الكرملين «يدرس الخيارات» وسط تعهد بمواصلة دعم الأسد في سوريا

استبدال قائد القوات الروسية بعد الفشل في توقع التطورات العسكرية

إطفاء الحرائق التي اندلعت بعد غارة جوية استهدفت مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة شمال سوريا الاثنين (أ.ف.ب)
إطفاء الحرائق التي اندلعت بعد غارة جوية استهدفت مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة شمال سوريا الاثنين (أ.ف.ب)
TT

الكرملين «يدرس الخيارات» وسط تعهد بمواصلة دعم الأسد في سوريا

إطفاء الحرائق التي اندلعت بعد غارة جوية استهدفت مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة شمال سوريا الاثنين (أ.ف.ب)
إطفاء الحرائق التي اندلعت بعد غارة جوية استهدفت مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة شمال سوريا الاثنين (أ.ف.ب)

وسَّعت موسكو انخراطها السياسي والعسكري في مواجهة تقدم قوات المعارضة السورية في حلب وإدلب. وتزامن الإعلان عن ضربات جوية واسعة النطاق استهدفت مَن وصفتهم بـ«مئات الإرهابيين وقواعد دعم وإسناد»، مع إطلاق وسائل الإعلام الحكومية الروسية حملة واسعة هاجمت قوات المعارضة وربطت التطورات السورية بتدخل مباشر من واشنطن وكييف. وترددت معطيات عن تعيين جنرال ارتبط اسمه بحملات قوية في سوريا في السابق، قائداً عاماً جديداً للقوات الروسية في هذا البلد؛ ما أوحى بتحضير لتعزيز زخم الحضور العسكري الروسي في المواجهات الجارية.

وأُعلن في موسكو، الاثنين، أن الرئيس فلاديمير بوتين أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان تناولت الوضع في سوريا. وأفادت الخدمة الصحافية للكرملين في بيان، بأن الرئيسين أكدا على «أهمية تنسيق الجهود ضمن صيغة أستانا بمشاركة تركيا، لحل الوضع في سوريا».

وجاء في البيان: «تم الإعراب عن الدعم غير المشروط لتحركات السلطات الشرعية في سوريا لاستعادة النظام الدستوري والسلامة الإقليمية للبلاد، وتم التأكيد على أهمية تنسيق الجهود في إطار صيغة أستانا بمشاركة تركيا».

أرشيفية تعود لديسمبر 2017 لحضور بوتين والأسد ووزير الدفاع الروسي شويغو عرضاً عسكرياً بالقاعدة الجوية الروسية في حميميم قرب اللاذقية (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، شدد الكرملين على مواصلة دعم الرئيس السوري بشار الأسد، وقال إنه «يدرس خيارات لتحقيق الاستقرار». وقال الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف، إن بلاده «تحلل الوضع في سوريا وستصوغ موقفاً بشأن ما هو مطلوب لتحقيق الاستقرار في الوضع».

وأوضح في إيجاز صحافي، الاثنين: «نواصل اتصالاتنا على المستويات المناسبة، ونقوم بتحليل الوضع، وسيتم تشكيل موقف بشأن ما هو مطلوب لتحقيق الاستقرار في الوضع». وقال الناطق إن روسيا: «تواصل بالطبع دعم الرئيس الأسد وسط تدهور الوضع في سوريا».

وبدا المزاج الإعلامي الرسمي منسجماً مع هذا الخط؛ إذ نشرت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية سلسلة تقارير تهاجم بشدة قوات المعارضة السورية التي توصف في موسكو، بأنها «جماعات إرهابية»، واتهمتها بارتكاب أعمال تخريب واسعة النطاق في المناطق التي سيطرت عليها. لكن الأبرز من ذلك، كان الاستناد إلى «مصادر قريبة من أجهزة الاستخبارات السورية»، أكدت أن تحرك قوات المعارضة بإسناد مباشر وقوي من جانب واشنطن وكييف.

