الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

تدعم الثقة بالنفس والرضا عن الذات

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية
TT
20

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

الصداقة أثناء المراهقة تعزز الصحة النفسية

لا شك أن فترة المراهقة تُعد من أهم وأخطر مراحل الحياة نتيجة لتعرض المراهق لضغوط متعددة على المستويين العضوي والنفسي نتيجة للانتقال من مرحلة الطفولة إلى البلوغ. وبطبيعة الحال تحتاج هذه المرحلة الصعبة إلى وجود صديق مقرب يُساعد في توفير الدعم النفسي للمراهق. وكلما كانت الصداقة قوية وحقيقية تحسنت الصحة النفسية للمراهق، وانعكس ذلك بوضوح على حياته الاجتماعية.

توقيت بداية الصداقة

أظهرت أحدث دراسة نُشرت في مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي في مجلة الطب النفسي Frontiers in Developmental Psychology أن توقيت بداية الصداقة يلعب دوراً هاماً في الحفاظ على الصحة النفسية للأشخاص، ليس فقط أثناء فترة المراهقة، ولكن يمتد إلى مرحلة البلوغ. وأوضح الباحثون من جامعة أركنساس University of Arkansas بالولايات المتحدة أن القبول الاجتماعي في بداية الشباب يكون بمثابة عامل دفع للتقدم في الحياة العملية والدراسية والعاطفية.

إن علاقتنا مع الآخرين تؤثر على الطريقة التي ننظر بها إلى ذواتنا، وكلما كانت علاقتنا بالمحيط الاجتماعي ناجحة وصحية زادت ثقتنا في أنفسنا، كما شعرنا بالرضا عن الذات أيضاً، وهو الأمر الذي ينعكس بالإيجاب على الصحة العضوية للجسم ويقوي المناعة. وهذه الآلية تكتسب أهمية خاصة في فترة المراهقة؛ نظراً لأنها الفترة التي تحدث فيها تغييرات كبيرة على المستوى العضوي. وكلما كانت الصحة النفسية جيدة ومتزنة كان ذلك يجسد نوعاً من الدعم يساعد في اجتياز هذه التغييرات.

قال الباحثون إن الصداقة أثناء المراهقة تُعد بمثابة نموذج لكيفية الحفاظ على علاقة معينة لفترات طويلة، وذلك لأن فترة الطفولة لا يكون فيها النضج كافياً. ولكن مع نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة وبداية المراهقة تبدأ شخصية الطفل تتشكل. ونظراً للتقلبات النفسية أثناء هذه الفترة تُمثل الاستمرارية في علاقات الصداقة نوعاً من النجاح الاجتماعي يلازم المراهق بقية حياته، ويؤهله لبناء علاقات أعمق على المستويين الإنساني والعاطفي.

القبول الاجتماعي والرضا النفسي

قام الباحثون بإجراء الدراسة على 184 من المراهقين في المدارس الثانوية الأميركية، وفي بداية الدراسة تابعوا هؤلاء الطلاب عند عمر بين 13 و14، ثم عادوا لمتابعتهم في عمر بين 17 و18، وقاموا بسؤال كل طالب عن علاقات الصداقة القوية close friendship في حياته، وأيضاً قاموا باستطلاع آراء الأصدقاء المحيطين فيما يخص القبول الاجتماعي العام والشعبية لكل طالب. وفي النهاية قام الباحثون بمتابعة هؤلاء الطلاب في عمر بين 28 و30، وسألوا كل شخص فيهم عن صحته العضوية والنفسية والمستوى الوظيفي الذي وصل إليه، ولأي مدى سعادته بمهنته بجانب العلاقات العاطفية، وهل يعاني من نوبات غضب أو قلق.

وجد الباحثون أن عامل القبول الاجتماعي في مرحلة المراهقة كان العامل الأكثر تأثيراً في الرضا النفسي عند البلوغ. وعلى سبيل المثال، الشباب في الفئة العمرية ما بين 28 و30، الذين قالوا إن أصدقاءهم يحبونهم أثناء فترة المراهقة كانوا هم الأفضل في الصحة العضوية، بجانب تمتعهم بصحة نفسية أفضل. وكانت مستويات القلق والغضب عندهم في أدنى المستويات مقارنة بالذين افتقدوا حب الأصدقاء والقبول الاجتماعي. ووجد الباحثون أيضاً أن أولئك الذين تمتعوا بحب الأصدقاء حالفهم النجاح على المستوى المهني، وكانت لديهم علاقات عاطفية مستقرة، بجانب أنهم استطاعوا تكوين شبكة علاقات اجتماعية جيدة.

