إسرائيل تنوي ضرب مواقع سرية «لا تتخيلها إيران»

بعد تقليص الفجوات بين تل أبيب وواشنطن

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)
TT

إسرائيل تنوي ضرب مواقع سرية «لا تتخيلها إيران»

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يزور قاعدة نيفاتيم الجوية الأحد (د.ب.أ)

أعلن مصدر مقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، أن الخلافات والفجوات مع الإدارة الأميركية حول الأهداف التي سيتم ضربها في إيران، رداً على القصف الصاروخي قد تقلصت، وقال إن الطرفين يواصلان الحوار والتنسيق.

لكن أوساطاً أخرى في إسرائيل قالت إن ما يؤخِّر تنفيذ العمليات الإسرائيلية الهجومية هو الحسابات والمعارك الشخصية التي يخوضها نتنياهو مع خصومه في الحكومة وفي قيادة الجيش.

وفي الوقت الذي يستعد فيه رئيس الأركان، هرتسي هاليفي، وبقية أعضاء هيئة الأركان الإعداد للهجوم، ويحرصون فيه على التنسيق مع «البنتاغون» ومجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، حتى يضمنوا دعماً أميركياً بأعلى مقدار ممكن، يدير نتنياهو حسابات أخرى سياسية وحزبية.

ويحاول نتنياهو احتكار المكسب الذي يمكن تحقيقه، من ضرب إيران، ويحاول المساس بالرئيس الأميركي جو بايدن، لكسب رضا الرئيس السابق، دونالد ترمب، مرشح الحزب الجمهوري للرئاسة.

ويرى خبراء كثيرون، بينهم مستشارون سابقون مقربون من نتنياهو، أنه «يغامر على كل الصندوق». ويتساءلون: كيف سيتصرف نتنياهو إذا حصل خلل في الهجوم وردَّت إيران بشكل مؤذٍ لإسرائيل؟ وماذا سيفعل إذا خسر ترمب الانتخابات؟

نتنياهو يجتمع مع غالانت ورئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي أكتوبر العام الماضي (د.ب.أ)

مواقع لا تتخيلها إيران

وبحسب أوساط سياسية في تل أبيب، فإن الجيش الإسرائيلي يريد توجيه ضربات قاصمة لإيران، ولديه بنك أهداف ضخم يستل منه الخطط العملية، ويحاول إقناع الأميركيين بهذه الأهداف، ويتقدم معهم رويداً رويداً في التفاهمات، آخذاً في الحسبان التحذيرات من ضرب المنشآت النووية والنفطية.

ومن الأهداف التي يوافق عليها الأميركيون، مواقع سرية لا يتخيل الإيرانيون أن إسرائيل تعرفها، وهي جزء لا يتجزأ من المواقع التي تُستخدم في صناعة الأسلحة وتطوير القدرات العسكرية النووية. وهناك مقرات سرية لـ«الحرس الثوري»، وتوجد أسماء عدة على قائمة الاغتيال.

ومع ذلك، فإن الإدارة الأميركية، تخشى من قيام خطة نتنياهو بتوسيع حلقة الحرب، وهي تدير حوارات، وتجري مشاورات لإقناع إيران بالامتناع عن خدمة أهداف نتنياهو، وتؤكد أن القيادات العسكرية الأميركية غير معنية بتاتاً بالحرب معها، لكنها ملتزمة بالدفاع عن حليفتها تل أبيب. بينما يرد الإيرانيون بأنهم، هم أيضاً، غير مَعْنِيين بالحرب، لكن الضغط يجب أن يتركز على لجم إسرائيل.

جر أميركا إلى الحرب

وبحسب المراسل العسكري لصحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، يسعى نتنياهو لجر الولايات المتحدة إلى الحرب، من خلال توجيه ضربة قاصمة في العمق الإيراني تستدعي رداً من طهران، ورداً على الرد من تل أبيب ورداً مقابلاً، وعندها ستكون الولايات المتحدة مضطرة إلى الهجوم.

وادعى نتنياهو أن الوقت الحاضر هو فرصة تاريخية لضرب القدرات الإيرانية، وردع قادتها عن المضي قدماً في تطوير مشروعها النووي. وفي خطاباته العلنية يتحدث عن هذا الضرب أيضاً بمبادرة إسرائيلية.

