«تمنّى أن يُشنق للتخلص من الرعب»... تركي يروي فظائع سجون الأسد

المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
TT

«تمنّى أن يُشنق للتخلص من الرعب»... تركي يروي فظائع سجون الأسد

المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)
المعتقل التركي محمد أرترك يحكي قصته في السجون السورية من داخل منزله في بلدة ماغاراجيك (أ.ف.ب)

يعجز محمد أرترك عن أكل الخبز الذي تعدُّه زوجته خديجة، فقد خرج المواطن التركي بفم أجوف للتو من سجن سوري؛ حيث فقد نصف أسنانه، بينما النصف الآخر على وشك السقوط.

ويؤكد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كان التعذيب متواصلاً»، مستعيداً ضربات الهراوات التي كان يتلقاها على الفم من جانب الحراس في «فرع فلسطين» وهو سجن في دمشق أمضى فيه جزءاً من سنوات اعتقاله في سوريا، على مدى 21 سنة تقريباً.

أُوقف محمد في عام 2004 بتهمة التهريب، وعُثر عليه مساء الاثنين في بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد نحو 10 دقائق من الحدود السورية، عبر حقول الزيتون.

ويقول الرجل البالغ 53 عاماً الذي يبدو من خلال ملامح وجهه ومشيته أكبر سناً بكثير: «ظنَّت عائلتي أني مت».

محمد أرترك (أ.ف.ب)

في الليلة التي حُرر فيها من السجن، سمع إطلاق نار، وراح يصلي موضحاً: «كنا نجهل ما يحصل في الخارج. ظننت أن ساعتي قد حانت».

ثم راح يسمع ضربات مطرقة متسارعة. وبعد دقائق، فتح عناصر المعارضة الذين دخلوا دمشق لإسقاط حكم بشار الأسد، أبواب السجن.

«كما لو كنا في نعش»

تروي زوجته التي جلست في باحة المنزل العائلي مع ابنتها التي كانت في شهرها السادس عند اعتقال والدها: «لم نره منذ 11 عاماً، كنا نظن أنه قضى. لم يكن لدينا أي أمل».

حُكم على محمد الذي لديه 4 أبناء، بالسجن 15 عاماً، وزُج في زنزانة تحت الأرض، تحت رحمة حراس متحمسين من دون الاكتراث لموعد نهاية عقوبته في عام 2019.

ويروي قائلاً: «كانت عظامنا تظهر من شدة الضرب بالمطرقة على المعصمين».

ويتابع: «لقد صبوا المياه المغلية على عنق معتقل آخر. وقد ذاب جلد عنقه ونزل إلى أسفل»؛ مشيراً إلى وركيه.

وينزع جوربه ليظهر كاحله الأيمن الذي عليه بقع داكنة جرَّاء السلاسل.

آثار السلاسل على قدم محمد أرترك (أ.ف.ب)

ويؤكد: «خلال النهار كان ممنوعاً منعاً باتاً الكلام. كنا نجد صراصير في الطعام، ونعاني من الرطوبة وانتشار رائحة مراحيض»؛ متحدثاً عن مرور أيام «من دون ملابس ولا مياه ولا طعام، كما لو كنا في نعش».

ويضيف: «كانوا يضعون 115 إلى 120 شخصاً في زنزانة واحدة تتسع لعشرين شخصاً. قضى كثيرون جوعاً»، مؤكداً أن الحراس «كانوا يرمون من قضى في مكب نفايات».

«حبل في السقف»

ويوضح محمد أرترك: «نحن الأتراك تعرضنا لتعذيب كثير، بسبب دعم رئيسنا للشعب السوري في عام 2011»، مؤكداً أيضاً أنه حُرم من أدوية بسبب جنسيته.

وللتخلص من هذا الرعب، كان يتمنى أن يُشنق. ويوضح: «في أحد الأيام اقتادونا إلى مكان اعتقال جديد، ورأيت حبلاً متدلياً من السقف، وقلت في قرارة نفسي: (الحمد لله، الفرج آتٍ)».

