التحالف الحاكم في العراق يحذّر من «الارتداد السوري»

«كتائب حزب الله»: لم نقرر بعد إرسال مقاتلين إلى دمشق

TT

التحالف الحاكم في العراق يحذّر من «الارتداد السوري»

تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)
تحالف «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاته في بغداد (إكس)

دعت «كتائب حزب الله» الحكومة العراقية إلى إرسال قوات عسكرية رسمية إلى سوريا، في حين عبّرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي عن قلقها من ارتدادات على الأمن القومي في العراق.

وكانت قوى «الإطار التنسيقي» عقدت اجتماعاً، مساء الاثنين، ناقشت فيه الأوضاع داخل سوريا، بعد سيطرة الفصائل السورية المسلحة على مدن سورية مهمة، على رأسها حلب.

وخلال الاجتماع الذي عُقد في مكتب زعيم «تيار الحكمة» عمار الحكيم، وبحضور زعامات أحزاب شيعية، بمن فيهم رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عبّر الإطار التنسيقي، في بيان صحافي، عن «قلقه لما يجري في سوريا من احتلال مناطق مهمة».

وعدّ «الإطار التنسيقي» أن «أمن سوريا امتداد للأمن القومي العراقي، للجوار الجغرافي بين البلدين والامتدادات المختلفة له». وثمّن «الجهود التي بذلتها الحكومة وقوى الأمن بمختلف صنوفها وإعلان الجهوزية والاستعداد لحماية الحدود بين البلدين».

وطمأن «الإطار التنسيقي في الوقت ذاته الشعب العراقي حيال التطورات، وحثّه على عدم الالتفات إلى الحرب الإعلامية والنفسية التي تروّج للأكاذيب»، مشجعاً «مواقف حكومات عربية وإقليمية ودولية التي تقف أمام انتهاك سيادة الدول وطغيان قوى الظلام التي تحرّكها أجندات أجنبية واضحة»، حسب البيان.

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

قرار «الكتائب» لم يُتخذ بعد

في غضون ذلك، فنّد مصدر عراقي مسؤول ما تم تداوله خلال الأيام الأخيرة الماضية من تدفق مسلحين عراقيين إلى سوريا للقتال إلى جانب القوات السورية، في حين دعت «كتائب حزب الله» الحكومة العراقية إلى إرسال قوات عسكرية رسمية إلى سوريا.

وطبقاً لمتحدث باسم «الكتائب»، فإنها «تتابع من كثب العدوان الذي تشنه جماعات على الشعب السوري»، مشيراً إلى أن «قرار إرسال مقاتلين للإسهام في ردع هذه الجماعات لم يُتخذ بعد».

وأكد المتحدث أن «(الكتائب) ترى ضرورة أن تبادر الحكومة العراقية إلى إرسال قوات عسكرية رسمية بالتنسيق مع الحكومة السورية، نظراً إلى ما تمثله هذه الجماعات من تهديد للأمن القومي العراقي ولأمن المنطقة بأسرها».

وشدّد المتحدث على أن «قضية فلسطين ستبقى القضية الأولى لـ(الكتائب)، مع تأكيد استمرار الدعم والدفاع عن الشعب الفلسطيني».

«الهدنة مستمرة»

وكانت بغداد نفت بشكل قاطع ما أُثير عن أن مقاتلين من «الحشد الشعبي» والفصائل المسلحة الأخرى وصلت إلى سوريا لدعم القوات السورية. وطبقاً لمصدر مسؤول أفاد لـ«الشرق الأوسط» بأن «النفي المتكرر الذي صدر عن مسؤولين رسميين عراقيين هو ليس محاولة للهروب إلى الأمام، وإنما هو حقيقي وجاد، كون أن الفصائل المسلحة كانت قد التزمت بالهدنة التي رعتها الحكومة العراقية».

وأضاف المصدر المسؤول: «وعلى الرغم من أن ما حصل في سوريا كان أمراً مفاجئاً، فإن الإجراءات التي تقوم بها الحكومة مرضية لمختلف الأطراف، من بينها الفصائل المسلحة التي تدرك أن القتال الواقع الآن في المناطق السورية بالضد من المسلحين يجري أولاً في مناطق بعيدة عن دمشق وريفها، كما أن الرد على تلك الجماعات المسلحة يأتي من سلاحي الطيران الروسي والسوري، وهو ما لا يستدعي من الفصائل العراقية وسواها التحرك إلى هناك تحت أي ذريعة».