لاحظ الباحثون أن القبول الاجتماعي كان العامل الأهم للمراهقين الأصغر عمراً (13 عاماً)، بينما كانت الصداقة العميقة هي العامل الأهم في المرحلة المتأخرة من المراهقة (18 عاماً)، للرضا النفسي حينما أصبح هؤلاء المراهقون بالغين لأن الصداقة القوية ارتبطت بمستويات أقل من القلق والتوتر والخوف المجتمعي، وهو الأمر الذي ساعدهم لاحقاً على النجاح الوظيفي والاجتماعي والعاطفي.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

لا تفزعي إذا صرخ طفلك أثناء النوم! إليكِ تفسير الرعب الليلي وعلاجه

صحتك خلال نوبات الرعب الليلي، يستيقظ الطفل فجأة وهو في حالة ذعر شديد مع صراخ أو حركات عنيفة بينما يظل غير واعٍ بما يحدث حوله (متداولة)

لا تفزعي إذا صرخ طفلك أثناء النوم! إليكِ تفسير الرعب الليلي وعلاجه

يعاني ما يصل إلى 7 في المائة من الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و12 عاماً، من نوبات الرعب الليلي، وهي حالة تختلف عن الكوابيس العادية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة ملتقَطة في 26 مارس 2025 في قميناس جنوب شرقي محافظة إدلب تُظهر الشاب سليمان المصاب جراء انفجار لغم أثناء دخوله أرضاً زراعية في قرية داديخ بريف إدلب (د.ب.أ)

أكثر من 700 قتيل وجريح بانفجار ألغام وذخائر في سوريا منذ سقوط الأسد

سقط أكثر من 700 شخص بين قتيل وجريح في سوريا، جراء مخلّفات الحرب منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وفق ما أفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الخميس.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
صحتك فهم الطرق المتنوعة التي يظهر بها اضطراب طيف التوحد يُعد أمراً بالغ الأهمية لتقديم الدعم والرعاية (رويترز)

للأطفال المصابين بالتوحد... 5 طرق لتعزيز التواصل والمهارات الاجتماعية

مع احتفالنا باليوم العالمي للتوحد، من الضروري إدراك التحديات الفريدة التي يواجهها الأطفال المصابون بطيف التوحد، والدور الحيوي الذي يلعبه الآباء ومقدمو الرعاية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الخليج السفير عبد المحسن بن خثيلة خلال جلسة لمجلس حقوق الإنسان الأسبوع الماضي (البعثة السعودية في جنيف)

السعودية تؤكد أهمية بناء القدرات لحماية الأطفال سيبرانياً

أكدت السعودية على أهمية بناء القدرات لحماية الأطفال في الفضاء السيبراني، وذلك خلال بيان مشترك قدّمته نيابةً عن 75 دولة بمجلس حقوق الإنسان في دورته الـ58.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
صحتك المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال

المسح المبكر... للسيطرة على أعراض القلق لدى الأطفال

كشفت دراسة نفسية لعلماء من مركز أبحاث الطب النفسي للأطفال بجامعة توركو في فنلندا، عن الفاعلية الكبيرة لبرنامج «سيطر على قلقك»، في علاج أعراض القلق في الأطفال

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)

مُحلٍّ شائع يزيد الوزن عن طريق تعزيز الشعور بالجوع

السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
TT
20

مُحلٍّ شائع يزيد الوزن عن طريق تعزيز الشعور بالجوع

السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)
السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية مما قد يزيد الشهية (رويترز)

يعاني واحد على الأقل من كل خمسة بالغين (20 في المائة) في الولايات المتحدة من السمنة. ومع كثرة الأطعمة والمشروبات التي تُسوّق لمن يحاولون إنقاص وزنهم، يتساءل العلماء عن مدى فعاليتها في إشباع الشهية، وفقاً لموقع «ميديكال نيوز توداي».

