استهدف الجيش الإسرائيلي مجدداً قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، لليوم الثالث على التوالي، ما أدى إلى إصابة جنديين إضافيين، غداة دعوات من تل أبيب رفضتها القوة الدولية، للابتعاد 5 كيلومترات عن الحدود، ما أثار غضباً دولياً، عبرت عنه فرنسا باستدعاء السفير الإسرائيلي.
وأعلنت «الخارجية» اللبنانية أن هجوماً إسرائيلياً جديداً على مقر الكتيبة السريلانكية في قوات «اليونيفيل» بجنوب لبنان أسفر عن سقوط جريحين، غداة هجوم مماثل أدى إلى إصابة جنديين إندونيسيين من «القبعات الزرق» بجروح وأثار تنديداً دولياً. وأفادت «اليونيفيل»، في بيان لها، بتعرّض مقرها العام في الناقورة، صباح الجمعة، لانفجارات للمرة الثانية خلال 48 ساعة؛ حيث أصيب جنديان من قوات حفظ السلام بعد وقوع انفجارين بالقرب من برج مراقبة.
وأوضحت: «انهارت عدّة جدران في موقعنا التابع للأمم المتحدة رقم (1-31)، بالقرب من الخط الأزرق في اللبونة، عندما قصفت دبابة إسرائيلية محيط الموقع، وتحركت دبابات إسرائيلية بالقرب من موقع الأمم المتحدة. ظل جنود حفظ السلام التابعون لنا في الموقع، وتم إرسال قوة رد سريع تابعة لـ(يونيفيل) لمساعدة الموقع وتعزيزه». وأكدت: «هذه الحوادث تضع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تعمل في جنوب لبنان بناءً على طلب مجلس الأمن بموجب القرار 1701 (2006)، في خطر شديد للغاية»، مشددة على أن «ما حدث يشكّل تطوراً خطيراً، وتؤكد (يونيفيل) ضرورة ضمان سلامة وأمن موظفي الأمم المتحدة وممتلكاتها واحترام حرمة مباني الأمم المتحدة في جميع الأوقات. كما أن أي هجوم متعمّد على جنود حفظ السلام يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن 1701 (2006)».
أتى ذلك بعدما كانت القوات الأممية قد اتهمت الجيش الإسرائيلي، الخميس، بإطلاق النار «عمداً» على مواقعها، ما أدى إلى إصابة اثنين من عناصرها من الجنسية الإندونيسية، وأثارت الواقعة انتقادات دبلوماسية، وذهبت روما إلى حد الإشارة إلى أنها «يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب».
وفي وقت لاحق، قال الجيش الإسرائيلي إن قواته نفّذت عملية في منطقة الناقورة (جنوب لبنان) بالقرب من قاعدة لقوة «يونيفيل»، مشيراً إلى أنه أصدر تعليمات للقوة بالبقاء في أماكن محمية، وعلى أثر ذلك فتحت القوات الإسرائيلية النار في المنطقة.
وتسعى إسرائيل إلى نقل قوات حفظ السلام التابعة لـ«يونيفيل» بعيداً عن الحدود لمسافة 5 كيلومترات، وهو ما أشار إليه، الخميس، مبعوث إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، لافتاً إلى أن إسرائيل توصي بنقل قوات «اليونيفيل» في لبنان لمسافة 5 كيلومترات شمالاً، «لتجنّب الخطر مع تصاعد القتال».
وتدعو قوات «اليونيفيل» التي تضم نحو 10 آلاف جندي حفظ سلام في جنوب لبنان، منذ عام، إلى وقف التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله». وتتمركز القوة في جنوب لبنان لمراقبة وقف الأعمال القتالية على امتداد خط ترسيم الحدود مع إسرائيل، وهي منطقة تشهد اشتباكات خطيرة بين القوات الإسرائيلية ومقاتلي جماعة «حزب الله» المدعومة من إيران.
لبنان
وفي بيان لها، ندّدت «الخارجية» اللبنانية، الجمعة، بأشد العبارات «الاستهداف الممنهج والمتعمد الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي» للقوات الأممية، مضيفة أن «قصفاً استهدف أبراج مراقبة في المقر الرئيسي لـ(يونيفيل) في راس الناقورة وفي مقر الكتيبة السريلانكية، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى في صفوف (اليونيفيل)».
ووصف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الهجوم بـ«الجرم المستنكر»، واضعاً إياه «برسم المجتمع الدولي».
الأمم المتحدة
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، هذا الهجوم، قائلاً إنه «انتهاك للقانون الإنساني الدولي»، ومشدداً على أنه على إسرائيل عدم تكرار هذا الأمر، واصفاً إياه بأنه «غير مقبول».
