إيران تحذّر من «تلغيم» علاقاتها مع الولايات المتحدة

إسرائيل: منشآت طهران النووية عرضة للهجوم أكثر من أي وقت مضى

إيرانية تمرّ أمام رسمة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام رسمة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT
20

إيران تحذّر من «تلغيم» علاقاتها مع الولايات المتحدة

إيرانية تمرّ أمام رسمة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
إيرانية تمرّ أمام رسمة جدارية على حائط السفارة الأميركية السابقة في طهران الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

حذّرت إيران من أن توقيت نشر تفاصيل إحباط مؤامرة اغتيال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، «يهدف إلى تعقيد العلاقات بين طهران وواشنطن».

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي في مؤتمر صحافي أسبوعي، إن توقيت نشر الاتهامات «يثير الشكوك»، واصفاً الكشف عن محاولة الاغتيال بأنها «ألغام تُعيق العلاقات».

وكان بقائي قد قال، السبت، إن الاتهامات لإيران بالوقوف وراء مخطط يستهدف ترمب «لا أساس لها إطلاقاً».

وأعلنت السلطات القضائية الأميركية، الجمعة، توجيه اتهامات إلى «عميل للنظام الإيراني» في إطار مخطّط لاغتيال ترمب.

ويُشتبَه بأن قوات «الحرس الثوري» تقف وراء مخطط اغتيال ترمب الذي تم إحباطه، وذلك انتقاماً لمقتل مسؤول العمليات الخارجية بـ«الحرس الثوري»، الجنرال قاسم سليماني عام 2020 في العراق بغارة شنّتها طائرة من دون طيار أميركية بأمر من ترمب خلال ولايته الأولى، وفقاً لوزارة العدل الأميركية.

بقائي خلال مؤتمر صحافي في طهران الاثنين (إيسنا)
بقائي خلال مؤتمر صحافي في طهران الاثنين (إيسنا)

وألقت التفاصيل الجديدة بظلالها على الترقب الذي يسود إيران بشأن السياسة التي ينتهجها ترمب مع طهران.

وقال بقائي إن على ترمب إنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة الدائرة منذ أكثر من عام.

تهديدات إسرائيلية

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس إن «إيران أصبحت أكثر عرضة من أي وقت مضى لهجوم على منشآتها النووية». وأشار كاتس إلى إن «هناك توافق واسع النطاق على ضرورة إحباط البرنامج النووي الإيراني».

وفي وقت سابق اليوم، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، في مؤتمر صحافي بالقدس، إن «ترمب أوضح أنه يدرك خطورة طموحات إيران النووية»، مضيفاً أن «القضية الأكثر أهميةً لمستقبل المنطقة هي منع إيران من الحصول على سلاح نووي»، حسبما أوردت «رويترز».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد أنه بحث مع ترمب «التهديد الإيراني»، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبه.

ونقل البيان عن نتنياهو قوله: «تحدثت في الأيام الأخيرة 3 مرات مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب... نحن نرى بأمّ أعيننا التهديد الإيراني بكل مكوناته، والخطر الذي يشكّله».

الضغوط القصوى

وشكّك نوّاب إيرانيون في قدرة الرئيس الأميركي المنتخب على إحياء استراتيجية «الضغوط القصوى» على طهران.

وصرّح المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، إبراهيم رضائي، بأن «ترمب لم يَعُد يمتلك أدوات جديدة لزيادة الضغوط على إيران»، وأضاف أن «ذخيرة سلاح التهديد والعقوبات التي يستخدمها ترمب ضد إيران قد نفدت تقريباً».

وأوضح رضائي في تصريح لوكالة «إيسنا» الحكومية أن نتائج الانتخابات الأميركية «لن تؤثر على الأوضاع في الجمهورية الإسلامية»، مؤكداً أن التكهنات حول عودة ترمب لفرض سياسة «الضغط الأقصى» تتطلّب «نظرة شاملة وواقعية».

