الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

تدعم الثقة بالنفس والرضا عن الذات

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية
TT

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

لا شك أن فترة المراهقة تُعد من أهم وأخطر مراحل الحياة نتيجة لتعرض المراهق لضغوط متعددة على المستويين العضوي والنفسي نتيجة للانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ. وبطبيعة الحال تحتاج هذه المرحلة الصعبة إلى وجود صديق مقرب يُساعد في توفير الدعم النفسي للمراهق. وكلما كانت الصداقة قوية وحقيقية تحسنت الصحة النفسية للمراهق، وانعكس ذلك بوضوح على حياته الاجتماعية.

توقيت بداية الصداقة

أظهرت أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في مجلة الطب النفسي Frontiers in Developmental Psychology أن توقيت بداية الصداقة يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على الصحة النفسية للأشخاص، ليس فقط أثناء فترة المراهقة، ولكن يمتد إلى مرحلة البلوغ. وأوضح الباحثون من جامعة أركنساس University of Arkansas بالولايات المتحدة أن القبول الاجتماعي في بداية الشباب يكون بمثابة عامل دفع للتقدم في الحياة العملية والدراسية والعاطفية.

إن علاقتنا مع الآخرين تؤثر على الطريقة التي ننظر بها إلى ذواتنا، وكلما كانت علاقتنا بالمحيط الاجتماعي ناجحة وصحية زادت ثقتنا في أنفسنا، كما شعرنا بالرضا عن الذات أيضاً، وهو الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على الصحة العضوية للجسم ويقوي المناعة. وهذه الآلية تكتسب أهمية خاصة في فترة المراهقة؛ نظراً لأنها الفترة التي تحدث فيها تغييرات كبيرة على المستوى العضوي. وكلما كانت الصحة النفسية جيدة ومتزنة كان ذلك يجسد نوعاً من الدعم يساعد في اجتياز هذه التغييرات.

قال الباحثون إن الصداقة أثناء المراهقة تُعد بمثابة نموذج لكيفية الحفاظ على علاقة معينة لفترات طويلة، وذلك لأن فترة الطفولة لا يكون فيها النضج كافياً. ولكن مع نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة تبدأ شخصية الطفل تتشكل. ونظراً للتقلبات النفسية أثناء هذه الفترة تُمثل الاستمرارية في علاقات الصداقة نوعاً من النجاح الاجتماعي يلازم المراهق بقية حياته، ويؤهله لبناء علاقات أعمق على المستويين الإنساني والعاطفي.

القبول الاجتماعي والرضا النفسي

قام الباحثون بإجراء الدراسة على 184 من المراهقين في المدارس الثانوية الأميركية، وفي بداية الدراسة تابعوا هؤلاء الطلاب عند عمر بين 13 و14، ثم عادوا لمتابعتهم في عمر بين 17 و18، وقاموا بسؤال كل طالب عن علاقات الصداقة القوية close friendship في حياته، وأيضاً قاموا باستطلاع آراء الأصدقاء المحيطين فيما يخص القبول الاجتماعي العام والشعبية لكل طالب. وفي النهاية قام الباحثون بمتابعة هؤلاء الطلاب في عمر بين 28 و30، وسألوا كل شخص فيهم عن صحته العضوية والنفسية والمستوى الوظيفي الذي وصل إليه، ولأي مدى سعادته بمهنته بجانب العلاقات العاطفية، وهل يعاني من نوبات غضب أو قلق.

وجد الباحثون أن عامل القبول الاجتماعي في مرحلة المراهقة كان العامل الأكثر تأثيراً في الرضا النفسي عند البلوغ. وعلى سبيل المثال، الشباب في الفئة العمرية ما بين 28 و30، الذين قالوا إن أصدقاءهم يحبونهم أثناء فترة المراهقة كانوا هم الأفضل في الصحة العضوية، بجانب تمتعهم بصحة نفسية أفضل. وكانت مستويات القلق والغضب عندهم في أدنى المستويات مقارنة بالذين افتقدوا حب الأصدقاء والقبول الاجتماعي. ووجد الباحثون أيضاً أن أولئك الذين تمتعوا بحب الأصدقاء حالفهم النجاح على المستوى المهني، وكانت لديهم علاقات عاطفية مستقرة، بجانب أنهم استطاعوا تكوين شبكة علاقات اجتماعية جيدة.

لاحظ الباحثون أن القبول الاجتماعي كان العامل الأهم للمراهقين الأصغر عمراً (13 عاماً)، بينما كانت الصداقة العميقة هي العامل الأهم في المرحلة المتأخرة من المراهقة (18 عاماً)، للرضا النفسي حينما أصبح هؤلاء المراهقون بالغين لأن الصداقة القوية ارتبطت بمستويات أقل من القلق والتوتر والخوف المجتمعي، وهو الأمر الذي ساعدهم لاحقاً على النجاح الوظيفي والاجتماعي والعاطفي.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

العالم بلغت نسبة الضحايا المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة 70 % من مجموع القتلى المسجلين لدى وكالات الأمم المتحدة (رويترز)

الأمم المتحدة: 40 % من ضحايا الحروب نساء... و30 % أطفال

يرسم تقرير أممي صورة قاتمة جداً لما عانته النساء في الأزمات المسلحة خلال عام 2023، فقد شكّلن 40 % من مجموع القتلى المدنيين؛ أي ضعف النسبة في 2022.

