الرئيس الفرنسي يوظف اتصالاته لوقف فوري للحرب على لبنان

3 رسائل في اتصال ماكرون - بري وباريس تؤكد ثباتها في الـ«يونيفيل»

الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الفرنسي يوظف اتصالاته لوقف فوري للحرب على لبنان

الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي يكثف اتصالاته من أجل وقف فوري لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل (أ.ف.ب)

يواصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالاته الهادفة لوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان، مشدداً أيضاً على ضرورة وقف تزويد إسرائيل بالسلاح، مستهدفاً بكلامه بالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأميركية، التي تتدفق أسلحتها على إسرائيل.

وتشمل مروحة اتصالات الرئيس الفرنسي الذي أعلن قبل أكثر من أسبوع عن الدعوة لمؤتمر دولي لدعم لبنان، مروحة واسعة من قادة الدول العربية وشركاء فرنسا الأوروبيين والولايات المتحدة وإسرائيل، علماً أن الملف اللبناني كان موضع بحث خلال قمة مجموعة الدول الأوروبية - المتوسطية الذي عقد في مدينة بافوس القبرصية.

وحتى اليوم، لم تتراجع باريس عن المبادرة الفرنسية - الأميركية الداعية إلى وقف مؤقت للعمليات العسكرية بين إسرائيل و«حزب الله»، ما يفسح مجال البحث في تفعيل القرار الدولي رقم 1701، وإجراء ترتيبات أمنية على الحدود، مع السعي إلى إيجاد حلول للخلافات الحدودية بين لبنان وإسرائيل.

دورية لقوات «يونيفيل» في بلدة مرجعيون جنوب لبنان (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، برزت ردة فعل ماكرون القوية إزاء استهداف عناصر قوات حفظ السلام الدولية (يونيفيل)، وقال إن باريس «لن تسمح بتكرارها». وليس سراً أن مخاوف تراود السلطات الفرنسية العسكرية والمدنية من تعرض وحداتها المنتشرة في لبنان منذ عام 1978 للنيران الإسرائيلية. فبالإضافة إلى البيان الثلاثي (الفرنسي - الإسباني - الإيطالي)، أول من أمس، حول أمن الـ«يونيفيل»، واعتبار أن استهدافها يعني الدوس على القانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن، وقّعت باريس على البيان، الصادر ليل السبت - الأحد، عن مجموعة الأربعين التي تضم 36 دولة لها وحدات تعمل في إطار الـ«يونيفيل»، إضافة إلى 6 دول أخرى داعمة بأشكال مختلفة.

وجاء في البيان التشديد على الحاجة إلى «احترام وجود الـ(يونيفيل) ما يعني ضمان أمنها وسلامة أفرادها بشكل دائم».

كذلك نص البيان على «دعم الدور الذي تقوم به الـ(يونيفيل)، خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية، وبالنظر للتصعيد الحاصل في المنطقة».

ماكرون - بري

في إطار الاتصالات المكثفة، لا تنسى باريس التواصل المباشر مع المسؤولين اللبنانيين. فقد زار وزير خارجيتها جان نويل بارو، بيروت قبل جولة إقليمية ثانية قادته إلى عدة عواصم عربية وإسرائيل، ولكن من غير أن يذهب مجدداً إلى بيروت.

وفهم من مصادر مواكبة في باريس أن استثناء بيروت، مرده للتصلب الذي واجهه بارو في إسرائيل لجهة إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية.

ومن بين الاتصالات، يبرز اتصال ماكرون، السبت، برئيس البرلمان اللبناني نبيه بري الذي تلقى، بالتوازي، اتصالاً مطولاً دام 40 دقيقة من بلينكن.

