هل نفد صبر المجتمع الدولي من عبثية حرب السودان بعد بيان بايدن الأخير؟

خبراء: الرئيس الأميركي وضع الحرب المنسية على قمة هموم العالم

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام أمام البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام أمام البيت الأبيض (إ.ب.أ)
TT

هل نفد صبر المجتمع الدولي من عبثية حرب السودان بعد بيان بايدن الأخير؟

الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام أمام البيت الأبيض (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن متحدثاً إلى وسائل الإعلام أمام البيت الأبيض (إ.ب.أ)

في تطوُّر لافت وجديد، ألقى الرئيس الأميركي جو بايدن بثقله السياسي والدبلوماسي على ملف الحرب السودانية، ووصفها بأنها «حرب فارغة من المعنى، أدت لأسوأ أزمة إنسانية في العالم»، بعد أن كان الملف بيد وزارة الخارجية و«المبعوثين»... ومع أن بايدن لم يشهر صراحة «العصا الغليظة»، ولم يقدم أي «جزرة»، بل توعّد بـ«عقوبات» جديدة، فإن المراقبين عدّوا بيانه تعبيراً عن «نفاد صبر المجتمع الدولي» من «حرب الجنرالين» (عبد الفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو)، وتزايد مخاوفه من تطور تأثيراتها لتطال الحدود الإقليمية والدولية.

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» (أرشيفية)

وصف بايدن الأزمة السودانية بأنها «حرب فارغة من المعنى» نتجت عنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، شرّدت الملايين، وعرّضت النساء للانتهاكات الجنسية، وتسببت في المجاعة في دارفور، وأدخلت ملايين السودانيين تحت جائحة انعدام الأمن الغذائي.

وحمّل طرفي الحرب المسؤولية عن معاناة السودانيين، ودعاهما لسحب قواتهما، وتسهيل الوصول الإنساني للمساعدات واستئناف المفاوضات، والكف عن الهجمات التي تؤذي المدنيين والقصف الجوي العشوائي الذي يُدمر حياة المدنيين وبنية البلد التحتية.

وأكد بايدن، وقوف بلاده إلى «جانب الشعب السوداني، وعدم التخلّي عن حقه في الحرية والسلام والعدالة»، ودعا الأطراف المعنية إلى وضع حد للعنف والكف عن تغذية النزاع، وتوعدها «بممارسة مزيد من الضغوط من أجل السلام، ومحاسبة الفاعلين في إدامة العنف».

وأشار بايدن إلى جهود إدارته في حشد الشركاء لإنهاء الأعمال العدائية، وإسماع صوت المجتمع المدني عبر «التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان»، وهدّد بفرض عقوبات جديدة تضاف للعقوبات السابقة التي فرضتها وزارة الخزانة على 16 كياناً وفرداً ضالعين في الصراع والانتهاكات.

متطوعون يوزّعون الطعام بالعاصمة السودانية في سبتمبر من العام الماضي (أرشيفية - رويترز)

وتفسيراً لظهور بايدن في ملف الحرب السودانية، يقول المراقب والمحلل السياسي، أنس الطيب الحامدي، في إفادة لـ«الشرق الأوسط» إن كلاً من وزير الخارجية أنتوني بلينكن والمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيريلليو، وسفيرة واشنطن في الأمم المتحدة ليندا توماس، إلى جانب المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، سيندي ماكين، كانوا يتصدرون مشهد الحرب السودانية.

وتوقّع الحامدي أن يعقب ظهور بايدن، «اللجوء لأدوات جديدة في التعامل مع الملف السوداني عبر قرارات قد تصدر من مجلس الأمن الدولي، أو من خارجه، حال تعطيل روسيا لهذه الخيارات». وتابع: «تفيد التقارير بأن روسيا تتعاون مع طرفي الصراع مباشرة: مع الجيش، وعبر الفيلق الروسي الأفريقي، مع (قوات الدعم السريع)».

ومن بين الخيارات التي يرى الحامدي أن الإدارة الأميركية والغرب عموماً قد تلجأ لها، هي «مواصلة فرض العقوبات، وعند نفاد صبرها ستوسع دائرتها، لتشمل القائد العام للجيش، وقائد (قوات الدعم السريع)، بوصفها خطوة أخيرة قبل الانتقال من خيار التفاوض لخيارات أخرى».

