العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

المالكي قال إن «انهيار دمشق يعني سقوط المنطقة برمتها»

TT

العراق يشجع على «حوار إقليمي» لإنهاء المعارك في سوريا

السوداني طلب استضافته في البرلمان بشأن الأزمة السورية (إعلام حكومي)
السوداني طلب استضافته في البرلمان بشأن الأزمة السورية (إعلام حكومي)

في جلسة سرية للبرلمان العراقي، أكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قدرة الأجهزة الأمنية على ضبط الحدود، ومنع أي اختراق أمني، ربطاً بالأزمة السورية، بينما شدد على انخراط الدبلوماسية العراقية في جهود إقليمية لإعادة الاستقرار إلى البلد الجار.

واستعرض السوداني خلال الجلسة، الأربعاء، الخطط التي قامت بها حكومته على المستويين: الأمني والسياسي، لمواجهة التداعيات المحتملة للأزمة السورية.

وقال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، في بيان، له إن «رئيس الوزراء استعرض، في جلسة مجلس النواب، السياسات والتدابير الحكومية المتخذة لمواجهة تحديات المنطقة وتطوراتها منذ أحداث 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

السوداني ورئيس البرلمان محمود المشهداني (إعلام حكومي)

وطبقاً للبيان، فإن «البرلمان أكد دعمه لأي خطوات تعزز الأمن والاستقرار، مع التركيز على التعديل الوزاري وملاحظات الأداء الحكومي».

وتناولت الجلسة، بحسب اللجنة القانونية النيابية، تنفيذ البرنامج الحكومي، والتطورات على الحدود العراقية عقب الأحداث في سوريا.

وأعلنت الدائرة الإعلامية للبرلمان العراقي أن استضافة رئيس الوزراء «تأتي في إطار حرص المجلس على متابعة تنفيذ البرنامج الحكومي ومناقشة المواضيع ذات الأولوية، بما في ذلك ملف الأمن، والاقتصاد، والخدمات العامة، بالإضافة إلى مناقشة آخر المستجدات على الساحة المحلية والدولية».

وأكد مصدر سياسي لـ«الشرق الأوسط»، أن «طلب السوداني الحضور إلى مجلس النواب يعكس رغبته في تكامل العمل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ إذ إن هذا النهج يسهم في ترسيخ التعاون لتحقيق أهداف وطنية مشتركة، كما يعزز الثقة بالعمل المؤسسي، ويؤكد الالتزام بمصلحة الدولة».

وبيّن المصدر أن «مبادرة رئيس الوزراء بالحضور أمام البرلمان تُبرز انفتاحه على النقاش العام حول أداء حكومته والقضايا الإقليمية الحساسة التي تؤثر على العراق».

وأوضح أن «السوداني يسعى إلى تعزيز التفاهم المؤسسي، وتقديم رؤية واضحة حول أداء الحكومة، والتركيز على عرض الحقائق والإنجازات، ودعم أهداف التنمية المستدامة بأسلوب شفاف ومباشر».

وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط»، إن «السوداني قدم عرضاً مفصلاً حول الوضع في سوريا، والاحترازات الأمنية التي يقوم بها العراق، خصوصاً على الحدود»، وأشار إلى أن «رئيس الحكومة أكد انخراط الدبلوماسية العراقية في حوارات إقليمية ودولية لإعادة الاستقرار في سوريا».

السوداني خلال جلسة سرية للبرلمان العراقي يوم 4 ديسمبر 2024 (إعلام حكومي)

تحذيرات المالكي

شدد زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي، الأربعاء، على «حماية سوريا ووحدة أراضيها وأمنها واستقرارها من الهجمات التي تشنها التنظيمات المسلحة، والتي تمكنت من خلالها من السيطرة على أجزاء واسعة من تلك البلاد مؤخراً».

وقال المالكي في كلمة متلفزة إن «أي خلل في استقرار سوريا ووحدتها سيؤثر على المنطقة جميعاً». وأضاف: «نحن دافعنا عن سوريا سابقاً من هذا المنطلق؛ لأنها دولة محورية ومركزية، وسقوطها يعني استباحة للمنطقة بكاملها».

وأوضح المالكي أن «الدفاع عن سوريا دفاع عن البلدان المجاورة وعن المنطقة بأكملها، وهو دفاع عن لبنان وعن الأردن وعن العراق وفلسطين ودول أخرى»، مردفاً بالقول إن «الجميع مدعو إلى أن يكون له موقف حقيقي وداعم لمواجهة هذا التحدي الكبير».

