انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

ملايين السكان بمناطق سيطرة الحوثيين يعانون تدهوراً معيشياً حاداً

اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)
اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يضيفون «7 أكتوبر» إلى قائمة مناسباتهم الاحتفالية

اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)
اجتماع حوثي في صنعاء لما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات» (إعلام حوثي)

أضافت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران ذكرى يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى قائمة مناسباتها الاحتفالية التي تخصص للإنفاق عليها مليارات الريالات اليمنية سنوياً، وهي الذكرى التي هاجمت فيها «حماس» إسرائيل، وقادت إلى رد الأخيرة بتدمير قطاع غزة، وصولاً إلى شن حرب على «حزب الله» اللبناني وقتل كبار قادته.

وتأتي احتفالات الجماعة بمناسباتها في وقت تعاني فيه آلاف الأسر اليمنية من تدهور معيشي وإنساني حاد، مع اتساع رقعة الجوع والفقر والبطالة، وانقطاع الرواتب، وغياب أبسط الخدمات الضرورية.

الحوثيون يحشدون السكان بالترغيب والترهيب في كل مناسباتهم (إكس)

في هذا السياق، أقرت ما تسمى «اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات الحوثية»، في اجتماع لها بصنعاء، ما أطلقت عليه «الخطة العامة» لإحياء ما تسمى الذكرى الأولى لهجوم «طوفان الأقصى» الذي نفذته «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس» ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر من العام الماضي.

ووفقاً لوكالة «سبأ» بنسختها الحوثية، خرج الاجتماع بتوصيات تحض المشرفين ومسؤولي الأحياء والمؤسسات الحكومية والخاصة في صنعاء ومدن أخرى، على إقامة الأنشطة والفعاليات والندوات، تزامناً مع المناسبة المبتكرة.

وبموجب تلك التوصيات، أقرت الجماعة اعتماد يوم الاثنين إجازة رسمية، وركزت وسائل إعلام الجماعة اهتمامها على المناسبة، وسارع قادتها إلى إنفاق الأموال على مستوى المحافظات والمديريات والقرى الخاضعة تحت سيطرتهم.

ودعت اللجنة الحوثية إلى تنظيم مسيرة تصفها بالكبرى في العاصمة المختطفة صنعاء، ومسيرات أخرى مماثلة ببقية المدن تحت سيطرتها، يوم الاثنين، للاحتفال بالمناسبة.

وفي ظل ما يشهده اليمن من أوضاع بائسة ومتدهورة، أثارت مظاهر احتفال الجماعة الحوثية حفيظة السكان في صنعاء وغيرها من المناطق؛ حيث عبَّروا عن السخط والرفض إزاء سلوك الجماعة التي يرون فيها كابوساً يجثم على صدورهم، وينهب كل مقدرات البلاد ومؤسساتها المغتصبة.

تنديد بإنفاق الأموال

في حين اشتكى السكان في صنعاء من معاناة متصاعدة وصعوبة بالغة يكابدونها لتوفير الحد الأدنى من الطعام؛ نتيجة الأوضاع المتدهورة التي أعقبت الانقلاب والحرب، نددوا باستمرار الجماعة الحوثية في ابتداع المناسبات الرامية إلى سرقة ما تبقى من الأموال والموارد، في ظل انعدام القوت الضروري، وتوالي مزيد من الأزمات، وارتفاع الأسعار ونسب الجوع والفقر والبطالة وانعدام الخدمات.

ويشكو خالد -وهو موظف حكومي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار معاناته وأفراد عائلته جراء رفض الجماعة الحوثية صرف الرواتب، وتخصيص الأموال لمصلحة الأتباع، ودعم المجهود الحربي وإحياء المناسبات.

يمنيات في ضواحي صنعاء أُجبرن على المشاركة في وقفة احتجاجية (إعلام حوثي)

واستهجن الموظف انشغال الجماعة بابتكار مزيد من الفعاليات للاحتفال بها، بينما لا يزال ملايين اليمنيين -بمن فيهم الموظفون الحكوميون والعاملون التربويون- يعانون من أزمات معيشية وإنسانية صعبة.