ووفقاً لتقرير الوكالة، فقد «تمكن إرهابيو (جبهة النصرة) من الاستيلاء على حلب بفضل المستشارين الأوكرانيين الذين ساعدوا في إعداد الطائرات من دون طيار، فضلاً عن استخدام الطائرات الأميركية المتقدمة. والتكنولوجيات، بما في ذلك الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية ومعدات الحرب الإلكترونية».

مقاتلان من المعارضة السورية على دراجة نارية في مطار النيرب العسكري بعد السيطرة على المنشأة في ضواحي حلب الاثنين (أ.ب)

وقال المصدر للوكالة الروسية، إن «المسلحين ليس لديهم خبرة في استخدام التقنيات العالية، ولم يكن من الممكن إتقانها من دون مستشارين من أوكرانيا، من الحزب الإسلامي التركستاني (المحظور في روسيا)، والضباط السوريين الذين انحازوا إلى جانب الإرهابيين»، بحسب تعبيره. مشيراً إلى أنه «لأول مرة منذ عام 2011، يواجه الجيش السوري أنظمة حرب إلكترونية قوية». وزاد أن «مرافق الاتصالات التابعة للجيش تعرّضت لتشويش كبير أثناء الهجوم الإرهابي».

تزامن ذلك، مع تذكير وكالة «نوفوستي» بأنها نشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريراً يؤكد أن «مدربين عسكريين أوكرانيين وصلوا إلى محافظة إدلب ودرَّبوا إرهابيي (هيئة تحرير الشام) على إنتاج وتحديث طائرات من دون طيار».

في الوقت ذاته، نقلت منصات حكومية روسية تقارير منسوبة لوكالة «سانا» السورية، حول أن «الإرهابيين بدأوا عمليات نهب جماعية في مدينة حلب واختطاف المواطنين». تزامنت هذه الحملة الإعلامية، مع صدور بيانات متتالية حول التحركات العسكرية الميدانية للقوات السورية مدعومة بغطاء جوي روسي. وأفاد بيان نُشر صباح الاثنين، بأن «القوات السورية، بدعم من القوات الجوية الروسية، قضت خلال الساعات القليلة الماضية على أكثر من 400 إرهابي، بينهم مرتزقة أجانب».

وجاء في البيان أنه تم توجيه ضربات دقيقة على مواقع تمركز المسلحين، وقواعد انطلاقهم ومراكز الإسناد التابعة إليهم. وأضاف أنه «خلال 24 ساعة، هاجم الجيش السوري بدعم روسي مواقع الإرهابيين وطرق إمدادهم في محافظتي حلب وإدلب، ودمر خمسة مقار وسبعة مستودعات ذخيرة وطائرات مسيّرة».

صورة من الجو لإطفاء حرائق اندلعت بعد غارة جوية استهدفت مدينة إدلب التي تسيطر عليها فصائل معارضة الاثنين (أ.ف.ب)

كما نفذت الطائرات الحربية السورية والروسية، بحسب البيان، سلسلة ضربات على ما وصفته بـ«تجمعات الإرهابيين وعلى طرقاتهم في منطقة قرية سفيرة شرق محافظة حلب؛ ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من الإرهابيين».

صورة تجمع ألكسندر تشايكو مع رئيس الأركان السوري علي محمود عباس أثناء الإشراف على تدريبات مشتركة يونيو 2022 (جريدة كراسنايا فيسنا المختصة بالشؤون العسكرية)

في الأثناء، جاء قرار استبدال قائد مجموعة القوات الروسية في سوريا، الفريق سيرغي كيسيل، ليؤكد أن موسكو تدرس خيارات لتوسيع تحركها العسكري. وعلى الرغم من أن وزارة الدفاع لم تعلن رسمياً عن إقالة كيسيل وتعيين الجنرال ألكسندر تشايكو صاحب الخبرة الطويلة في سوريا مكانه، لكن منصات إلكترونية قريبة من الوزارة أكدت المعطيات. ونقلت تحليلات لمراسليها العسكريين حول أسباب الاستبدال، وإفادات حول نشاط تشايكو الحاصل على وسام «بطل روسيا» بعد مساهمته الواسعة في السابق في معركة حلب وعدد من المعارك المفصلية الأخرى في سوريا.

