دراسة: القردة تعرف مَن سيفوز في الانتخابات الأميركية

قردة «مكاك ريسوسي» تُشبه البشر بشكل مذهل (أ.ف.ب)
قردة «مكاك ريسوسي» تُشبه البشر بشكل مذهل (أ.ف.ب)
TT

دراسة: القردة تعرف مَن سيفوز في الانتخابات الأميركية

قردة «مكاك ريسوسي» تُشبه البشر بشكل مذهل (أ.ف.ب)
قردة «مكاك ريسوسي» تُشبه البشر بشكل مذهل (أ.ف.ب)

مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، تدور حرب حامية الوطيس بين كامالا هاريس ودونالد ترمب، ويبحث مستطلعو الرأي والمحللون عن أدلة للتنبؤ بالنتيجة.

لكن ماذا لو كانت الإجابة لا تكمن في البيانات السياسية أو استراتيجيات الحملات الانتخابية، بل في غرائز الجزء البدائي من الدماغ البشري؟

يقول مايكل بلات، أستاذ التسويق وعلم النفس والأعصاب في جامعة «بنسلفانيا»: «أجريت بحثاً جديداً على قردة من نوع (مكاك ريسوسي) يشير إلى أنه عندما يتعلّق الأمر بالقرارات، مثل التصويت، فالناس ليسوا بالعقلانية التي يتصورونها».

وتابع بلات، في مقال نشره بموقع «ذا كونفيرزيشن»، «من السهل ربط ردود الفعل الغريزية -الاختيار السريع بين الهرب أو القتال عند التعرض للخطر، أو انتشال اليد بشكل لا إرادي إذا لامست سطحاً ساخناً- بالدافع الأساسي للبقاء على قيد الحياة». مضيفاً: «لكن البشر لديهم أيضاً دماغ عقلاني يمكنه جمع وتقييم الأدلة، والتفكير بعناية بدلاً من الاعتماد على الردود الغريزية. السؤال: لماذا يبدو أن هذا الدماغ العقلاني يتراجع أمام الغرائز البدائية في مواقف يمكن أن تخدم فيها العقلانية الناس بشكل أفضل؟ هذا واحد من أسباب كثيرة جعلتنا (أنا وزملائي المختصين بعلم الأعصاب) ندرس قردة (مكاك ريسوسي) لمدة 25 عاماً».

تُشبه هذه القردة البشر بشكل مذهل من الناحية الوراثية والفسيولوجية والسلوكية؛ ما سمح للباحثين بتحقيق نقلات اختراقات طبية مدهشة، مثل تطوير لقاحات لشلل الأطفال والإيدز و«كوفيد-19»، وكذلك علاج التحفيز الدماغي العميق لمرض «باركنسون» واضطرابات أخرى تتعلق بالأعصاب.

ويشرح بلات: «بحثي حول تفضيل المرشحين في الانتخابات هو جزء من اتجاه عام يعمل على تعزيز فهم العلماء للقدرة على التفاعل بفاعلية مع الآخرين، وتجاوز الصراعات الاجتماعية، وكذلك الدوائر العصبية التي تدعم هذه القدرة، وكيف يمكن لهذه الدوائر أن تتدهور بسبب الأمراض أو العوامل الخارجية، مثل عدم المساواة».

قوة الانطباعات الأولى

كشفت أبحاث سابقة عن أن البالغين والأطفال في سن ما قبل المدرسة يمكنهم التنبؤ بنتائج الانتخابات بدقة بعد رؤية صور المرشحين بشكل سريع. وهناك كثير من الأدلة التي تدعم فكرة أن دماغنا البدائي يدفعنا لتكوين انطباعات أولى سريعة بناءً على المظهر الخارجي، وهذه القدرة كانت مفتاح بقائنا على قيد الحياة.

في الدراسة، التي هي قيد المراجعة في الدورية الأكاديمية «وقائع الجمعية الملكية - السلسلة بي»، أظهرنا للقردة صور المرشحين لانتخابات حكام الولايات والكونغرس في الولايات المتحدة، وقد تنبأت بنتائج صحيحة بناءً على الخصائص البصرية فقط.

