«الشرق الأوسط» تكشف مسار رسالة ترمب للبنانيين في أميركا من المحادثات إلى التوقيع

دور سابق لعائلة عباس بنقل رسائل لبنان وإدارة ريغان... واشترطت توقيعها قبل استقباله

ألبرت عباس يسلم درعاً تذكارية لترمب خلال لقاء انتخابي في مطعم «غريت كومونر» في ديربورن (أ.ب)
ألبرت عباس يسلم درعاً تذكارية لترمب خلال لقاء انتخابي في مطعم «غريت كومونر» في ديربورن (أ.ب)
TT

«الشرق الأوسط» تكشف مسار رسالة ترمب للبنانيين في أميركا من المحادثات إلى التوقيع

ألبرت عباس يسلم درعاً تذكارية لترمب خلال لقاء انتخابي في مطعم «غريت كومونر» في ديربورن (أ.ب)
ألبرت عباس يسلم درعاً تذكارية لترمب خلال لقاء انتخابي في مطعم «غريت كومونر» في ديربورن (أ.ب)

كشفت إشارة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى رسالة وقَّعها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، في «مطعم حسن عباس» في ديترويت، إلى دور لعبته العائلة المتحدة من أصل لبناني في تحفيز ترمب على الضغط باتجاه التوصل إلى تسوية ووقف إطلاق النار في لبنان، والمضيّ بخطة لتثبيت الاستقرار واستعادة التهدئة بين لبنان وإسرائيل.

والرسالة التي وُقِّعت قبل زيارة ترمب إلى المطعم بنحو أسبوع، ونُشرت قبل أيام منها بناءً على طلب الجالية، تُعدّ «أول تعهّد مكتوب في التاريخ يوقِّعه رئيس لناخبيه»، حسبما يقول علي عباس (المعروف باسم ألبرت عباس) الذي خاض محادثات مع مستشار ترمب ونسيبه من أصل لبناني الدكتور مسعد بولس، وطلب منه أن يدعم الرئيس مطالب الجاليتين اللبنانية والعربية في ميشيغان لوقف الحرب، وأن يضغط لوقف الحرب، ووقف معاناة اللبنانيين والفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية، مقابل كسب ثقة الجاليات العربية في الولاية وتصويتهم لصالحه.

وأضاف عباس في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بولس نقل الرسالة، وأرسل ترمب إلى الجالية رسالة موقَّعة منه تثبت التزامه بدعم المجتمع اللبناني، وبأنه يسعى لإحلال السلام في الشرق الأوسط والعالم».

«أمل» الجاليات العربية

حملت الرسالة دعماً صريحاً من ترمب بالضغط، واستخدام قوته لوقف الحرب؛ ما أعطى الجاليات العربية هناك «أملاً» بالتوصل إلى السلام، وإعادة الاستقرار. وينظر أبناء الجالية اللبنانية إلى الرسالة بوصفها «فرصة لتحقيق السلام»، وأنها «أعلى من أي فرصة يمكن أن يقدمها الديمقراطيون لتحقيق مطالب الجالية».

عائلة عباس

وعباس (48 عاماً)، ينتمي إلى عائلة لبنانية هاجرت في السبعينات، وولد ونشأ في الولايات المتحدة، وبات ناشطاً في المجتمع العربي، ومدافعاً عن السلام، ويستكمل نشاط والده الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في عام 1972، ولعب في الثمانينات دور «ناقل رسائل متبادلة» بين إدارة الرئيس الأسبق رونالد ريغان واللبنانيين.

ويرفض عباس القول إنه يتحدر من عائلة سياسية، ويؤكد أن عائلته التي تستثمر في المطاعم، ناشطة ضد الحرب، ولا تضيع فرصة لتحقيق السلام، وإيقاف المعاناة الناتجة عن الحروب.

ترمب وألبرت عباس في مطعم «غريت كومونر» في ديربورن (أ.ب)

من حملة هاريس... إلى ترمب

جاء التواصل مع بولس، بعد تواصل مشابه مع مندوبي حملة هاريس الانتخابية، تبين أنه «مخيب للآمال» بعدما ظهر أنها غير مهتمة بتغيير السياسة الخارجية. ويوضح عباس: «التقينا بمندوبين عن حملة هاريس في المدينة، وعرضنا نفس المطالبة لجهة وقف إطلاق النار، وتحقيق السلام بما يرفع المعاناة عن الشعب اللبناني، لكن أعضاء الحملة أبلغونا بأنه لا مصلحة لهاريس بتغيير السياسة الخارجية القائمة تجاه لبنان وإسرائيل والفلسطينيين»، مشيراً إلى «أننا أخبرناهم بأن هناك لبنانيين من أقرباء أعضاء في الجالية اللبنانية في ديربورن، ماتوا جراء هذه الحرب، وأن استمرار هذه الحرب سيؤدي إلى معاناة إضافية، وهناك شعب يقتل، لكن لم يقدموا أي التزام أو وعد بتغيير السياسة القائمة تجاه الأزمة».