ووفقاً لتحليلات، فإن إقالة كيسيل جاءت لكونه فشل في توقع التطورات العسكرية المتلاحقة في سوريا. علماً بأن هذا الجنرال كان قد أقيل سابقاً من خدمته قائداً لإحدى المجموعات المتقدمة في أوكرانيا بسبب ارتكاب أخطاء أدت إلى توسيع مساحة سيطرة القوات الأوكرانية في حينها وفقاً لمراسلين عسكريين.

الجنرال ألكسندر تشايكو قائد مجموعة القوات الروسية في سوريا (متداولة)

أما تشايكو، فقد شغل سابقاً منصب قائد المجموعة في سوريا ثلاث مرات. وكان أول جنرال يتولى رئاسة المقر الأساسي للقوات الروسية في سوريا عام 2015، وشهد خلال خدمته معركة حلب في 2016، وأسهم بشكل بارز في سحق قوات المعارضة وإجبارها على الانسحاب من المدينة.

ثم عاد ليتولى قيادة القوات في الفترة من سبتمبر (أيلول) 2019 إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 ومن فبراير (شباط) إلى يونيو (حزيران) 2021. قبل أن يتم تعيينه في رئاسة الأركان ويتولى قيادة بعض الجبهات في أوكرانيا.

وتحدثت تقارير أممية عن شهرة تشايكو بوصفه «قائداً ارتبط اسمه بانتهاكات واسعة في سوريا». وفي عام 2022 أدرجته بريطانيا على لائحة عقوبات بصفته شخصاً «ساهم في قمع شديد للمدنيين السوريين».

اللافت، أن منصات إلكترونية قريبة من وزارة الدفاع، وضعت عناوين في تغطيتها لتقارير حول تعيينه الحالي أن «إنقاذ سوريا سيكون على يد بطل روسيا تشايكو».


مقالات ذات صلة

اشتباك «سوء تفاهم» لبناني - سوري

المشرق العربي آليات للجيش اللبناني عند الحدود مع سوريا (أرشيفية - مديرية التوجيه)

اشتباك «سوء تفاهم» لبناني - سوري

تعرضت دورية للجيش اللبناني لإطلاق نار من داخل الأراضي السورية في شرق لبنان، ما أدى إلى اندلاع اشتباك من دون وقوع إصابات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب في حديقة البيت الأبيض (رويترز) play-circle

ترمب: «ضرر كبير» سيلحق بالمتورطين في هجوم تدمر

توعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأحد، الأشخاص المتورطين في هجوم أدى لمقتل جنود أميركيين في سوريا بـ«ضرر كبير سيلحق بهم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي تجمع في موقع هجوم بطائرة من دون طيار ببلدة بزاعة في ريف حلب حيث قتلت غارة أميركية زعيم تنظيم «داعش» بسوريا في يوليو 2023 (أ.ف.ب)

المبعوث الأميركي لسوريا: هجوم تدمر يؤكد استمرار خطر «داعش»

قال المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم براك، إن الهجوم الذي أودى بحياة جنديَين أميركيَين ومترجم مدني في مدينة تدمر وسط سوريا، يؤكد استمرار خطر تنظيم «داعش» المتطرف

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي عناصر من وزارة الداخلية تستخدم الكلاب المدربة لفحص السيارات في إحدى النقاط الأمنية (الداخلية السورية) play-circle

تقارير: عملية أمنية سورية ضد خلايا «داعش» رداً على هجوم تدمر

أفاد تلفزيون «الإخبارية» السوري، الأحد، بأن القوات الأمنية نفذت عملية ضد خلايا تنظيم «داعش» في ريف حمص رداً على هجوم تدمر.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الخليج قافلة شاحنات تحمل مساعدات سعودية تدخل سوريا من معبر نصيب مع الأردن 6 يناير (رويترز)

مشاريع «مركز الملك سلمان» في سوريا تتضاعف أكثر من 100 % خلال 2025

أظهرت تحديثات جديدة كشفت عنها المنصة الإلكترونية لـ«مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية» تسجيل أرقام جديدة حول مشاريع المركز المنجزة.

