«استهلاك الغذاء السيئ» غير مسبوق بمناطق سيطرة الحوثيين

تقرير أممي: عدم كفاية الطعام في اليمن وصل إلى مستوى قياسي

نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
TT

«استهلاك الغذاء السيئ» غير مسبوق بمناطق سيطرة الحوثيين

نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)
نازحون يمنيون في محافظة حجة يحصلون على مساعدات غذائية (أ.ف.ب)

بلغ «استهلاك الغذاء السيئ» في جميع المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين مستوى قياسياً، وتجاوز المرحلة «المرتفعة جداً»، التي تبلغ 20 في المائة، خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وفقاً لأحدث البيانات التي وزعها «برنامج الأغذية العالمي».

وفي تقريره الشهري عن الوضع الإنساني، ذكر «البرنامج» الأممي أن معدل انتشار «الاستهلاك غير الكافي من الغذاء» في اليمن، انخفض من 64 في المائة إلى 60 في المائة، وربط ذلك في المقام الأول بالأنماط الموسمية المتعلقة بموسم حصاد الحبوب، وانخفاض شدة الفيضانات، وبدء دورة المساعدات الغذائية الثالثة في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دولياً، وتوزيع الغذاء من خلال عملية الاستجابة السريعة للطوارئ في المناطق الخاضعة للحوثيين.

ثلث الأسر في مناطق سيطرة الحوثيين أبلغوا عن «حرمان شديد من الغذاء»... (الأمم المتحدة)

ووفق التقرير، فقد أفاد نحو ثلث الأسر بمناطق سيطرة الحوثيين (32 في المائة) بـ«حرمان شديد» من الغذاء. وبيّن أنه رغم الانخفاض الشهري، فإن معدل انتشار «الاستهلاك السيئ من الغذاء» ظل أعلى بنسبة 65 في المائة مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2023. وأكد «البرنامج» أن جميع المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تجاوزت عتبة «المرتفع جداً»، التي تبلغ 20 في المائة لـ«الاستهلاك السيئ من الغذاء»، باستثناء مدينة صنعاء.

وذكر أن الذروة سُجلت في محافظات: البيضاء والجوف وعمران وريمة وحجة، مع زيادة تقترب من الضعف على أساس سنوي بمحافظات: البيضاء والحديدة والجوف والمحويت.

تباينات كبيرة

ولاحظ «البرنامج» وجود تباينات كبيرة؛ ففي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، واجهت نسبة 64 في المائة من الأسر «استهلاكاً غير كافٍ من الغذاء»، مع زيادة «الحرمان الشديد» بنسبة 39 في المائة على أساس سنوي، في حين بلغت هذه النسبة في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي 57 في المائة، لكن «الحرمان الشديد» في هذه المناطق ارتفع بنسبة 51 في المائة على أساس سنوي.

ووفق التقرير، فإنه يُعتمد بشكل كبير على «آليات التكيّف المتطرفة» بين الأسر، حيث تبنت 52 في المائة من الأسر اليمنية استراتيجيات تكيف شديدة في الاستهلاك، خصوصاً بمناطق سيطرة الحوثيين، بنسبة 54 في المائة. وشملت الممارسات الشائعة «تقليل أحجام الوجبات» بنسبة 77 في المائة، كما أفاد 72 في المائة بأنهم يتناولون «أطعمة أقل تفضيلاً».

64 % من النازحين اليمنيين عجزوا عن تلبية احتياجاتهم الغذائية الدنيا (الأمم المتحدة)

كما لاحظ تقرير «برنامج الغذاء العالمي» تحديات شديدة في سبل العيش، مع انتشار استراتيجيات عدة في مناطق سيطرة الحوثيين، مثل التسول (9 في المائة) وبيع الأصول. وأشار إلى تأثر النازحين داخلياً بشكل خاص، فلم تتمكن 64 في المائة من الأسر النازحة داخلياً من تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا، وارتفعت نسبة «الحرمان الشديد من الغذاء» إلى 36 في المائة خلال مدة التقرير.

وعلاوة على ذلك، فقد أفاد التقرير الأممي بأن أسرة واحدة من كل 5 أسر يمنية (21 في المائة) أشارت إلى أن لديها فرداً واحداً على الأقل قضى يوماً وليلة كاملين دون تناول الطعام بسبب نقص الغذاء. وظل وضع الأمن الغذائي عند مستوى ينذر بالخطر في جميع أنحاء اليمن.

مستويات شديدة

وأكد «البرنامج» أنه بالمقارنة مع عام 2023، الذي صُنّف فيه اليمن بوصفه ثاني أعلى درجة على «مؤشر الجوع العالمي»، فقد تضاعفت أسعار الوقود في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بينما زادت بشكل كبير في المناطق الخاضعة للحوثيين.