واستناداً إلى ما سمّاه الحامدي إجماع الدول التي زارها طرفا الحرب، على التفاوض، بما فيها الصين، والجزائر، ومصر، فإن الخيارات الأميركية «قد تشمل تشكيل قوة دولية لحماية المدنيين وللفصل بين القوات، أو ربما تشمل تدخلاً عسكرياً محدوداً من الجو والبحر، خارج سلطة مجلس الأمن».

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري أُقيم بمناسبة يوم الجيش في القضارف 14 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

وعَدّ الحامدي بيان الرئيس الأميركي «رسالة قوية لأطراف الحرب، فحواها: لدينا خيارات متعددة، ولسنا بحيلة واحدة»، مشيراً إلى ما سمَّاه اتجاهاً عاماً في مجلس الأمن بعدم اللجوء للبند السابع، وقال: «الأمور في السودان تسير للأسوأ، وبشكل كارثي ودراماتيكي سياسياً وإنسانياً، ما قد يدفع العالم للتدخل لإنقاذه عبر التفاوض، لكن قد يتطور الموقف لمناقشة الخيارات الأخرى».

وعَدّ الحامدي ما نقلته صحيفة «بوليتكو» الأميركية عن جولة مفاوضات جديدة تعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وبرعاية أميركية، خطوة مهمة لإعادة إحياء محادثات السلام المتعثرة، وأشار لدور القوى المدنية في الجولة، بقوله: «دور القوى المدنية الداعمة لوقف الحرب، والتحوُّل المدني الديمقراطي في السودان، محوري، ويجب عدم إغفاله، لا سيما دور تنسيقية القوى المدنية (تقدم)، التي عليها التواصل مع أطراف النزاع».

ويرى الحامدي، أن ظهور الرئيس بايدن بعد انسحابه من السباق الرئاسي، في الشأن السوداني بهذه القوة، «يعطي انطباعاً بنفاد صبر المجتمع الدولي من الحرب العبثية، وبربرية أطراف النزاع الرئيسيين الجيش و(الدعم السريع)، والثانويين الممثلين في حزب (المؤتمر الوطني) وواجهاته، وبعض الحركات المسلحة المنخرطة في الحرب».

شارع يحمل آثار الدمار في أم درمان - السودان 27 أغسطس 2024 (د.ب.أ)

وتتناغم إشارة الحامدي إلى «أدوات جديدة» قد تلجأ لها الإدارة، مع تصريحات عرضية للمبعوث الأميركي بيريلليو وردت في إفادة صحافية الثلاثاء، وأشار فيها إلى «صعوبة استخدام مجلس الأمن للتدخل في السودان تحت البند السابع» قائلاً: «الفضاء المتاح لاستخدام البند السابع محدود جداً؛ لذلك يجب التركيز الآن على حماية المدنيين وإيصال المساعدات».

وبدوره، قال المحلل السياسي الجميل الفاضل: «إن توجيه رئيس الولايات المتحدة بعبارات قاطعة دعوة مباشرة وصريحة لطرفي الحرب لوقف الأعمال العدائية، والانخراط في التفاوض للوصول لسلام، مع دعوته للجيش و(قوات الدعم السريع) للانسحاب من الفاشر، أمر لافت، يحدث للمرة الأولى».

ويرى الفاضل في حرص بايدن على تحميل طرفي القتال المسؤولية عن الآثار المترتبة على الحرب دون تمييز، «تأكيداً للموقف الأميركي من الجيش بصفته جيشاً وليس ممثلاً لحكومة شرعية معترف بها». ويتابع: «بيان البيت الأبيض شدد علي محاسبة جھات فاعلة لم يسمھا، تحاول إدامة العنف، وهذه إشارة ذات مغزى تتسق مع توجيه مبعوثه توم بيريلليو أصابع الاتهام لحزب (المؤتمر الوطني)، الذراع السياسية للإخوان المسلمين في السودان، بعرقلة انخراط الجيش في مفاوضات جنيف».

