أميركا ترسم «خريطة طريق» لتجريد «حزب الله» من السلاح

إجماع أممي على «تنفيذ كامل» للقرار «1701» وبسط سلطة الدولة جنوباً

جلسة لمجلس الأمن (أرشيفية - أ.ف.ب)
جلسة لمجلس الأمن (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أميركا ترسم «خريطة طريق» لتجريد «حزب الله» من السلاح

جلسة لمجلس الأمن (أرشيفية - أ.ف.ب)
جلسة لمجلس الأمن (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت شدد ممثلو دول العالم فيه، خلال جلسة لمجلس الأمن مساء الخميس، على ضرورة «وقف إطلاق النار فوراً»، عبر الخط الأزرق، بموازاة العمل على «التطبيق الكامل» للقرار «1701»، رسم المندوب الأميركي ملامح «خريطة طريق» تبدأ بانسحاب «حزب الله» من منطقة عمل القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (اليونيفيل)، ونزع أسلحته، طبقاً للقرار «1559»، ومنع إيران من إعادة تسليحه، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها.

وفي جلسة طلبتها فرنسا، استمع أعضاء مجلس الأمن إلى وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، التي أكدت أن الوضع في لبنان «صار أكثر إثارة للقلق»، مشيرة إلى تكثيف عمليات تبادل إطلاق النار بين «حزب الله» والقوات الإسرائيلية.

وعرضت تصعيد «حزب الله» هجماته على إسرائيل بالصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة، بما في ذلك في اتجاه حيفا وتل أبيب، والضربات الإسرائيلية في كل أنحاء لبنان، بما في ذلك العاصمة بيروت. وفي حين عرضت الخسائر البشرية والمادية والآثار الإنسانية الهائلة، حضت دول العالم على الاستجابة للنداء العاجل الذي أُطلِق، الأسبوع الماضي، لطلب 425 مليون دولار أميركي لمساعدة مليون شخص على مدى الأشهر الثلاثة المقبلة.

 

على شفا كارثة

 

وحذَّرت المسؤولة الأممية الكبيرة من أن «الصراع المدمّر في لبنان، إلى جانب الضربات المكثفة في سوريا، والعنف المستعر في غزة والضفة الغربية المحتلة، يشير إلى منطقة تتأرجح بشكل خطير على شفا حرب شاملة». وأكدت أنه «يجب على (حزب الله) والجماعات المسلحة غير الحكومية الأخرى التوقُّف عن إطلاق الصواريخ والقذائف على إسرائيل»، مطالبة الأخيرة بـ«وقف قصفها للبنان وسحب قواتها البرية منه». وشددت على أنه «يتعين على الأطراف التزام العودة إلى وقف الأعمال العدائية، والتنفيذ الكامل لقراري مجلس الأمن (1559) و(1701)».

وكذلك أكدت ديكارلو أنه «يتعين على الدولة اللبنانية أن تسيطر على كل الأسلحة داخل أراضيها»، داعية الزعماء السياسيين في لبنان إلى «اتخاذ خطوات حازمة نحو معالجة الفراغ» الرئاسي. وحضت على «بذل كل جهد ممكن لعكس هذه الدورة من العنف وإعادة لبنان وإسرائيل (والمنطقة) من شفا الكارثة».

وتبعها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيار لاكروا، الذي قال إن الوضع الراهن يعرض قوات حفظ السلام «لخطر شديد». وإذ أشار إلى الاستهداف الإسرائيلي لقوات حفظ السلام وإصابة إثنين من عناصرها، الخميس، أكد أن «سلامة وأمن قوات حفظ السلام معرضان للخطر بشكل متزايد الآن». ودعا الأطراف إلى «العودة فوراً إلى وقف الأعمال العدائية واتخاذ إجراءات حقيقية نحو التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن (1701)».

 

تصاعد الدخان في جنوب لبنان وسط الأعمال العدائية بين «حزب الله» وإسرائيل كما يظهر من شمالها 10 أكتوبر 2024 (رويترز)

 

«وقف النار فوراً»

 

ومن جهته، أكد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة، نيكولا دو ريفيير، أن «الوضع في لبنان خطير للغاية»، مشيراً إلى أن «حزب الله» يواصل هجماته ضد إسرائيل فيما تستمر العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، بما في ذلك من خلال التوغلات البرية «في انتهاك للسيادة اللبنانية». ورأى أن «الوقت حان لخفض التصعيد»، قائلاً إنه «أولاً وقبل كل شيء، نحن بحاجة إلى وقف إطلاق نار فوري ودائم في لبنان»، مشدداً على أن «النداء الذي أطلقته فرنسا والولايات المتحدة قبل أسبوعين، والذي انضم إليه عدد من شركائنا، لا يزال قائماً»، معتبراً أن «الإطار واضح: التنفيذ الكامل للقرار (1701)». وتحدث عن استضافة فرنسا لمؤتمر وزاري في 24 أكتوبر الحالي، من أجل «المبادرة إلى 3 أهداف على الصعيد السياسي. إن الهدف هو إعادة إطلاق الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل دبلوماسي يستند إلى القرار (1701)، ويتضمن البعد الإنساني هدف تعبئة المجتمع الدولي لتلبية حاجات الحماية والطوارئ للشعب اللبناني. وأخيراً وليس آخراً، ولضمان سيادة لبنان، نريد زيادة الدعم للمؤسسات اللبنانية، خصوصاً القوات المسلحة اللبنانية».

