إيران تُحذر ترمب من العودة إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»

عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)
عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)
TT

إيران تُحذر ترمب من العودة إلى استراتيجية «الضغوط القصوى»

عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)
عراقجي في لحظة تأمل خلال مشاركة في اجتماع الحكومة اليوم (الرئاسة الإيرانية)

حذرت طهران الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أن تجريب نسخة ثانية من استراتيجية «الضغوط القصوى» سيؤدي إلى «فشل أكبر».

ويسود ترقب في طهران بشأن السياسة الخارجية التي سينتهجها ترمب، بشأن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وقالت المتحدثة باسم الحكومة، فاطمة مهاجراني، على هامش اجتماع الحكومة: «نوصي إدارة ترمب بعدم تكرار المسار السابق».

ونقلت وكالة «مهر» عن مهاجراني قولها إن «الطرف الذي انسحب من الاتفاق لم يكن إيران بل الولايات المتحدة». وأضافت: «ترمب جرَّب سابقاً مسار الضغوط القصوى، ورأى أنه لم يؤدِّ إلى نتيجة... نصيحتنا للسيد ترمب ألا يُعيد تجربة فاشلة».

وشددت مهاجراني على أن «السياسات العامة ستستمر بمتابعة وإشراف من المرشد علي خامنئي».

من جانبه، حذَّر وزير الخارجية عباس عراقجي، إدارة ترمب من أن تطبيق «نسخة ثانية من الضغوط القصوى» سيؤدي إلى «فشلٍ أكبر».

وكتب عراقجي في منشور على منصة «إكس» أن «النسخة الأولى من سياسة الضغوط القصوى واجهت مقاومة قصوى، وفي النهاية، انتهت بفشلٍ كبير للولايات المتحدة».

وأضاف: «هل تحتاجون إلى دليل؟ تكفي مقارنة وضع البرنامج النووي قبل وبعد ما تسمى سياسة الضغوط القصوى. محاولة تنفيذ (نسخة ثانية من الضغوط القصوى) لن تؤدي إلا إلى نسخة ثانية من الفشل الأكبر. من الأفضل أن تجرّبوا العقلانية القصوى، فهي لصالح الجميع».

يأتي ذلك، بعدما دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى إدارة «ساحة المعركة» و«العلاقات» مع الولايات المتحدة.

وعقد بزشكيان اجتماعاً مع وزراء خارجية إيران السابقين وكبار المسؤولين في الوزارة حالياً، لبحث الموقف من فوز ترمب، قال فيه: «شئنا أم أبينا، سيتعين علينا التعامل مع الولايات المتحدة على الساحتين الإقليمية والدولية، لذا من الأفضل أن ندير هذه العلاقة بأنفسنا». وأضاف: «يتعين علينا أن نتعامل مع أصدقائنا بكرم وأن نتعامل مع أعدائنا بالصبر».

وفي هذا السياق، قال عراقجي للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة، الأربعاء، إنه «يجب أن ندير الأمور لتقليل تكاليف الخلافات بين إيران وأميركا».

ولفت عراقجي إلى أن «هناك دائماً قنوات اتصال بين إيران وأميركا. في بعض الأحيان، تكون الخلافات بيننا وبين أميركا جوهرية وأساسها عميق وقد لا تكون قابلة للحل، لكن يجب أن نُدير الأمور لتقليل تكاليف هذه الخلافات وتقليل التوترات».

وأضاف عراقجي: «لقد قلنا مراراً وتكراراً؛ ما يهمنا ليس ما يعلنه المسؤولون الأميركيون بل ما يفعلونه عملياً».

ووجه انتقادات إلى الإدارة الأميركية الحالية لأنها «أعلنت عدة مرات أنها تسعى لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، لكن لم تتحقق أي نتيجة». وقال إن «هذا قد يكون بسبب نفاقهم، أو عدم قدرتهم على فرض وقف إطلاق النار، أو كلا الأمرين معاً».

وتطرق عراقجي إلى زيارة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في وقت لاحق (الأربعاء) إلى طهران، على أن يُجري محادثات مع كبار المسؤولين الإيرانيين بشأن القضايا العالقة.

وقال عراقجي إنه «بالطبع هناك بعض المشكلات والاختلافات في التعاون مع الوكالة الدولية، لكننا نعتقد أن زيارة غروسي تأتي في وقت مناسب جداً، وقد جرى التخطيط لهها منذ فترة».

وقال: «نأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاقات حول بعض الخلافات الموجودة وكيفية التعاون المستقبلي».

ونوه عراقجي إلى أن غروسي يتمتع «بروح إيجابية بناءً على ما نقله زملاؤنا الذين تحدثوا معه في فيينا». وأضاف: «نأمل من خلال ذلك أن نتمكن من وضع مسار جديد للتعاون بين إيران والوكالة الدولية».

ولا يستبعد محللون ومصادر مطلعة في إيران إمكانية حدوث انفراجة بين طهران وواشنطن في عهد ترمب، ولكن دون استعادة العلاقات الدبلوماسية.