جانب من لقاءات جنيف لوقف الحرب بالسودان (حساب المبعوث الأميركي للسودان على «إكس»)

وفي إشارة لتعهد بايدن بعدم تخلي بلاده عن «التزامها تجاه شعب السودان»، ووضع حد لأعمال العنف والكف عن تغذية النزاع، قال الفاضل متسائلاً: «كيف يمكن للولايات المتحدة أن تنفذ مثل هذا التعهد، وهل ستكتفي بإطلاق المناشدات والدعوات». بيد أنه عاد ليؤكد «أن دخول أرفع مسؤول أميركي على خط الأزمة في السودان يعد نقلة كبيرة في الاهتمام بالحرب، وخطوة باتجاه حل أزمة ما عرفت بالحرب المنسية».


مقالات ذات صلة

لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

شمال افريقيا طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)

لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف،أن موسكو «مستعدة لمواصلة المساعدة في إيجاد خطوات عملية لتسوية الأزمة الداخلية في السودان».

رائد جبر (موسكو)
شمال افريقيا أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

اتفاق ثلاثي بين البرهان وحميدتي وسلفا كير لتأمين نفط «هجليج»

أعلنت حكومة جنوب السودان نشر قوات تابعة لها في حقول «هجليج» بولاية غرب كردفان لحماية وتأمين المنشآت النفطية، بعد انسحاب الجيش السوداني، وسيطرة «الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي) وجدان طلحة (بورتسودان)
خاص أرشيفية لحقل «هجليج» النفطي الاستراتيجي لدولتي السودان وجنوب السودان (رويترز) play-circle

خاص خسارة هجليج النفطية... هل تعيد رسم أسس الدولة السودانية؟

مع سقوط هجليج وبابنوسة، وكامل ولاية غرب كردفان بيد «قوات الدعم السريع»، فإن خريطة الحرب في السودان تتجه لرسم جديد للأوضاع الميدانية العسكرية والجيوسياسية.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) play-circle

مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلق من الوضع في كردفان

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، الأربعاء، إنه يشعر بقلق بالغ من احتمال تكرار الفظائع التي ارتكبت في الفاشر بالسودان في كردفان.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني (أرشيفية - رويترز) play-circle

فرار جنود سودانيين إلى جنوب السودان بعد سيطرة «الدعم السريع» على أكبر حقل نفطي

فرّ جنود سودانيون من مواقعهم في أكبر حقل نفطي في البلاد بعد استيلاء «قوات الدعم السريع» عليه إلى جنوب السودان؛ حيث سلموا أسلحتهم، وفق ما أعلن الثلاثاء جيش جوبا.

«الشرق الأوسط» (جوبا)

موسكو تعرض التوسط لإنهاء الصراع في السودان


أرشيفية لحقل هجليج النفطي جنوب كردفان في السودان (رويترز)
أرشيفية لحقل هجليج النفطي جنوب كردفان في السودان (رويترز)
TT

موسكو تعرض التوسط لإنهاء الصراع في السودان


أرشيفية لحقل هجليج النفطي جنوب كردفان في السودان (رويترز)
أرشيفية لحقل هجليج النفطي جنوب كردفان في السودان (رويترز)

عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وساطة بلاده لدفع عملية سياسية تنهي الصراع الدائر في السودان. وقال في لقاء مع السفراء في موسكو، إن بلاده مستعدة إذا وافقت الحكومة السودانية على «تسهيل البحث عن حلول عملية»، داعياً في الوقت ذاته إلى «وقف توجيه الإدانات إلى أي طرف من أطراف النزاع والعمل على دفع الحوار السياسي».

في سياق آخر، أعلنت سلطات جنوب السودان التوصل إلى اتفاق مع طرفي النزاع في السودان؛ لضمان أمن حقل «هجليج» النفطي الواقع في منطقة حدودية بين البلدين، بعد سيطرة «قوات الدعم السريع» على المنطقة يوم الاثنين الماضي.

وتم الاتفاق من خلال اتصالات أجراها رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت، مع قائدي الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ويقضي بمنح القوات المسلحة في جنوب السودان المسؤولية الأمنية الأولى لحقل هجليج النفطي، مع انسحاب «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على الحقل إلى المناطق المحيطة به.

