ترتيب تونسي - جزائري للقمة المغاربية «المصغّرة» في غياب المغرب وموريتانيا

تستضيفها طرابلس وتناقش الانتخابات في ليبيا و«إبعاد التدخلات»

من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
TT

ترتيب تونسي - جزائري للقمة المغاربية «المصغّرة» في غياب المغرب وموريتانيا

من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)
من الاجتماع التشاوري بتونس في 22 أبريل 2024 (الرئاسة التونسية)

بحث وزيرا خارجية الجزائر أحمد عطاف وتونس محمد علي النفطي، الأحد، «القمة المغاربية المصغّرة» التي يرتقب أن تعقد نسختها الثالثة في طرابلس، ومشروع الانتخابات العامة في ليبيا من أجل إنهاء الصراع في البلاد، والتعاون الاقتصادي والأمني الثنائي.

وجرى اللقاء بالجزائر، التي يزورها النفطي، وفق بيان للخارجية الجزائرية أكد أن مباحثات الوزيرين «تناولت التحضير للقمة الثلاثية المقبلة بين الجزائر وتونس وليبيا، المنتظر انعقادها بالعاصمة الليبية طرابلس في مستقبل قريب»، من دون تحديد تاريخ لها، علماً بأن قادة هذه الدول، اتفقوا في فبراير (شباط) الماضي، على الاجتماع مرّة كل ثلاثة أشهر في إحدى العواصم الثلاث. وعقدت آخر دورة لـ«القمة»، شهر أبريل (نيسان) الماضي بتونس.

وأوضح البيان نفسه أن عطاف والنفطي «أكدا على تجسيد ما أفضت إليه قمة تونس من قرارات وتوصيات، تهدف لإقامة مشروعات للتعاون ثلاثية تتماهى مع ما تشترك فيه دولنا الثلاث من اهتمامات وشواغل وأولويات».

وزيرا خارجية الجزائر وتونس (الخارجية الجزائرية)

واتفق رئيسا الجزائر عبد المجيد تبون وتونس قيس سعيد ورئيس «المجلس الرئاسي» الليبي محمد المنفي، في تصريح مشترك توّج اجتماعهم الأخير، على تنسيق الجهود من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية، وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة، وتنمية المناطق الحدودية، وتوحيد الموقف في الخطاب من مختلف الدول المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية، بين دول شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية جنوب الصحراء.

وعقد القادة الثلاثة أول قمة لهم، من دون إعلان مسبق، في فبراير الماضي بالجزائر، بمناسبة اجتماع للدول المصدرة للغاز. وقالت الرئاسة الجزائرية يومها، إن الهدف منها «تكثيف الجهود وتوحيدها، لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية، بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب». كما قالت إن «القمة» ستعقد مرة كل ثلاثة أشهر، في أحد البلدان الثلاثة.

وفسّر مراقبون «اجتماع فبراير»، الذي كان مفاجئاً، بأنه بديل لـ«اتحاد المغرب العربي» الذي أسسه عام 1989 قادة البلدان المغاربية الخمسة، الجزائري الشاذلي بن جديد، وملك المغرب الحسن الثاني، والليبي معمر القذافي، والموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، والتونسي زين العابدين بن علي. غير أن «الاتحاد» يعاني الجمود منذ آخر قمة عقدت في تونس عام 1994؛ بسبب الخلاف الجزائري المغربي حول الصحراء الغربية. وإذا كان الخلاف نفسه وراء غياب ملك المغرب محمد السادس عن الاجتماعين الثلاثيين الأخيرين، فإن عدم التحاق الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، يبقى لغزاً محيّراً.

صورة أرشيفية لمؤسسي «الاتحاد المغاربي»

وفي نهاية مارس (آذار) الماضي، صرّح تبون للصحافة بأن بلاده «لا تبحث عن إقصاء أحد» من «الاجتماعات الدورية للقمة المغاربية المصغّرة»، مؤكداً أنها «خطوة لتأسيس كيان مغاربي هدفه التشاور، ولا يعادي أي دولة من دول المغرب العربي». وكان يشير ضمناً إلى دولة المغرب التي قطعت الجزائر العلاقة معها في 2021.

كما تطرقت محادثات عطاف مع النفطي، وفق البيان ذاته، إلى «حق أشقائنا الليبيين في إنهاء الأزمة التي ألمَّت بهم، بعيداً عن أي تدخلات خارجية، والتوجه نحو انتخابات حرة ونزيهة تطوي صفحة الخلاف والانقسام، بصفة نهائية، وتضع ليبيا من جديد على درب الأمن والأمان والرفاهية».

وبخصوص التعاون الثنائي، نقل البيان عن الوزير الجزائري، أن البلدين «يواصلان تركيز جُهودِهما وتوجيهها نحو القطاعات الحيوية التي باتت تكتسي أهمية بالغة في سُلَّم أولويات التعاون الثنائي، على غرار تنمية المناطق الحدودية، وتكثيف التبادل التجاري، وتقوية الشراكة الاقتصادية، وإقامة مشروعات مشتركة في مجالات الطاقة والأمن الغذائي، والأمن المائي والنقل، وغيرها من القطاعات ذات الطابع الهيكلي والاندماجي».


مقالات ذات صلة

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

شمال افريقيا الروائي المعتقل بوعلام صنصال (أ.ف.ب)

كاتب جزائري شهير يواجه السجن بسبب «تحقير الوطن»

يواجه الكاتب الجزائري - الفرنسي الشهير بوعلام صنصال، عقوبة سجن تتراوح بين 12 شهراً و5 سنوات، بسبب تصريحات مستفزة بالنسبة للسلطات، أطلقها في فرنسا.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الروائي المثير للجدل كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

«قضية الروائي داود» تأخذ أبعاداً سياسية وقضائية في الجزائر

عقوبة سجن بين 3 و5 سنوات مع التنفيذ ضد «كل من يستعمل، من خلال تصريحاته أو كتاباته أو أي عمل آخر، جراح المأساة الوطنية، أو يعتدّ بها للمساس بمؤسسات الجمهورية».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس تبون مع قائد الجيش (وزارة الدفاع)

الجزائر: شنقريحة يطلق تحذيرات بـ«التصدي للأعمال العدائية»

أطلق قائد الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، تحذيرات شديدة اللهجة، في أول ظهور إعلامي له.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس وقائد الجيش في آخر نشاط لهما معاً في 14 نوفمبر الحالي (وزارة الدفاع)

الجزائر: إقصاء الأحزاب الموالية للرئيس من الحكومة الجديدة

لاحظ مراقبون في الجزائر غياب «العمق السياسي» عن التعديل الحكومي الذي أحدثه الرئيس عبد المجيد تبون في حكومته.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (رويترز)

الجزائر: تعديل حكومي واسع يبقي الوزراء السياديين

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الاثنين، تعديلاً حكومياً احتفظ فيه وزراء الحقائب السيادية بمناصبهم، بعد أن كان الوزير الأول نذير عرباوي قدم استقالة…

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».