وأشار إلى أن «سياسة الضغط الأقصى استمرت وتكثّفت خلال فترة الرئيس جو بايدن، حيث فرضت عقوبات إضافية على إيران هذا العام». وأضاف: «ترمب لم يَعُد يمتلك أدوات جديدة لزيادة الضغط على إيران».

وشدّد رضائي على أن السياسة الخارجية لإيران «واضحة ومحدّدة» من قِبل «القيادة العليا»، وتنفّذها الأجهزة الدبلوماسية، مشيراً إلى أنها لا تتأثر بهوية الرئيس الأميركي، سواءً كان من الحزب الديمقراطي أو الجمهوري.

صورة معلَّقة في طهران مكتوب عليها «أميركا هي الشيطان الأكبر» (إ.ب.أ)
صورة معلَّقة في طهران مكتوب عليها «أميركا هي الشيطان الأكبر» (إ.ب.أ)

في المقابل، قال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية، أحمد بخشايش أردستاني، إن «فوز ترمب يمكّننا من التفاوض مع أميركا بسهولة أكبر».

وأعرب أردستاني عن اعتقاده بأن فوز ترمب سينعكس «إيجاباً» على العلاقات بين واشنطن وطهران. وقال: «ترمب يتمتع بوضوح، برغم أنه يُظهر نفسه كشخص مجنون لترهيب الآخرين»، حسبما أورد موقع «إصلاحات نيوز» الإخباري.

ورجّح النائب أن تتمكّن إيران والولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاقات حول القضايا المطروحة «بسهولة أكبر». وأضاف: «فقد جرّبنا ترمب خلال السنوات الـ4 الماضية، حيث مزّق الاتفاق النووي؛ لأنه لم يحقّق له مكاسب؛ لذا أعتقد أن العلاقات بيننا وبين أميركا قد تسير بسهولة أكبر».

بدوره شكّك أردستاني في قدرة ترمب على تفعيل العقوبات أو فرض المزيد منها، وقال: «لقد استُنزِفنا بكل العقوبات المُمكِنة، والديمقراطيون وسّعوا نطاق العقوبات، وجعلوا دولاً أخرى تشاركهم. ترمب لا يمكنه فرض المزيد من العقوبات؛ إذ لم يَعُد هناك المزيد من العقوبات، وقد يلجأ فقط إلى فرض عقوبات نفسية على بعض شخصياتنا لمحاولة الضغط علينا».

وأشار النائب إلى تفاقم المشكلات المعيشية وأزمة العملة على أثر الحرب بين إسرائيل و«حماس». وقال: «آمُل أن تنتهي الحرب لكي تتمكّن إيران من التركيز على القضايا الداخلية».

ودعا النائب إلى التعايش مع الولايات المتحدة، بغضّ النظر عن الرئيس الفائز، قائلاً: «ليس لدينا خيار سوى الاستفادة من فرصة وجود ترمب... يجب أن نحلّ مشاكلنا ونتفاوض مع أميركا، والتفاوض هنا لا يعني إقامة علاقات، بل الوصول إلى تفاهم حول التناقضات والخلافات بيننا».

من جهته قال النائب المحافظ، أحمد راستينه، إن ترمب «اليوم أضعف بكثير مما كان عليه في الولاية الأولى؛ لأن الولايات المتحدة أصبحت أضعف من السابق»، منبّهاً أن «ترمب يواجه تحديات كبرى لا يمكن حلّها بسهولة»، مضيفاً أن «إحدى التحديات الرئيسية التي تواجه أميركا هي تراجع مكانتها على عدة أصعدة، خصوصاً أمام الرأي العام في دول غرب آسيا»، وفق موقع «إيران أوبزرفر».

ويقصد المسؤولون الإيرانيون من منطقة «غرب آسيا» إيران والعراق ودول بلاد الشام.

وتابع: «وصول أي من الديمقراطيين أو الجمهوريين لن يؤثر على أهداف السياسة الخارجية الإيرانية التي تركّز دائماً على دعم (جبهة المقاومة)، وتعزيز العلاقات مع الدول المجاورة، وتنمية التعاون التجاري والاقتصادي والسياسي وفقاً للاتفاقيات الإقليمية والاحترام المتبادل».