ويُعّدَ «هجليج» أكبر حقول النفط في السودان، وهو كذلك المنشأة الرئيسية لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، والمصدر الوحيد تقريباً لكل إيرادات حكومة جوبا.


مصر وأنغولا لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» والتشاور بشأن القضايا الأفريقية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
TT

مصر وأنغولا لتعزيز «الشراكة الاستراتيجية» والتشاور بشأن القضايا الأفريقية

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ونظيره الأنغولي تيتي أنطونيو أثناء المشاركة في «منتدى الأعمال» الخميس (الخارجية المصرية)

تواصل مصر تعزيز علاقاتها بدول غرب القارة الأفريقية عبر فتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات اقتصادية وسياسية وأمنية في ظل تحديات تعانيها دول القارة، ما انعكس على الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى أنغولا، والتي تستهدف «دفع الشراكة الاستراتيجية» بين البلدين.

وافتتح عبد العاطي، الخميس، «منتدى الأعمال المصري - الأنغولي» المنعقد في لواندا؛ وذلك على هامش أعمال الدورة الأولى للجنة المشتركة بين البلدين، بحضور ممثلي عدد من الشركات المصرية العاملة في مجال الطاقة والتشييد والبناء وتكنولوجيا المعلومات.

وأكد وجود «إرادة سياسية مشتركة لقيادتي البلدين للارتقاء بالتعاون الاقتصادي ليصبح ركيزة رئيسية للشراكة الثنائية»، مشدداً على ضرورة تعزيز حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة واستغلال الإمكانات والفرص المتاحة.

ونوه خلال مشاركته في منتدى الأعمال إلى «جاهزية الشركات المصرية للعمل في السوق الأنغولية، مستعرضاً خبراتها الواسعة في مشروعات البنية التحتية داخل مصر والقارة الأفريقية، وقدرتها التنافسية في مجالات البناء والتشييد والبنية التحتية».

وعززت مصر أخيراً علاقاتها بدول غرب أفريقيا؛ وفي يوليو (تموز) الماضي دشنت «منتدى الأعمال المصري - البوركيني» أثناء زيارة لوزير الخارجية إلى بوركينا فاسو، كما نظمت فعاليات تجارية في نوفمبر (تشرين الثاني) هدفت لتعزيز التبادل في غانا.

وأكد عبد العاطي على تعزيز التبادل التجاري مع كوت ديفوار خلال لقائه وزير الخارجية الإيفواري، ليون كاكو آدوم، الشهر الماضي، وتطرقت المحادثات حينها إلى التعاون الأمني في مجالات مكافحة الإرهاب.

وقال عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، إن العلاقات بين مصر وأنغولا تاريخية وهناك شراكة استراتيجية تتمثل في التعاون بشأن المحاور الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولدى مصر دور مهم في بناء القدرات في مجالات البنية التحتية، وهناك تنسيق ومشاورات مشتركة بشأن الأوضاع في منطقة «البحيرات العظمى» والتحديات التي تواجهها، وكذلك بشأن الأوضاع في غرب القارة الأفريقية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن مصر تعزز علاقاتها مع دول غرب أفريقيا بما لديها من أهمية كبيرة بشأن استقرار الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وهي منطقة مشتركة مع البحر الأحمر، وتعمل على تطوير العلاقات في جميع مجالات التعاون المشترك.

«ويعد ترأس أنغولا للاتحاد الأفريقي فرصة مواتية للتنسيق بين البلدين بشأن جملة من القضايا على المستوى الأفريقي؛ في مقدمتها حرب السودان واستقرار الصومال والأمن في البحر الأحمر والتنسيق بشأن مجابهة انتشار الجماعات الإرهابية في غرب أفريقيا»، وفقاً لحليمة.

جانب من توقيع وزير الدفاع المصري ونظيره الأنغولي اتفاقية تعاون في مجال الدفاع في نوفمبر 2024 (المتحدث العسكري المصري)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تسلم الرئيس الأنغولي جواو لورينسو رئاسة الاتحاد الأفريقي، وذلك خلال القمة الـ38 للاتحاد الأفريقي، بحضور رؤساء الدول والحكومات للدول الأعضاء في الاتحاد، التي انعقدت في إثيوبيا.