أُوقف محمد أرترك في عام 2004 بتهمة التهريب وعثر عليه مساء الاثنين في بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد نحو 10 دقائق من الحدود السورية عبر حقول الزيتون (أ.ف.ب)

بشكل متكرر، يوقف روايته ليشكر الله و«رئيسنا العزيز إردوغان» على عودته على قيد الحياة إلى كنف عائلته، وأنه لم يكن بين الضحايا الكثر للسجون السورية الذين يزيد عددهم على الأرجح عن 105 آلاف، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومقره في لندن.

يعجز محمد أرترك عن أكل الخبز بعد أن فقد نصف أسنانه في التعذيب داخل السجون السورية (أ.ف.ب)

تعطيه إحدى شقيقاته مجموعة من الصور القديمة، على إحداها يظهر مع صديقه فاروق كارغا الذي دخل السجن في سوريا معه، بُعيد التقاط هذه الصورة.

محمد أرترك يحمل صورة تجمعه مع أصدقائه قبل اعتقاله (أ.ف.ب)

إلا أن فاروق كارغا لم يعد إلى دياره.

يؤكد محمد أرترك: «قضى جوعاً في السجن نحو عام 2018... كان وزنه 40 كيلوغراماً».


مقالات ذات صلة

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

المشرق العربي رجل يقف قرب علم سوري في نقطة مراقبة مرتفعة تطل على دمشق (د.ب.أ)

قوة إسرائيلية تتوغل في بلدة بيت جن بريف دمشق وترهب المدنيين

توغلت قوة إسرائيلية اليوم (السبت) في بلدة بيت جن بريف دمشق بدبابتين و7 عربات في محيط بلدة بيت جن بريف دمشق، حسبما نقل تلفزيون سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق )
الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

المشرق العربي الرئيس السوري أحمد الشرع يتحدث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي (رويترز)

كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

قالت الحكومة الكندية، اليوم (الجمعة)، إنها رفعت اسم سوريا من قائمة الدول الأجنبية الراعية للإرهاب وحذفت «هيئة تحرير الشام» من قائمة الكيانات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
المشرق العربي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره السوري أحمد الشرع يتصافحان بعد انتهاء مؤتمرهما الصحافي المشترك في قصر الإليزيه يوم 7 مايو الماضي (أرشيفية - أ.ف.ب)

فرنسا تنظر بإيجابية إلى التحولات الجارية في سوريا

بعد عام على سقوط بشار الأسد، تنظر فرنسا بإيجابية للتطورات الحاصلة في دمشق، وتعتبر أن سوريا مستقرة ضرورة للتوازن الإقليمي والدولي.

ميشال أبونجم (باريس)
المشرق العربي وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

الشيباني: نشكر كندا على رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب

شكر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني «كندا على قرارها رفع اسم سوريا من قوائم الدول الراعية للإرهاب».

«الشرق الأوسط» (دمشق)

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل 7 بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم

جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)
جنود إسرائيليون في قطاع غزة (أرشيفية - رويترز)

قالت قناة «الأقصى» الفلسطينية إن 7 أشخاص لقوا حتفهم بنيران الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ صباح اليوم السبت.

ولم تذكر القناة أي تفاصيل أخرى على الفور.

وفي وقت سابق اليوم، أفادت إذاعة «صوت فلسطين» بمقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في شمال غربي قطاع غزة.

جنود من الجيش الإسرائيلي يقفون فوق دبابة متمركزة بالقرب من الحدود مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

على الصعيد الآخر، ذكر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، أن قواته أطلقت النار على عدد من الأشخاص قال إنهم «اجتازوا الخط الأصفر وشكلوا تهديداً فورياً عليها»، مشيراً إلى أن القوات قتلت ثلاثة «لإزالة التهديد».

ومنذ بدء وقف إطلاق النار الهش، أفرجت «حماس» عن جميع الرهائن الأحياء وعددهم 20، وسلمت 27 جثة مقابل الإفراج عن نحو ألفي معتقل وسجين فلسطيني لدى إسرائيل.

ورغم تراجع وتيرة العنف، تواصل إسرائيل قصف غزة وتدمير ما تقول إنه بنية تحتية تابعة لـ«حماس». وتتبادل الحركة وإسرائيل الاتهامات بانتهاك الاتفاق.


التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
TT

التعاون الاقتصادي بين لبنان وإسرائيل: مبادرة ملغومة بتوقيت حساس

دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)
دبابات إسرائيلية تناور قرب الحدود مع لبنان (أرشيفية - رويترز)

يشكّل إعلان إسرائيل عن استعدادها لفتح قنوات تعاون اقتصادي مع لبنان، بالتزامن مع تكليف الرئيس اللبناني جوزيف عون للسفير السابق في واشنطن سيمون كرم ترؤس الوفد اللبناني في لجنة «الميكانيزم»، محطة جديدة في مسار المواجهة المعقّدة بين بيروت وتلّ أبيب.

وبينما تبدو خطوة إسرائيل مجرد انفتاح اقتصادي، إلا أنها «تحمل في جوهرها رسائل سياسية ملغومة بتوقيت حسّاس جداً»، حسبما تقول مصادر لبنانية، و«تندرج ضمن مسعى إسرائيلي لإعادة رسم مشهد إقليمي يتيح لها الظهور بمظهر الساعي إلى الاستقرار، مقابل تحميل لبنان ولا سيما (حزب الله) مسؤولية استمرار التوتر».

ولا يعكس الموقف الإسرائيلي بالنسبة للبنان تغيّراً فعلياً في السلوك، أو المقاربة، بقدر ما يشكّل محاولة لتسويق صورة سياسية يريدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مرحلة دقيقة داخلياً، وإقليمياً. وتقول المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إسرائيل، التي تواصل عملياتها العسكرية في لبنان براً وبحراً وجواً، لا تبدو مستعدة لاتخاذ خطوات عملية، بل تكتفي بإشارات مرونة محسوبة، تؤسّس بمفهومها لمرحلة تفاوض محتملة حين تنضج الظروف، وتتقاطع الحسابات الإقليمية».

الغاز والنفط

ويشكّل موقع لبنان الجيوسياسي نقطة جذب إقليمية لإسرائيل، وكل دول المنطقة، رغم قدراته الاقتصادية المحدودة. ويقول مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن تل أبيب «لا تسقط من حساباتها إمكانية التعاون في مجال الطاقة والغاز، لا سيما بعد اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي وقعته مع لبنان في العام 2022، حيث تسعى لإعطاء انطباع بأن شرق المتوسط يمكن أن يتحوّل إلى منطقة تبادل اقتصادي».

رئيس الحكومة نواف سلام خلال استقباله وفد مجلس الأمن الدولي في بيروت يوم الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

ويلفت المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن إسرائيل «تولي أهمية قصوى للتعاون في البنى التحتية الحدودية، مثل إدارة الموارد المائية، خصوصاً أن طمعها بمياه لبنان تاريخي، كما تتطلع إلى ربط أسواق المنطقة ببعضها، خصوصاً إذا فُعّل مشروع ممرات النقل الإقليمي».

ويشدد المصدر الرسمي على أن «أي تعاون اقتصادي بين دولتين في حالة نزاع مستمر يتطلب أولاً وقفاً دائماً لإطلاق النار، يتبع بترتيبات أمنية واضحة، ثم فتح قنوات اتصال رسمية، مقرونة بضمانات دولية، لذلك تبقى المبادرة الإسرائيلية مجرّد خطوة يحاول نتنياهو استثمارها في الداخل، ليظهر للمجتمع الإسرائيلي أنه انتزع مكاسب مهمّة في بداية مرحلة التفاوض مع لبنان».

رسالة سياسية

وينظر الخبراء إلى المبادرة الإسرائيلية على أنها رسالة سياسية موجّهة إلى الخارج أكثر مما هي طرح اقتصادي قابل للتطبيق. ويرى الباحث في الشؤون الجيوسياسيّة الدكتور زياد الصائغ أن إسرائيل «تسعى إلى الاستثمار في الموقف الأميركي السّاعي إلى تطبيق عملاني لمقرّرات مؤتمر شرم الشيخ، ولقاءات الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، بما يعني الذهاب أبعد من وقف القتال».

ويؤكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن إسرائيل «تعتبر أن السلام من البوّابة الاقتصادية هو الأنجع لتجاوز الصراعات، لكنّ هذا أقرب إلى الفولكلور، لا سيّما مع استمرار احتلال إسرائيل لأراضٍ لبنانيّة»، ويشدد الصائغ على أن «الاستعجال، ورفع منسوب ما جرى في لجنة الميكانيزم قد يأخذ طابع جسّ النبض أيضاً لمدى استعداد لبنان للذهاب بعيداً في المفاوضات، وهذا أيضاً يشكّل محاولة غير ناضجة الظروف».