بري متوسطاً ميقاتي وجنبلاط في لقاء عين التينة حيث صدر البيان الثلاثي (إ.ب.أ)

وترى باريس أن برّي يلعب اليوم «دوراً محورياً» بالنظر لكونه المكلّف «رسمياً» من «حزب الله» بالجانب السياسي، ولأنه الجهة القادرة على نقل الرسائل المباشرة إلى قيادة الحزب والتأثير عليها، خصوصاً بعد صدور البيان الثلاثي، وفيه مطلب وقف إطلاق النار والقبول بتطبيق القرار 1701، ما يعني عملياً أن «حزب الله» تخلى عن «جبهة الإسناد»، والربط بين الحرب في غزة والحرب في لبنان.

وبالنظر لأهمية اتصال ماكرون - بري، كونه وفر للرئيس الفرنسي صورة دقيقة عما يقبله «حزب الله» وما لا يقبله، فإن قصر الإليزيه أصدر بياناً مطولاً ضمَّنه عرضاً للاتصال، ولمجموعة الرسائل التي أراد ماكرون إيصالها إلى الجانب اللبناني والأطراف الأخرى.

3 رسائل

تتمثل الرسالة الأولى في التعبير عن «القلق إزاء تكثيف الضربات الإسرائيلية على لبنان ونتائجه المأساوية على المدنيين». وسبق لماكرون أن حذَّر من تحويل «لبنان إلى غزة جديدة»، وفق ما هدد به رئيس الوزراء الإسرائيلي الطرف اللبناني، وما عدَّه بارو «استفزازاً». وكان من الطبيعي أن يُعبّر ماكرون عن «التضامن مع اللبنانيين في هذه المحنة» مع التأكيد على «التزام فرنسا بضمان الحفاظ على سلامة لبنان وسيادته وأمنه، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701».

صورة للدمار الذي لحق بسوق مدينة النبطية جنوب لبنان بسبب ضربة جوية إسرائيلية (أ.ب)

والطريق إلى ذلك يمر من خلال «التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، واحترام جميع الأطراف للقرار المذكور لكل متطلباته، بمن فيهم (حزب الله) الذي يتعين عليه أن يوقف فوراً ضرباته ضد إسرائيل».

وعملياً، يقول البيان الرئاسي، إن لا «حزب الله» ولا إسرائيل احترما منطوق وروحية القرار الدولي، وإن قوة حفظ السلام الدولية لم تتمكن من القيام بالمهمة التي أوكلها إليها مجلس الأمن، والأمر نفسه ينطبق على الجيش اللبناني.

ولا شك أن تركيز الرئيس ميقاتي في الأسابيع الأخيرة على استعداد الحكومة لإرسال الجيش إلى كل مناطق الجنوب، ولتطبيق مضمون القرار الدولي، يراد منه أن يكون استجابة لما يشدد عليه الرئيس الفرنسي، ويراه شرطاً لا بد منه لوضع حد للحرب الدائرة راهناً.

وأكد ماكرون التزام باريس بأمرين؛ الأول: بقاء الوحدات الفرنسية المشكَّلة من 700 عنصر بجنوب لبنان في إطار الـ«يونيفيل».إذ تعي باريس أن سحب قوتها سيستتبعه انسحاب وحدات أخرى بالنظر لموقعها وأهميتها على الصعيد الدولي، وخصوصاً أنها كانت السّباقة، منذ سبعينات القرن الماضي، في الاستجابة لطلب الأمم المتحدة. والثاني: «تعبئة فرنسا في العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإلى حل دبلوماسي (للخلافات) على الخط الأزرق».

وتشدد رسالة ماكرون الثانية على ضرورة أن يعمل اللبنانيون من أجل «وحدة البلاد واستقرارها في هذه المرحلة الحرجة»، ما يستدعي، بحسبه، توافق الأطراف على «أجندة سياسية تشمل الجميع، وتقوم على انتخاب رئيس للجمهورية، الضامن للوحدة الوطنية».

وأكد ماكرون أن فرنسا «ستقف دائماً إلى جانب الذين يختارون هذه الطريق، كما أنها ستعمل على تعبئة اللجنة الخماسية (المشكَّلة، إلى جانب فرنسا، من الولايات المتحدة والسعودية ومصر وقطر)».