مقالات ذات صلة

العراق يدقق هويات جنود سوريين سلموا أنفسهم

المشرق العربي سوريون يحتفلون في مدينة أربيل شمال العراق بانهيار نظام الأسد في سوريا (أ.ف.ب)

العراق يدقق هويات جنود سوريين سلموا أنفسهم

يواصل العراق تعزيز حدوده مع سوريا بمزيد من القوات الأمنية، بينما أغلق معبر «القائم» بعد دخول جنود سوريين سلّموا أسلحتهم وخضعوا للتدقيق الأمني، وفقاً لمسؤولين.

حمزة مصطفى (بغداد)
تحليل إخباري مقاتلون يرفعون علماً يمثّل فصائل سورية مسلحة وسط حلب (أ.ف.ب)

تحليل إخباري كيف سيُسمع صدى «معركة دمشق» في بيروت وبغداد؟

تتزايد احتمالات أن يتحول تمدّد الفصائل السورية المسلحة إلى صراع مفتوح وربما طويل الأمد بين قوى إقليمية متنافسة، تشهد الآن انقلاباً في المعادلة على نحو مفاجئ.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي دمار عند معبر حدودي قصفته إسرائيل اليوم الجمعة بين لبنان سوريا في منطقة العريضة (أ.ب)

تمدد الفصائل يُقلق دول الجوار السوري

ما تداعيات ما يحصل في سوريا على دول الجوار؟ إسرائيل تتمسك بتحجيم «حزب الله» وإيران. تركيا ترى فرصة. لبنان يخشى التداعيات. العراق بين نارين. والأردن قلِق.

كميل الطويل (لندن)
المشرق العربي العراق قال إن الحدود مع سوريا التي تبلغ 600 كيلومتر باتت مؤمنة (أ.ف.ب)

بغداد لا تشجع «الحلول العسكرية» للأزمة السورية

شجّعت الحكومة العراقية الحلول الدبلوماسية لإنهاء الأزمة السورية، وأعلنت أنها تنسق مع إيران وروسيا وأميركا لإعادة الاستقرار رغم التمدد السريع للفصائل المسلحة.

حمزة مصطفى (بغداد)
تحليل إخباري عناصر من حركة «النجباء» خلال عرض عسكري في بغداد (إكس)

تحليل إخباري «لحظة شك نادرة» بين إيران وحلفائها في العراق

يسيطر «شك نادر» على الفصائل العراقية حول قدرة إيران على التماسك وحماية خطوطها في سوريا، مما قاد في النهاية إلى امتناعها عن الانخراط في المعارك بسوريا.

علي السراي (لندن)

سجن صيدنايا «سيئ السمعة»... «مسلخ بشري» شاهد على نظام الأسد

صورة جوية لـ«سجن صيدنايا» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
صورة جوية لـ«سجن صيدنايا» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

سجن صيدنايا «سيئ السمعة»... «مسلخ بشري» شاهد على نظام الأسد

صورة جوية لـ«سجن صيدنايا» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
صورة جوية لـ«سجن صيدنايا» (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

اختلطت مشاعر الفرحة بالذهول لدى سجناء قبعوا لأعوام وربما لعقود في سجن صيدنايا، الذي يقع على بعد 30 كيلومتراً شمال العاصمة دمشق، ويُعتقد أنه كان يُستخدم بشكل رئيس لاحتجاز المعتقلين السياسيين والمعارضين.

وخرج سجناء تنتابهم حالة من الذهول والبهجة من السجون السورية منذ أمس (الأحد) وهم يهتفون فرحاً بعد تحررهم، فيما أظهرت مشاهد وثقتها هواتف بين يدي ثوار الذهول بين معظمهم.

ومع استيلاء قوات المعارضة على مدينة تلو الأخرى في حملة خاطفة استمرت 11 يوماً، كانت السجون من بين أهدافهم الأولى. وأخيراً تسنى اقتحام أسوأ السجون سمعة في سوريا الليلة الماضية.