وأوضح بلات: «كانت القردة تنظر لفترة أطول إلى المرشح الخاسر مقارنة بالفائز، وهذا الانحياز في النظر تنبأ ليس فقط بنتائج الانتخابات بل أيضاً بنسبة أصوات المرشحين. كانت القردة تميل إلى النظر إلى المرشحين ذوي الخصائص الوجهية الذكورية أكثر، وكان هؤلاء المرشحون هم الأكثر احتمالاً للفوز في الانتخابات الفعلية. وكان لبروز الفك علاقة مباشرة بنسبة الأصوات».

وتابع بلات: «عندما أظهرنا لقردة (مكاك ريسوسي) صوراً من أحدث التجمعات التي شارك فيها دونالد ترمب. نظرت القردة لفترة أطول إلى المرشح الديمقراطي في المواجهة بين ترمب وهيلاري كلينتون. ونظرت لترمب بشكل أقل في المواجهة مع جو بايدن، ونظرت لمدة متساوية تقريباً إلى ترمب في المواجهة مع كامالا هاريس، وذلك يعني أنه مقارنة بين المرشحين الديمقراطيين الثلاثة، كلينتون، وبايدن، وكامالا هاريس، بناءً على الخصائص البصرية فقط، تنبأت القردة بأن كامالا هاريس لها أفضل فرصة للفوز ضد ترمب».

ويقول: «تُشير نتائجنا إلى أن الناخبين يتفاعلون بشكل غريزي مع إشارات القوة البدنية»

ابقَ عاقلاً

رفع الوعي بهذه التفضيلات الغريزية هي الخطوة الأولى في تقليص تأثيرها.

وأشار بلات إلى أن «الحملات السياسية تستغل هذه الغرائز من خلال التركيز على القوة الجسدية وقوة الشخصية للمرشح. وعلينا، بصفتنا ناخبين، الاعتماد على قدرة دماغنا العاقل على فهم وتقييم سياسات وخبرات المرشحين».

وأضاف: «بالطبع، الناخبون ليسوا قردة، لكن الغرائز الأساسية يمكن أن تُشكل قراراتنا بشكل خفي».


مقالات ذات صلة

هاريس تحتاج إلى النساء لاختراق السقف الأعلى للسلطة في أميركا

الولايات المتحدة​ لافتة مكتوب عليها «ثقوا بالنساء» فوق مؤيدين لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس في هيوستن (أ.ف.ب)

هاريس تحتاج إلى النساء لاختراق السقف الأعلى للسلطة في أميركا

تشكل أصوات النساء عاملاً حاسماً في الانتخابات الأميركية مما يمكن أن يساعد نائبة الرئيس كامالا هاريس في اختراق السقف الأعلى للسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مؤيدون للمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس يحملون لافتات في تجمع انتخابي بفيلادلفيا (د.ب.أ)

استهداف ناخبي الولايات الأميركية الحاسمة بسيل من الإعلانات السياسية

يجد الناخبون في منطقة رئيسية ضمن ولاية بنسلفانيا الحاسمة أنفسهم أمام موجة من الحملات الدعائية قبيل انتخابات الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ ترمب مخاطباً أنصاره في حدث انتخابي ببنسلفانيا - 29 أكتوبر (إ.ب.أ)

مَن في قائمة «أعداء الداخل» الذين يريد ترمب مقاضاتهم أو معاقبتهم؟

قال موقع «أكسيوس» الأميركي إن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كان صريحاً خلال الفترة الماضية في تعهُّده باستخدام سلطته رئيساً إذا فاز في الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب (رويترز)

دون دليل... ترمب يزعم تقدمه في الانتخابات الرئاسية

يؤجج دونالد ترمب، مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، مخاوف أنصاره من أن الطريقة الوحيدة التي ربما تؤدي إلى خسارته الانتخابات هي الغش.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح لمنصب نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس (أ.ب) play-circle 10:05

«غضبت كثيراً»... فانس اعتقد أن ترمب قُتل بالفعل بعد تعرضه لإطلاق نار

كشف المرشح لمنصب نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، أنه شعر بأنه مضطر لحماية عائلته فوراً بعد محاولة الاغتيال الأولى للرئيس السابق دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هاريس تحتاج إلى النساء لاختراق السقف الأعلى للسلطة في أميركا

المرشحة الديمقراطية للرئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس (أ.ف.ب)
المرشحة الديمقراطية للرئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس (أ.ف.ب)
TT

هاريس تحتاج إلى النساء لاختراق السقف الأعلى للسلطة في أميركا

المرشحة الديمقراطية للرئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس (أ.ف.ب)
المرشحة الديمقراطية للرئاسة نائبة الرئيس كامالا هاريس (أ.ف.ب)

بلغت المعركة على أصوات النساء ذروتها في الانتخابات الأميركية، وسط تساؤلات عما إذا كانت غالبيتها ستذهب إلى المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأميركية نائبة الرئيس كامالا هاريس، وإذا كان الرجال الأميركيون، وبينهم منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب، مستعدين لقبول اختراق امرأة سوداء ومن أصول آسيوية، السقف الأعلى للسلطة التنفيذية في الولايات المتحدة.

