حذّر بعض الخبراء في مراجعة تاريخية من أن أكثر من نصف إنتاج العالم من الغذاء سيكون معرضاً للخطر خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة، مع تفاقم أزمة المياه المتسارعة التي تجتاح الكوكب، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على موارد المياه، وإنهاء تدمير النظم البيئية التي تعتمد عليها مياهنا العذبة.
ووفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أشار تقرير صادر عن اللجنة العالمية للاقتصاد المائي، نُشر الخميس، إلى أن نصف سكان العالم يواجهون بالفعل ندرة المياه، ومن المقرر أن يرتفع هذا الرقم مع تفاقم أزمة المناخ.
وقد وجد التقرير أن الطلب على المياه العذبة سوف يتجاوز العرض بنسبة 40 في المائة بحلول نهاية العقد، وذلك لأن أنظمة المياه في العالم تخضع «لضغوط غير مسبوقة».
وأشار إلى أن العواقب ستكون أكثر كارثية في غياب أي إجراءات عاجلة، وأن أزمة المياه تهدد أكثر من 50 في المائة من إنتاج الغذاء العالمي، وتهدد بخفض متوسط الناتج المحلي الإجمالي للدول بنسبة 8 في المائة بحلول عام 2050، مع خسائر أعلى بكثير قد تصل إلى 15 في المائة متوقعة في البلدان منخفضة الدخل.
وأشار التقرير إلى الفرق بين «المياه الزرقاء»، وهي المياه السائلة في البحيرات والأنهار والخزانات الجوفية، و«المياه الخضراء»، المخزنة في التربة والنباتات.
وقالوا إنه في حين جرى تجاهل إمدادات المياه الخضراء لفترة طويلة، فإنها مهمة بالقدر نفسه لدورة المياه؛ حيث تعود إلى الغلاف الجوي عندما تطلق النباتات بخار الماء، ما يولّد نحو نصف إجمالي الأمطار على الأرض.
ووجد التقرير أن الاضطرابات في دورة المياه «متشابكة بشكل عميق» مع تغيُّر المناخ.
وقد أشارت اللجنة إلى أن الأزمة تزداد إلحاحاً بسبب الحاجة الهائلة إلى المياه، مؤكدين أن الحكومات والخبراء قللوا كثيراً من تقدير كمية المياه اللازمة للناس، مشيرين إلى أن الناس يحتاجون في المتوسط إلى نحو 4 آلاف لتر من المياه يومياً ليعيشوا «حياة كريمة»، وهو ما يفوق كثيراً الكمية التي تقول الأمم المتحدة إنها تتراوح بين 50 و100 لتر لـ«تلبية الاحتياجات الأساسية للإنسان»، وهو ما يفوق ما تستطيع أغلب المناطق توفيره من مصادر محلية.
ويقول مؤلفو التقرير إن حكومات العالم يجب أن تعترف بدورة المياه بوصفها «خيراً مشتركاً» وأن تعالجها بشكل جماعي، موضحين أن البلدان تعتمد على بعضها البعض، ليس فقط من خلال البحيرات والأنهار التي تمتد عبر الحدود، ولكن أيضاً بسبب المياه في الغلاف الجوي، مشيرين إلى أن القرارات المتخذة في بلد ما يمكن أن تعطل هطول الأمطار في بلد آخر.