حملة ترمب

لذلك، انتقلت الجالية اللبنانية لطرح المطالب نفسها على حملة ترمب خلال اجتماعات أولية مع بولس، ونُقلت إليه مخاوف الجاليات على عائلاتهم في لبنان وغزة. وخلال لقاء مع بولس في ديربورن، طُرحت المطالب نفسها «بمسعى لإعطاء أمل للبنانيين والعرب في الولاية»، وطُلب منه تعاطٍ صُلب مع تلك المطالب لقاء الترحيب بترمب في المدينة، وتوطيد الصلة بين المسلمين في الولايات المتحدة كلها.

نسيب ترمب مسعد بولس يظهر في خلفية لقاء ترمب وألبرت عباس (أ.ب)

وبالفعل تعاطى بولس معها بإيجابية مع مطلب السلام والازدهار في الشرق الأوسط، و«نقلها إلى الرئيس ترمب الذي وافق على مطلبنا بأن يكون التعهّد مكتوباً وموقَّعاً من قبله، وأرسله إلينا بعد أيام»، ويضيف: «كانت تلك المرة الأولى في التاريخ التي يوقِّع فيها رئيس تعهداً لناخبيه؛ ما أسعدنا وأعطانا أملاً بأن يستخدم قوته ويمارس ضغوطاً لإيقاف الحرب، وتطبيق السلام». ويتابع عباس: «أرسل لنا فريق ترمب الرسالة الموقَّعة، وعرضناها على أبناء الجالية هنا، ونشرها بناءً على طلبنا؛ ما يتيح للملايين حول العالم بمشاهدة هذا الالتزام بالعمل لتحقيق السلام».

وتَوَجَّهَ ترمب في الرسالة إلى الجالية قائلاً: «أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان يستحقون العيش بسلام وازدهار ووئام مع جيرانهم، وهذا يتحقق عبر السلام والاستقرار في المنطقة».

وتعهد بوضع حدّ للفوضى في الشرق الأوسط، وأنه سيمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة، مؤكداً أن هذا الأمر جزء من رؤيته للحفاظ على السلام العالمي. كما أكد أنه يتطلع «للعمل مع الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة لضمان سلامة وأمن الشعب اللبناني. انتخبوا ترمب من أجل السلام».

استقبال ترمب

كانت هذه الرسالة حافزاً للجالية اللبنانية والعربية للترحيب بترمب في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في ديربورن. ويقول عباس: «طلبنا أن يكون هذا التعهد على قدر توقعاتنا، وتطرقت إلى هذا الأمر خلال خطابي الذي رحبت فيه بترمب في المطعم، كما طلبت في كلمتي تغيير الخطاب تجاه المسلمين في الإعلام، والتوقف عن تنميطنا».

خلال استقبال ترمب، كانت واجهة المقهى مزينة بلوحات تحمل عبارات: «دعونا نُنْهِ الحرب» و«الوقف من أجل السلام في لبنان وغزة». وتوجه ألبرت عباس إلى المرشح الرئاسي قائلاً: «عائلاتنا تعاني في الوطن»، وتابع: «لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لمصالح أمتنا، وتعزيز السلام الدائم للجميع. لقد فشلت هذه الإدارة الحالية (إدارة الرئيس بايدن) فشلاً ذريعاً في جميع جوانب الإنسانية». وتابع في خطابه بمطعم «غريت كومونر» المملوك لعائلته (شقيقان حسن وحسين) بالقول: «نتطلع إلى رئاسة ترمب بأمل، ونتصور وقتاً يزدهر فيه السلام، لا سيما في لبنان وفلسطين». وأضاف: «لا أستطيع الوقوف في صمت بينما يتم محو فلسطين، نرجوك أن تساعدنا في إيقاف إراقة الدماء، لا ينبغي إعطاء الأولوية لأي مبلغ من المال والسلطة على حياة الإنسان».

عباس يلقي خطاب الترحيب بترمب في مطعم عائلته في ديربورن (أ.ب)

ومن جانبه قال ترمب في اللقاء: «لدينا شعور رائع تجاه لبنان، وأعرف الكثير من الناس من لبنان، وعلينا أن ننهي كل هذا الأمر، نريد أن يكون لدينا سلام، أنا أعرف الكثيرين من الشعب اللبناني والسكان المسلمين، إنهم يحبون ترمب، وكانت لديهم علاقة جيدة معه، ونحن نريد أصواتهم، ونبحث عن أصواتهم، وأعتقد أننا سنحصل على أصواتهم».