وبحسب بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، مساء الخميس، فإن عبد العاطي من المقرر أن يعقد خلال الزيارة «سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من كبار المسؤولين الأنغوليين على هامش أعمال (اللجنة المصرية - الأنغولية المشتركة) لبحث فرص الارتقاء بالتعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية».

وأوضح البيان أن الزيارة تهدف إلى «توسيع مجالات الشراكة بين البلدين، وتبادل الرؤى حول أبرز القضايا الإقليمية والدولية، وتنسيق المواقف تجاه الملفات محل الاهتمام المشترك، بما يعزز من دور البلدين في دعم الأمن والاستقرار والتنمية في القارة الأفريقية والمحافل الدولية».

الباحث في الشأن الأفريقي، رامي زهدي، أشار إلى توافق مصري - أنغولي بشأن قضايا القارة الداخلية والخاصة بالأمن والسلم والأمن المائي، كما أن العلاقات على المستوى الثنائي لديها فرص مهمة للتطور في قطاعات اقتصادية وتنموية مختلفة، بينها مشاريع الطاقة المتجددة والتعدين والاستفادة من الخبرات المصرية في المجال الصحي والمجالات الزراعية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «البلدان لديهما تعاون في توطين الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا الدفاعية والاستفادة من القدرات المصرية بتوطين تلك الصناعات أخيراً».

وقبل عام تقريباً وقّعت مصر وأنغولا اتفاقية تعاون في مجال الدفاع والتقنيات العسكرية، في إطار تعزيز علاقات التعاون العسكري بين البلدين، وذلك في أثناء زيارة قام بها قام بها وزير الدفاع الأنغولي، جواو إرنيستو دوس سانتوس، إلى القاهرة.

وأكد وزير الخارجية المصري خلال مشاركته في منتدى الأعمال المشترك، الخميس، «ضرورة توسيع التعاون في ممر لوبيتو وتطوير البنية اللوجيستية المرتبطة به، فضلاً عن تعزيز التعاون في مجال الطاقة، استناداً إلى خبرة مصر في الصناعات التحويلية والبتروكيماويات، بالإضافة إلى فرص التعاون في الطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر باعتبارها مجالات استراتيجية للمستقبل».


لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
TT

لافروف يعرض وساطة بلاده لتيسير تسوية سياسية في السودان

طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)
طفل سوداني يتيم يأكل في مخيم للاجئين في شرق تشاد 22 نوفمبر 2025 (رويترز)

جدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عرض وساطة بلاده لدفع عملية سياسية تنهي الصراع الدائر في السودان.

وقال لافروف إن موسكو مستعدة إذا وافقت الحكومة السودانية على «تسهيل البحث عن حلول عملية»، داعياً في الوقت ذاته إلى «وقف توجيه الإدانات إلى أي طرف والعمل على دفع الحوار السياسي».

وكان الوزير الروسي يتحدث خلال لقاء مع عدد من السفراء خصص لطرح وجهات نظر موسكو حول الجهود الجارية لتسوية الصراع في أوكرانيا. وتطرق خلال المناقشات إلى عدد من الملفات الإقليمية الساخنة وبينها الوضع في السودان.

وأكد لافروف أن موسكو «مستعدة لمواصلة المساعدة في إيجاد خطوات عملية لتسوية الأزمة الداخلية في السودان».

علما السودان وروسيا (أرشيفية)

وفي معرض رده على سؤال حول الأزمة في السودان، أشار لافروف إلى أن روسيا حثت بشدة على إطلاق حوار ومفاوضات بين الأطراف المتنازعة. وزاد أن «بعض المقترحات قُدّمت في وقت سابق، من بعض الدول المهتمة بإيجاد حل لهذا النزاع».

وقال الوزير الروسي مخاطباً ممثل السودان الذي كان حاضراً خلال اللقاء: «كانت هناك مقترحات لحكومتكم للدخول في حوار مع من وصفتموهم بالقوى الخارجية. للأسف، لم ينجح هذا المسعى، إذ لم يُعقد أي حوار فعلي».

