السودان يؤكد التزامه لـ«الاتحاد الأفريقي» بوقف الحرب

«الخارجية» تشدد على تنفيذ إعلان «مبادئ جدة»

وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان (الخارجية المصرية)
وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان (الخارجية المصرية)
TT

السودان يؤكد التزامه لـ«الاتحاد الأفريقي» بوقف الحرب

وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان (الخارجية المصرية)
وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي برئاسة مصر خلال زيارته الأخيرة لبورتسودان (الخارجية المصرية)

رحبت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، ببيان «مجلس السلم والأمن» بالاتحاد الأفريقي، ووصفت ما تضمنه من توجهات بأنها «إيجابية وبنّاءة»، فيما عدّه بعض المسؤولين «خطوة في اتجاه إعادة النظر في تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي».

وقالت في بيان إن «الحكومة السودانية تؤكد اتفاقها مع الأولويات التي حددها مجلس السلم والأمن بتنفيذ إعلان (مبادئ جدة) بإخلاء منازل المواطنين، وتيسير تقديم المساعدات الإنسانية، ومطالبته لـ(ميليشيا الدعم السريع) بالرفع الفوري للحصار عن الفاشر، وإدانته الفظائع التي ترتكبها الميليشيا ضد المدنيين».

وأضافت: «كما نثمن عالياً ترحيب المجلس بخريطة الطريق التي قدمها السودان لحل الأزمة، وقرار المجلس بمواصلة ترقية وانخراط الاتحاد الأفريقي الإيجابي مع السودان، وإعادة فتح مكتبه في مدينة بورتسودان العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد».

قائد الجيش الفريق البرهان بين جنود القاعدة البحرية في بورتسودان 28 أغسطس (أ.ف.ب)

وقالت: «تجدد الحكومة التزامها الكامل بالانخراط البنّاء مع الاتحاد الأفريقي في إطار مبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية».

وجدد «مجلس السلم والأمن الأفريقي» في بيان صادر في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي تأكيده أنه «لا يوجد حل عسكري للنزاع»، مطالباً الأطراف المتحاربة «بالتوقف الفوري وغير المشروط عن جميع الأعمال العدائية، ووقف دائم لإطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات للوصول إلى تسوية سياسية للأزمة».

وكشف البيان عن تقديم رئيس «مجلس السيادة الانتقالي»، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اقتراحين لوفد مجلس الأمن والسلم الأفريقي، «الأول إنهاء الحرب، وإنشاء مناطق تجميع متفق عليها، والثاني استعادة الانتقال السياسي المدني الديمقراطي، بتشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية».

وشدد المجلس على أهمية «مزيد من التواصل مع السلطات السودانية وأصحاب المصلحة بشأن تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، وتطلّعه إلى مناقشات غير رسمية بين المجلس وممثلي حكومة جمهورية السودان».

مرفأ بورتسودان على البحر الأحمر (سونا)

وطالب المجلس بإعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي في بورتسودان بحد أدنى من الموظفين، مع مراعاة الوضع الأمني الحالي، للسماح بالتواصل بين الاتحاد وأصحاب المصلحة في السودان على جميع المستويات.

وخفف «مجلس السيادة السوداني» من موقفه تجاه الاتحاد الأفريقي عقب الزيارة التي أجراها وفد «مجلس الأمن والسلم» مطلع أكتوبر، إلى بورتسودان، وأشارت إلى «انتقال العلاقة من التوتر والقطيعة التامة إلى التواصل المفتوح».

ووصف المتحدث الرسمي باسم «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) بكري الجاك، بيان «مجلس السلم والأمن» الأفريقي بشأن الوضع في السودان، بأنه «غير متوازن»، وبدا كأنه في عجلة من أمره لإضفاء شرعية على سلطة بورتسودان بالإصرار على وصفها بحكومة، والوصف الذي أطلقه على «الفريق البرهان» كما جاء في البيان.

وقال: «إن الأخطر في ذلك القبول بفكرة أن مجرد تشكيل حكومة بواسطة البرهان وتسميتها بحكومة مدنية يمكن أن يعد بمثابة العودة إلى مسار الانتقال المدني الديمقراطي».