وسقط نظام الرئيس بشار الأسد بعد هجوم خاطف شنّته فصائل المعارضة المسلحة وانتهى بدخولها دمشق، ليُطوى بذلك نصف قرن من هيمنة عائلة الأسد على سوريا التي تدخل الآن مرحلة من عدم اليقين.

جانب من احتفالات الثوار والمواطنين بسقوط نظام الأسد في حمص أمس (إ.ب.أ)

مناشدات لفتح الأبواب الإلكترونية

وقال الدفاع المدني السوري المعروف باسم (الخوذ البيضاء) اليوم (الاثنين) إن الفرق لم تعثر على أي أبواب سرية، وإن «الفرق تعمل بأدوات الخرق والبحث والمجسات الصوتية وبوجود فرق k9 التي تضم كلاباً مدربة، ويرافقنا في البحث أشخاص يعرفون كل تفاصيل السجن».

وذكر الدفاع المدني في وقت سابق اليوم (الاثنين) أنه أرسل خمس فرق طوارئ إلى سجن صيدنايا للبحث عن أقبية سرية داخل السجن يتوقع وجود معتقلين فيها، وأنه تم نشر خمس «فرق طوارئ متخصصة» في السجن، ويساعدهم مرشد على دراية بتصميم السجن.

وأفادت السلطات في محافظة دمشق بأن الجهود مستمرة لتحرير السجناء، الذين كان بعضهم «يختنقون حتى الموت» بسبب نقص التهوية، وناشدت محافظة ريف دمشق عبر مواقع التواصل الاجتماعي الجنود السابقين وعمال السجون في نظام بشار الأسد بتزويد قوات المتمردين برموز الأبواب الإلكترونية تحت الأرض.

ويقولون إنهم لم يتمكنوا من فتحها من أجل تحرير «أكثر من 100 ألف معتقل يمكن رؤيتهم على شاشات المراقبة»، حسبما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

تاريخ سيئ السمعة

وأنشئ سجن صيدنايا في العام 1987 خلال حكم الرئيس السابق حافظ الأسد، وتم اعتباره لعقود رمزاً لقمع النظام لمعارضيه، ووفق توصيف منظمة العفو الدولية. ووصفت المنظمة السجن بـ«المسلخ البشري» في تقرير عام 2017، والذي أشار إلى إعدام 13 ألف شخص شنقاً غالبيتهم من المعارضين المدنيين.

واستندت المنظمة في تقريرها آنذاك إلى تحقيق معمق أجرته على مدى سنة من ديسمبر (كانون الأول) 2015 لغاية الشهر نفسه من عام 2016، وتضمن مقابلات مع 84 شاهداً، بينهم حراس سابقون في السجن ومسؤولون ومعتقلون وقضاة ومحامون، بالإضافة إلى خبراء دوليين ومحليين حول مسائل الاعتقال في سوريا.

أقبية سجن صيدنايا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

ووفقاً لـ«رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا»، يعتقد أن أكثر من 30 ألف معتقل إما أُعدموا، أو قضوا نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018 في سجن صيدنايا.

وكان نظام الأسد قبل سقوطه يوصف بأنه واحد من أشد الأنظمة الحاكمة قسوة، مع وجود مئات الألوف من السجناء السياسيين خلف القضبان في ظروف مروعة، وفق «وكالة رويترز» للأنباء.

وأكد تقرير «العفو الدولية» أن السجناء يتعرضون للاغتصاب أو يتم إجبارهم على اغتصاب بعضهم البعض، بينما عملية إطعامهم تتم عبر إلقاء الحراس الطعام على أرض الزنزانة التي غالباً ما تكون متسخة ومغطاة بالدماء.

وفي تقريرها، قالت منظمة العفو الدولية: «يتم اقتياد مجموعات تصل أحياناً إلى 50 شخصاً خارج زنزاناتهم في السجن وشنقهم حتى الموت، مرتين أسبوعياً، في الغالب». وأوضحت أن «الإعدامات السرية» تمت «خارج نطاق القضاء».

وخلال الحرب التي بدأت في 2011، احتجزت قوات الأمن مئات الآلاف من الأشخاص في معسكرات اعتقال تقول منظمات حقوق الإنسان الدولية إن التعذيب كان شائعاً بها. وكانت الأسر لا تحصل عادة على معلومات عن مصير ذويهم.