لكن السياق الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط صار أكثر قتامة، ولم يسمح بأي انفراجة دبلوماسية منذ أن هاجمت حركة «حماس»، المتحالفة مع إيران، جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ مما عجَّل بحرب غزة، وأيضاً مع زيادة طهران دعمها العسكري للحرب الروسية في أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

شؤون إقليمية مسيرات انتحارية من طراز «شاهد 136» خلال العرض العسكري السنوي للجيش الإيراني بطهران (تسنيم)

تقرير: إيران تخفي برامج الصواريخ والمسيرات تحت ستار أنشطة تجارية

قالت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية إن إيران لجأت إلى قطاعها التجاري لإخفاء تطويرها للصواريخ الباليستية، في خطوة للالتفاف على العقوبات الدولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري محسن نذیري أصل مندوب إيران الدائم لدى المنظمات الدولية يحمل لوحة باسم بلاده في الاجتماع الفصلي في فيينا اليوم (الذرية الدولية)

تحليل إخباري البرنامج النووي الإيراني يجتاز مرحلة حساسة

إيران واقعة بين خيار الإذعان لمطالب الغربيين أو مواجهة التصعيد، وذلك على خلفية اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال صدور قرار متشدد بحقها.

ميشال أبونجم (باريس)
أوروبا مقر سفارة إيران في برلين (د.ب.أ)

ألمانيا: قنصليات إيران الثلاث مغلقة رسمياً منذ الاثنين

أُغلقت القنصليات العامة الإيرانية الثلاث في ألمانيا في مدن هامبورغ وميونيخ وفرانكفورت رسمياً أمام الجمهور اعتباراً من أول أمس (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (برلين)
شؤون إقليمية غروسي يتحدث أمام الاجتماع ربع السنوي لمجلس المحافظين في فيينا اليوم (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)

غروسي يدعو إيران للالتزام بسقف مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

رحب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بخطوة إيران «الملموسة» المتمثلة في موافقتها على الحد من مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني بزشكيان يتحدث خلال جلسة عامة في إطار تنسيق «بريكس بلس» أثناء قمة المجموعة بقازان بروسيا 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

الرئيس الإيراني يناشد بابا الفاتيكان التدخل لوقف الحرب في الشرق الأوسط

ناشد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، استخدام نفوذه لدى الحكومات المسيحية لوقف الحرب في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
TT

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)
هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

على الرغم من اللقاءات الكثيرة التي أجراها، آموس هوكستين، مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، في تل أبيب يومي الأربعاء والخميس، والأجواء الإيجابية المتفائلة التي يبثها فريقه، يشير الضالعون بأسرار هذه المحادثات إلى أن المفاوضات الحقيقية يجريها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في قناتين أخريين؛ الأولى مع رفاقه في اليمين الحاكم، والثانية مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

وأجرى هوكستين في تل أبيب محادثات لأربع ساعات مع نتنياهو، ثم مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي في وزارة الدفاع، وذلك غداة وصوله من لبنان، إذ ناقش مع المسؤولين اللبنانيين بنوداً معدلة في الورقة الأميركية لوقف إطلاق النار.

وواكبت تل أبيب التعديلات اللبنانية، بتأكيد مسؤول إسرائيلي في إحاطة صحافية، أن «حرية عمل الجيش الإسرائيلي لمهاجمة وجود (حزب الله) جنوب الليطاني، سيتم الحفاظ عليها إذا جرى رصد تهديد ضد إسرائيل». وذكرت تقارير إسرائيلية أن «هناك مخالفات أخرى، مثل إعادة تأسيس تشمل إنشاء مستودعات أسلحة»، مشيرة إلى أنه «سيتم عرض المواقع القتالية والمخابئ تحت الأرض على اللجنة الدولية التي سيتم تشكيلها لتنفيذ الاتفاق».

وعلى مستوى القناتين اللتين يعتمدهما نتنياهو، ذكرت تقارير صحافية إسرائيلية أن المبعوثين الذين يصلون من مقر ترمب تباعاً إلى إسرائيل، يؤكدون تأييدهم لجهود هوكستين، ويطلبون من نتنياهو إنجاز الاتفاق مع لبنان في أقرب وقت، وهناك من يقول إنهم حددوا له مدة أسبوعين. وهو غير معني بخلاف أو صدام مع ترمب من بداية الطريق.

أما المقربون منه فيؤكدون أنه معني بإرضاء الرئيس الجديد، حتى يكسب تأييده في الجبهات الأخرى، أي فرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية، وتخفيف الضغط عليه لوقف الحرب في غزة والجبهة الرئيسة مع إيران.

