اتصالات مصرية مكثفة لاحتواء التصعيد في المنطقة

القاهرة طالبت بـ«ضبط النفس»... وحذرت من مخاطر «حرب إقليمية»

دخان كثيف يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية عقب قصف إسرائيلي (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية عقب قصف إسرائيلي (رويترز)
TT

اتصالات مصرية مكثفة لاحتواء التصعيد في المنطقة

دخان كثيف يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية عقب قصف إسرائيلي (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من ضاحية بيروت الجنوبية عقب قصف إسرائيلي (رويترز)

كثفت القاهرة اتصالاتها خلال الساعات الأخيرة، في محاولة لاحتواء التصعيد بالمنطقة، عقب الضربات التي نفذتها إسرائيل ضد مواقع عسكرية في إيران، فجر السبت. وكان «مسار التهدئة وسبل الحد من التصعيد»، محور مباحثات مصرية مع فرنسا وأميركا وفنلندا، وشددت القاهرة على ضرورة وقف «الاستهدافات المتبادلة»، محذرة من «خطر حرب إقليمية».

وأكد خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، أهمية التحركات المصرية مع الأطراف الدولية لاحتواء التصعيد في المنطقة حالياً، معربين عن تفاؤلهم بإمكانية «نجاح هذه الجهود»، لا سيما إذا استطاعت إقناع طهران بعدم الرد، في ظل «محدودية» الضربة الإسرائيلية على إيران.

وأكد الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والفرنسي إيمانويل ماكرون، في اتصال هاتفي، السبت، «ضرورة ضبط النفس، ووقف دائرة الاستهدافات المتبادلة التي تضع منطقة الشرق الأوسط بأسرها على حافة خطر الحرب الإقليمية، التي تهدد مقدرات جميع شعوب المنطقة»، بحسب إفادة رسمية للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير أحمد فهمي.

وقال فهمي إن «الرئيسين استعرضا الجهود الجارية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وسبل إنفاذ المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة وبكميات كافية». وشدد السيسي وماكرون على «ضرورة احترام سيادة لبنان وسلامة أراضيه»، مؤكدين دعمهما لمؤسسات الدولة اللبنانية.

وأضاف المتحدث الرئاسي المصري أن «الاتصال الهاتفي شهد أيضاً تأكيد عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وحرصهما على استمرار التعاون في مختلف المجالات، لا سيما الاقتصادية والاستثمارية، بما يخدم مصالح الشعبين المصري والفرنسي».

أطفال فلسطينيون نازحون يجلسون وسط أنقاض مبنى مدمر في حي ناصر شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

وفي إطار المشاورات المستمرة بين القاهرة وواشنطن بشأن المستجدات الإقليمية، بحث وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، مساء الجمعة، «تكثيف الجهود لاحتواء التصعيد الخطير بالشرق الأوسط، فضلاً عن العلاقات الثنائية بين البلدين».

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية والهجرة المصرية، السفير تميم خلاف، في إفادة رسمية، السبت، إن «الاتصال تناول الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتحقيق التهدئة بقطاع غزة، وذلك في إطار صفقة لإطلاق سراح الرهائن والأسرى»، مشيراً إلى أن «وزير الخارجية الأميركي أحاط نظيره المصري بنتائج جولته بالمنطقة على مدار الأيام الماضية».

وشدد وزير الخارجية والهجرة المصري على «ضرورة توقف إسرائيل عن التصعيد وانتهاك القانون الإنساني الدولي»، محذراً من «التداعيات الخطيرة لاندلاع حرب إقليمية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي»، مؤكداً «أهمية تكثيف الجهود لإمداد قطاع غزة بالمساعدات الإنسانية من دون شروط، وتوقف إسرائيل عن عرقلة المساعدات الإغاثية»، مستنكراً مساعي تل أبيب «لتقويض وكالة الأونروا»، وفق المتحدث باسم «الخارجية» المصرية.

وتناولت المحادثات الهاتفية المصرية - الأميركية بشكل مفصل، الجهود المبذولة لسرعة التوصل إلى وقف إطلاق النار في لبنان، ومسألة الشغور الرئاسي، وانتخاب رئيس يحظى بتوافق الشعب اللبناني. واستعرض وزير الخارجية والهجرة المصري «جهود بلاده لوقف التصعيد الإسرائيلي بلبنان».

وندد بـ«استمرار التجاوزات الإسرائيلية وانتهاكها للسيادة اللبنانية، والتسبب في كارثة إنسانية وصلت إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون لبناني، فضلاً عن استهداف الجيش الإسرائيلي لقوات (اليونيفيل)، في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي».