غازي الحارثي (الرياض)

​أوكرانيا تتخلى عن طموح انضمامها إلى «الناتو»

المستشار الألماني فريدريش ميرتس مرحباً بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب في برلين الأحد (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس مرحباً بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب في برلين الأحد (إ.ب.أ)
TT

​أوكرانيا تتخلى عن طموح انضمامها إلى «الناتو»

المستشار الألماني فريدريش ميرتس مرحباً بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب في برلين الأحد (إ.ب.أ)
المستشار الألماني فريدريش ميرتس مرحباً بالمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس ترمب في برلين الأحد (إ.ب.أ)

استبق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مشاركته في جولة الحوار الجديدة في العاصمة الألمانية برلين، الأحد، بالإعلان عن تخلي بلاده عن طموحها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي مقابل ضمانات أمنية غربية في حل وسط لإنهاء الحرب مع روسيا.

كما قال زيلينسكي إنه يأمل في إقناع الولايات المتحدة بدعم فكرة تجميد خطوط القتال على الجبهة في أوكرانيا بمواقعها الحالية. وأدلى الرئيس الأوكراني بهذه التصريحات قُبيل محادثات له مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومسؤولين أوروبيين في برلين. ويمثل تخلي أوكرانيا عن الانضمام إلى «الناتو»، تحولاً كبيراً لهذا البلد الذي ناضل من أجل الانضمام إلى الحلف العسكري الغربي، بوصفه ضمانة في مواجهة الهجمات الروسية، وأدرج هذا الطموح في دستوره. وتلبي هذه الخطوة أيضاً أحد أهداف روسيا في الحرب، رغم أن كييف متمسكة حتى الآن بموقفها الرافض للتنازل عن الأراضي لموسكو.

«ضمانات أمنية»

وقال زيلينسكي، الأحد، إن القبول بالضمانات الأمنية التي قدمتها الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيون وغيرهم من الشركاء، بوصفها بديلاً عن عضوية أوكرانيا بحلف شمال الأطلسي، هو بمثابة حل وسط من جانب أوكرانيا. ورداً على أسئلة صحافيين عبر «واتساب»، قال زيلينسكي: «منذ البداية، كانت رغبة أوكرانيا هي الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي... هذه ضمانات أمنية حقيقية. لكن بعض الشركاء من الولايات المتحدة وأوروبا لم يدعموا هذا الاتجاه». وأضاف زيلينسكي: «وبالتالي، فإن الضمانات الأمنية الثنائية بين أوكرانيا والولايات المتحدة، والضمانات الشبيهة بالمادة الخامسة المقدمة لنا من جانب الولايات المتحدة، والضمانات الأمنية من الزملاء الأوروبيين، وكذلك دول أخرى مثل كندا واليابان، هي فرصة لمنع غزو روسي آخر». وتابع: «هذا بالفعل حل وسط من جانبنا»، مشيراً إلى أن الضمانات الأمنية يجب أن تكون ملزمة قانونياً.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس مرحباً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين الأحد (إ.ب.أ)

«تجميد خطوط القتال»

وقال الرئيس الأوكراني أيضاً إنه يأمل في إقناع الولايات المتحدة بدعم فكرة تجميد خطوط القتال على الجبهة في أوكرانيا بمواقعها الحالية. وأكد استعداده «للحوار» في أحدث جولة مباحثات رفيعة المستوى بين المبعوث الأميركي والقادة الأوروبيين الداعمين لأوكرانيا حول سُبل إنهاء الحرب مع روسيا. وقال زيلينسكي للصحافيين قبيل وصوله لبرلين: «أرى حالياً أن الخيار الأكثر عدلاً هو أن يبقى كلّ حيث هو. وهذا صائب إذا ما كنا نتكلّم عن وقف لإطلاق النار... وأنا أدرك أن روسيا لا تنظر لهذا الأمر بإيجابية، لكن أتمنى أن يؤيدنا الأميركيون في هذا الصدد».