 

سلاح «حزب الله»

 

وتحدث نائب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، الذي اعتبر أنه «لكي يكون الحل الدبلوماسي مستداماً، يتعين على الأطراف أن تنفذ بالكامل القرار (1701) الذي يطالب (حزب الله) بالانسحاب من منطقة الحدود، ونشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب»، بالإضافة إلى «فرض حظر الأسلحة واتخاذ الخطوات اللازمة للمساعدة في ضمان عدم عودة إيران إلى إمداد ما تبقى من وكلائها الإرهابيين بالأسلحة». ورأى أن الحل «يتطلب أيضاً أن يضع الزعماء السياسيون في لبنان خلافاتهم جانباً، وأن يشكلوا حكومة تستجيب لحاجات الشعب اللبناني»، مؤكداً أن «الحل لهذه الأزمة ليس في لبنان الضعيف. بل في لبنان القوي والسيادي الحقيقي المحمي بقوة أمنية شرعية».

وطالب المجتمع الدولي بـ«التنديد بإيران لتقويضها لسيادة لبنان» وبـ«(حزب الله) لمهاجمته إسرائيل». وشدد على أنه «يتعين علينا أن نكون مستعدين لفرض تكاليف باهظة على إيران لانتهاكها قرارات هذا المجلس».

 

الصين وروسيا

 

الصين وروسيا

 

وعبَّر المندوب الصيني عن «القلق البالغ» لبلاده من «التصعيد الخطير» واستهداف قوات «اليونيفيل»، مطالباً بـ«التحقيق في الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه». وقال إن «خطورة الوضع الحالي واضحة، وكذلك الاتجاه الصحيح لتهدئة التوترات»، مؤكداً أن «الشرق الأوسط لا يستطيع أن يتحمل حرباً شاملة». وأضاف: «لا بد أن يكون التوصل إلى وقف إطلاق النار أولوية قصوى»، ملاحظاً أن «كل الأطراف في لبنان وجهت بالفعل نداءً بالإجماع لوقف إطلاق النار الفوري. كما أصدرت جامعة الدول العربية نداءً صريحاً». وبالتالي «مِن الواضح مَن الذي يحمل مفتاح إنهاء هذه الأزمة»، مطالباً إسرائيل بـ«التخلي عن هوس استخدام القوة (...) والتوقف عن انتهاك سيادة لبنان وسلامة أراضيه، وإنهاء سلوكها المغامر الذي قد يجر المنطقة إلى كارثة جديدة».

 

عناصر من «حزب الله» (رويترز)

 

وعرض المندوب الروسي، فاسيلي نيبينزيا، للعمليات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي اللبنانية، قائلاً إن «ما يتكشف الآن في لبنان هو نفس السيناريو الذي رأيناه في غزة». وقال إن «مجلس الأمن صار مشلولاً»، معتبراً أن «هذا خطأ الولايات المتحدة». وطالب بـ«التنفيذ الكامل والشامل للقرار (1701)، الذي يحدد التزامات إسرائيل. ويتلخص هذا الالتزام في وقف جميع العمليات العسكرية الهجومية، وسحب قواتها المسلحة من جنوب لبنان، ووقف احتلال الأراضي اللبنانية. كما يتضمن القرار التزامات على (حزب الله) بسحب فرقه من شمال لبنان إلى شمال نهر الليطاني».

وأكد أن بلاده «ستواصل بذل الجهود الدبلوماسية لتهدئة الموقف ومنع سيناريو كارثي للشرق الأوسط بأكمله».

 

موقف لبنان

 

وأكد القائم بأعمال المندوب اللبناني، هادي هاشم، أن «القرار (1701)، الذي يتمسك به لبنان بالكامل، هو الحلّ الأمثل»، مجدداً «التزام لبنان بالمبادرة الأميركية - الفرنسية المدعومة من دول عربية شقيقة وأخرى صديقة، الداعية إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماً، تتم خلالها معالجة المسائل الحدودية العالقة، التي تبلغنا موافقة إسرائيل عليها، قبل أن تعود وتتنصل منها، وتصعِّد عدوانها». وأكد أيضاً أن «لبنان مستعدّ للحل الدبلوماسي وجاهز لتسهيل مهمة الوسيطَين الأميركي والفرنسي»، معتبراً أن الجانب الإسرائيلي «مخطئ في محاولته كسر القرار (1701)، بخلق واقع عسكري جديد على الأرض يؤمّن له حلولاً غير عادلة».