وقال غوتيريش، بعد محادثات مع قادة دول جنوب شرقي آسيا بقمة في لاوس: «كان هناك بطبيعة الحال رد فعل من كثير من الأطراف تضامناً مع عنصري قوات حفظ السلام اللذين أُصيبا، وعبر إبلاغ إسرائيل بوضوح تام بأنّ هذا الحادث غير مقبول ويجب ألا يتكرّر».
فرنسا
وعدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون «استهداف القوات الإسرائيلية المتعمّد» لعناصر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان أمراً «غير مقبول على الإطلاق»، منبهاً إلى أن بلاده «لن تقبل» بإطلاق النار مجدداً على الجنود الأمميين بعدما حصل في اليومين الأخيرين.
وقال الرئيس الفرنسي، خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على البحر المتوسط: «ندين هذا الأمر. لن نقبل به، ولن نقبل بأن يتكرر ذلك»، موجهاً «الشكر» إلى الدول المشاركة لتعبيرها عن «موقف بالغ الوضوح إلى جانبنا في هذا الشأن».
وأضاف أن «كل ما يحصل في الشرق الأوسط له تأثير حاسم في المنطقة برمتها».
وأكد ماكرون للصحافيين أن «وقف إطلاق النار ضروري في غزة ولبنان على السواء».
وتابع: «ينبغي القيام بذلك الآن. في الوقت نفسه، بالنسبة إلى رهائننا» الذين لا يزالون محتجزين لدى حركة «حماس» منذ عام، «وبالنسبة إلى السكان المدنيين ضحايا العنف، ولتجنّب عدوى إقليمية قائمة وتهدّد استقرار المنطقة برمتها».
وقال أيضاً «إنه سبب دعوة فرنسا الملحة إلى وقف تصدير الأسلحة التي تُستخدم على مسرحي الحرب هذَين. ثمة قادة آخرون هنا قاموا بالأمر نفسه. نعلم جميعاً بأنها الرافعة الوحيدة التي يمكنها اليوم وضع حد» لما يحصل، مؤكداً «أنها ليست البتة دعوة إلى نزع سلاح إسرائيل في وجه التهديدات التي تُمارس ضدها وهذا الشعب الصديق».
إندونيسيا
وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية، ريتنو مارسودي، في بيان، إن «اثنين من عناصرها أُصيبا في الهجوم بالناقورة»، مؤكدة أن «مهاجمة طواقم وأملاك للأمم المتحدة هي انتهاك فادح للقانون الدولي الإنساني».
وندّد رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، بعد اجتماعه مع البابا فرنسيس في الفاتيكان، بالهجمات الإسرائيلية على قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، ودعا المجتمع الدولي إلى التوقف عن بيع الأسلحة إلى إسرائيل.
روسيا
كذلك، عبّرت «الخارجية» الروسية عن غضبها إثر هذه الحادثة، وكان وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروزيتو قال، الخميس، إن القوات الإسرائيلية ارتكبت عملاً غير قانوني بإطلاق النار على مواقع تستخدمها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، ووصف ذلك بأنه جريمة حرب محتملة.
وقال كروزيتو، في مؤتمر صحافي: «لم يكن هذا خطأ أو حادثاً. وقد يشكل جريمة حرب ويمثل انتهاكاً خطيراً جداً للقانون الإنساني الدولي»، معلناً أنه اتصل بنظيره الإسرائيلي للاحتجاج، كما استدعى السفير الإسرائيلي لدى إيطاليا للمطالبة بتفسير.
وأوضح كروزيتو: «طلبت من السفير أن يبلّغ الحكومة الإسرائيلية بأنه لا يمكن للأمم المتحدة وإيطاليا أن تتلقى الأوامر من الحكومة الإسرائيلية».
الصين
وعبّرت الصين، الجمعة، عن «قلقها البالغ وإدانتها الشديدة» للهجوم الإسرائيلي على مواقع وتجهيزات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل).
إسبانيا
بدوره، طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، بـ«وضع حد لكل أشكال العنف» ضد قوة الأمم المتحدة المؤقتة المنتشرة في جنوب لبنان (اليونيفيل).
وقال سانشيز، خلال قمة في قبرص لدول الاتحاد الأوروبي المطلة على المتوسط، إن «ما حصل بمقر (اليونيفيل) في لبنان (...) غير مقبول على الإطلاق، ونطالب بوضع حد لكل أشكال العنف التي يتعرّض لها، ويا للأسف، الجنود الأمميون» في هذا البلد.