ووصل الرئيس الأوكراني، الأحد، إلى برلين للمشاركة في جولة الحوار الجديدة، مع وفد أميركي وآخر أوروبي، بشأن وقف إطلاق النار بين أوكرانيا وروسيا. وكان المستشار الألماني فريدريش ميرتس في استقبال الرئيس الأوكراني، بمقر المستشارية. كما وصل إلى العاصمة الألمانية أيضاً وزير الدفاع الأوكراني السابق رستم عمروف، ورئيس هيئة الأركان أندريه هناتوف، واستقبلهم في مقر المستشارية غونتر زاوتر، مستشار شؤون السياسة الخارجية والأمنية لدى ميرتس.

ومن المزمع استئناف المحادثات التي جرت بين ممثلي الولايات المتحدة وأوكرانيا لإنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في البداية بمشاركة أوروبية على مستوى المستشارين، خلف أبواب مغلقة. ولم يتم الإعلان على الفور عن مقترحات ملموسة مطروحة حالياً على طاولة النقاش.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يصافح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف قبل انطلاق جولة الحوار في برلين الأحد (رويترز)

ويسعى زيلينسكي، خلال لقائه في برلين مع ويتكوف، إلى أن يركز محادثاته على أحدث مقترحاته المتعلقة بخطة السلام التي طرحها الرئيس ترمب. وقال زيلينسكي، بحسب وسائل إعلام أوكرانية، رداً على أسئلة صحافيين، إنه لم يتلق حتى الآن أي رد أميركي على مقترحات التعديل التي قدمها. وكان زيلينسكي صرّح مسبقا بأنه يرى أن أوكرانيا في موقع تفاوضي قوي. وأضاف زيلينسكي أن خطة السلام لن تبدو بالشكل الذي يرضي الجميع، مشيراً إلى وجود مقترحات للتوصل إلى حلول وسط. وتابع قائلاً: «الأهم على الإطلاق هو أن تكون الخطة عادلة قدر الإمكان، ولا سيما بالنسبة لأوكرانيا. والأهم أن تكون فعالة».

ويمارس الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغوطاً كبيرة على كييف للتوصّل إلى اتفاق منذ تقديمه الشهر الماضي خطّة لإنهاء الحرب عُدّت مراعية لروسيا، خصوصاً فيما يتعلّق بمطلب تخلّي أوكرانيا عن بعض أراضيها. وأثار المقترح الأميركي حراكاً دبلوماسياً متسارع الوتيرة بين واشنطن وحلفاء أوكرانيا الأوروبيين. وكشف مسؤولون أوكرانيون في الفترة الأخيرة أنهم قدّموا لواشنطن نسخة معدّلة من الخطّة. وشدّد الرئيس الأوكراني على «أهمّية القمّة في برلين، حيث نلتقي كلّا من الأميركيين والأوروبيين... وهذه الاجتماعات في برلين تجري اليوم وغداً». وأكّد مسؤول في البيت الأبيض يوم الجمعة أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيجتمع بزيلينسكي والقادة الأوروبيين في نهاية الأسبوع للتطرّق إلى مفاوضات السلام. ورأى زيلينسكي، الأحد، أن «أكثر ما يهمّ هو أن تكون الخطّة منصفة قدر المستطاع لأوكرانيا في المقام الأوّل؛ لأن روسيا هي من بدأت الحرب».