وظهرت التجاذبات على أصوات النساء بقوة خلال هذا الأسبوع، في ظلّ جهود ترمب للتواصل مع الناخبات، ووسط مساع من هاريس إلى استمالة النساء من الحزبين برسالة تُركّز على «الحرية». وهي تقترح أن النساء يجب أن يتمتعن بالحرية في اتخاذ قراراتهن الخاصة بشأن أجسادهن، وأنه إذا انتُخب ترمب، فسيتبع ذلك المزيد من القيود.

ورغم ذلك، لم تظهر خلال الحملات الانتخابية مؤشرات إلى أن النساء، اللواتي يشكلن غالبية بين الناخبين في الولايات المتحدة، سيمنحن ثقتهن هذه المرة لهاريس، بعدما خذلن جزئياً وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. ولكن مع اقتراب يوم الانتخابات، حاولت هاريس استمالة النساء الجمهوريات والمعتدلات والمستقلات، وبخاصة في الضواحي، من خلال الحديث عن دعمها لحقوق الإنجاب وتصوير ترمب على أنه تهديد لهن.

مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الرئيس السابق دونالد ترمب ومنافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس في صورة مركبة (رويترز)

وفي الحقيقة، توحي التصريحات الأخيرة لترمب في شأن حماية النساء سواء «شئن ذلك أو لا»، بأنه يخشى أن يصوتن هذه المرة بالفعل لمصلحة هاريس، التي رأت أن قوله هذا يُظهر أنه لا يفهم حق المرأة «في اتخاذ القرارات حيال حياتها الخاصة، بما في ذلك جسدها». وازداد الطين بلّة بتصريح جديد للمرشح الجمهوري كشف خلاله عن أنه يعتزم تكليف حليفه روبرت كينيدي جونيور بـ«العمل على صحة المرأة» في إدارته. وقال ترمب خلال تجمع حاشد ليل الأربعاء في ويسكونسن، إن مساعديه حضّوه على التوقف عن استخدام مصطلح «الحامي» للنساء؛ لأنه «غير مناسب». ثم أضاف سطراً جديداً إلى كلمة «الحامي»، موضحاً أنه ردّ على مساعديه بالقول: «حسناً، سأفعل ذلك، سواء شاءت النساء ذلك أو لا. سأحميهن».

حريّة المرأة

وشكلت هذه التعليقات جزءاً كبيراً من خطاب هاريس في اليوم التالي، حيث تنافست الحملتان حول هذه التصريحات. وكانت هاريس تتحدث من ويسكونسن أيضاً، فأشارت إلى تصريحات ترمب «المسيئة للغاية» لجميع الأميركيين. وقالت إن ترمب «ببساطة لا يحترم حرية المرأة، أو ذكاء المرأة في معرفة ما هو في مصلحتها واتخاذ القرارات وفقاً لذلك. ولكننا نثق بالنساء». وهذا ما دفع الناطقة باسم حملة الجمهوريين كارولين ليفات إلى التساؤل: «لماذا تعترض كامالا هاريس على رغبة الرئيس ترمب في حماية النساء والرجال والأطفال من جرائم المهاجرين والخصوم الأجانب؟».

وخلال تجمع انتخابي آخر في نيفادا، أعطى ترمب الديمقراطيين ذخيرة جديدة من خلال اقتراح فكرة مفادها أنه إذا فاز، فإن كينيدي، الذي ترشح مستقلاً قبل الانسحاب وتأييد ترمب، «سيعمل على الصحة وصحة المرأة وجميع الأسباب المختلفة؛ لأننا لسنا دولة غنية أو صحية حقاً»، علماً أن كينيدي مشكك في اللقاحات وروّج لنظريات غير مثبتة حول مخاطر العلاجات الصيدلانية، ثم غيّر مواقفه من الإجهاض في أثناء محاولته الرئاسية الفاشلة. في مرحلة ما، دعم القيود الفيدرالية على الإجهاض بعد الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل قبل التراجع عن ذلك أيضاً.