وفي يوم واحد كشفت مصادر مقربة من دائرة حكم الجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إقامة أكثر من 66 فعالية ولقاء وندوة وأمسية سياسية ودورات تعبوية، في عموم المدن والقرى تحت سيطرة الانقلاب.

وتصدرت صنعاء -وفق المصادر- قائمة المحافظات تحت سيطرة الجماعة فيما يخص إقامة الفعاليات والأمسيات والدورات ذات الطابع العسكري والتعبوي، احتفالاً بذكرى «7 أكتوبر» تلتها محافظة ريف صنعاء، ثم جاءت بعدها بالترتيب محافظات: صعدة، وعمران، وذمار، وحجة، وإب، وريمة، والمحويت.

وكانت الجماعة الحوثية قد خصصت في مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، مبالغ ضخمة لإنفاقها على احتفالاتهم السنوية بذكرى «المولد النبوي» بعموم مناطق سيطرتها، متجاهلة اتساع رقعة الفقر والمجاعة، وحاجة ملايين السكان إلى المساعدات الغذائية والخدمات الأخرى، في ظل توقف رواتب الموظفين العموميين في مناطق سيطرتها.


مقالات ذات صلة

العالم العربي 4.2 مليون يمني يقيمون في مناطق معرّضة لخطر «تدهور الأمن الغذائي الأسوأ»... (إ.ب.أ)

مساعدات أممية نقدية لـ1.43 مليون عائلة يمنية

ذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)» أن أكثر من 1.43 مليون أسرة تلقت مساعدات نقدية في إطار مشروع «الحوالات النقدية غير المشروطة».

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يبدون تضامنهم مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يسوّق نفسه خليفة لنصر الله

استغلّ زعيم الحوثيين باليمن عبد الملك الحوثي، مقتل حسن نصر الله زعيم «حزب الله» اللبناني، ليقدّم نفسه خليفة له بخصوص الحديث عن مواقف ما يُسمّى «محور المقاومة».

محمد ناصر (تعز)
أوروبا تاجر الأسلحة الروسي المشتبه به فيكتور بوت (وسط الصورة) يرافقه ضباط من إدارة مكافحة المخدرات بعد وصوله إلى مطار نيويورك (رويترز)

تقرير: عودة «تاجر الموت» لبوتين إلى تجارة الأسلحة... وتورط محتمل مع الحوثيين

عاد بوت إلى الساحة الدولية، ولكن هذه المرة كوسيط في صفقة لبيع أسلحة للحوثيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

ما حقيقة تصنيف «رأس الحكمة» كـ«ولاية إماراتية» على خرائط «غوغل»؟

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
TT

ما حقيقة تصنيف «رأس الحكمة» كـ«ولاية إماراتية» على خرائط «غوغل»؟

الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)
الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد يشهدان إطلاق مشروع رأس الحكمة (الرئاسة المصرية)

أثارت مزاعم راجتْ بين بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر عن ظهور مدينة «رأس الحكمة» (على الساحل الشمالي المصري)، في تطبيق «غوغل للخرائط» (google maps)، بإشارة تزعم أنها «ولاية إماراتية»، حالةً من الجدل الواسع، وسط تساؤلات كثيرة حول حقيقة هذا التصنيف.

يأتي ذلك الجدل عقب أيام من تدشين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الجمعة الماضي، مشروع «رأس الحكمة التنموي»، حيث شهد الرئيسان إطلاق المشروع، واصفين إياه بأنه «يمثل نموذجاً للشراكة التنموية البناءة بين مصر والإمارات».

مشروع «رأس الحكمة» على الساحل الشمالي المصري يمثل نموذجاً للشراكة التنموية بين مصر والإمارات (الرئاسة المصرية)

ومع مرور ساعات قليلة من الإعلان عن المشروع، أشار بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن المدينة تظهر في تطبيق «خرائط غوغل» بأنها «state of UAE» (ولاية إماراتية)، وهو ما حاولت حساباتٌ لأشخاص وصفحات تنتمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، المحظورة رسمياً، الترويج له، زاعمين دخولهم على «خرائط غوغل»، وتأكدهم من وجود إشارة «ولاية إماراتية».

ووقعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، في فبراير (شباط) الماضي، بـ«استثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع»، (الدولار الأميركي يساوي 48.40 جنيه في البنوك المصرية).

ومع تصاعد الجدل حول تلك الإشارة، نفت منصات إعلامية مصرية مستقلة متخصصة في التحقق والتدقيق الاخباري، من بينها منصة «متصدقش»، (التي يتابعها نحو 1.1 مليون شخص على «فيسبوك»)، وكذلك صحف محلية، ما أثير عن وجود تلك الإشارة.

وقالت المنصة، في بيان لها: «يمكن لأي مستخدم لـ(خرائط غوغل) اقتراح تعديل اسم موقع أو نشاط تجاري على التطبيق، ويقوم (غوغل) بمراجعة التعديل وإذا وجده غير دقيق يمكنه عدم الموافقة على التعديل أو إلغاؤه بعد تطبيقه».

وتابعت: «بالبحث عن (Ra's al Hikmah) صباح الأحد 6 أكتوبر 2024، تبين أن كلمة (state of UAE) (ولاية إماراتية) غير موجودة، في حين أنها كانت مكتوبةً حتى مساء السبت 5 أكتوبر 2024».

«الشرق الأوسط»، بدورها، قامت بالبحث في خرائط «غوغل» عن «رأس الحكمة» بالعربية والإنجليزية، حيث لم تظهر الخريطة أي نتائج لما تم إثارته.

بالبحث عن رأس الحكمة بالعربية والإنجليزية على خرائط «غوغل» يتبين عدم صحة ادعاءات تصنيفها ولاية إماراتية

وتعقيباً، يشير محمد الحارثي، استشاري تكنولوجيا المعلومات في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه توجد خاصية أو طريقة على محرك البحث يستطيع من خلالها أي شخص، وليس «هاكرز»، استعراض الكود الموجود على الصفحة، ثم إجراء أي تعديل عليه، ما ينتج عنه تعديل البيانات لدى الشخص القائم بهذا التعديل فقط، على محرك البحث الشخصي على جهازه الشخصي، وبناءً عليه يستطيع أخذ لقطة من الشاشة (سكرين شوت) ونشرها، لكنه في الحقيقة لم يتم تعديل البيانات على الموقع».

ويلفت إلى أن «ذلك إحدى الطرق التي يلجأ إليها البعض للتضليل، لذا دائماً نحذر من الانسياق وراء ما هو منشور عن طريق لقطات الشاشة، لأنها قد لا تكون حقيقية، بل معدلة».

ويشير إلى أن «هناك وقائع سابقة تواجدت فيها أسماء مناطق بشكل مختلف، كان نتيجة أن (غوغل) تغير الأسماء نتيجة دخول عدد كبير من الأشخاص (ألف شخص على سبيل المثال) لكتابة أن هذه المنطقة تسمى بهذا الاسم، فيقوم بتغيير اسمها بناء على الإفادات التي وصلته».

ووجد تصحيح المعلومات المتداولة تفاعلاً من جانب مستخدمي «السوشيال ميديا»، ساخرين من ذلك التضليل، متهمين عناصر بجماعة «الإخوان المسلمين» بنشر الشائعات والأكاذيب لإثارة الرأي العام المصري، على خلفية إطلاق مشروع «رأس الحكمة» رسمياً.

وهو ما يعلق عليه الباحث المصري المتخصص في الإسلام السياسي، عماد عبد الحافظ، والمنشق عن جماعة «الإخوان»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «التضليل ونشر الشائعات هما نهج إخواني».

وعادة ما تتهم السلطات المصرية «الإخوان المسلمين» بـ«نشر شائعات لإثارة الرأي العام». ووفق عبد الحافظ، فإن الجماعة «التي لديها خصومة مع النظام المصري ومع المجتمع أو شريحة كبيرة منه، لديها رغبة في الانتقام وإثارة أزمات ومشكلات في مصر، فأسلوب الشائعات والتشكيك في كل شيء هو نهج إخواني، حتى لا تكون الدولة مستقرةً أو يحدث لها تنمية أو تقدم».