سفينة عسكرية إسرائيلية تبحر بجوار منصة إنتاج حقل ليفياثان للغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - رويترز)

لكن الاستعجال الإسرائيلي للتعاون الاقتصادي مغاير تماماً للمشهد اللبناني، باعتبار أن الذهاب نحو هذا الخيار أشبه بالمغامرة، ويؤكد الصائغ أنّ «ملف لبنان التفاوضيّ يبدو ضبابيّاً حتى السّاعة، ولو أنّ سقفه اتفاقيّة الهدنة الموقعة ما بين لبنان وإسرائيل في العام 1949 برعاية الأمم المتحدة، لكن من الواضح أنّ السفير سيمون كرم، وبخبرته الواسعة ووضوحه السّيادي، سيفتح الطريق أمام بناء عناصر هذا الملف من المسار السياسي، إلى الدبلوماسيّ، إلى القانونيّ، إلى ذاك المرتبط بالقرار 1701».

ويذكّر بأن لبنان «جزء من الإجماع العربي، وملتزم بسقف المبادرة العربية للسلام، وكل ما يُساق خارج ذلك يبقى من قبيل التمنّيات، أو التوقّعات، لكن من الواضح أنه لا عودة عن قرار تجفيف الصراعات والحروب في الشرق الأوسط».

طاقة وسياحة

إضافة إلى ذلك، يطرح تركيز الحكومة الإسرائيلية على المجال الاقتصادي علامات استفهام في ظلّ محدودية الدور الاقتصادي للبنان في المنطقة، ولا يستبعد الصائغ أن «تسعى إسرائيل إلى تعاون اقتصادي مع لبنان على المستوى النفطي، أو السياحي، أو الصناعي، خصوصاً في ظلّ الحديث عن فكرة إنشاء منطقة اقتصاديّة على حدود لبنان الجنوبيّة، انطلاقاً من المبادرة الأميركية». لكنّه شدد على أن ذلك «لا يستقيم قبل حوار دبلوماسيّ بطابع سياسي، ويبدو مستحيل المنال في هذه المرحلة، خصوصاً مع استمرار احتلال إسرائيل للنقاط الخمس، وعدم إنجاز تسوية تحريرية لمزارع شبعا، وبدء إعمار الجنوب، توازياً مع تحقيق بسط الدولة اللبنانية سيادتها حصراً على كامل أراضيها بقواها الذاتيّة». وختم الصائغ بالقول إن «ذلك كلّه يبقى مضبوطاً تحت سقف اتفاقية الهدنة 1949».


إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقصف وتقتل وتُدمر ما تبقّى تحت سيطرتها بغزة

طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية تحمل خبزاً في حين يستعد آخرون لدخول صفوفهم في مدرسة للأونروا تؤوي عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تسعى إسرائيل قبيل الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع مساعي الوسطاء، خصوصاً الولايات المتحدة، للانتقال إليها في أقرب فرصة ممكنة، إلى تدمير ما تبقّى في المناطق الخاضعة لسيطرتها داخل قطاع غزة، والتي تُقدر بنحو 53 في المائة من المساحة العامة للقطاع.

وينص وقف إطلاق النار في مرحلته الثانية، حال نُفّذ وفق الاتصالات المتسارعة في الأيام الأخيرة، على انسحاب آخر للقوات الإسرائيلية من داخل قطاع غزة، مع الحفاظ على بقائها في مناطق أخرى قد تصل إلى نحو ما مساحته 20 في المائة من مساحة القطاع.

وخلال ساعات ليل ونهار السبت، لم تنفك القوات الإسرائيلية باستخدام الطائرات الحربية تارةً، ومن خلال العربات المفخخة تارةً أخرى، بقصف وتدمير ما تبقى من منازل وبنى تحتية، سواء داخل الخط الأصفر المشار إليه ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بوصفه خط انسحاب أولياً، أو على جانبه من داخل المناطق الخاضعة لسيطرة حركة «حماس».