خطاب ترمب

يصف عباس خطاب ترمب في اللقاء بالـ«قوي» و«الجاد». ويضيف: «طلبنا السلام، وكان ترمب متحمساً ومتجاوباً. بعد هذا اللقاء، أكد عزمه لتحقيق السلام للبنانيين والفلسطينيين، وتحدث عن ذكاء اللبنانيين ومعرفته بهم بوصفهم شعباً مسالماً يتوق للسلام والعدالة»، مضيفاً: «لذلك، سلمته درعاً تذكارية، واقتبست فيه عبارة من رونالد ريغان حول السلام، وستكون هذه الدرع في المكتب البيضاوي في البيت الأبيض».

وتضمنت الدرع التذكارية عبارة لريغان تقول: «السلام لا يتمثل بغياب الصراع، بل بالقدرة على التعامل مع الصراع بالوسائل السلمية».

ألبرت عباس يسلم ترمب درعاً تذكارية (أ.ب)


مقالات ذات صلة

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي يصل إلى مشارف نهر الليطاني في جنوب لبنان

دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)
دبابة إسرائيلية محملة على شاحنة خلال نقلها إلى الحدود مع جنوب لبنان في الجليل الأعلى (إ.ب.أ)

نفّذت القوات الإسرائيلية أوسع اختراق بري داخل العمق اللبناني منذ بدء الحرب، بوصولها إلى مشارف نهر الليطاني من جهة ديرميماس، ودخلت إلى أطراف البلدة، وذلك في محاولة لفصل النبطية عن مرجعيون، والتمهيد لهجوم على بلدة الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، وتحييد تلة الطيبة التي تشرف شرقاً على سهل الخيام الذي يستعد الجيش الإسرائيلي لتمديد عمليته البرية إليه، في محاولة للسيطرة على مدينة الخيام.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الجيش الإسرائيلي نصب حاجزاً عند مفرق ديرميماس في جنوب لبنان ليفصل بين مرجعيون والنبطية. وقطع الجيش الإسرائيلي الطريق عند المدخل الغربي لبلدة ديرميماس قرب محطة وقود، بالسواتر الترابية، حيث تتمركز آليات تابعة له. وأوردت تقارير إعلامية أن القوات الإسرائيلية منعت دوريات قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني من المرور باتجاه مرجعيون.

5 كيلومترات

وقالت مصادر لبنانية مواكبة لتطورات المعركة في الجنوب، إن القوات الإسرائيلية تقدمت من بلدة كفركلا التي تسيطر عليها، باتجاه الغرب عبر حقول الزيتون، لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات، مستفيدة من غياب مقاتلي الحزب في تلك المناطق المسيحية، مثل محيط القليعة وبرج الملوك وديرميماس. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلك الثغرة «مكنت القوات الإسرائيلية من الوصول إلى مشارف نهر الليطاني، للمرة الأولى منذ عام 2006 وفصلت النبطية عن مرجعيون»، علماً بأن المدفعية الإسرائيلية كانت قد قطعت ذلك الطريق مراراً على مدار الأشهر الماضية، كما نفذت مسيّرات عمليات اغتيال عليها.

دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

ومهّدت إسرائيل لهذا التقدم، بتغطية نارية. وقالت مصادر أمنية لبنانية في الجنوب إن المدفعية الإسرائيلية «لم تهدأ طوال ليل الخميس - الجمعة في استهداف المرتفعات المطلة على ديرميماس، سواء في قلعة الشقيف، أو أرنون ويحمر ووادي زوطر ودير سريان»، لافتة إلى أن هذا التمهيد المدفعي «يسعى عادة إلى توفير تغطية نارية تواكب تقدم المشاة»، وأكدت المصادر أن التحركات البرية الإسرائيلية «سارت على إيقاع قصف جوي عنيف، وتحليق للمسيّرات، لتأمين القوة المتقدمة». ورجحت أن مسار العبور سلك كفركلا - تل النحاس - برج الملوك باتجاه ديرميماس، وأشارت إلى أن البلدة «شبه خالية من السكان، إذ تضم بضع عائلات فقط، كما لا يحظى (حزب الله) بوجود فيها».

وأطلق «حزب الله» صواريخه باتجاه القوات الإسرائيلية في تلك المنطقة، حسبما قال في ثلاثة بيانات، أكد فيها أنه استهدف التجمعات والآليات الإسرائيلية على تخوم ديرميماس بالصواريخ. وتحدثت وسائل إعلام عن «رشقات صواريخ متتالية استهدفت تجمعات إسرائيلية في الخيام ومحيط تل النحاس وصاروخ موجه استهدف تحركات آلية في كروم الزيتون قرب محطة مرقص في أطراف ديرميماس».

دبابة وجرافة

وانتشرت صورة في وسائل الإعلام اللبنانية لدبابة إسرائيلية تتمركز وراء مرتفع مكشوف من جهة الشرق (بلدة القليعة)، لكنه محمي من جهتي الغرب والشمال. أما من الجهة الجنوبية، فتشرف عليه بلدة ديرميماس التي دخلت إليها القوات الإسرائيلية.