وسبق لماكرون أن عيَّن وزير الخارجية الأسبق جان إيف لو دريان مبعوثاً شخصياً له إلى لبنان. لكن وساطته، وكذلك اجتماعات الخماسية، واتصالاته لم تفضِ إلى شيء بسبب تعقيدات الداخل وتأثيرات الخارج.

وأبرز محاولات ماكرون في الملف اللبناني تتمثل في المؤتمر الدولي الذي تنظمه وتستضيفه باريس يوم 24 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، ومن أجل إنجاحه يواصل ماكرون اتصالاته الخارجية.

وصول شحنة مساعدات طبية إلى مطار بيروت الدولي يوم 8 أكتوبر (أ.ف.ب)

وإلى ذلك، تفيد الرسالة الثالثة بأن باريس «مواظبة على جهودها في إطار المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني وسيادة لبنان». ولمزيد من الإيضاح، جاء في بيان الإليزيه أن المؤتمر «سيوفر الفرصة لتعبئة الأسرة الدولية من أجل الاستجابة للحاجات الإنسانية للشعب اللبناني، وتوفير الدعم للقوات المسلحة اللبنانية، وقوى الأمن الداخلي التي سيكون دورها أساسياً بالنسبة لاستقرار البلاد».

ونقل عن بري تأكيده على الموقف الرسمي اللبناني الذي تبنته الحكومة اللبنانية الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار، ونشر الجيش اللبناني حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار الأممي 1701، كما تطرق الاتصال إلى جهود باريس لعقد المؤتمر الدولي لدعم لبنان وتجاوز الأزمة الإنسانية الناجمة عن نزوح أكثر من مليون و200 ألف لبناني، وكيفية مساعدة لبنان على إغاثتهم.

هل تنجح جهود الرئيس الفرنسي؟ لا شك أن مؤتمر باريس سيوفر سقفاً من المساعدات للبنان. ولكن رغم أهميته، فإنه يبقى قاصراً على الاستجابة للحاجات المتزايدة الناتجة عن الدمار والنزوح.

أما بالنسبة لوقف إطلاق النار، فالطرف الفاعل ليست فرنسا. وبصراحة استثنائية، عبَّر وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو عن عجز بلاده في التأثير بالقرار الإسرائيلي، بقوله، في مقابلة إذاعية، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل لا تستجيب للنداءات والمطالب الأميركية فكيف لفرنسا أن تؤثر فيها؟


مقالات ذات صلة

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

المشرق العربي نعيم قاسم خلال خطابه عبر الشاشة اليوم (الوكالة الوطنية)

قاسم: ضم مدني لبناني إلى لجنة وقف إطلاق النار مع إسرائيل سقطة

رأى الأمين العام لـ«حزب الله» نعيم قاسم، الجمعة، أن تسمية السلطات اللبنانية مدنياً في اللجنة المكلفة بمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار مع اسرائيل هي بمثابة «سقطة».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جانب من استقبال سلّام وفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (حساب رئاسة مجلس الوزراء على «إكس»)

سلّام لوفد مجلس الأمن: نحتاج إلى قوة أممية مساندة بعد انتهاء ولاية «اليونيفيل»

طالب رئيس الوزراء اللبناني نواف سلّام، خلال لقاء مع وفد من سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، بتوفير قوة أممية مساندة لملء أي فراغ محتمل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

طالب الرئيس اللبناني جوزيف عون وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب من جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي السفير الأميركي لدى تركيا والمبعوث الخاص لسوريا توماس براك خلال مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت - لبنان - 22 يوليو 2025 (رويترز)

براك: على لبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»

قال المبعوث الأميركي توم براك، اليوم (الجمعة)، إنه ينبغي للبنان أن يناقش مع إسرائيل مسألة «حزب الله»، معبّراً عن أمله في ألا توسع إسرائيل هجماتها على لبنان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون (رويترز)

عون: المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»... والهدف تجنُّب «حرب ثانية»

قال الرئيس اللبناني جوزيف عون، الخميس، إن المحادثات مع إسرائيل كانت «إيجابية»، وهدفها هو تجنب «حرب ثانية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.