وتوثّق رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا في تقرير نشرته عام 2022 «غرف الملح»، وهي بمثابة قاعات لحفظ الجثث بدأ استخدامها خلال سنوات النزاع الذي اندلع في عام 2011. مع ارتفاع أعداد الموتى داخل السجن. وكون سجن صيدنايا يخلو من برادات لحفظ جثث معتقلين يسقطون بشكل شبه يومي فيه جراء التعذيب أو ظروف الاعتقال السيئة، لجأت إدارة السجن على ما يبدو إلى الملح الذي يؤخّر عملية التحلّل.

«سقط...لا تخافوا»

وفي مقطع مصور سُمع شخص يقول «أسقطنا النظام» ليصيح سجين ويقفز فرحاً. ووضع رجل يتابع السجناء وهم يندفعون عبر الشوارع يديه على رأسه، وهو يصيح بدهشة «يا الله، المساجين!».

وظهر في مقطع مصور المسلحون وهم يطلقون النار على قفل بوابة سجن صيدنايا عندما وصلوا إليه، ويطلقون المزيد من الأعيرة النارية لفتح الأبواب المغلقة المؤدية إلى الزنازين. وتدفق رجال إلى الممرات والفناء وهم يهتفون ويساعدونهم في فتح المزيد من الزنازين.

وبكت العائلات فرحاً بلم شملها، وراح السجناء المفرج عنهم يركضون في شوارع دمشق رافعين أصابعهم في إشارة إلى عدد السنوات التي قضوها في السجن.

وفي مقطع مصور نشرته وكالة «ستيب» الإخبارية، ارتمى رجل أشيب الشعر في أحضان قريبين له في عناق ممزوج بالذهول والفرح، وتعانق الرجال الثلاثة وانخرطوا في البكاء فرحاً قبل أن يجثو أحدهم على ركبتيه، وهو لا يزال ممسكاً بساقي السجين المحرر.

من داخل مكان يُفترض أنه عنبر للنساء في سجن صيدنايا، سجل أحد مقاتلي المعارضة اللحظة التي وصل فيها إلى الزنازين وفتح الأبواب للسجينات اللائي لم تكن لديهن أدنى فكرة عن أنهن على وشك الخروج للحرية. وقالت امرأة للرجال الذين أطلقوا سراحها «ربنا يبارك فيكم».

وبينما كانت السجينات يغادرن أماكن احتجازهن، شوهد طفل صغير وهو يسير في الممر بعد أن كان محتجزاً في السجن مع والدته.

وسُمع صوت وهو يقول «سقط (الأسد). لا تخافوا»، في محاولة لطمأنة السجينات بأنهن لن يواجهن مخاطر أخرى.

ونشر مواطنون مقطع فيديو يقولون إنه لمكبس الإعدامات الحديدي في سجن صيدنايا، حيث يتم التخلص من الجثث.

بكاء وفرح

كما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يظهر أحد السجناء الذين تم تحريرهم من سجن صيدنايا، وقال إنه نجا من حكم الإعدام الذي كان مقرراً له بعد نصف ساعة من لحظة تحريره.

وفي مقطع آخر قيل إنه من داخل سجن في قاعدة جوية بحي المزة جنوب غربي دمشق، تعالت الأصوات بينما كان المقاتلون يسيرون في ممر.

وأظهر مقطع آخر رجلاً حليق الرأس يجلس القرفصاء، ويرتجف وبالكاد يستطيع الإجابة على المقاتلين الذين كانوا يسألونه عن اسمه والمنطقة التي ينتمي إليها.

وأبلغت السلطات السورية آلاف الأسر على مدار سنوات بأن أقاربهم قد أُعدموا دون أي اعتبار لمشاعرهم، وكان ذلك يحدث في بعض الأحيان قبل سنين من إعدامهم، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

وأظهرت الصور التي التقطت آلاف القتلى من السجناء وكانت تظهر عليهم علامات التعذيب والجوع، وهو ما ساعد عدداً كبيراً من العائلات على معرفة أن أقاربهم المسجونين قد لقوا حتفهم.