مقالات ذات صلة

تجاذبات بين واشنطن وطهران تخيّم على حوار مسقط

شؤون إقليمية 
إسلامي يقدم شرحاً لبزشكيان أمام نماذج من أجهزة الطرد المركزي في معرض للبرنامج النووي أمس (الرئاسة الإيرانية)

تجاذبات بين واشنطن وطهران تخيّم على حوار مسقط

تخيّم التجاذبات على أول حوار دبلوماسي من مسافة قريبة بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وسط روايات متباينة.

علي بردى (واشنطن) «الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الولايات المتحدة​ ترمب: العمل العسكري ضد إيران «ممكن تماماً» إذا لم يتم التوصل لاتفاق

ترمب: العمل العسكري ضد إيران «ممكن تماماً» إذا لم يتم التوصل لاتفاق

أكّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن العمل العسكري ضد إيران «ممكن تماماً» في حال فشلت المحادثات في التوصل إلى اتفاق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (رويترز)

فرنسا تحض مواطنيها على عدم السفر إلى إيران

حض وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو اليوم الأربعاء، الفرنسيين على عدم السفر إلى إيران، والموجودين منهم فيها إلى مغادرة أراضيها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية ترمب يصافح ويتكوف في البيت الأبيض 11 فبراير الماضي (غيتي)

play-circle

إدارة ترمب تلوّح بوضع «سيئ للغاية» إذا فشلت المحادثات مع إيران

قبل أيام من محادثات مسقط، لوّحت إدارة الرئيس دونالد ترمب بوضع «سيئ للغاية» إذا لم تستجب طهران لمطالب واشنطن بوضع حدود جديدة لبرنامجها النووي في إطار اتفاق جديد.

علي بردى ( واشنطن)
شؤون إقليمية إيرانية تسير إلى جانب لوحة جدارية مناهضة للولايات المتحدة على حائط سفارتها السابقة في طهران (إ.ب.أ)

التشاؤم والتفاؤل يتجاذبان الإيرانيين قبيل محادثات مع واشنطن

على الرغم من تحسن طفيف في أسواق المال والعملة الإيرانية، يظل كثير من الإيرانيين متشككين في إمكانية نجاح المفاوضات «الشاقة» مع الولايات المتحدة، الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

ألف جندي إسرائيلي يحتجون لوقف الحرب والجيش يقرر منعهم من الخدمة

جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT
20

ألف جندي إسرائيلي يحتجون لوقف الحرب والجيش يقرر منعهم من الخدمة

جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

وقع نحو ألف من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، بينهم طيارون، رسالة احتجاج إعلاناً في وسائل إعلامية بأنحاء البلاد، لوقف الحرب في قطاع غزة.

وبحسب ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، اليوم الخميس، كتب جنود الاحتياط في الرسالة: «في هذا التوقيت، تخدم الحرب مصالح سياسية وشخصية وليس الأمن القومي».

وأضافوا أن «استمرار الحرب لا يؤدي إلى تقدم أي من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى مقتل الرهائن وجنود جيش الدفاع الإسرائيلي والمدنيين الأبرياء».

جنود إسرائيليون يبكون في جنازة أحد قتلى العمليات بقطاع غزة ديسمبر 2023 (رويترز)
جنود إسرائيليون يبكون في جنازة أحد قتلى العمليات بقطاع غزة ديسمبر 2023 (رويترز)

وأفادت الصحيفة الإسرائيلية بأن الرسالة نشرت بعد لقاء «المقاتلين» بقائد سلاح الجو، الميجور جنرال تومر بار، ورئيس الأركان والميجور جنرال إيال زامير.

وقرر قائد سلاح الجو الإسرائيلي، اللواء تومر بار، بدعم من رئيس الأركان إيال زامير: «إن الجندي الاحتياطي النشط الذي وقع على الرسالة لن يتمكن من الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي».