وزاد أنه على الرغم من ذلك تم تقديم مقترحات محددة، و«قمنا بنقلها. وأنا على ثقة بأنه يجب علينا الآن أيضاً التركيز ليس على مواصلة توجيه الإدانات العلنية ضد أي طرف، بل على البحث عن حلول عملية لهذه القضية». وشدد على أن روسيا «مستعدة لتيسير هذا البحث عن الحلول العملية، ولديها بالفعل إمكانيات للقيام بذلك».

وأضاف لافروف: «إذا كانت حكومتكم موافقة، فسنحاول انتهاز هذه الفرصة».

في الوقت ذاته دعا لافروف سلطات السودانَ إلى مطالبة الحكومة الأوكرانية بوقف إرسال المرتزقة إلى أراضي القارة السمراء.

عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب)

وتتبادل موسكو وكييف الاتهامات بشأن إرسال وحدات من المرتزقة إلى عدد من بلدان القارة الأفريقية، وتقول جهات غربية إن موسكو دعمت «قوات الدعم السريع» بالسلاح والخبرات.

وكان لافروف كرر عرض بلاده تقديم جهود للوساطة، في أكثر من مناسبة خلال العام الحالي، وقال خلال استقباله نظيره السوداني في فبراير (شباط) الماضي، إن بلاده على استعداد لـ«التعاون مع اللاعبين الخارجيين الآخرين، في مجال المساعدة بتطبيع الوضع في السودان».

وأشار في حينها إلى أن «استئناف التعاون الثنائي مع السودان، يعتمد بشكل كامل على الظروف الأمنية».

كما التقى الوزيران مجدداً على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي أواسط أبريل (نيسان) الماضي، وقالت الخارجية الروسية في بيان أصدرته بعد اللقاء إنه «تم إيلاء اهتمام كبير لتطورات الوضع في السودان، والتركيز على آفاق تسوية الأزمة العسكرية السياسية ».

وأكد البيان على «ضرورة الوقف السريع للمواجهة المسلحة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع وإطلاق حوار وطني واسع لإرساء السلام الدائم في السودان».

أفراد من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة في الخرطوم أرشيفية - (رويترز)

وأضافت الوزارة أن الجانبين بحثا إلى جانب الأزمة المستعصية في البلاد «سبل تعزيز التعاون الروسي السوداني في مختلف المجالات، وأعربا عن تأييدهما لمواصلة الحوار السياسي المكثف، وتعزيز التنسيق في الأمم المتحدة وعلى المنصات الدولية الأخرى».

كما وجهت موسكو إشارة جديدة، إلى الحكومة السودانية الشهر الماضي، عندما أكدت إدانة «الجرائم التي شهدتها مدينة الفاشر» وجاء ذلك، خلال استقبال نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي فيرشينين سفير السودان في موسكو، محمد السراج.

ووفقاً لبيان الخارجية الروسية، فقد أكد الطرفان على ضرورة وقف إراقة الدماء بسرعة في السودان.

وجاء في البيان: «تركز الحديث بشكل رئيسي خلال اللقاء، على تطورات الوضع في السودان، مع التأكيد على ضرورة وقف إراقة الدماء بسرعة وإطلاق عملية سياسية شاملة لتحقيق تسوية مستدامة للأزمة في هذه الدولة».

وزاد أن فيرشينين «أكد أن روسيا تدين الجرائم التي ارتكبت في مدينة الفاشر ضد المدنيين بعد أن أصبحت تحت سيطرة قوات الدعم السريع». كما أكد نائب الوزير أيضاً «موقف روسيا المبدئي المؤيد للحفاظ على وحدة وسيادة وسلامة أراضي جمهورية السودان».

على صعيد آخر، أفادت السفارة الروسية في السودان لوكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية نقلاً عن مصدرين عسكريين، بأنه لم يكن هناك أي مواطن روسي ضمن طاقم طائرة النقل العسكرية من طراز «إيليوشن 76» التي تحطمت قبل يومين شرق السودان.

وكانت طائرة الشحن العسكرية الروسية الصنع، تحطمت، الثلاثاء، في أثناء محاولة هبوط في قاعدة جوية، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد الطاقم.

وأشارت السفارة إلى أن «الطائرة، بحسب معلوماتنا، تحطمت في بورتسودان إما بسبب خطأ من الطيار أو عطل فني. وتشير البيانات الأولية إلى عدم وجود أي مواطن روسي على متنها».