من النكبة إلى غزة... سليمان منصور يؤرّخ لفلسطين بألوان الأرض والدم

الفنان التشكيلي لـ«الشرق الأوسط»: أحلم برَسم الوطن حراً وجميلاً من دون تجميل

الرسّام والفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور ولوحة بعنوان «القدس» (إنستغرام الفنان)
الرسّام والفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور ولوحة بعنوان «القدس» (إنستغرام الفنان)
TT

من النكبة إلى غزة... سليمان منصور يؤرّخ لفلسطين بألوان الأرض والدم

الرسّام والفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور ولوحة بعنوان «القدس» (إنستغرام الفنان)
الرسّام والفنان التشكيلي الفلسطيني سليمان منصور ولوحة بعنوان «القدس» (إنستغرام الفنان)

سليمان منصور أكبر من النكبة بعام. طفلاً، مرّغ يدَيه بتراب رام الله المخضّب دماءً وعرَقاً وزيتوناً. وهو ما كاد يبلغ العاشرة، حتى بدأ يسكب ألوان البلاد على الورق. ظنّه الأهل ولداً يلهو بالرسم كأترابه، إلى أن فاز في مسابقة نظّمتها الأمم المتحدة وهو بعدُ في الـ13 من عمره. كانت الجائزة حينها 200 دولار؛ لكن الفرحة فاقت المبلغ بأشواط.

كبُر الطفل وكبُر المشروع معه. حملت ريشة سليمان منصور على عاتقها توثيق تاريخ فلسطين بمُرّه الكثير وحُلوِه القليل. لكن رغم المآسي، لطالما أفردَ الرسّام والفنان التشكيلي لوحاته للجمال: «لأنّي أردتُ رسمَ فلسطين بأسلوب رومانسي، ومن دون شوائب»، وفق ما يخبر «الشرق الأوسط».

منصور مشاركاً في ورشة عمل للرسم في القدس مخصصة للأطفال الذين يعانون من السرطان (إنستغرام الفنان)

«جمل المحامل»... من الأقصى إلى غزة

يوم رسم «جمل المحامل» عام 1973، دخل منصور كل بيتٍ فلسطيني حول العالم. كرّسته تلك اللوحة التي تمثّل مُسناً يحمل القدس والمسجد الأقصى على ظهره، أحد أبرز سفراء الفن الفلسطيني.

منذ سنة بلغت لوحة «جمل المحامل» نصف قرن، ولم تنتهِ رحلة الشقاء. عن آخر فصولها يتحدّث منصور: «كل فلسطيني يعرف أن الحركة الصهيونية ستسعى إلى طرده من أرضه عندما تحين الفرصة؛ لكني لم أتصوّر أن تكون عملية الطرد بهذه الوحشيّة. ظننتُ أنّ عصر النكبة قد ولّى، وأنّ وسائل التواصل ستحمينا ولو قليلاً؛ لكني كنت على خطأ».

لوحة «جمل المحامل» بريشة الفنان الفلسطيني سليمان منصور (إنستغرام الفنان)

سحبت فاجعة غزة اللون من اللوحات، كما سحبت الحرب الروح من القطاع. «هنا في الضفّة، اختفت الألوان بقرارٍ ذاتي تضامناً مع غزة ومع فنّانيها الذين فقدوا مراسمهم وأدواتهم وألوانهم»، كما يقول منصور، ويضيف: «لم يبقَ سوى الفحم والحبر وأقلام الرصاص لتوثيق اليوميات المسيّجة بالدمار والشظايا والأشلاء».

«أمهات غزة» من أحدث لوحات سليمان منصور (مجموعة الفنان)

تحلّ مأساة غزة ضيفة دائمة على مرسم الفنان الفلسطيني وعلى أفكاره. غالباً ما يستقي من أرشيفه لينشر بعضاً من لوحاته القديمة، عبر صفحته على «إنستغرام»، وهي تأتي لتؤكّد أن تاريخ الظلم والإجرام الإسرائيلي يعيد نفسه في فلسطين.

لوحة لسليمان منصور تعود إلى الثمانينات تجسّد القذائف المنهمرة على أطفال فلسطين بدل الطعام (إنستغرام الفنان)

اللوحة الحلم

لا مفرّ من أن تترك حرب غزة بصماتها على الفن التشكيلي الفلسطيني. غير أنّ ذلك سيحصل تدريجياً وفق منصور، أي «بعد أن يستقرّ الحدث في وجدان الفنان، وربما بعد سنوات؛ خصوصاً أن غالبيّة الفنانين المعنيين بما يجري يراقبون عن بُعد، لا من قلب الفاجعة».