وفي مارس الماضي، طرد ضابطين كبيرين من الجيش الإسرائيلي، أحدهما طيار حربي، بسبب رفضهما المشاركة في الحرب على غزة التي عدّاها «غير نزيهة وغير ضرورية».

جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (موقع الجيش الإسرائيلي)
جنود من الجيش الإسرائيلي خلال تنفيذ عمليات عسكرية في الضفة الغربية (موقع الجيش الإسرائيلي)

ورغم أن قيادة الجيش رأت أنها «حوادث فردية لا تؤثر على الروح القتالية في الجيش»، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مصادر تقديرها أن «قيادة الجيش منزعجة من تلك المواقف، وتذكرها بحالات سابقة تحولت فيها إلى ظاهرة».

وكشف الطيار آلون جير، والضابط في شعبة الاستخبارات العسكرية، ميخائيل ماير، في تدوينات عبر الشبكات الاجتماعية عن قرار كل منهما برفض الخدمة في الاحتياط، احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية وقرارها باستئناف الحرب على غزة.

وأثارت قضية الضابطين الكبيرين حينها ردود فعل واسعة، مما جعل قيادة الجيش تحاول التقليل من أهميتها.

الجيش الإسرائيلي يوسع المنطقة العازلة بشكل كبير على طول الحدود مع قطاع غزة (رويترز)
الجيش الإسرائيلي يوسع المنطقة العازلة بشكل كبير على طول الحدود مع قطاع غزة (رويترز)

وبحسب صحيفة «هآرتس»، قال أحد كبار الجنرالات إن الحديث يجري عن «حالتين فرديتين»، لكن هناك مخاوف بين كبار المسؤولين من «احتمال توسع الظاهرة، ومن المتوقع أن يجروا محادثات مع عناصر الاحتياط في الوحدات المختلفة لمنع تكرارها».

ولكن تاريخ الحروب الإسرائيلية يشير إلى أن مظاهر تمرد واسعة بدأت بحالات فردية مثل هذه. ففي حرب لبنان الأولى سنة 1982، اشتهر العقيد إيلي جيبع، الذي كان يومها قائداً للكتيبة التي اجتاحت لبنان من راس الناقورة، وتقدمت قواته حتى صيدا ثم شمالاً، ولكن عندما تلقت أوامر باحتلال بيروت، رفض.

وقال جيبع حينها إن «هذا الاحتلال لا يخدم مصالح إسرائيل، ويورطها في حرب غير ضرورية، وإنه ليس مستعداً للتضحية بقطرة دم واحدة من جنوده لمعركة تدخل في شؤون لبنان».

وأيضا طُرد الضابط جيبع من الجيش إلى الأبد، وخلع البزة العسكرية، وأقام مع آخرين حركة «يوجد حد» التي رفعت شعار رفض الخدمة في المناطق المحتلة.

وعدّت هذه الحركة في حينه أول حركة تمرد منظمة في تاريخ الحروب الإسرائيلية، وقد جندت حولها ألوف الجنود في جيش الاحتياط.

وقالت إسرائيل إن أكثر من 400 جندي قتلوا منذ بدء العمليات في غزة بعد مقتل أكثر من 1200 شخص في الهجوم الذي شنته حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023، ومطلع الأسبوع الحالي، وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن نحو 16 ألفاً و500 من جنودها تلقوا العلاج من إصابات بدنية ونفسية منذ أن بدأ أحد أكثر النزاعات الدموية في المنطقة منذ عام ونصف العام.

وأضافت الوزارة في بيان لها إن ما يقرب من نصف الجنود المصابين (7300) أصيبوا بمشكلات نفسية منذ أن بدأ الجيش الإسرائيلي العمليات في غزة في أكتوبر 2023.

وقال ليمور لوريا، رئيس قسم إعادة التأهيل في الوزارة، إن المصابين يعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة، ونوبات قلق واكتئاب.

وعلى الجانب الآخر، قتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال في ضربات إسرائيلية على قطاع غزة، وفقاً لمسؤولي «الصحة» التابعين لـ«حماس».