وتابع المالكي بالقول: «لا بد لنا نحن في العراق وفي المنطقة والدول العربية والإسلامية من حماية سوريا واستقرارها وعودة وضعها الطبيعي إلى ما كانت عليه».

من جهته، حذر رئيس «تيار الحكمة»، عمار الحكيم، من الانهيار الأمني في سوريا، وخطورة تداعياته على البلاد، مؤكداً أن العراق يخوض حراكاً سياسياً ودبلوماسياً على الصعيد الداخلي والخارجي لحماية أراضيه.

وقال الحكيم في مؤتمر صحافي عقده على هامش زيارته لمحافظة ديالى، الأربعاء، إن «هناك استنفاراً أمنياً وسياسياً ودبلوماسياً لدفع الخطر عن العراق»، مردفاً بالقول إنه تم إرسال قوات كافية إلى الحدود».

وأضاف أن هناك إجراءات لترصين الجبهة الداخلية، وتم اتخاذ أعلى الاستعدادات الأمنية والعسكرية لحماية العراق، مشيراً إلى أن العراق يخوض حراكاً سياسياً ودبلوماسياً داخلياً وخارجياً لحماية أراضيه، والحد من توسع المخاطر في المنطقة، وتمدد الإرهابيين في سوريا».

كما شدد الحكيم على أن العراق معني بتقديم الدعم السياسي والاقتصادي والتعاون مع الحكومة السورية؛ لدرء مخاطر الإرهاب، محذراً من أن «الانهيار الأمني في سوريا ستكون له انعكاسات خطيرة على العراق، ولكن في المقابل هناك جهوزية كاملة لحماية أرضنا سياسياً وأمنياً وعسكرياً».

وكان ائتلاف «إدارة الدولة»، وهو المظلة السياسية للحكومة التي تضم قوى شيعية وسنية وكردية، قد دعا في وقت سابق إلى «مبادرة لاجتماع دول الجوار المعنية بالأزمة السورية ببغداد».

وعبر الائتلاف، في بيان صحافي، عن «دعمه لكل الجهود الحكومية الدبلوماسية والأمنية التي تقوم بها منذ بداية الأزمة»، فيما دعا إلى أن «تكون بغداد مقراً للحوارات المستمرة».


مقالات ذات صلة

العراق: السجن لمتهمين في قضية التنصت بمكتب السوداني

المشرق العربي السوداني (وسط) مع رئيس البرلمان المشهداني خلال استضافته في البرلمان الأربعاء الماضي (رئاسة الوزراء)

العراق: السجن لمتهمين في قضية التنصت بمكتب السوداني

أصدر القضاء العراقي، أمس، حكماً بالسجن 4 سنوات بحق كل من محمد جوحي وعلي مطير، المتهمَين الرئيسيين في قضية «التنصت».

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني (وسط) مع رئيس البرلمان المشهداني خلال استضافته في البرلمان الأربعاء الماضي (رئاسة الوزراء)

العراق: السجن 4 سنوات لمتهمين رئيسين في قضية «التجسس»

أصدرت محكمة جنايات الكرخ، الاثنين، حكماً بالسجن 4 سنوات على المتهمين الرئيسين في قضية «التنصت» محمد جوحي وعلي مطير.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي جلسة للبرلمان العراقي تناقش تطورات الأوضاع في سوريا الأسبوع الماضي (البرلمان)

المشهداني يبحث مع القيادات السنية تحصين الجبهة الداخلية بعد زلزال سوريا

بحث رئيس البرلمان العراقي، الدكتور محمود المشهداني، مع القيادات السنية تطورات الوضع في سوريا وانعكاساته المحتملة على العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
العالم العربي صاروخ وهمي من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يتبنون هجوماً باتجاه إسرائيل بالاشتراك مع فصائل عراقية

تبنى الحوثيون (الأحد) هجوماً بالطائرات المسيرة على إسرائيل بالتنسيق مع فصائل عراقية موالية لإيران، فيما أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخين أُطلقا من اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد في سوريا (أ.ف.ب)

العراق يدقق هويات جنود سوريين سلموا أنفسهم

يواصل العراق تعزيز حدوده مع سوريا بمزيد من القوات الأمنية، بينما أغلق معبر «القائم» بعد دخول جنود سوريين سلّموا أسلحتهم وخضعوا للتدقيق الأمني، وفقاً لمسؤولين.

حمزة مصطفى (بغداد)

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)
يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)
TT

سوريا «مسرح جريمة» قد تُفْتح أبوابه أخيراً للمحققين الأمميين

يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)
يتجمع الناس في سجن صيدنايا في دمشق بحثاً عن أحبائهم (أ.ف.ب)

يأمل محققون أمميون يجمعون منذ سنوات أدلّة توثّق الفظائع المرتكبة في سوريا أن يتيح لهم سقوط بشار الأسد الوصول أخيراً إلى ما يشكّل بالنسبة إليهم «مسرح الجريمة».