هو الذي رسم بلاده في كل حالاتها، من مواسم ليمونها وزيتونها، إلى حصارها وانتفاضتها، وليس انتهاءً بجُرح غزة المفتوح، يقرّ بأنه لم يُنجز بعد اللوحة الحلم: «أنا أحلم برسم فلسطين محرّرة وجميلة من دون عمليات تجميل».

لوحة بعنوان «صباح هادئ» رسمها سليمان منصور عام 2009 (إنستغرام الفنان)

لوحاتٌ من قهوة وسمّاق وحنّاء

لوحة سليمان منصور هي ابنة أرضها. تستعين بعناصرها الطبيعية وبرموزها كموادّ أولية ومصادر وحي، فتأتي النتيجة محاكاة للإرث الفلسطيني تاريخاً وجغرافيا.

مع بداية الانتفاضة الأولى عام 1987، وبوصفه موقفاً سياسياً يعبِّر عن الاكتفاء الذاتي، تزامناً مع مقاطعة البضائع الإسرائيلية، راح منصور يبحث عن مواد من الطبيعة لاستعمالها في الفن. يخبر كيف أنه صار يخلط الطين بمكوّنات يأتي بها من المطبخ، مثل السمّاق، والكمّون، والقهوة، والحنّاء. «كانت أعمالي في تلك الفترة تجريديّة، ولاحقاً ركّزت على الطين ودلالاته الإنسانية والسياسية ليعود فنّي إلى الواقعيّة».

تعدّدت الموادّ والتقنيات، وبقي الثابت في لوحة سليمان منصور الرموز الفلسطينية، كالزي التقليدي المطرّز، والكوفيّة، وطيور الحمام، وشجر الزيتون، وسنابل القمح، وقبّة الأقصى، والعائلة المقدّسة.

لوحة بعنوان «عائلة فلسطينية» تجسّد يسوع المسيح والقدّيسَين مريم ويوسف (إنستغرام الفنان)

«العائلة المقدّسة الفلسطينية»

في وجه محاولات شيطنة الفلسطيني وتشويه صورته من قِبَل آلة الإعلام الإسرائيلية، غالباً ما تقف الريشة سلاحاً. يشرح سليمان منصور كيف أنّ «تجسيد العائلة المقدّسة كعائلة فلسطينية، هو جزء من جهد إعادة الإنسانية إلى الفلسطينيين، وهو تذكير بأن المسيح كان فلسطينياً بثقافتَيه المادية والمعنويّة، بغضّ النظر عن هويّة إيمانه».

في طليعة أهداف الرسّام: «تقديم الإنسان الفلسطيني بأجمل صورة؛ خصوصاً من خلال المرأة التي هي رمز الوطن». عن تلك المرأة التي غالباً ما تعود في لوحاته، يقول إنها يجب أن تكون «جميلة وذات عنق ممشوق، رمزاً لشموخها. كما يجب أن تكون يداها قويّتَين رمزاً لارتباطها بالأرض والعمل، ثم يأتي الثوب التقليدي ليكمّل هويّتها الفلسطينية».

لوحة بعنوان «المهاجرة» تجسّد المرأة الفلسطينية المتمسّكة بجذورها حتى في غربتها (إنستغرام الفنان)

حكايات الصمود

من النكبة، مروراً بالانتفاضتَين الأولى والثانية، وليس انتهاءً بالعدوان على غزة، أرّخ سليمان منصور لحكايات الصمود كلّها على طريقته. لم يبخل عليه القدَر الفلسطيني بالقصص، فلم يشعر بالحاجة يوماً إلى سرد رواية أخرى من خلال لوحاته. عجنته البلاد، وهو لم يجد خبزاً يومياً يُشبعُه سواها.

عن تكريس رحلته الفنية بكاملها لفلسطين، يشرح منصور أنه عاش جزءاً كبيراً من التاريخ الفلسطيني المعاصر بشكلٍ شخصي، وقد أثّر فيه كثيراً؛ خصوصاً أنه اختبر العيش تحت وطأة الاحتلال. كلّما نظر حوله، كان يجد حكاية جديدة في انتظار ريشته. حتى عندما رسمَ مائدة خبز الطابون والطماطم والزيتون عام 1980، رأى فيها المتلقّي انعكاساً للواقع الاقتصادي والسياسي، ولقدرة الفلسطيني على الاكتفاء بخيرات أرضه.