وفي نهاية الربع الثالث من العام الحالي، يذكر التقرير أن الأسر التي تعاني من نقص استهلاك الغذاء كانت أكثر من نصف الأسر التي شملها الاستطلاع باليمن (52 في المائة).

67 % من سكان مناطق الحوثيين اضطروا إلى تقليل حجم الوجبات (إعلام محلي)

والنسبة السابقة - وفق التقرير - أعلى بـ20 في المائة مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، مع مستويات شديدة من «سلوكيات التكيف الغذائي السلبية للغاية» التي تتوافق مع مستوى «المرحلة الثالثة» من «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي والحرمان من الغذاء (استهلاك غذائي رديء)»، والتي ارتفعت بشكل كبير على مدار العام الماضي ووصلت إلى 33 في المائة.

وبيّن تقرير «برنامج الأغذية العالمي» أن الحد من حجم الوجبة، والاستهلاك الأقل تكلفة، من التحديات الرئيسية أيضاً، وذكر أن 67 في المائة من الأشخاص الذين أُجريت معهم المقابلات قالوا إن «استهلاك الأطعمة الأقل تفضيلاً» هو الاستراتيجية الأكثر استخداماً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

العالم العربي انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

ضمن ما سمّته الجماعة الحوثية «الاستعدادات لمواجهة إسرائيل»، نفذت عملية اجتثاث شاملة لضباط وأفراد الشرطة في صنعاء، واستحدثت مواقع عسكرية وسط التجمعات السكانية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي لقطة جوية لمخيم الجفينة في محافظة مأرب الذي يُعدّ أكبر مخيمات النزوح في اليمن (إكس)

النازحون اليمنيون يواجهون الصقيع والطرد من المساكن

تتزايد معاناة النازحين اليمنيين خلال الشتاء، ويتسبب البرد بالأمراض والوفيات، وتؤدي محاولات التدفئة إلى حرائق خطيرة ومميتة، ويعجز كثيرون عن دفع الإيجارات

وضاح الجليل (عدن)
تدهور التعليم وتسرب الأطفال منه يسهم في الزج بهم بمعارك الحوثيين بحثاً عن مصدر دخل (رويترز)

اليمن: اتهامات للانقلابيين بإخفاء 7 قاصرين في ذمار

شكا سكان في محافظة ذمار اليمنية من تصاعد حالات اختفاء القاصرين، في ظل اتهامات مباشرة لقادة حوثيين بالوقوف خلفها بدافع التجنيد والابتزاز والاستغلال

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صورة مأخوذة من مقطع فيديو في 26 ديسمبر 2024 تظهر مباني محترقة في أعقاب الضربات الإسرائيلية على محطة كهرباء رأس كثيب في الحديدة باليمن (أ.ف.ب)

غوتيريش: الغارات الإسرائيلية على اليمن «مثيرة للقلق»

ندّد أمين عام الأمم المتّحدة بـ«التصعيد» في الأعمال العدائية بين الحوثيين في اليمن وإسرائيل، معرباً عن «قلقه» إزاء الغارات التي شنّتها إسرائيل على مطار صنعاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
TT

الحوثيون ينفذون عملية اجتثاث لأفراد وضباط الشرطة في صنعاء

انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)
انقلابيو اليمن يسعون إلى إيجاد جهاز شرطة ذي ولاء طائفي (إعلام محلي)

ضمن ما سمّته الجماعة الحوثية «الاستعدادات لمواجهة إسرائيل»، نفذت الجماعة الحوثية عبر وزارة الداخلية في حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، عملية اجتثاث شاملة لضباط وأفراد الشرطة في العاصمة المختطفة صنعاء، كما استحدثت مواقع عسكرية وسط التجمعات السكانية في مناطق التماس مع القوات الحكومية.

وذكر أربعة من منتسبي الشرطة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أنهم فوجئوا مساء الخميس بإرسال عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة والمعين وزيراً للداخلية، طواقم جديدة بدلاً عنهم إلى كل أقسام الشرطة في جنوب المدينة وغربها، والتي توجد بها معظم السفارات والمجمع الرئاسي ومعسكرات الصواريخ ومخازن الأسلحة.

ووفق هذه الرواية، طُلب من الطواقم القديمة التي تضم ضباطاً وصف ضباط وأفراداً في أقسام الشرطة وقيادة المنطقة، تسليم ما بحوزتهم من عُهد ومغادرة هذه الأقسام إلى منازلهم دون أي تفسير أو التزام بالقواعد المتعارف عليها عند نقل أو إعادة توزيع الضباط والأفراد، حيث يتم إعادة توزيعهم على مرافق أخرى وليس إبعادهم عن العمل بشكل كلي.

