في الوقت الذي امتنعت فيه حكومة إسرائيل عن التعليق الرسمي على انعقاد «لقاء مدريد»، العربي الإسلامي الأوروبي، هاجم وزير خارجيتها يسرائيل كاتس، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية، جوزيف بوريل، وعَدَّه عنصرياً ومعادياً للسامية ولليهود.
غابت إسرائيل عن «لقاء مدريد» الذي عُقد في العاصمة الإسبانية يوم الجمعة، بمناسبة مرور 33 عاماً على مؤتمر مدريد للسلام، ومع أن حكومة إسرائيل كانت في حينه تحت حكم الليكود برئاسة إسحاق شامير، وكان بنيامين نتنياهو نائباً لوزير الخارجية وناطقاً بلسان إسرائيل في المؤتمر، إلا أن الحكومة الإسرائيلية لم تعلق على اللقاء الجديد وتجاهلَته تماماً، مع أنه حمل رسالة سلام للشعبين الإسرائيلي والفلسطيني، ولكل شعوب المنطقة.
والوحيد الذي أخذ على عاتقه التعليق هو كاتس، حيث كتب في المنشور الأول: «في الأسبوع الذي تقوم به الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا بفرض إجراءات عقابية على مَن يتعاون مع إيران في مجال الملاحة الجوية، بسبب التهديدات الصاروخية على أوروبا، اختار وزير خارجية الاتحاد الأوروبي المنقضية ولايته، بوريل، أن ينخرط في حملات كراهية ضد إسرائيل، ويؤيد إقامة دولة فلسطينية تسيطر عليها إيران ومحور الشر، تعمل ضد إسرائيل والدول العربية المعتدلة وضد أوروبا، إن الإرث الذي يتركه بوريل وراءه هو اللاسامية وكراهية إسرائيل».
وكتب في المنشور الثاني: «بوريل معادٍ للسامية وكاره لإسرائيل، شغله الشاغل تمرير قرارات وعقوبات ضد إسرائيل في الاتحاد الأوروبي، لكن يتم لجمه بواسطة غالبية دول الاتحاد».
وأضاف أن هناك فرقاً بين توجيه الانتقاد والاختلافات في الرأي، وإدارة حملة منظَّمة ضد السامية، فبدلاً من أن يعمل ضد محور الشر الإيراني الذي يهدِّد أمن أوروبا، فإنه يندمج في المحور بمبادرات معادية لإسرائيل. ووجَّه تأنيباً للمسؤول الأوروبي، بقوله: «يا سيد بوريل، الشعب اليهودي شعب عريق وخالد، ودولة إسرائيل باقية إلى الأبد بسلام وأمن، وأنت وإرثك ستختفون وتُنسَون».
وكان «لقاء مدريد» قد التأم بحضور ممثّلي مجموعة الاتصال الوزارية المشتركة لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، من البحرين، ومصر، والأردن، وفلسطين، وقطر، والسعودية، وتركيا، ووزراء خارجية وممثّلي آيرلندا، والنرويج، وسلوفينيا، وإسبانيا.
وفي «بيان مدريد» الختامي، أكّد المجتمِعون التزامهم جميعاً بتنفيذ حل الدولتين، بوصفه السبيل الوحيد لتحقيق السلام والأمن الدائمين، وإلى ضرورة التنفيذ الموثوق وغير القابل للتراجع، وفقاً للقانون الدولي والمعايير المتفَق عليها.
وقال البيان: «بعد مرور 33 عاماً على مؤتمر السلام الذي عُقد في هذه المدينة، لم تتمكّن الأطراف والمجتمع الدولي من تحقيق هدفنا المشترك الذي لا يزال قائماً، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس الشرقية الذي بدأ في عام 1967، وتحقيق واقع تعيش فيه دولتان مستقلتان وذاتا سيادة، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب بسلام وأمان، ومندمجتان في المنطقة، على أساس الاعتراف المتبادَل والتعاون الفعّال لتحقيق الاستقرار والازدهار المشترك، لذلك ندعو إلى التنفيذ الموثوق وغير القابل للتراجع لحل الدولتين وفقاً للقانون الدولي والمعايير المتفَق عليها، بما في ذلك مبادرة السلام العربية، لتحقيق سلام عادل ودائم يلبّي حقوق الشعب الفلسطيني».
وكرّر البيان الدعوة لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وإعادة السيطرة الكاملة للسلطة الوطنية الفلسطينية على معبر رفح وبقية الحدود، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية المحتلة من غزة. وأكّد على وجود حاجة مُلِحّة لإيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون شروط، ومن دون عوائق، وبكميات كبيرة، من خلال فتح جميع المعابر، ودعم عمل «وكالة الأونروا» وغيرها من الوكالات الأممية.
وحثّ جميع الأطراف على تنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، وتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية. وحذّر من التصعيد الخطير بالضفة الغربية، كما حثّ على وقف فوري للعدوان ضد الفلسطينيين، وجميع الإجراءات غير القانونية التي تقوّض آفاق السلام، بما في ذلك أنشطة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي، وتهجير الفلسطينيين. وأكّد ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي في المواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، مشدّداً على الدور الرئيسي للوصاية الهاشمية على المقدسات في المدينة المحتلة. ودعا إلى وقف جميع الإجراءات التي تؤدي إلى التصعيد الإقليمي.
وشدّد على أنه على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات نشطة لتنفيذ حل الدولتين، بما في ذلك الاعتراف العالمي بدولة فلسطين، وضمّها عضواً كاملاً في الأمم المتحدة. وأكّد أن مسألة الاعتراف عنصر أساسي في هذه الأجندة الجديدة للسلام، ما يؤدّي إلى الاعتراف المتبادل بين إسرائيل وفلسطين. وجدّد تأكيد الالتزام المشترك بجهود السلام لتعزيز تنفيذ حل الدولتين.
وقال البيان إن الدول المجتمِعة اتفقت على ضرورة عقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن، ودعا جميع الأطراف وجميع أعضاء الأمم المتحدة للانضمام إلى الاجتماع الموسَّع حول «الوضع في غزة، وتنفيذ حل الدولتين بصفته مساراً لتحقيق السلام العادل والشامل»، وذلك على هامش الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة في 26 الحالي.