل المؤسسة، مثل فقدان البيانات العرضي أو عدم كفاية وعي الموظفين.

تأمين بيئات التكنولوجيا المعقدة

في المملكة العربية السعودية، أعربت 21 في المائة من المنظمات عن مخاوفها بشأن إدارة بيئات التكنولوجيا المعقدة. ومع قيام الشركات بدمج المزيد من الأجهزة والمنصات المتصلة، تزداد المخاطر المرتبطة بتأمين هذه البيئات.

وقد سلَّط المستجيبون في التقرير الضوء على قضيتين رئيستين، الأولى تتعلق بارتفاع عدد الحوادث التي تنطوي على أجهزة متصلة غير حاسوبية، والأخرى هي الأخطاء التشغيلية في حلول الأمن السيبراني التي تترك الأنظمة معرّضة للخطر.

هذه التحديات، إلى جانب الصعوبات في إدارة الأمن عبر منصات الحوسبة المتنوعة، تعيق قدرة الشركات على إنشاء أطر قوية للأمن السيبراني.

تبني السحابة والمخاوف الأمنية

أصبح تبني البنية الأساسية السحابية سلاحاً ذا حدين بالنسبة لـ25 في المائة من المنظمات السعودية، بحسب تقرير «كاسبرسكي».

في حين توفر حلول السحابة قابلية التوسع والكفاءة، إلا أنها تقدم أيضاً مخاطر أمنية جديدة. يجب على الشركات التعامل مع خروق البيانات والوصول غير المصرح به وتعقيدات تأمين بيئات السحابة الهجينة.

هذه المخاوف ذات صلة خاصة مع تسريع السعودية لمبادرات التحول الرقمي بموجب «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد ووضع المملكة قائدةً في الابتكار والتكنولوجيا.

يُعدّ تبني السحابة أمراً أساسياً لهذا التحول؛ مما يجعل تدابير الأمن القوية أولوية بالغة الأهمية للشركات.

شهدت المملكة العربية السعودية 40 مليون هجوم إلكتروني في عام 2024 بانخفاض 44 % عن عام 2023 (شاترستوك)

التدابير الاستباقية واستخبارات التهديدات المتقدمة

تتعامل «كاسبرسكي» أيضاً مع مشهد التهديدات المتطور في المملكة باستخدام آليات دفاعية متطورة، بما في ذلك استخبارات التهديدات المتقدمة. يراقب خبراء الشركة أكثر من 20 مجموعة تهديدات مستمرة متقدمة تستهدف المنطقة؛ مما يوفر للمؤسسات رؤى قابلة للتنفيذ للتخفيف من المخاطر.

تكمل هذه الجهود التدابير الاستباقية للمملكة، مثل استراتيجية الأمن السيبراني الوطنية التي تعطي الأولوية لحماية البنية التحتية الحيوية، وتعزيز بيئة رقمية آمنة، وتعزيز التعاون الدولي ضد الجرائم الإلكترونية.

ووفقاً لقياسات «كاسبرسكي» عن بُعد، شهدت المملكة 40 مليون هجوم إلكتروني في أول 11 شهراً من عام 2024 وهو انخفاض بنسبة 44 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي؛ ما يسلط الضوء على جهود البلاد في الاستجابة للتهديدات الإلكترونية وحماية مستقبل المملكة الرقمي.

نداء لاستراتيجيات شاملة للأمن السيبراني

في ضوء هذه التحديات، يؤكد خبراء الأمن السيبراني على أهمية تبني نهج شامل ومنهجي لأمن المعلومات.

ويعلق أليكسي فوفك، مدير أمن المعلومات في «كاسبرسكي» قائلاً: «لم يعد المهاجمون يعتمدون فقط على الثغرات الأمنية التي لا يمكن اختراقها».

ويضيف فوفك أن نقرة بسيطة على رابط ضار أو ثغرة في البنية التحتية للمقاول يمكن أن تؤدي إلى تطوير. ويوضح: «إن أمن المعلومات لا بد وأن يتجاوز التدابير المعزولة إلى تبني نهج شامل».

تواجه 25 % من الشركات مخاطر تبني السحابة مثل الوصول غير المصرح به وقضايا أمن البيئة الهجين (شاترستوك)

معالجة فجوة المواهب

إن النقص في المتخصصين المؤهلين في مجال أمن المعلومات من القضايا البارزة الأخرى بالنسبة إلى المؤسسات السعودية.

ومع تزايد تعقيد التهديدات السيبرانية، تزداد الحاجة إلى الموظفين المهرة القادرين على إدارة هذه المخاطر والاستجابة لها بفاعلية.

ولمعالجة هذه الفجوة، تتجه الشركات في المملكة بشكل متزايد إلى خدمات الأمن المُدارة.

توفر حلول مثل الكشف والاستجابة المدارة (MDR) مراقبة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، واكتشاف التهديدات، وقدرات الاستجابة الآلية؛ مما يسمح للشركات بحماية عملياتها حتى في غياب الخبرة الداخلية.

التطلع إلى المستقبل

مع استمرار السعودية في تبني التحول الرقمي، يتعين على شركاتها التكيف مع مشهد الأمن السيبراني المتطور.

تشمل الاستراتيجيات الرئيسة تبسيط الكشف عن التهديدات والاستجابة لها لتقليل وقت التوقف عن العمل. أيضاً تنفيذ تدابير حماية البيانات المتقدمة لتأمين المعلومات الحساسة.

كما تتضمن الاستراتيجيات الاستثمار في حلول أمن السحابة لإدارة البيئات الهجينة بشكل فعال. إضافة إلى الاستفادة من خدمات الأمن المُدارة لسد فجوة المواهب وتعزيز رؤية التهديدات.

ومن خلال تبني هذه الأساليب، يمكن للمؤسسات السعودية تعزيز دفاعاتها السيبرانية وضمان المرونة في مواجهة التهديدات الناشئة.

خريطة طريق للمستقبل

لم يعد الأمن السيبراني اعتباراً ثانوياً للشركات في السعودية، بل إنه عنصر أساسي للنجاح التشغيلي. فمع تقدم المملكة نحو أهداف «رؤيتها 2030»، يجب على المؤسسات إعطاء الأولوية لتدابير الأمن السيبراني القوية والقابلة للتطوير والاستباقية لحماية البنية التحتية الرقمية الخاصة بها.