أطفال يستعدون للدخول إلى صفوفهم في مدرسة للأونروا تعيش فيها عائلات نازحة تضطر يومياً لإخراج أمتعتها لمتابعة يوم دراسي جديد في دير البلح وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

ولوحِظ خلال الأيام الثلاثة الماضية تكثيف الغارات الجوية وعمليات النسف، حتى داخل مدينة رفح التي تُسيطر عليها القوات الإسرائيلية منذ أكثر من عام ونصف العام، وكذلك شرق مدينتَي خان يونس وغزة. كما امتدت هذه العملية، من مساء الجمعة حتى ظهر السبت، إلى مناطق واقعة شرق وشمال جباليا وبيت لاهيا شمالَ قطاع غزة. وتسببت إحدى عمليات النسف في منطقة زايد ببيت لاهيا، ليلاً، في وقوع انفجار ضخم سُمِع دويه في جميع أنحاء قطاع غزة، ووصل صداه حتى جنوب تل أبيب.

وتعمد إسرائيل إلى تدمير ما تبقى من مبانٍ ومنازل في تلك المناطق، بهدف حرمان سكانها من العودة إليها بعد الانسحاب منها، في عملية تدمير ممنهجة، انتهجتها بشكل كبير خلال الحرب التي استمرت عامين على قطاع غزة.

ووفقاً لمصادر ميدانية تحدّثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تكتفِ بعمليات القصف والنسف للمنازل والمباني داخل مناطق سيطرتها، بل عملت على استخدام العربات المفخخة، وإدخالها إلى مناطق غرب الخط الأصفر -مناطق سيطرة «حماس»- وذلك تحت نار القصف المدفعي، وإطلاق النار من المسيرات، لتصل إلى مناطق سكنية بهدف تدميرها بشكل كامل.

وأوضحت أن ذلك تزامن أيضاً مع عمليات توغّل ازدادت حدّتُها في الأيام الأخيرة، ولا سيما شرق مدينة غزة، وتحديداً في حييّ الشجاعية والتفاح. وأشارت إلى أن الآليات الإسرائيلية توغّلت مسافة لا تقل عن 350 متراً خلف الخط الأصفر، واقتربت من شارع صلاح الدين الرئيسي عند الحيَّين، ما يعني أنها باتت تفرض سيطرة شبه كاملة عليهما.

خيم النازحين وسط الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي جواً وبراً في مدينة غزة الجمعة (أ.ب)

وأشارت إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي كررت المشهد ذاته صباح السبت في خان يونس، بعدما تقدّمت إلى أجزاء من حي الشيخ ناصر وأقامت سواتر ترابية، فيما قامت طائرات مسيّرة بإطلاق النار في مختلف الاتجاهات وعلى أي هدف متحرك. وبعد انسحاب القوات تبيّن أن الهدف من إقامة السواتر الترابية كان تمهيد الطريق لآليات هندسية لتنفيذ عمليات حفر في حي الفرا المجاور.

وقالت المصادر إن قوات الاحتلال الإسرائيلي ما زالت تعمل على توسيع سيطرتها في قطاع غزة، من خلال تقديم المكعبات الأسمنتية الصفراء، المشار إليها بالخط الأصفر، من خلال التقدم جزئياً من حين إلى آخر داخل بعض المناطق.

وتزامنت هذه التطورات مع قتل القوات الإسرائيلية 4 فلسطينيين، في حادثتين منفصلتين شمال القطاع، كما أصابت آخرين في مناطق أخرى.

ووفق مصادر طبية، فقد قُتل شابّان في إطلاق نار شرق جباليا البلد، فيما قُتل اثنان آخران وأصيب 3 في إطلاق نار ببلدة العطاطرة شمال غربي بيت لاهيا. كما أُعلن عن وفاة خامس متأثراً بجروحه بعد أن استهدفته طائرة مسيّرة، مساء الجمعة، بإطلاق النار عليه وعلى نجله، وهما يعملان في جهاز الدفاع المدني بغزة.

وأصيب عدد من الفلسطينيين بإطلاق نار في مناطق متفرقة، بينهم غزي بجروح خطيرة إثر قصف مدفعي استهدف محيط شارع صلاح الدين قبالة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، في حين أصيب آخر بإطلاق نار من مسيرات شرق خان يونس.

وبذلك يكون قد قُتل ما لا يقل عن 370 فلسطينياً، وأصيب أكثر من 960 منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فيما قتل 70357 منذ السابع من أكتوبر 2023.