وتنص «خطة ترمب» على انسحاب الجيش الروسي من مساحات صغيرة غزاها في مناطق سومي وخاركيف ودنيبروبيتروفسك (شمال وشمال شرق ووسط شرق)، مع احتفاظه بالسيطرة على أراضٍ أكبر في خيرسون وزابوريجيا (بالجنوب). ومساء الجمعة، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الأوروبيين والأوكرانيين يطالبون الأميركيين بأن يقدموا لهم «ضمانات أمنية» قبل أي تفاوض بشأن الأراضي التي تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا. من جانبه، أفاد مسؤول كبير بأنّ خطة السلام الأميركية تلحظ انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2027، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». غير أنّ هذا الانضمام يبدو غير مرجّح خلال المهلة المذكورة، لأسباب عدة من بينها المعارضة المحتملة من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي تربطها علاقات متوترة مع أوكرانيا، مثل المجر.

دمار أمام بقالة في زابوريجيا بعد غارة نفذتها طائرة مسيّرة روسية الأحد (إ.ب.أ)

وتأتي هذه الجهود الدبلوماسية المتسارعة لإنهاء حرب أودت بحياة عشرات الآلاف منذ غزو روسيا أوكرانيا في 2022 في ظلّ ضربات جوية جديدة استهدفت كييف. ومع استمرار تبادل الهجمات بين الطرفين، وسقوط مزيد من الضحايا، أبدى ترمب انزعاجاً واضحاً بشأن عدم إحراز تقدم في المحادثات المرتبطة بخطته لحل النزاع الذي اندلع في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وأسفر عن مقتل وإصابة مئات الآلاف. وأعلنت موسكو أنها ضربت منشآت للصناعة والطاقة في أوكرانيا ليل السبت بصواريخ فرط صوتية، في هجوم قالت: إنه يأتي رداً على هجمات أوكرانية أصابت «أهدافا مدنية» في روسيا. وحسب سلاح الجوّ الأوكراني، أطلقت روسيا 138 مسيّرة وصاروخاً باليستياً في الليل. وأصابت مسيّرة روسية «أحد المستشفيات في خيرسون»، ما أسفر عن جرح شخصين، وفق ما أفادت الإدارة الإقليمية على «تلغرام». وأصيب 11 شخصاً على الأقلّ في ضربات على زابوريجيا، وفق حاكم المنطقة إيفان فيدوروف.


ميلوني: على أوروبا أن تتقبل استراتيجية ترمب للأمن القومي الجديدة

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا» (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا» (أ.ف.ب)
TT

ميلوني: على أوروبا أن تتقبل استراتيجية ترمب للأمن القومي الجديدة

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا» (أ.ف.ب)
رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا» (أ.ف.ب)

وصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، استراتيجية الأمن القومي الجديدة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأنها بمثابة دعوة للاستيقاظ لأوروبا، في حين قللت من شأن التوترات داخل حكومتها، وأكدت من جديد على دعم إيطاليا لأوكرانيا.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية، في تصريحات شملت موضوعات واسعة خلال فعالية حزبية في روما، اليوم الأحد: «نريد لإيطاليا أن تظل وفية لشركائها، لكن دون أن تخضع لأحد»، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.

وأضافت ميلوني: «لهذا وقفنا مع أوكرانيا منذ اليوم الأول، ولهذا سنواصل الوقوف معها، من منطلق شعور بالعدالة، ولكن في المقام الأول للدفاع عن مصالحنا الوطنية وأمننا»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وأوضحت ميلوني، خلال حديثها في مهرجان «أتريو» الذي ينظمه حزبها «إخوة إيطاليا»، إن استراتيجية ترمب، التي أثارت قلق القادة الأوروبيين، تؤكد رغبة واشنطن في الانسحاب من القارة وإجبار أوروبا على تعزيز دفاعاتها بنفسها.

وتابعت ميلوني، في خطاب استمر نحو ساعة: «لقد أثار الأمر القلق، لأن دونالد ترمب أوضح أكثر من سابقيه أن الولايات المتحدة تعتزم الانسحاب من القارة القديمة، وأنه يجب على الأوروبيين تنظيم أنفسهم للدفاع عن أنفسهم بمفردهم».

