في تطور خطير يدل على خطورة الفضيحة الأمنية في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، كشفت مصادر في إدارة مصلحة السجون أن كبير مستشاري بنيامين نتنياهو، إليعازر فلدشتاين، الذي تولى مهمة «المتحدث باسم رئيس الحكومة»، خطط للانتحار في زنزانته بالسجن.
وأفادت مصلحة السجون، الاثنين، بأن سجانين عثروا في زنزانة «المعتقل الأمني» في سجن بجنوب البلاد على أدوات استوجبت، وفقاً لتعليمات مفوض السجون، نقله بشكل فوري إلى زنزانة تخضع لمراقبة من أجل منعه من الانتحار. وقالت إنها تمتنع في هذه الحالات عن نشر تفاصيل حول الموضوع في إطار «خصوصية الفرد»، لكنّ صحافيين إسرائيليين أفادوا بأن المقصود هو فلدشتاين، وأنه تم العثور على حبل مشنقة في زنزانته، لكن مصلحة السجون نفت ذلك، وقالت إنها لم تعثر على مشنقة، بل على أمور أخرى لا تستطيع الإفصاح عنها.
وقد صدمت هذه الحادثة المجتمع الإسرائيلي؛ خصوصاً أنصار نتنياهو، الذين يحاولون تقزيم هذه القضية ويقولون إنها جزء من حملة اليسار الهادفة إلى تحطيم نتنياهو وإسقاط حكومته، بعد اليأس من إخراج الناس إلى الشوارع للاحتجاج على سياسته. فجاءت محاولة الانتحار لتشي بأن الأمور أكثر تعقيداً وخطورة مما يظهر.
وقالت مصادر مقربة من التحقيق إن فلدشتاين تعاون مع المحققين منذ اللحظة الأولى لاعتقاله قبل أسبوعين. وروى قصصاً مثيرة عن العفن المستحكم في ديوان رئيس الحكومة، وأظهر أن هذا المكان الذي تتخذ فيه القرارات المصيرية لدولة إسرائيل يدار كما تدار مقار عصابات المافيا. وقدم معلومات تفصيلية تدينه وتدين رؤوساً أخرى كبيرة في المكتب، ومن الصعب أن يفلت من المسؤولية عنها نتنياهو شخصياً، بحسب ما جاء في الإعلام الإسرائيلي.
وكانت النيابة العامة قد اعترضت على قرار إطلاق سراح فلدشتاين، وقدمت إلى محكمة الصلح في ريشون لتسيون تصريح مدعٍ، أعلنت فيه نيتها تقديم لائحة اتهام ضده وضد ضابط في الجيش الإسرائيلي لم يُفصح عن هويته بسبب أمر حظر النشر، على خلفية قضية «التسريبات السرية» التي باتت تعرف باسم «وثائق السنوار الملفقة». بدورها، مدّدت محكمة الصلح في ريشون لتسيون اعتقال المشتبه بهما الرئيسيين في قضية الوثائق السرية لمدة 5 أيام. وجاء في بيان صدر عن النيابة العامة أنها تعتزم طلب تمديد اعتقال المتهمين حتى انتهاء الإجراءات القانونية، نظراً لخطورة القضية وتعقيدها، ووافقت المحكمة على ذلك، مشيرة إلى «خطورة استثنائية» تنطوي عليها القضية، استناداً إلى قرار المحكمة العليا الأخير الذي أقر تمديد اعتقالهما بسبب «الخطر غير العادي» الذي يشكلانه.
وكانت القضية قد انفجرت إلى الإعلام في الشهر الماضي، وملخصها أن عناصر عدة في فريق نتنياهو حاولوا تعزيز موقفه الرافض لصفقة تبادل أسرى مع «حماس»، فحصلوا بطرق غير قانونية على وثائق من شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، بعضها سُرقت من خزينة سكرتير الحكومة العسكري، وقاموا بتزييفها. وسربوا إلى الصحيفة الألمانية «بيلد» وصحيفة «جويش كرونيكل» البريطانية الوثائق المزورة، التي تزعم كذباً أن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، يخطط للهرب من قطاع غزة إلى مصر عبر الأنفاق وهو يحمل معه عدداً كبيراً من المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس». واستخدموا هذه الفرية لكي يبرروا قرار نتنياهو إجهاض الصفقة من جهة والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا ويتمسك باحتلال رفح.
وكشف رونين بيرغمان، مراسل الشؤون الاستراتيجية في صحيفتي «نيويورك تايمز» و«يديعوت أحرونوت»، عن أن فريق نتنياهو حاول أن يعطيه السبق الصحافي لنشر تلك الوثائق لكنه رفض. وقال إنه من اللحظة الأولى اشتبه في الموضوع ومن الفحص الأولي اكتشف أن الحديث يجري عن عملية تزوير وخداع.
يذكر أن مقربين من نتنياهو يصرون على أن هذه القضية نفخت بشكل مصطنع وليس لها أساس جنائي أو أمني. وامتلأت الصحف الإسرائيلية، الاثنين، بتقارير تشير إلى أن نتنياهو يعتبر القضية «حلقة في سلسلة مؤامرات لإسقاط الحكومة».