عم زعيم الحوثيين تولى مهمة تطهير وزارة الداخلية من جميع العناصر التي لا تنتمي للجماعة (إعلام محلي)

وأكدت المصادر أن الحوثيين لا يثقون بمنتسبي الشرطة السابقين رغم عملهم مع الجماعة طوال السنوات العشر الماضية وتحت إدارتهم، وأن قادة الجماعة عمدوا طوال السنوات الماضية إلى تعيين مشرفين من سلالة الحوثي للإشراف على أعمال كل الجهات الأمنية، كما أنهم حالياً يخشون أن يكرر عناصر الشرطة الحاليون تجربة انهيار قوات النظام السوري وقيامهم بتسليم مواقعهم للقوات الحكومية حال تقرر مهاجمة مناطق سيطرة الجماعة الحوثية.

انعدام الثقة

وطبقاً لهذه الرواية، فإن الحوثيين، بعد هذه السنين، باتوا على يقين بأن منتسبي وزارة الداخلية في مرحلة ما قبل اجتياح صنعاء لا يزال ولاؤهم للحكومة، وأنهم يمكن أن يشكلوا نواة لاستسلام منتسبي الأمن للقوات الحكومية.

وتوقعت المصادر أن تمتد عملية الاجتثاث التي نفذها الحوثيون في صنعاء إلى بقية المحافظات، وبالذات تلك الواقعة على خطوط التماس مع مناطق سيطرة الجانب الحكومي.

الحوثيون عملوا طوال السنوات الماضية على تغيير التركيبة الوطنية لأجهزة الأمن والجيش (إعلام حوثي)

وبينت المصادر أن عم زعيم الحوثيين (عبد الكريم الحوثي)، وابن مؤسس الجماعة الذي يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن والاستخبارات (علي حسين الحوثي)، استعانا في عملية الإحلال بأبناء قتلى الجماعة الذين سموهم «أبناء الشهداء»، وينحدر معظمهم من محافظة صعدة؛ معقلهم الرئيس في شمال البلاد، ومن محافظتي ذمار وصنعاء، وبآخرين ممن ينتمون لسلالة الحوثي والذين أُلحقوا بقوام الوزارة ومُنحوا رتباً أمنية منذ ما بعد الانقلاب على الحكومة الشرعية.

وتم توزيع العناصر الجدد - بحسب المصادر - مع ضباط غير معروفين مُنحوا رتباً من قبل وزير داخلية الجماعة، على أقسام الشرطة والمناطق الأمنية في القطاع الجنوبي لصنعاء بصورة مفاجئة.

وذكرت المصادر أن العملية سوف تعمم على بقية المناطق الأمنية في صنعاء، باعتبار العناصر الجدد محل ثقة الجماعة بحكم انتمائهم الطائفي، وتم إخضاعهم لدورات فكرية مكثفة طوال السنوات الماضية، في حين أن العاملين في أجهزة الشرطة كانوا ينتمون لجميع محافظات البلاد، وليس لهم أي ولاء طائفي.

دروع بشرية

وأفادت مصادر محلية يمنية بأن الجماعة الحوثية دفعت بتعزيزات كبيرة من مقاتليها إلى منطقة العود على حدود محافظة الضالع (جنوباً) الخاضعة لسيطرة الحكومة مع محافظة إبّ الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وأكدت المصادر أن الجماعة استحدثت، لأول مرة منذ سنوات، مواقع عسكرية وسط المزارع وبين التجمعات السكنية، ضمن استعدادها لمواجهة ما تزعم أنه هجوم محتمل لإسقاط حكمها على غرار ما حدث في سوريا.

جبهة الضالع واحدة من الجبهات التي تشهد خروقاً متواصلة من الحوثيين (إعلام محلي)

وبينت المصادر أن نشر الحوثيين مسلحيهم من المجندين الجدد في تلك المناطق قيّد حركة الساكنين، كما جعلهم دروعاً بشرية في حال وقوع مواجهة مع القوات الحكومية، وخاصة أن جبهة محافظة الضالع من الجبهات النشطة عسكرياً، وشهدت طوال عامي الهدنة خروقات متتالية من جانب الحوثيين.

من جهتها، أفادت مصادر حكومية لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة تعيش هذه الأيام أوضاعاً سياسية وعسكرية صعبة بعد الضربات التي تعرض لها المحور الإيراني في لبنان وسوريا؛ إذ تتوقع أن تتعرض لهجوم واسع خلال فترة لا تزيد على شهرين.

وتخشى الجماعة - بحسب المصادر - من انهيار داخلي حال مضت إسرائيل في تنفيذ تهديدها باستهداف رؤوس كبيرة في قيادتها؛ ولهذا تتعامل بريبة مع أي شخص لا ينتمي لسلالتها أو طائفتها، وهو ما جعلها تقدم على عملية اجتثاث أفراد الشرطة وإرسالهم إلى المنازل.