شوقي الريّس (بروكسل)
أوروبا رئيس الوزراء الألباني إيدي راما (إ.ب.أ)

ألبانيا تحظر تطبيق «تيك توك» لمدة عام على الأقل بعد مقتل مراهق

أعلن رئيس الوزراء الألباني، إيدي راما، السبت، أن الحكومة ستُغلق تطبيق التواصل الاجتماعي «تيك توك» لمدة عام على الأقل بداية من العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (تيرانا)
يوميات الشرق تُحسّن الرياضات الجماعية مهارات التفكير (شركة «هيلث تيك كونيكس»)

الرياضة ضمن فريق تُحسِّن وظائف دماغ الطفل

من خلال خَلْق حواجز أمام دخول عالم الرياضة، والمشاركة الرياضية المستدامة، قد يُحرم الأطفال من فرصة تطوير إمكاناتهم الكاملة والحقيقية بصفتهم بشراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا الفتاة البريطانية الباكستانية سارة شريف تظهر في المدرسة (أ.ف.ب)

حروق وعضَّات بشرية... السجن مدى الحياة لوالد طفلة بريطانية وزوجته قضت جرَّاء «التعذيب»

حُكم بالسجن مدى الحياة، اليوم، على عرفان شريف وزوجته، وهو والد الطفلة الإنجليزية الباكستانية الأصل، سارة شريف، التي قضت بفعل الضرب في أغسطس 2023.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية متظاهرون يرفعون لافتات خلال احتجاجات مناهضة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب (أرشيفية - أ.ف.ب)

ربع سكان إسرائيل ونحو 40 % من الأطفال يواجهون انعدام أمن غذائي

يعيش في إسرائيل 2.756.000 مليون شخص فقير، أي 28.7 في المائة من إجمالي السكان، بينهم 1.240.000 مليون طفل يشكلون 39.6 في المائة من الأطفال.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
TT

دراسة: الجراحة قد لا تفيد المصابات بسرطان القنوات الموضعي بالثدي

سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)
سرطان الثدي أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء (جامعة ولاية كينت)

أكدت نتائج أولية لدراسة طبية أن التدخل الجراحي ربما لا يفيد معظم النساء المصابات بسرطان القنوات الموضعي، وهو نوع منخفض الخطورة من سرطان الثدي، وذلك في تأييد لآراء باحثين منذ فترة طويلة.

ووفقاً لـ«رويترز»، أظهرت بيانات قُدّمت إلى منتدى سان أنطونيو لسرطان الثدي في ولاية تكساس الأميركية، أن النساء اللائي جرى تشخيصهن بالمرض، وجرت متابعتهن بالتصوير بالأشعة السينية على نحو متكرر، لم تزدْ لديهن احتمالات تطور المرض إلى سرطان الثدي، خلال العامين التاليين، وذلك مقارنة بالنساء اللائي خضعن لعمليات جراحية لإزالة الخلايا السرطانية.

وفي سرطان القنوات الموضعي، الذي يُشار إليه غالباً بالمرحلة صفر من سرطان الثدي، توجد الخلايا السرطانية داخل قنوات الحليب، لكنها لا تتحول دائماً إلى سرطان سريع الانتشار.

وفي الولايات المتحدة وحدها، يصيب سرطان القنوات الموضعي أكثر من 50 ألف امرأة، كل عام. ويخضع جميعهن تقريباً للتدخل الجراحي، كما أن عدداً كبيراً منهن يُجرين عمليات استئصال للثدي.

وشملت الدراسة 957 امرأة مصابة بسرطان القنوات الموضعي، جرى توزيعهن إلى مجموعتين على نحو عشوائي؛ الأولى خضعت للجراحة، بينما خضعت الثانية للمراقبة المكثفة.

وبعد عامين، بلغ معدل الإصابة بالسرطان سريع الانتشار في مجموعة الجراحة 5.9 في المائة، مقارنة بنسبة 4.2 في المائة بمجموعة المراقبة النشطة، وهو فارق ليست له دلالة إحصائية، وفقاً لتقرير الدراسة.

وقالت قائدة الدراسة الطبيبة إي. شيلي هوانج، من معهد ديوك للسرطان في دورهام بولاية نورث كارولاينا، في بيان: «هذه النتائج ربما تكون مثيرة للنساء المرضى، لكن من الواضح أننا بحاجة لمزيد من المتابعة على المدى الطويل».

وتابعت: «إذا استمرت هذه النتائج مع مرور الوقت، فإن معظم النساء اللائي يعانين هذا النوع من الأمراض منخفضة المخاطر، سيكون لديهن خيار تجنب العلاج الجراحي. سيُحدث ذلك تغييراً كاملاً في كيفية رعاية المرضى، والتفكير في هذا المرض».