وحتى لو اقتنع نتنياهو ووافق على الاتفاق مع لبنان، فإنه يحتاج إلى موافقة حلفائه في اليمين المتطرف. ووفق آخر الاستطلاعات، الذي نشرته «القناة 12»، فإن 51 في المائة من الجمهور بات يؤيد وقف إطلاق النار مع لبنان، ولكن هذه النسبة تنقلب عندما يجري الحديث عن جمهور مصوتي نتنياهو وائتلافه الحاكم. فهناك 25 في المائة فقط يؤيدون الاتفاق مع لبنان، ويعارضه 55 في المائة. ويحتاج نتنياهو للتظاهر أمامهم بأنه قاوم الإدارة الأميركية وقيادة الجيش الإسرائيلي ولم يوافق على الاتفاق إلا بعد معارك شديدة، وأنه أخضع «حزب الله»، وفرض عليه شروطاً قاسية.

وهو يقول إن الاتفاق المقترح يتحدث عن تجربة 60 يوماً، فإذا لم تنجح هذه التجربة في وقف عمليات «حزب الله» تماماً وفي إبعاده عن الجنوب إلى شمال الليطاني، فإن الجيش الإسرائيلي سيعود إلى القتال. وستكون الظروف عندها أفضل لإسرائيل، إذ يكون الرئيس جو بايدن قد أخلى البيت الأبيض، وحل محله الصديق ترمب، الذي أعلن أنه سيقف مع إسرائيل في السراء والضراء.

وفي هذه الأثناء، يواصل هوكستين بث روح التفاؤل، بعد لقاءاته مع نتنياهو التي سبقها بلقاءين مع وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، الذي يُعدّ أقرب الناس إلى نتنياهو. وحصل تقدم آخر في المحادثات، وفق هوكستين، وأنه يحتاج إلى بضع جولات أخرى لإحكام بنود الاتفاق.

ووفق مصادر إسرائيلية، فإن نقاط الاختلاف المركزية التي بقيت عالقة، هي موضوع تحديد حق إسرائيل في العمل في أعقاب خرق الاتفاق، والتدخل الأميركي في الإشراف على تنفيذه. فإسرائيل تصر على هذا الحق وممارسته بشكل فوري حال اكتشاف خلية لـ«حزب الله»، أو غيره، تنوي اجتياز الليطاني لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، واللبنانيون يرفضون. فوجد هوكستين صياغة مرضية يستطيع كل طرف منهما ابتلاعها، تقول: «إن إسرائيل تتريث وتبلغ لجنة المراقبة، فإذا تمكن الجيش اللبناني من معالجة الأمر تنتهي القضية، وإذا لم ينجح، تتدخل إسرائيل ساعتئذ. ولكي يقبل (حزب الله) بهذه الصيغة، تحدثوا ليس عن حق تدخل، بل عن (حق الدفاع عن النفس لكل طرف من الطرفين)».

وقال مصدر سياسي في تل أبيب، الخميس، إن هذا الاتفاق محفوف بكثير من المخاطر، ويُشبه الدخول إلى حقل ألغام. لكن، لا بد مما ليس منه بد، فهو ضروري وحيوي، ويحتوي أيضاً على مؤشرات إيجابية كثيرة، ومن شأنه أن يسهم في حل عقد السياسة اللبنانية برمتها، فهو يحوي في طياته آمالاً حقيقية بعودة سكان الشمال الإسرائيلي النازحين إلى بيوتهم آمنين. فإذا أضيف هذا كله إلى حقيقة أن الجيش الإسرائيلي حقق مكاسب كبيرة في الحرب، فهو قام بتصفية معظم القيادة العليا السياسية والعسكرية في الحزب في الأشهر الأخيرة، وفي مقدمتهم حسن نصر الله، وتم تدمير جزء كبير (70 – 80 في المائة) من قوة نيرانه وقياداته الميدانية. (عدد الإصابات في صفوفه تجاوز حسب تقدير الجيش الإسرائيلي الـ3 آلاف قتيل و11 ألف جريح).

ولكن الجبهة الإيرانية تبقى أمراً مبهماً يُثير قلق الإسرائيليين، فإيران تُعد اللاعب الأكثر أهمية من وراء الكواليس. فلم يكن صدفة أنها -حتى قبل وصول هوكستين- أرسلت إلى بيروت مبعوثاً آخر؛ الشخصية الإيرانية الرفيعة علي لاريجاني، مبعوث الزعيم الأعلى علي خامنئي. ووفق الإسرائيليين، فإيران قامت بحساب أوسع، وبالنظر إلى الإمام، قبل عودة ترمب إلى البيت الأبيض. فهي تخشى من خط أميركي متصلب أكثر في عهده. وتريد التوصل إلى اتفاق يقلص العقوبات على اقتصادها المتعثر، ويرفع تهديد هجوم عسكري مقابل وقف تقدم المشروع النووي. في إطار ذلك، جرى جس نبض من جانبهم تجاه الإدارة الجديدة، وهكذا تزداد الإشارات إلى أنه في هذا الإطار تبدو إيران مستعدة لكبح «حزب الله» كي تنقذ ما تبقّى من قوتها العسكرية، وفي محاولة لحل المواجهة حول المشروع النووي.