وفي مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» بعد سقوط بشار الأسد في نهاية الأسبوع الماضي، أكّد روبرت بوتي الذي يدير منذ مطلع عام 2024 مجموعة المحققين الأمميين «التغيّر العميق» الحاصل بعدما «باتت الأدلّة في سوريا أخيراً متاحة».

كلّفت الآلية الدولية المحايدة المستقلة التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2016، وتتّخذ في جنيف مقرّاً بالمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن الجرائم الأشد خطورة، وفق تصنيف القانون الدولي، المرتكَبة في الجمهورية العربية السورية منذ مارس (آذار) 2011.

وصرّح بوتي: «بات من الآن جليّاً أن كمّيات كبيرة من الأدلّة موجودة»، مشيراً إلى تسجيلات مصوّرة للسجون التي تفرغ من نزلائها تظهر «قاعات مملوءة بأطنان من المستندات».

ورأى هذا المدّعي والحقوقي الكندي أن «كمّية كبيرة من المعلومات ستصبح في المتناول».

لكن بعد نحو 14 عاماً من الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص، فتح هجوم «هيئة تحرير الشام» وفصائل مسلّحة حليفة لها مرحلة محفوفة بعدم اليقين في سوريا.

وفي خلال 8 سنوات، جمع الأعضاء الـ82 في الآلية الدولية المحايدة المستقلة كمّيات كبيرة من الأدلّة على الفظائع التي ارتُكبت في سوريا اختُزلت في 283 تيرابايت من البيانات، وفق ما كشف بوتي.

وبالنسبة إلى مجموعة المحققين هذه الذين تصفهم الأمم المتحدة بـ«ميسّري العدالة»، حان الوقت «لبدء مواجهة حالة الإفلات من العقاب المعمّمة» في سوريا، حيث جرى «قصف مستشفيات واستخدام أسلحة كيميائية وتعذيب منهجي في السجون التي تديرها الحكومة وعنف جنسي وقائم على النوع الاجتماعي معمّم وحتّى إبادة جماعية».

وأكّد بوتي أن «القائمة شاملة من المجازر إلى استخدام الأسلحة الكيميائية، من الاستعباد إلى الإبادة الجماعية»، و«لا يحدّها سوى خيال مرتكبي هذه الأفعال الذي بات ينمو للأسف على ما يبدو مع نموّ الوسائل في متناولهم».

«صون الأدلّة»

استُخدمت الأدلّة التي جمعتها الآلية الأممية في نحو 230 تحقيقاً أجري في السنوات الأخيرة في 16 ولاية قضائية، أبرزها بلجيكا وفرنسا والسويد وسلوفاكيا.

غير أن السلطات السورية لم تسمح يوماً للمحققين الأمميين بالدخول إلى أراضيها.

لكن سقوط بشار الأسد قد يغيّر المعادلة.

وأوضح بوتي قائلاً: «إنه مسرح الجريمة، وإذا ما تسنّى لنا الوصول إليه، قد تتغيّر المعادلة بالنسبة إلينا»، مشدّداً على ضرورة «صون الأدلّة» في الوقت الحالي.

ولفت إلى أن المجتمع المدني السوري يتمتّع بدراية وخبرة جيّدة في سبل حفظ البيّنات، وضمان استخدامها في سياق ملاحقات قضائية.

ولهؤلاء الذين ليس لهم باع طويل في هذا الخصوص، نشرت الآلية «دليل استخدام» على موقعها الإلكتروني يوضّح بعض المسائل الأساسية، مثل ضرورة حفظ الأدلّة في موقع آمن والحدّ من عدد الجهات التي تتعامل معها إلى أقلّ قدر ممكن، وتحديد سلسلة الحيازة بوضوح.

وأعرب بوتي عن استعداد الآلية لتقديم الدعم للعدالة السورية والمحكمة الجنائية الدولية، إذا ما اتّخذت تدابير للسماح لها بتولّي هذا الملفّ، إذ إن سوريا لم تصادق بعد على المعاهدة الخاصة بالمحكمة.

وفي الحالتين، فإن المحققين الأمميين مستعدون لتقديم يد العون، بحسب بوتي الذي شدّد على ضرورة أن يكون المسعى إلى تحقيق العدالة عنصراً محورياً من مستقبل سوريا، وإلا «فلن يكون أساس البناء متيناً».