عائلات نازحة فرّت من عمليات الجيش الإسرائيلي في جباليا عبر طريق صلاح الدين الرئيسية باتجاه غزة (أ.ف.ب)

وشدد وزير الخارجية والهجرة المصري على «الأهمية المُلحة للوقف الفوري لإطلاق النار وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بكل عناصره ودون انتقائية، وتمكين المؤسسات اللبنانية للاضطلاع بدورها، وفي مقدمتها الجيش اللبناني»، مؤكداً «ضرورة انتخاب رئيس توافقي بلبنان لإنهاء أزمة الشغور الرئاسي من دون إملاءات خارجية».

وتطرقت المحادثات أيضاً إلى «التطورات الخطيرة في السودان، والجهود المبذولة لضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والتوصل إلى وقف إطلاق النار»، حيث جدد الوزير عبد العاطي «التأكيد على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ودعمها، واحترام وحدة وسلامة الأراضي السودانية وتكثيف المساعدات الإنسانية والإغاثية للسودان الشقيق في ظل ما يشهده من أوضاع إنسانية متدهورة»، بحسب متحدث «الخارجية والهجرة» المصرية. كما استعرض عبد العاطي وبلينكن التطورات الإيجابية في العلاقات الثنائية بعد جولة «الحوار الاستراتيجي»، وأكدا «أهمية الاستمرار في تعزيز هذه العلاقات».

وشدد بلينكن على «الضرورة الملحة لإنهاء الحرب في غزة، وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن، وزيادة توصيل المساعدات الإنسانية»، معرباً عن شكره للجهود المصرية المتواصلة لتأمين إطلاق سراح الرهائن في غزة، وإنهاء الصراع في السودان، وحماية المدنيين، وزيادة المساعدات الإنسانية، ودفع عملية الانتقال السياسي إلى حكومة مدنية، بحسب إفادة رسمية وزعتها السفارة الأميركية بالقاهرة، السبت.

ومساء الجمعة، تلقى وزير الخارجية والهجرة المصري اتصالاً هاتفياً من نظيرته الفنلندية، إلينا فالتونين، تناول مُجمل العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، والتصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة ولبنان، وفق «الخارجية» المصرية.

رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

وتزامنت التحركات المصرية مع إعلان إسرائيل، السبت، أنها شنت هجوماً على أهداف عسكرية في إيران عبر 3 موجات هجومية، بينما أكدت إيران أن دفاعاتها الجوية نجحت في صد الهجمات، لكنّ «أضراراً محدودة» وقعت في بعض المواقع.

وأكد خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، «أهمية التحركات المصرية الأخيرة لاحتواء التصعيد في المنطقة». وقال إنها «تأتي عقب ضربة إسرائيلية محدودة لإيران أٌعلي فيها من شأن الحسابات السياسية».

وأعرب عن تفاؤله بإمكانية «نجاح الجهود المصرية بالتنسيق مع الأطراف الدولية في منع التصعيد، لا سيما إذا نجحت بإقناع إيران بعدم الرد في ظل محدودية الضربة الإسرائيلية». وقال: «طبيعة الهجمة الإسرائيلية على إيران قللت العبء على الأطراف الدولية لوقف التصعيد».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «الولايات المتحدة الأميركية نجحت في احتواء الرد الإسرائيلي على إيران لتخرج الهجمة بصورة محدودة». وأضاف أن «الإشارات الصادرة من طهران توحي باستيعابهم للضربة، ما يعني خروج المنطقة من حلقة التصعيد، والرد، والرد المضاد».


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

أجرى هوكستين في تل أبيب محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، في وزارة الدفاع، وذلك غداة وصوله من لبنان.

نظير مجلي (تل أبيب)
شمال افريقيا جانب من محادثات وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الإيراني في القاهرة الشهر الماضي (الخارجية المصرية)

مصر تطالب بخفض التوترات في المنطقة و«ضبط النفس»

أعرب وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال اتصال هاتفي تلقاه من نظيره الإيراني، عباس عراقجي، مساء الخميس، عن قلق بلاده «من استمرار التصعيد في المنطقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي نيران مشتعلة بمبنى استهدفته غارة إسرائيلية في حارة حريك بالضاحية الجنوبية (أ.ف.ب) play-circle 00:36

موجات غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت بُعيد مغادرة هوكستين

لم تمضِ ساعات قليلة على مغادرة الموفد الرئاسي الأميركي، آموس هوكستين، بيروت باتجاه تل أبيب، حتى استأنف الجيش الإسرائيلي ضرباته على الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.