المتحدث باسم «تنسيقية تقدم» بكري الجاك (الشرق الأوسط)

وأضاف قائلاً: «إن البيان أشار إلى انتهاكات (قوات الدعم السريع) دون ذكر الانتهاكات الواسعة التي تقوم بها القوات المسلحة السودانية باستخدام الطيران الحربي، كما ورد في تقرير لجنة تقصّي الحقائق التابعة لمجلس الأمن».

وقال الجاك: «ليس من المستغرب محاولة إضفاء شرعية على سلطة الأمر الواقع باستغلال رئاسة مصر لمجلس الأمن والسلم الأفريقي، على الرغم من أن موقف مصر الرسمي وفق ما يردد كبار المسؤولين فيها هو الحفاظ على مؤسسات الدولة، لكن هذا يعني ضمنياً أن يكون هنالك دور للقوات المسلحة في السلطة في أي ترتيبات سياسية مقبلة».

وأضاف: «ليس من المستبعد أن يتم تصوير هذه الخطوة كأنها تهدف لمساعدة الاتحاد الأفريقي ليكون له قدرة على التواصل مع طيف عريض من السودانيين لمعرفة ماذا يريدون، والحقيقة أن أي وجود للاتحاد الأفريقي في بورتسودان سيكون فقط لسماع رواية سلطة الأمر الواقع، والمؤتمر الوطني، وبقايا نظام الرئيس المعزول عمر البشير».

واعترض مسؤول رفيع سابق في «الخارجية» السودانية لـ«الشرق الأوسط» على طلب الاتحاد الأفريقي فتح مكتب له في بورتسودان، قبل أن يتخذ «الاتحاد الأفريقي» قرار إلغاء تعليق عضوية السودان في المنظمة القارية.

الدخان يتصاعد نتيجة القتال في العاصمة السودانية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضاف «أن الاتحاد الأفريقي كان مقصراً في حق السودان، على الرغم من أن مهمته الأساسية بسط الأمن والسلام والمساعدة في حل القضايا الأفريقية»، مشيراً إلى أن ما يحدث في السودان الآن «يعد من أكبر التحديات التي تواجه المنظمات الإقليمية: الأفريقي والـ(إيغاد)».

وقال الدبلوماسي: «إن الاتحاد الأفريقي لم يقم بدوره في الأزمة السودانية، بل ساعد بصورة أو أخرى في تأزُّمها، وإطالة أمد الحرب بدعم بعض رؤساء الدول الأفريقية لتمرُّد (ميليشيا الدعم السريع)، وهي مواقف لا تتسق مع ميثاق الاتحاد الأفريقي بخصوص رفض التدخلات الخارجية في الشأن الأفريقي».

وأضاف «أن زيارة وفد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي للسودان ونتائجها، لا تلبيان طموحات السودان فيما يتعلق بشروط العلاقة بينهما، كما أنهما ليستا كافيتين أن يطالب المجلس (قوات الدعم السريع) بفك الحصار عن الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، بينما هنالك كثير من المدن المحتلة من قبل تلك القوات».

ورأى الدبلوماسي الذي تَقَلَّدَ منصباً رفيعاً، «أن البيان الصادر عن مجلس السلم والأمن الأفريقي، بعيد جداً عن متطلبات السودان لإعادة العلاقة مع الاتحاد الأفريقي، الذي يتمثل في العودة الفورية لعضوية المنظمة بوصفها شرطاً أساسياً، وكان يجب عليه أن يحدد مواقيت زمنية قاطعة لفك تجميد عضوية السودان».

وأوضحت دوائر على صلة وثيقة بـ«الاتحاد الأفريقي» في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يطلب فتح مكتب جديد، بل هو المكتب نفسه الذي كان مقره في الخرطوم قبل اندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان) 2023 وانتقاله إلى الرئاسة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأن «الاتحاد الأفريقي» طالب بعودة عمل مكتبه مرة أخرى من مدينة بورتسودان.

أرشيفية للقاء سابق بين قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) ورئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (مواقع التواصل)

ورأت هذه الدوائر «أن قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي قوية جداً، وتدعم موقف السودان، وأنها اتُخذت عقب لقاء رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان بوفده، الذي ذهب وفقاً للمحددات التي وضعتها الرئاسية السودانية».