وأضافت ميلوني: «ماذا أقول؟ صباح الخير يا أوروبا. صباح الخير. لقد فوضنا أمننا للولايات المتحدة لمدة 80 عاماً، معتقدين أن هذا اليوم لن يأتي أبداً. والأهم من ذلك، أننا تظاهرنا بأن هذا التفويض مجاناً».

وظلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني واثقة، رغم العقبات القانونية، من أن مراكز ترحيل المهاجرين في ألبانيا، التي تروج لها حكومتها اليمينية، ستعمل وفق المخطط المرسوم.

وقالت ميلوني: «الأمر يسير بالضبط كما أخبرتكم دائماً: المراكز في ألبانيا ستعمل». وأشارت إلى وجود اتفاق داخل الاتحاد الأوروبي على تبني موقف أكثر تشدداً بشأن الهجرة. وقد اتفقت دول الاتحاد مؤخراً في بروكسل على زيادة الضغط على طالبي اللجوء المرفوضين وترحيلهم بشكل أكثر فاعلية.


الكرملين: موقف واشنطن «حاسم وواقعي» في تسوية الأزمة الأوكرانية

ضابط شرطة يُطفئ سيارة محترقة في موقع غارة جوية روسية بطائرة مسيَّرة وسط الهجوم على أوكرانيا في زابوروجيا (رويترز)
ضابط شرطة يُطفئ سيارة محترقة في موقع غارة جوية روسية بطائرة مسيَّرة وسط الهجوم على أوكرانيا في زابوروجيا (رويترز)
TT

الكرملين: موقف واشنطن «حاسم وواقعي» في تسوية الأزمة الأوكرانية

ضابط شرطة يُطفئ سيارة محترقة في موقع غارة جوية روسية بطائرة مسيَّرة وسط الهجوم على أوكرانيا في زابوروجيا (رويترز)
ضابط شرطة يُطفئ سيارة محترقة في موقع غارة جوية روسية بطائرة مسيَّرة وسط الهجوم على أوكرانيا في زابوروجيا (رويترز)

قال متحدث باسم الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا لن ترضى بتوقيع أوكرانيا على اتفاقيات سلام ثم الشروع لاحقاً في عرقلتها أو إفشالها.

ونقلت قناة «آر تي» التلفزيونية الروسية عن المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، قوله إن موسكو تعتمد في تسوية الأزمة الأوكرانية على الولايات المتحدة وليس أوروبا، مؤكداً أن موقف واشنطن «حاسم وواقعي».

وأكد أن تسوية الأزمة الأوكرانية تتطلب وضع نظام محدد يضمن تنفيذ كييف للاتفاقيات بوصفه شرطاً أساسياً للتوصل إلى حل.

وفي السياق، قال الكرملين إن تصريحات الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، حول الاستعداد للحرب مع روسيا غير مسؤولة، وتُظهر أنه لا يدرك حقاً الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية. وقال روته في كلمة ألقاها في برلين يوم الخميس، إن الحلف يجب أن يكون «مستعداً لحجم الحرب التي تحملها أجدادنا وأجداد أجدادنا»، مضيفاً: «نحن هدف روسيا المقبل».

ونفى الكرملين مراراً اتهامات حلف شمال الأطلسي وبعض القادة الأوروبيين بأن روسيا تخطط لمهاجمة أحد أعضاء الحلف، ووصفها بأنها «هراء» يستخدمه القادة الأوروبيون لإثارة المشاعر المعادية لروسيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، لمراسل التلفزيون الرسمي بافل زاروبين: «هذا التصريح يبدو أنه صدر عن ممثل لجيل تمكن من نسيان ما كانت عليه الحرب العالمية الثانية في الواقع».

وأضاف: «إنهم لا يدركون (ما كانت عليه الحرب). وللأسف، فإن السيد روته، بإدلائه بمثل هذه التصريحات غير المسؤولة، لا يعي ببساطة ما يتحدث عنه».