حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

تركيز على جهاز الشرطة لوقف التحقيقات في قضايا فساد

بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)
TT

حكومة نتنياهو تعدُّ 38 قانوناً جديداً لإضعاف القضاء

بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)
بنيامين نتنياهو خلال كلمة في «الكنيست» يوم الاثنين (إ.ب.أ)

في الوقت الذي نجحت فيه الحرب في غزة وجنوب لبنان في طمس حملة الاحتجاج، وتقليص عدد المشاركين في مظاهراتها، من 400 ألف شخص قبل هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى بضعة آلاف في الأسابيع الأخيرة، عادت حكومة اليمين الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو إلى خطتها لإضعاف منظومة الحكم والقضاء، وباشر وزراؤها والنواب المؤيدون لها في التشريع ما لا يقل عن 38 قانوناً جديداً تؤدي إلى هذه الغاية.

فتحْتَ عنوان «الاحتياجات الأمنية خلال الحرب»، تجري محاولة فرض أوامر طوارئ جديدة، تتيح للحكومة اتخاذ قرارات في عشرات المجالات من دون مراقبة؛ خصوصاً في مجال حرية الرأي والتعبير والتظاهر، والسماح للشرطة باستخدام أجهزة التجسس، بالإضافة إلى سن قوانين تتعلق بتعيين القضاة والسيطرة على نقابة المحامين، وتأميم قياسات ومعايير التصنيف للوظائف الكبرى، وإعطاء أفضلية للقناة التلفزيونية لليمين (القناة 14) في الحصول على إعلانات الدولة، وإخضاع وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة (ماحش) إلى وزير القضاء، والسيطرة على تعيين مفوض الشكاوى على القضاة، وغيرها من التشريعات المقترحة.

وكشف الكاتب بن كسبيت، في صحيفة «معاريف»، أنه في «الليلة الدامية ما بين يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، اللذين قُتل فيهما 12 جندياً إسرائيلياً (5 في قطاع غزة و7 في لبنان)، كان نتنياهو يجتمع مع قادة سياسيين من حزبه ومن الأحزاب الدينية، في جلسة طويلة استمرت حتى الفجر، للتداول في قانون الفساد الكبير المعروف باسم (قانون الحاخامات). وهذا القانون يقضي بأن يتولى حزب (شاس) لليهود المتدينين الشرقيين مسؤولية توظيف رجال دين ومعلمين ومدراء في مدارس الحركة، وليس وزارة المعارف كما هو اليوم. ويتيح هذا القانون لوزير الأديان السيطرة الكاملة على تعيين الحاخامات ورجال الدين ومسؤولي المجالس الدينية وغيرها، في كافة البلديات والمجالس المحلية والمدارس، دون الحاجة لموافقة المجلس نفسه. الأمر كله متروك للوزير. ولم يحدد القانون مستويات رواتب هؤلاء المعينين، أو أي متطلبات أخرى للحصول على التعيين. عملياً: يعني هذا توظيف ألوف الموظفين في سلك التربية بلا حسيب ولا رقيب، وفتح الباب أمام مؤسسات فساد جديدة».

ويضيف: «برعاية الحرب التي لا تنتهي (والتي انتهت بالفعل، ولكن لا أحد يخبرنا بذلك)، ينوي التحالف المجنون الذي نشأ هنا، تجديد الانقلاب على القانون. لم يتعلموا شيئاً. مع الطعام تأتي الشهية. لم نتحدث بعد عن دعم المساكن، عن قانون التهرب من الخدمة، عن قائمة لا نهاية لها من المقترحات، بعضها جنوني، ولها هدف واحد فقط: تسريع الثورة التي تعثرت في المرة الماضية، وكأن الثورة المرة الماضية لم تقدنا إلى أعظم كارثة في تاريخنا. في هذا الائتلاف لا توجد توازنات ولا كوابح ولا موانع ولا ندم. كل شيء مباح للاستمرار في التمسك بالسلطة. مع الطعام تأتي الشهية. لقد مرت إقالة يوآف غالانت (من وزارة الدفاع) بشكل سلمي نسبياً وزادت من الغطرسة. لدي شعور بأن الأمر هذه المرة أيضاً سينتهي بالبكاء».

ويتم التركيز بشكل خاص على جهاز الشرطة في هذا الانقلاب، حتى يكف عن إجراء تحقيقات نزيهة في قضايا الفساد. وقد تم حتى الآن إحداث تغييرات كبيرة في الشرطة، منذ أن تولى إيتمار بن غفير وزارة الأمن الداخلي. فقد خرج رئيس شعبة التحقيقات والاستخبارات، المفوض يغئال بن شالوم، إلى التقاعد، وحل محله المفوض بوعز باليط، المقرب من بن غفير. وتم طرد كل من شارك في التحقيق في «ملفات نتنياهو». وتم تأخير الترقية، وفتح الباب، وإيصال التلميح. ومن بينهم باحثون ذوو خبرة من النوع الذي لا يتكرر كثيراً، مثل كوريش بيرنور. وقد مرت وحدة «لاهاف 433» للتحقيق في جرائم خطيرة بعملية تقليص متسارعة، وهي لا تملك حالياً التصميم والقدرات والقوى التي كانت لديها في الماضي.

وفي ضوء هذا التوجه، اجتمع قادة حملة الاحتجاج، الليلة قبل الماضية، للتداول في الأمر، وفي كيفية إعادة الجمهور إلى المظاهرات. وتقرر عقد جلسة أخرى مساء الخميس، بحضور مستشارين استراتيجيين.