«إفطار فلسطيني» لوحة لسليمان منصور رسمها بالأتربة الملوّنة والبيض (إنستغرام الفنان)

«طفل البطّيخة»

قبل 36 عاماً، خرج طفلٌ بملامح شخصٍ بالغ من رحمِ بطّيخة. رمزت تلك اللوحة إلى أطفال فلسطين الذين ينضجون قبل الأوان. لطالما كان فنّ منصور رؤيوياً، ولطالما وظّف الرموز في مواقعها المناسبة.

عاد البطّيخ ليُلهم الملايين حول العالم بالتزامن مع حرب غزة. يقول منصور إن «الفنان بحاجة دائمة إلى رموز وعناصر جمالية مشحونة بالمعاني والعواطف، من أجل إثراء لوحته». يردّ الجميل في ذلك إلى «الأجداد الذين زرعوا الأرض ورفعوا الأسوار، وإلى الجدّات اللواتي طرّزن الملابس وصنعن أطباق القشّ وأواني الفخّار».

لوحة لسليمان منصور تجسّد طفلاً بملامح رجل يخرج من البطّيخة (إنستغرام الفنان)

للأجداد الذين زرعوا أرض فلسطين، وللأحفاد الذين حصدوا الثمار، الحلوة منها والمُرّة، ما زال سليمان منصور يرسم منذ نصف قرن وأكثر. أما لونه المفضّل فلا اسم له في مدارس الرسّامين، هو «لون التراب المحمر بالدمّ... إنه لون فلسطين».


مقالات ذات صلة

«الشرق الأوسط» تنفرد بمذكرات الحجيلان: ترجمة لقاء للملك المؤسس أول درس تلقيته

خاص الحجيلان مترجماً خلال لقاء الملك عبد العزيز ووزير الخارجية الإسباني في أبريل 1952 play-circle 01:12

«الشرق الأوسط» تنفرد بمذكرات الحجيلان: ترجمة لقاء للملك المؤسس أول درس تلقيته

لأكثر من عشر سنوات، ظلت الأوساط الثقافية والإعلامية السعودية والعربية تتداول قرب صدور مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان. «الشرق الأوسط» تنفرد بها.

بندر بن عبد الرحمن بن معمر (الرياض)
خاص يحيى السنوار متحدثاً إلى وسائل الإعلام في غزة 28 أكتوبر 2019 (رويترز) play-circle 16:46

خاص يحيى السنوار... حكاية «الرقم 1» يرويها «رفاق الزنزانة»

لشهر أكتوبر (تشرين الأول) في فصول حياة يحيى السنوار «أبو إبراهيم»، الذي أعلنت إسرائيل قتله، قصة خاصة.

بهاء ملحم (لندن)
المشرق العربي فلسطينيون يحملون مفاتيح رمزية خلال مسيرة في مدينة رام الله بالضفة الغربية الأربعاء لإحياء الذكرى السادسة والسبعين لـ«النكبة» التي أدَّت إلى نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين عام 1948 (أ.ف.ب)

الفلسطينيون بين نكبتين: 76 عاماً من التهجير

أحيا الفلسطينيون الذكرى 76 للنكبة، التي انتهت بقتل إسرائيل نحو 15 ألف فلسطيني وعربي (عام 1948)، وتهجير 950 ألفاً، وهم يعيشون الآن نكبة ثانية في غزة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (د.ب.أ)

إردوغان يعتبر «حماس» خط دفاع عن الأناضول

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن أطماع إسرائيل لا تقف عند غزة أو الأراضي الفلسطينية المحتلة لكنها ستمتد إلى منطقة الأناضول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي جو بايدن مع نظيره الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارة بايدن في يوليو الماضي (أرشيفية - رويترز)

بايدن يتعهد في ذكرى قيام إسرائيل بالالتزام الثابت بأمنها

تعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، في رسالة إلى الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ بمناسبة الذكرى الـ76 لقيام إسرائيل، بالتزامه الثابت بأمن إسرائيل.

كفاح زبون (رام الله)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.