وصرح نتنياهو، خلال خطابه الخميس، أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، قائلاً: «لا توجد إلا قوة واحدة في العالم تقاتل إيران. هذه القوة هي إسرائيل. إذا لم نقاتل، فسنموت. لكن هذه ليست حربنا فقط – هذه حرب العالم الحر، العالم المتحضر».

وتساءل المحرر السياسي في «يديعوت أحرونوت»، الجمعة: «ما الذي يسعى نتنياهو لأن يحققه في إيران. هل إسرائيل قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية وحدها؟ هل هي قادرة على أن تقف وحيدة في حرب صواريخ مع إيران؟ على فرض أن الجواب عن هذين السؤالين بالنفي، يبقى السؤال الثالث: هل هو يحاول جر الإدارة الأميركية لحرب لا تريدها مع إيران؟».

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (يسار) ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت (وزارة الدفاع الأميركية)

ويواصل المحرر السياسي، قائلاً: «الاشتباه هو أن نتنياهو سيختار عن وعي عملية عسكرية تورط إسرائيل، وعندها لن يكون أمام الإدارة غير الدخول في حرب مع إيران، في توقيت صعب».

ويتابع: «في واشنطن يسمعون خطابات نتنياهو بالإنجليزية، ويلتقطون النبرة المسيحانية، الاستفزازية، ويعدون حديث نتنياهو خصوصاً عن العالم المتحضر، شيئاً من التكبر والتبجح، حيث إنه يستخدم أساليب، وينتهج سياسة أبعد ما تكون عن قيم العالم المتحضر، ليس فقط في غزة بل أيضاً في الضفة الغربية وفي لبنان».

ويختتم: «كنتُ سَأُسَرُّ جداً لو نجحنا في إقناع الشعب الإيراني بأن يبدل النظام، أو على سبيل البديل لو كنا نجد سبيلاً لتصفية العدوان الإيراني. فحروب العالم المتحضر من الأفضل إبقاؤها للآخرين، ولِكَهَنَة التفوق الأبيض في أميركا، ولرؤساء الأحزاب الفاشية في أوروبا، فهم الذين سيرتبون لنا عالماً متحضراً دون سود، ودون ملونين ودون يهود. هم جيدون في هذا».

ويرى محررو الشؤون الحزبية في إسرائيل أن نتنياهو يخطط لتوجيه الضربة لإيران في وقت يستطيع فيه تحقيق أكبر مكاسب حزبية. فإذا تمت الضربة، يوم الثلاثاء المقبل مثلاً، فسيكون وزير دفاعه، غالانت، في زيارة الولايات المتحدة للتباحث في الضربات، وفي تعويض لإسرائيل بكميات إضافية من الأسلحة والذخيرة الثقيلة. ويستطيع أن يقف وحده أمام الإعلام يتحدث عن النصر، من دون أن يتقاسم الرصيد مع غالانت. وسيُضطر غالانت إلى إطراء العمليات في واشنطن، ويقلل هذا من الانتقادات الأميركية في حال وُجدت.


مقالات ذات صلة

إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

شؤون إقليمية صورة نشرتها المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية من لقاء رئيسها محمد إسلامي ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في طهران منتصف الشهر الماضي

إيران: الوكالة الذرية لا تملك حق تفتيش مواقع تعرضت لهجمات

قالت طهران إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لا يحق لها المطالبة بتفتيش المراكز النووية التي تعرضت لهجمات عسكرية»، مشددة على ضرورة وجود «بروتوكولات واضحة».

شؤون إقليمية بقائي يستمع إلى أسئلة الصحافيين خلال إفادة أسبوعية اليوم (مهر)

طهران: قواتنا المسلحة في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ

قالت إيران إن قواتها في حالة جاهزية كاملة لأي طارئ، مؤكدة استمرار اتصالاتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتمسّكها بالدبلوماسية رغم تشكيكها في جدوى التفاوض.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم عناصر من الشرطة الأسترالية في موقع الهجوم (أ.ف.ب) play-circle

مسؤول إسرائيلي يتهم إيران بالوقوف وراء هجوم شاطئ بوندي

تُجري السلطات الإسرائيلية تحقيقاً لمعرفة الجهة المسؤولة عن الهجوم الدامي الذي وقع في شاطئ بوندي اليوم، خلال احتفالات «عيد الأنوار اليهودي» (حانوكا).