مقالات ذات صلة

اتهام 3 إسرائيليين هاجموا منزل نتنياهو بـ«الإعداد لانقلاب عسكري»

شؤون إقليمية متظاهر إسرائيلي خلال احتجاج ضد بنيامين نتنياهو في تل أبيب 5 نوفمبر الماضي (أ.ب)

اتهام 3 إسرائيليين هاجموا منزل نتنياهو بـ«الإعداد لانقلاب عسكري»

وجَّه وزير القضاء الإسرائيلي ياريف ليفين، تهمة «الإعداد لانقلاب عسكري» إلى 3 موقوفين إسرائيليين أطلقوا قنبلتين ضوئيتين على منزل لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل مؤتمر صحافي بالقدس في سبتمبر الماضي (أ.ب)

بينها «عزل مؤقت»... ما مسارات قضية «فساد» نتنياهو؟

بعد يوم من رفض القضاء الإسرائيلي لطلب بنيامين نتنياهو تأجيل شهادته باتهامه بـ«الفساد» لوّحت النيابة بأنها تقترب من المطالبة بإخراجه لـ«عزل قسري مؤقت» من مهامه.

نظير مجلي (تل ابيب)
شؤون إقليمية متظاهر يحمل علماً في نفق بالقرب من مظاهرة ضد الإصلاح القضائي للحكومة الإسرائيلية (أرشيفية - رويترز)

ما قصة «الجبهة الثامنة» التي يحارب فيها نتنياهو؟

في الوقت الذي يسعى فيه بنيامين نتنياهو إلى إخافة الإسرائيليين بالقتال مع إيران على «7 جبهات»، تزداد القناعة بين مواطنيه بأنه ثمة «جبهة ثامنة» يحارب فيها.

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قاعدة رامات الجوية في حيفا يوم 21 أغسطس الحالي (مكتب الإعلام الحكومي- د.ب.أ)

إسرائيل تتجه نحو أزمة دستورية

حذّرت شخصيات قانونية بارزة في إسرائيل من العودة إلى خطة الحكومة لإدخال تغييرات في منظومة الحكم وإضعاف القضاء، ما يعني التدهور سريعاً إلى أزمة دستورية.

نظير مجلي (تل أبيب)

«حزب الله»: سنستأنف عملنا السياسي تحت سقف اتفاق «الطائف»

TT

«حزب الله»: سنستأنف عملنا السياسي تحت سقف اتفاق «الطائف»

أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)
أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم يتحدث عبر الشاشة (رويترز)

قال الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم إن قصف تل أبيب جاء رداً على قصف بيروت، مشيراً إلى أن الحزب سيستأنف خطواته السياسية بعد الحرب «تحت سقف اتفاق الطائف»، متعهداً في الوقت الراهن بـ«البقاء في الميدان والقتال مهما ارتفعت التكلفة»، مضيفاً أن «التكلفة ستكون مرتفعة على العدو أيضاً، وعندما لا يحقّق العدو أهدافه، يعني أننا انتصرنا».

جاء تصريح قاسم في إحياء ذكرى أربعين رئيس المجلس التنفيذي في الحزب هاشم صفيّ الدين، وقال: «لا يمكن أن نترك العاصمة بيروت تحت ضربات العدو الإسرائيلي دون أن يدفع الثمن في وسط تل أبيب».

ورأى قاسم أن الحزب استعاد عافيته بعد اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، وتفجير أجهزة الإرسال «البيجر» في أيدي مقاتليه، «إذ مرّ الحزب بحالة إرباك لمدة 10 أيام، بعدها استعدنا عافيتنا في كل المجالات»، وتابع: «اليوم، وبعد شهرين من الحرب على لبنان، النتيجة هي صمود أسطوري للمقاومة».

وبرر قاسم دخول الجيش الإسرائيلي إلى أراضٍ لبنانية، بالقول: «المقاومة ليست جيشاً، ولا تمنع جيشاً من التقدم، بل تقاتل الجيش حيث تقدّم، وهي تعمل لقتل العدو ومنع استقرار احتلاله، وقدمنا نموذجاً استثنائياً في هذه المواجهة»، مؤكداً أنّ «الكلام للميدان، والنتائج مبنية على الميدان بقسميه في البر، وعبر قصف الصواريخ والمسيرات». وأضاف: «لدينا القدرة على الاستمرار لمدة طويلة، ولا يمكن أن تهزمنا إسرائيل وتفرض شروطها علينا، ونحن رجال الميدان».

استئناف العمل السياسي

وتطرق قاسم إلى مرحلة ما بعد الحرب، قائلاً: «نحن اليوم نقاوم في لبنان، دفاعاً في لبنان، ودفاعاً عن شعب لبنان ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي لن يخرج إلا بالمقاومة، ونحن في أثناء المعركة نفكر بمستقبل وطننا، ولم نغيِّر ولن نبدِّل في مواقفنا الوطنية الشريفة المقاومة، ونحن نؤمن بتكاتف الجيش والشعب والمقاومة، وهو الرصيد المتبقي لبناء الوطن».

وأضاف: «بعد وقف العدوان، سنعمل معاً بالتعاون مع الدول والشرفاء من أجل إعادة الإعمار، ليعود لبنان أجمل وأفضل، وسنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب رئيس للجمهورية من خلال مجلس النواب، وستكون خطواتنا السياسية تحت سقف اتفاق الطائف، بالتعاون مع القوى السياسية، كما سنكون حاضرين في الميدان السياسي لمصلحة الوطن لنبني ونحمي في آن معاً».