مقالات ذات صلة

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

المشرق العربي ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

وضع شابان من مجموعة «المقاومة المدنية» في بريطانيا صورةً لأم وطفل من غزة على لوحة «الأمومة» الشهيرة لبابلو بيكاسو في المعرض الوطني.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان يوم 4 من الشهر الحالي (أ.ب)

أميركا لا تزال تعتقد بأن إيران لم تقرر بعد تصنيع سلاح نووي

قال مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» إن الولايات المتحدة لا تزال تعتقد بأن إيران لم تقرر بعد تصنيع سلاح نووي حتى بعد الانتكاسات الاستراتيجية التي تعرّضت لها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي: مقتل قيادي في حركة «الجهاد الإسلامي» بالضفة الغربية

أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، أنه قتل قائد حركة «الجهاد الإسلامي» بمخيم «نور شمس» للاجئين في طولكرم بالضفة الغربية، دون أن يصدر حتى الآن تأكيد عن الحركة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي سيارات تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» 9 أغسطس 2024 (رويترز)

رئيس المجلس الأوروبي: استهداف إسرائيل القوة الدولية في جنوب لبنان «غير مقبول»

ندَّد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، الجمعة، باستهداف إسرائيل قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان، معتبراً «إطلاق النار على (اليونيفيل) غير مقبول».

«الشرق الأوسط» (فينتيان)
تحليل إخباري دفاعات جوية إسرائيلية تعترض صواريخ إيرانية فوق عسقلان مطلع أكتوبر (رويترز)

تحليل إخباري كيف أصبحت «وحدة الساحات» مطلباً إسرائيلياً؟

بعد أن كانت إسرائيل تحارب فكرة «وحدة الساحات»، باتت تطالب بربط المحادثات مع «حزب الله» و«حماس» لإخراج صفقة شاملة لوقف النار على الجبهتين، وربما أيضاً على إيران.

نظير مجلي (تل أبيب)

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب
TT

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

ناشطان يغطيان لوحة «الأمومة» لبيكاسو بصورةٍ لأم وطفل من غزة احتجاجاً على الحرب

وضع شابان من مجموعة «المقاومة المدنية» في بريطانيا صورةً لأم وطفل من غزة على لوحة «الأمومة» الشهيرة للرسام بابلو بيكاسو في «المعرض الوطني» للاحتجاج على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل.

وقالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إنه تم إلقاء القبض على العضوين من المجموعة، والتحفظ على الصورة، فيما أكد المعرض عدم حدوث أي ضرر للعمل الفني.

وقال متحدث باسم المعرض الوطني: «في حوالي الساعة 11.50 صباحاً، دخل شخصان إلى الغرفة 43، وتم إلقاء القبض على أحدهما بعد محاولة في البداية للصق ما يبدو أنه قطعةٌ من الورق على العمل الفني، تم إلقاء بعض الطلاء على الأرض، وحضرت الشرطةُ واعتقلتهما، وأعيد فتح الغرفة للجمهور في الساعة 2.30 مساءً لم يكن هناك أي ضرر لأي لوحات».

وأضافت الصحيفة أن النشطاء وضعوا الصورة التي تم التقاطها من قبل الصحافي الفلسطيني علي جاد الله في مستشفى الشفاء في مارس (آذار) على لوحة بيكاسو وسكبوا طلاء أحمر على الأرض.

وقال متحدث باسم المجموعة، جاي هالاي، الذي قبضت عليه الشرطة، في فيديو: «حكومتنا تسلح إسرائيل لتنفيذ الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين والقتل دون كبح في لبنان، وحظر الأسلحة هو أقل ما يمكن أن تفعله بريطانيا لوقف النزوح والدمار والموت».

وكذلك ذكر ملاخي روزنفيلد الذي قبضت عليه الشرطة: «قمت بذلك لأنني كيهودي أشعر أنه من واجبي أن أطالب بوقف الإبادة الجماعية التي تُرتكب في غزة. أريد أن يعرف العالم أن ما يحدث ليس باسم اليهود، وأريد أن أرى فلسطين حرة، ونحن نعلم جيداً أن هذه إبادة جماعية وليست دفاعاً عن النفس، ونحن، كشعب بريطانيا، نقول كفى».

يذكر أن الحكومة البريطانية علقت حوالي 30 من 350 رخصة تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في سبتمبر (أيلول)، مستشهدةً بوجود «مخاطرة واضحة» لاستخدامها لخرق القانون الإنساني الدولي المتعلق بمعاملة المحتجزين الفلسطينيين وتوفير المساعدات إلى غزة.

واستبعد رئيس الوزراء كير ستارمر فرض حظر تام على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، بزعم أن الحظر الكامل سيغطي الأسلحة المستخدمة لأغراض دفاعية.