«الشرق الأوسط» (سيدني)
شؤون إقليمية شحنة أسلحة اشتبهت واشنطن بأنها تابعة لإيران وضبطتها ببحر العرب في مايو 2021 (أ.ب)

أميركا تدمّر شحنة صواريخ لإيران

أفادت تقارير، أمس، بأنَّ قوة أميركية دمَّرت شحنة عسكرية صينية كانت في طريقها إلى إيران، يعتقد أنَّها جزء من عمليات إعادة ترسانتها الصاروخية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص فلسطينيون في خان يونس فوق مركبة عسكرية إسرائيلية جرى الاستيلاء عليها ضمن عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

خاص جدل بين «الموالين» حول مسؤولية «حماس» عن خراب «محور المقاومة»

يدور جدل داخل أوساط موالية لما كان يُسمى «محور المقاومة»، يتعلق بإلقاء اللوم على «حماس» في تفكيك قوة هذا المحور جراء «طوفان الأقصى».

«الشرق الأوسط» (غزة)

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
TT

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

وجاء في بيان للوزارة: «تجنّباً لأي عواقب ضارة، أُسقطت الطائرة المسيّرة في منطقة آمنة وبعيدة من أي مناطق مأهولة»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت أنقرة: «تم رصد وتعقب أثر جوي... في إطار الآليات الروتينية» فوق البحر الأسود، و«تبيّن أن الأثر الجوي المعني هو مسيّرة خارج السيطرة». وأضافت: «بهدف ضمان أمن المجال الجوي، تم نشر مقاتلاتنا من طراز (إف-16) تحت قيادة حلف شمال الاطلسي (ناتو) والقيادة الوطنية، في مهمة اعتراض».

ويأتي هذا الحادث بعدما حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، من تحوّل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، وذلك إثر ضربات عدة طالت سفناً في الأسابيع الأخيرة.


مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
TT

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)

قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن طهران تعارض بشدة ما وصفه بـ«مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب» في القوقاز، وذلك عقب اتفاق رعته واشنطن بين أرمينيا وأذربيجان لإنشاء ممر عبور جديد.

وجاءت تصريحات ولايتي لدى استقباله السفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، حيث ناقشا آخر المستجدات بما في ذلك أوضاع جنوب القوقاز.

ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.

ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين»، الذي عرف بـ«ممر تريب». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».

مصافحة ثلاثية بين دونالد ترمب وإلهام علييف ونيكول باشينيان في البيت الأبيض يوم 8 أغسطس 2025 بعد توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان (رويترز)

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ولايتي قوله إن ما يُعرف بـ«مشروع ترمب» في القوقاز، لا يختلف عن «ممر زنغزور»، وأن إيران تعارضه بشكل قاطع. وأضاف أن طهران عارضت منذ البداية مشروع ممر زنغزور، بسبب رفضها أي تغيير في الحدود أو أي تطورات من شأنها تهديد أمنها الإقليمي.

ورأى ولايتي أن «مشروع ترمب» هو عملياً المشروع نفسه مع تغيير في التسمية فقط، ويجري حالياً الترويج له عبر دخول شركات أميركية إلى أرمينيا.

وأوضح ولايتي أن إيران أعلنت معارضتها الحازمة لهذا المشروع، سواء بمشاركة روسيا أو من دونها، حتى في الفترة التي كانت فيها موسكو منشغلة بالحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن طهران نجحت في منع تنفيذه؛ لأن هذا الممر كان يمكن أن يفتح الطريق أمام وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) شمال إيران، ويشكّل تهديداً خطيراً لأمن شمال إيران وجنوب روسيا.

وحذر ولايتي من أن «التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تدخل المناطق الحساسة بدايةً عبر مشاريع ذات طابع اقتصادي، قبل أن يتوسع وجودها تدريجياً ليأخذ أبعاداً عسكرية وأمنية»، مشدداً على أن «أي مشروع يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على حدود إيران ستكون له تداعيات أمنية واضحة».

وفي أغسطس، توالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)»، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.

وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عده قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وكان ولايتي قد عدّ أن «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».

وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى بريفان، عاصمة أرمينيا، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في محاولة للاطلاع على تفاصيل الاتفاق.

وقلل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حينها من الردود الداخلية، قائلاً إن الاتفاق «يحترم مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».


برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».