من ميونيخ 72 إلى هجوم 7 أكتوبر: تقلبات الموساد بين النجاحات والإخفاقات

رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنياع خلال قمة بمدينة هرتسليا الساحلية الوسطى إسرائيل في 10 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنياع خلال قمة بمدينة هرتسليا الساحلية الوسطى إسرائيل في 10 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

من ميونيخ 72 إلى هجوم 7 أكتوبر: تقلبات الموساد بين النجاحات والإخفاقات

رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنياع خلال قمة بمدينة هرتسليا الساحلية الوسطى إسرائيل في 10 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)
رئيس «الموساد» الإسرائيلي ديفيد بارنياع خلال قمة بمدينة هرتسليا الساحلية الوسطى إسرائيل في 10 سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

على مدار 80 عاماً تقريباً، سجل جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، نجاحات جعلته يُعرف بالتجسس الجريء والعمليات السرية الحاسمة. ومع ذلك، فإن تاريخه لم يكن خالياً من الإخفاقات التي أثرت على سمعته وأثارت تساؤلات حول فاعليته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

ولكن حتى العملاء السابقين يعترفون بأن تاريخ الموساد متقلب، ويتضمن العديد من الإخفاقات التي أحرجت إسرائيل، وأزعجت حلفاءها، وأدت إلى اتهامات بتجاهل منهجي للقانون الدولي.

تزامنت التفجيرات الأخيرة لأجهزة «حزب الله» مع الحديث عن تورط الموساد، مما أعاد تسليط الضوء على تاريخ الجهاز المثير للجدل. فمن اغتيال قيادات «حماس» و«حزب الله» إلى هجمات استهدفت المدنيين، لم تعلق إسرائيل رسمياً على أي من العمليات الأخيرة، ولكن الإجماع بين الخبراء يشير إلى ضلوع «الموساد» في هذه العمليات.

ورغم أن بعض عملياته تحظى باهتمام عالمي، فإن «الموساد» غالباً ما يعمل في الظل، بعيداً عن الأضواء.

يقول يوسي ألفير، أحد عملاء الموساد السابقين: «ما فعله (الموساد) في السبعينات كان سرياً للغاية، والآن تغيرت الأمور بوجود موقع ويب خاص بالجهاز، لكن السمعة الأسطورية التي تحيط به غالباً ما تكون مبالغاً فيها».

آيخمان... خطفه عملاء «الموساد» من الأرجنتين وتم إعدامه في إسرائيل

قال عميل سابق آخر: «إن الكثير من عمل (الموساد) كان دائماً يتمثل في العمل الاستخباراتي الروتيني الدقيق الذي لا يثير اهتمام أحد خارج المجتمع الاستخباراتي... الكثير منه ممل جداً، بصراحة. أنت تبحث في الكثير من الأوساخ لتجد الذهب».

«الموساد» ليس فقط الجهة المسؤولة عن العمليات العسكرية، ولكنه أيضاً شريك في بناء تحالفات استراتيجية مع قوى مثل الأكراد والمسيحيين في السودان. ومع ذلك، فإن بعض تحالفاته كانت أقل نجاحاً، مثل دعمه للميليشيات المارونية في لبنان خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982.

يقول ألفير: «عندما ينظر الفلسطينيون إلى إسرائيل، فإنهم ينظرون إلى الشاباك (جهاز الاستخبارات الداخلية) وليس (الموساد). (الشاباك) يتعامل مع الملف الفلسطيني، وبالتالي هو أكثر حضوراً في الصراع الفلسطيني... وللمنطقة، وإن قوات الدفاع الإسرائيلية هي التي تخوض الحروب في النهاية، وتكون قوة الردع الخاصة بها أقوى أو أضعف على المستوى الاستراتيجي من (الموساد)، رغم كل الضجة في هوليوود... ومع ذلك، يجذب كُتاب السيناريوهات مغامرات (الموساد) المثيرة».

آيخمان تحت اسم مستعار في الأرجنتين... خطفه عملاء «الموساد» وتم إعدامه في إسرائيل

من بين العمليات الأكثر شهرة في تاريخ «الموساد»، القبض على أدولف آيخمان، مهندس «الهولوكوست»، في الأرجنتين عام 1960، وتحرير الرهائن الإسرائيليين في عملية «عنتيبي» عام 1976، وسرقة سفن حربية كاملة من البحرية الفرنسية في عام 1969. كما نجح «الموساد» في إدارة منتجع غوص سري في السودان لنقل الآلاف من يهود إثيوبيا إلى إسرائيل في الثمانينات.

ومع ذلك، فإن إخفاقاته لا تقل شهرة عن نجاحاته. فبعد مقتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد «ميونيخ» عام 1972، أطلقت فرق «الموساد» حملة اغتيالات طالت أفراداً ليس لهم علاقة بالهجوم، ووقعت فضيحة عندما أُخطئ في تحديد هوية أحد المستهدفين في النرويج، وأطلقت فرقة من «الموساد» النار على نادل مغربي في النرويج ظناً منها أنه مسؤول أمني في «منظمة التحرير» الفلسطينية، ثم ارتكبوا سلسلة من الأخطاء التي أدت إلى اعتقالهم ومحاكمتهم من قبل السلطات المحلية.