وقال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية مصطفى أسعد إن الصورة التي تداولتها وسائل إعلام لبنانية وتظهر جرافة تسير وراء دبابة على مثلث القليعة - مرجعيون - ديرميماس «تعني أن قوة مهاجمة من المشاة انتقلت من المنطقة وأمنتها، سواء سيراً على الأقدام أو بآليات مدولبة وسريعة، ودخلت إلى بلدة ديرميماس».

وأفاد رئيس بلدية البلدة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، بحصول «توغل إسرائيلي بسيط داخل البلدة»، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين «توغلوا بين حقول الزيتون من جهة بلدة كفركلا».

ويقول «حزب الله» إنه لم يقم مراكز تجمع عسكري له في أراضي بلدات مسيحية أو درزية في الجنوب، وذلك في ظل رفض من تلك المكونات لوجود الحزب في أراضيهم. ويقول مقربون منه إنه يحجم عن ذلك لسببين؛ أولهما «سبب سياسي، لتجنب السجال مع أبناء الطوائف الأخرى»، وثانيهما «لضرورات أمنية».

مسيرة إسرائيلية تحلق في أجواء الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مرتفعات الطيبة

وتسعى القوات الإسرائيلية من هذا التقدم إلى الإشراف على مجرى نهر الليطاني، الذي يُعتقد أن جزءاً من منصات الإسناد الصاروخي لـ«حزب الله» توجد فيه، وهي المنصات التي تمنع القوات الإسرائيلية من التقدم في بلدة الخيام. كما تسعى إلى الالتفاف على بلدة الطيبة الاستراتيجية التي تضم مرتفعات مشرفة على نهر الليطاني من الغرب، ومرتفعات مشرفة على سهل الخيام من جهة أخرى. ولم تدخل إليها القوات الإسرائيلية من جهة الشرق بعد، رغم المحاولات للتوغل فيها، ورغم الغارات الجوية التي استهدفتها على مدى أشهر.

وفي حال التوغل من جهة ديرميماس، فإن القوات الإسرائيلية ستفتح مجالاً للتوغل في الطيبة من الجهتين الغربية والشمالية، إضافة إلى محور مركبا - العديسة من الجهة الشرقية، وذلك في محاولة لتحقيق اختراق والتفاف عليها.

«الطيبة» لتأمين التوغل بـ«الخيام»

وتعد بلدة الطيبة أبرز الموانع التي تحول دون افتتاح القوات الإسرائيلية جبهة من الجهة الغربية للتقدم باتجاه مدينة الخيام، كون الدبابات الإسرائيلية «ستكون تحت نيران الصواريخ المضادة للدروع في حال العبور بسهل الخيام»، وهو ما حال دون افتتاح الجيش الإسرائيلي لمحور توغل جديد من الجهة الغربية للتقدم إلى الخيام التي فشل مرتين في السيطرة عليها، الأولى قبل أسبوعين حين توغل من الجهتين الشرقية والجنوبية، والمرة الثانية قبل أيام حين أضاف محوراً جديداً من شمال شرق المدينة قرب إبل السقي، وتمكن في المرتين من الوصول إلى أطرافها الشرقية والجنوبية، وبينها أسفل معتقل الخيام، فيما تعرضت آلياته لاستهداف ناري حين توسعت من المطلة إلى سهل الخيام (جنوب غرب) باتجاه المدينة.

القبة الحديدية تعترض صواريخ أطلقها «حزب الله» باتجاه شمال إسرائيل (إ.ب.أ)

وقال «حزب الله» إنه استهدف تجمعات إسرائيلية 6 مرات على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية بالصواريخ، كما أطلق مقاتلوه صواريخ مضادة للدروع باتجاه إحدى الدبابات الإسرائيلية على مشارف الخيام، مما أدى إلى احتراقها.

وتقول المصادر إن القوات الإسرائيلية «تسعى للسيطرة على إحدى مدينتين، إما بنت جبيل وإما الخيام»، وذلك بعد التوغل في عدة قرى، وتفجير المنازل فيها، ومسحها بالكامل. ويعد الدخول إلى بنت جبيل معقداً من الناحية العسكرية، كونها مدينة كبيرة وتتضمن أحياء واسعة ومترامية الأطراف، وقد فشلت محاولات سابقة للتوغل فيها والسيطرة عليها، رغم القتال على أطرافها، خصوصاً الحي الواقع على تخوم عيناثا.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية باشتباكات عنيفة في مدينة الخيام، حيث «تُسمع بوضوح أصوات الانفجارات والاشتباكات بالأسلحة الرشاشة»، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف وغارات على مدينة الخيام.