تشمل بعض المُحليات غير المُشبعة بالسعرات الحرارية السكرالوز (سبليندا)، والأسبارتام (إيكوال)، والسكرين (سويت إن لو). ورغم أن الناس يستخدمونها غالباً لتقليل السعرات الحرارية، فإن لها آثاراً صحية محتملة.

أجرى باحثون من معهد أبحاث السكري والسمنة بجامعة جنوب كاليفورنيا دراسةً باستخدام فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) لتحديد تدفق الدم في الدماغ في منطقة ما تحت المهاد بعد تناول السكرالوز أو السكروز أو الماء.

يشير ارتفاع تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد إلى زيادة إشارات الجوع في الدماغ.

تظهر نتائج الدراسة إلى أن السكرالوز قد يُحفز إشارات جوع قوية، مما قد يزيد الشهية ويؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام مقارنةً بالسكروز والماء.

كيف يؤثر السكرالوز على تدفق الدم إلى الدماغ؟

السكرالوز مُحلٍّ صناعي، ووفقاً للأبحاث الحالية، يتمتع «بقوة حلاوة أعلى بنحو 385 إلى 650 ضعفاً من السكروز (سكر المائدة) من حيث الوزن».

درس الباحثون تأثير السكرالوز على مجموعة من 75 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً من ثلاث فئات وزنية مختلفة: سليم، وزائد الوزن، وبدين.

حضر كل مشارك ثلاث جلسات، تناول فيها إما مشروباً مُحلى بالسكرالوز، أو مشروباً مُحلى بالسكروز، أو ماءً. استخدم الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي لقياس تدفق الدم إلى الدماغ في منطقة ما تحت المهاد.

تلعب منطقة ما تحت المهاد أدواراً عديدة، بما في ذلك تنظيم درجة حرارة الجسم وإفراز الهرمونات، بالإضافة إلى الشعور بالجوع.

قبل تناول المشروب، خضع المشاركون لفحص أساسي بالرنين المغناطيسي، وقدموا تقييمهم لشعورهم بالجوع. بعد الانتهاء من تناول المشروب، جمع الباحثون المزيد من البيانات بعد 10 دقائق، و35 دقيقة، و120 دقيقة.

بعد انتهاء جميع الجلسات، قارن الباحثون فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي وتقارير المشاركين لتحديد كيفية تأثير السكرالوز على إشارات الدماغ.

كيف يُحفّز السكرالوز الشعور بالجوع؟

وجد الباحثون أن السكرالوز، بشكل عام، لم يُحسّن تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد مقارنةً بالماء فحسب، بل زاده أيضاً مقارنةً بالسكروز.

يشير هذا إلى استجابة دماغية أقوى مرتبطة بالجوع، مما قد يؤدي إلى تحفيز الشهية بدلاً من كبتّها.

في حين أن هذه النتيجة كانت تنطبق على المجموعة ككل، لكن عند تحليل الاستجابات بين فئات الوزن والجنس، تتفاوت النتائج قليلاً.

أظهر الأشخاص ذوو الأوزان الصحية زيادة أكبر في نشاط منطقة ما تحت المهاد بعد تناول السكرالوز مقارنةً بالسكروز.

لم يُظهر الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن اختلافات كبيرة في تدفق الدم في منطقة ما تحت المهاد استجابةً لأي مشروب.

بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من السمنة، ازداد نشاط الدماغ المرتبط بالجوع بعد شرب السكرالوز مقارنةً بالماء، ولكن ليس مقارنةً بالسكر العادي.

في حين أن استخدام السكرالوز لم يؤثر بشكل ملحوظ على استجابات الجوع لدى الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، تشير النتائج إلى أنه قد يؤثر بشكل كبير على نسبة كبيرة من الناس بشكل عام.

كما أظهرت الإناث استجابة أقوى للسكرالوز مقارنةً بالسكروز والماء. يعتقد الباحثون أن هذا يدعم فكرة أن استجابة دماغ النساء لإشارات الطعام قد تكون أقوى.

كما أشار الباحثون إلى أن تحليلهم أظهر أنه مقارنةً بسكر المائدة، فإن السكرالوز «زاد بشكل ملحوظ من الاقتران بين منطقة ما تحت المهاد والقشرة الحزامية الأمامية». وهذا مهم لأن هذه المنطقة من الدماغ تؤثر على معالجة المكافأة وقد تزيد من الرغبة الشديدة في الطعام.