وفي مايو (أيار) الماضي، سخر نشطاء ومتابعون من خطأ وقعت فيه أجهزة الأمن الإسرائيلية؛ إذ وزعت صورة إعلامي رياضي مصري يدعى محمد شبانة بدلاً من قائد «لواء رفح» في «كتائب القسام»، فكلاهما يحمل الاسم نفسه.

صورة نشرها «الموساد» الإسرائيلي في ديسمبر الماضي تظهر الإعلامي المصري محمد شبانة على أنه قائد «لواء رفح» (صحيفة يديعوت أحرونوت)

هذا الأسبوع، قُتل وأصيب أطفال، ومدنيون عاديون، وطاقم طبي بسبب الأجهزة المتفجرة، مما دفع خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى إدانة الانتهاكات «المرعبة» للقانون الدولي.

وفي عام 1997، فشلت محاولة لاغتيال خالد مشعل، عندما تم القبض على فريق «الموساد» في عمان من قبل قوات الأمن المحلية. أُجبرت إسرائيل على تسليم ترياق للعلاج، وتضررت العلاقات مع الأردن بشكل كبير.

وأخيراً، جاءت أكبر ضربة لتاريخ «الموساد» في 7 أكتوبر عندما فشلت الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية في التنبؤ بهجمات «حماس»، مما أدى إلى مقتل 1200 إسرائيلي، معظمهم من المدنيين، وأشعل جولة جديدة من الصراع مع غزة و«حزب الله».


مقالات ذات صلة

البيت الأبيض: هجوم «حزب الله» الصاروخي على المخابرات الإسرائيلية «مقلق للغاية»

المشرق العربي رجال الشرطة وأمن بالقرب من موقع سقوط صاروخ مباشر على منزل، في أعقاب قصف صاروخي من حزب الله، في كيبوتس ساعر، شمال إسرائيل (رويترز)

البيت الأبيض: هجوم «حزب الله» الصاروخي على المخابرات الإسرائيلية «مقلق للغاية»

تشعر الولايات المتحدة بقلق شديد إزاء التقارير التي تحدثت عن هجوم صاروخي شنته جماعة «حزب الله» على جهاز المخابرات الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي خيام للنازحين بجوار أبنية متضررة في مدينة حمد بخان يونس يوم الخميس (إ.ب.أ)

نتنياهو رفض وقف تدفق الأموال لـ«حماس»... فانهارت وحدة «تسلسال»

كشف أحد قادة «الموساد» السابقين أن الوحدة «تسلسال» انهارت سنة 2017، بعد 20 سنة من «العمل الناجح»، ملقياً بالمسؤولية في ذلك على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطلب من الأمم المتحدة موقفاً حازماً لوقف «الحرب التكنولوجية» الإسرائيلية على لبنان

طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مجلس الأمن الدولي الذي يعقد، غداً (الجمعة)، جلسة لمناقشة الانفجارات التي طالت أجهزة اتصال يستخدمها «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تشييع قتلى سقطوا بتفجير أجهزة البيجر التابعة لـ«حزب الله» في ضواحي بيروت (إ.ب.أ)

تفجير أجهزة «حزب الله»... مقارنة بعمليات الموساد الشهيرة

تكشف عمليتا التفجير لأجهزة اتصالات «حزب الله»، الثلاثاء والأربعاء، القدرات الكبيرة للاستخبارات الإسرائيلية. ولكن كيف يُقارن هذا النجاح بعمليات الموساد السابقة؟

كميل الطويل (لندن)
شؤون إقليمية بقايا أجهزة اتصال منفجرة معروضة في مكان غير معلن... انفجرت مئات أجهزة الاتصال التي يستخدمها أعضاء «حزب الله» في جميع أنحاء لبنان الثلاثاء (أ.ف.ب)

بعد تفجيرات «البيجر»... ما الوحدة «8200» الإسرائيلية السرية المختصة بالحرب الإلكترونية؟

يسلط الهجوم الضوء على الوحدة «8200» وهي وحدة الحرب الإلكترونية السرية في إسرائيل، وفق «رويترز».

«الشرق الأوسط» (القدس)

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن
TT

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

الجيش الإسرائيلي يقول إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه اعترض بنجاح فجر الجمعة صاروخا أطلق من اليمن باتجاه وسط الدولة العبرية حيث دوّت صافرات الإنذار، مشيرا إلى أنّ عملية الاعتراض أسفرت عن دويّ انفجارات وتساقط شظايا.
وقال الجيش في سلسلة بيانات متلاحقة إنّ "صفارات الإنذار التي انطلقت في مناطق متعددة وسط إسرائيل هي نتيجة صاروخ أطلق من اليمن"، مؤكدا أنّ "الصاروخ تمّ اعتراضه بنجاح بواسطة منظومة الدفاع الجوي آرو (السهم)".