دعم المشاهير

المغنية والممثلة الأميركية جينيفر لوبيز خلال تجمّع انتخابي داعم لهاريس في نيفادا الخميس (إ.ب.أ)

وطرحت هاريس قضيتها في تجمعين متتاليين في نيفادا. وظهرت مع المغنية والممثلة جينيفر لوبيز، وهي من أصل بورتوريكي، التي انضمت إلى عدد كبير من المشاهير من أصل إسباني لمساعدة الحملة الديمقراطية في الأيام التي تلت تجمعاً لترمب ومؤيديه في نيويورك.

وقدمت لوبيز هاريس في تجمع جماهيري في لاس فيغاس، مع عرض لفرقة البوب ​​«مانا». وتحدثت لوبيز في تصريحات عاطفية عن خلفيتها بوصفها بورتوريكية، مؤكدة أهمية حقوق النساء لدى المرشحة الديمقراطية. وقالت: «أؤمن بقوة النساء. تتمتع النساء بالقدرة على إحداث الفارق في هذه الانتخابات».

كما انتقدت الكوميدي توني هينتشكليف، الذي وصف بورتوريكو في تجمع ترمب في «ماديسون سكوير غاردن» بنيويورك بأنها «جزيرة عائمة من القمامة». وقالت لوبيز: «هذه بلادنا أيضاً».

وخلال ولايته الرئاسية الأولى بين عامي 2016 و2020، عيَّن ترمب ثلاثة من قضاة المحكمة العليا الأميركية الذين شكلوا الأكثرية المحافظة التي ألغت حقوق الإجهاض الفيدرالية. ومع انتشار تداعيات قرار عام 2022، لجأ إلى الادعاء في المناسبات العامة وفي منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه «سيحمي النساء» ويضمن عدم «تفكيرهن في الإجهاض».

إجابات متناقضة

الرئيس السابق دونالد ترمب وزوجته ميلانيا ترمب في نيويورك (أ.ب)

وأعطى ترمب إجابات متناقضة حول موقفه من الإجهاض. وفي بعض النقاط، قال إنه يدعم معاقبة النساء على الإجهاض وعارض القضاة الذين عيّنهم. وخلال حملته الناجحة في عام 2016، أخبر الناخبين أنه إذا انتُخب، سيعين قضاة في المحكمة العليا لإلغاء قضية «رو ضد وايد» التي أرست الحماية الفيدرالية للإجهاض، مشدداً على أنه «مؤيد للحياة».

وربطت هاريس تعليقات ترمب بنهجه تجاه حقوق الإنجاب. لكن ترمب يتحدث عموماً عن حماية النساء من المجرمين والإرهابيين والخصوم الأجانب، بما يتماشى مع الصورة القاتمة التي يرسمها لبلد في حالة انحدار.

وقال ترمب خلال التجمع في غرين باي، ويسكونسن: «سأحميهن من المهاجرين القادمين. سأحميهن من الدول الأجنبية التي تريد ضربنا بالصواريخ والكثير من الأشياء الأخرى».

وقبل أن يتصدر ترمب تجمعاً في نيفادا، رد على ادعاء أحد كبار مساعدي حملة هاريس بأن الرئيس السابق لا يحيط نفسه بنساء قويات وذكيات، في إشارة إلى قول رجل الأعمال الملياردير مارك كوبان: «لن ترى» ترمب «حول نساء قويات وذكيات - أبداً». ورد ترمب عبر منصة «إكس» أن كوبان «مخطئ للغاية»، واصفاً كوبان بأنه «أحمق»، و«خاسر كبير». وكتب: «يجب على جميع النساء القويات، والنساء بشكل عام، أن يشعرن بالغضب الشديد إزاء تصريح هذا الرجل الضعيف».

ومنذ عام 2022، خلقت مجموعة القوانين الحكومية المتعلقة بالإجهاض رعاية طبية غير متساوية. وتوفيت بعض النساء. ونزفت أخريات في مواقف سيارات غرف الطوارئ في الولايات التي تفرض حظراً صارماً على إجهاض النساء الحوامل. كما ارتفعت معدلات وفيات الرضع والأمهات.