وأجرى وفد من «مجلس الأمن والسلم الأفريقي» خلال زيارته إلى بورتسودان للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، مباحثات مع المسؤولين السودانيين تتعلق بسبل إنهاء الحرب المستمرة منذ عام ونصف العام، وعودة الأطراف إلى التفاوض.

ومنذ 27 أكتوبر 2021، علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان بعد الانقلاب العسكري الذي نفّذه الجيش ضد الحكومة المدنية برئاسة عبد الله حمدوك، قبل يومين من تعليق العضوية في الاتحاد الأفريقي، وذلك بتوصية من «مجلس الأمن والسلم» الذي أدان في بيان سيطرة الجيش على الحكم، وحلّ الحكومة المدنية الانتقالية، وعدّ الانقلاب «إهانة للقيم المشتركة والمعايير الديمقراطية للاتحاد الأفريقي».

و«مجلس الأمن والسلم الأفريقي» هو الهيئة الرئيسة في الاتحاد الأفريقي، ويتكون من 15 دولة يتم انتخابها دورياً، بما يعكس التوازن في القارة، حيث تُنتخب 5 دول لمدة 3 سنوات، و10 لمدة سنتين.

وتتولى مصر رئاسة الدورة الحالية للمجلس بدءاً من أكتوبر الحالي. وأهم صلاحيات المجلس التوصية «بتدخل الدول الأعضاء لمنع وقوع الحروب، وتعزيز الممارسة الديمقراطية الرشيدة وسيادة حكم القانون، والتنسيق بين الآليات الإقليمية والدولية لصناعة السلام».


مقالات ذات صلة

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

شمال افريقيا أفورقي والبرهان لدى لقائهما الثلاثاء (موقع مجلس السيادة السوداني على إكس)

أفورقي يبلغ البرهان بوقوف بلاده مع استقرار ووحدة السودان

أعلن الرئيس الإريتري آسياس أفورقي وقوف بلاده مع السودان لتحقيق الأمن والاستقرار في أعقاب مباحثات أجراها في أسمرة مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان

وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة أن لجنة من وزارة التعليم المصرية ستزور بعض المدارس الأخرى لمراجعة قرار إغلاقها

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا عقار وفليتشر خلال لقائهما في الخرطوم أمس (إكس)

ترحيب أممي بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات سودانية

رحب المسؤول الأممي توم فليتشر الثلاثاء بإعلان قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بالسماح لمنظمات الأمم المتحدة بإنشاء مراكز إنسانية في 3 مطارات بالبلاد

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان خلال مشاركته بالجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع في إيطاليا (واس)

السعودية تدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

شددت السعودية، الاثنين، خلال الجلسة الموسعة للاجتماع الثاني لوزراء خارجية دول مجموعة السبع (G7)، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان.

«الشرق الأوسط» (فيوجي)
شمال افريقيا قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان يؤدي التحية العسكرية خلال فعالية في بورتسودان 25 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

البرهان يسمح للمنظمات الإغاثية باستخدام 3 مطارات لتخزين مواد الإغاثة

وجه رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، بالسماح لمنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة باستخدام 3 مطارات بوصفها مراكز لتخزين مواد الإغاثة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

قائد الجيش المصري يتفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي»

عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)
عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)
TT

قائد الجيش المصري يتفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي»

عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)
عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة المصرية وزير الدفاع والإنتاج الحربي (متداولة)

قال بيان للمتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية، اليوم الأربعاء، إن قائد الجيش المصري تفقد جاهزية الوحدات العسكرية «المخطط إشراكها بإحدى مهام الاتحاد الأفريقي».

ونقل البيان عن عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي قوله، إن مشاركة القوات المسلحة ضمن البعثة الأممية يأتي في إطار «مواصلة مصر تنفيذ دورها الريادي على الصعيدين الإقليمي والدولي وبذل الجهود كافة لمجابهة تحديات السلم والأمن الدوليين وإرساء مبادئ السلام والاستقرار».