اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن يستقبل الأردن ومصر مزيداً من الفلسطينيين من غزة التي مزقتها حرب استمرت 15 شهراً، وهو ما أثار مخاوف بين سكان القطاع، وكذلك الدول المجاورة له.
ومن المرجح أن يفاقم هذا المقترح مخاوف سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة فيما يتعلق باحتمال طردهم من القطاع الساحلي، فضلاً عن إثارة قلق الدول العربية التي كانت تخشى دائماً أن يؤدي مثل هذا النزوح إلى زعزعة استقرار المنطقة، وفقاً لوكالة «رويترز».
ماذا وراء المخاوف؟
يشعر الفلسطينيون منذ فترة طويلة بذكريات النكبة تطاردهم عندما طُرد 700 ألف من منازلهم مع إعلان قيام إسرائيل عام 1948.
فقد طُرد أو فر كثيرون منهم إلى الدول العربية المجاورة، بما في ذلك الأردن وسوريا ولبنان، وما زال كثيرون منهم أو من نسلهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في هذه الدول وبعضهم ذهب إلى غزة. وتشكك إسرائيل في الرواية التي تقول إنهم أُخرجوا من ديارهم.
وشهدت أحدث موجة من الصراع قصفاً إسرائيلياً لم يسبق له مثيل، وهجوماً برياً في غزة، مما أدى إلى تدمير المناطق الحضرية. ويقول فلسطينيون ومسؤولون من الأمم المتحدة إنه لم تعد هناك أي مناطق آمنة داخل غزة يمكن اتخاذها مأوى.
ونزح معظم سكان غزة أكثر من مرة خلال العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في أعقاب هجوم بقيادة حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، الذي أدى وفقاً لإحصاءات إسرائيلية إلى مقتل 1200 شخص.
وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن الحملة الإسرائيلية تسببت منذ ذلك الحين في مقتل أكثر من 47 ألفاً في غزة.
ماذا حدث خلال هذا الصراع؟
قبل شن إسرائيل هجومها على غزة، طلبت في البداية من الفلسطينيين في شمال غزة الانتقال إلى ما قالت إنها مناطق آمنة في الجنوب. ومع توسع الهجوم، طلبت منهم إسرائيل التوجه جنوباً نحو رفح.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن نحو 85 في المائة من 2.3 مليون نسمة يقطنون قطاع غزة، الذي يعد واحداً من أكثر المناطق اكتظاظاً بالسكان في العالم، نزحوا بالفعل من منازلهم.
هل يمكن حدوث نزوح كبير في هذا الصراع؟
يقول كثير من الفلسطينيين داخل غزة إنهم لن يغادروا حتى لو أُتيحت لهم الفرصة، لأنهم يخشون أن يؤدي ذلك إلى نزوح دائم آخر في تكرار لما حدث في عام 1948. وتعارض مصر ودول عربية أخرى بشدة أي محاولة لدفع الفلسطينيين عبر الحدود.
وتفوق نطاق هذا الصراع على أزمات وانتفاضات أخرى شهدتها غزة في العقود الماضية، وتتفاقم الكارثة الإنسانية للفلسطينيين يوماً بعد آخر.
ماذا تقول الدول العربية والغربية والأمم المتحدة؟
منذ الأيام الأولى للصراع، قالت الحكومات العربية، لا سيما مصر والأردن، إنه يتعين ألا يُطرد الفلسطينيون من الأراضي التي يريدون إقامة دولتهم عليها في المستقبل، والتي تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتخشى هذه الدول، مثل الفلسطينيين، من أن يؤدي أي تحرك جماعي عبر الحدود إلى تقويض احتمالات التوصل إلى «حل الدولتين» وترك الدول العربية تتعامل مع العواقب.
وعبر كبار مسؤولي الأمم المتحدة عن المخاوف نفسها بشأن حدوث نزوح جماعي.
وقال مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، في فبراير (شباط) الماضي، إن فكرة انتقال الناس في غزة إلى مكان آمن محض «وهم».
ماذا قالت الحكومة الإسرائيلية وساستها؟
قال يسرائيل كاتس، وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، الذي يشغل حالياً منصب وزير الدفاع، في 16 فبراير (شباط) 2024، إن إسرائيل لا تعتزم ترحيل الفلسطينيين من غزة، وإنها ستنسق مع مصر بشأن اللاجئين الفلسطينيين وستجد طريقة لعدم الإضرار بمصالح مصر.
لكن تعليقات بعض الوزراء الإسرائيليين أثارت مخاوف الفلسطينيين والعرب من نكبة جديدة.
ودعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، يوم 31 ديسمبر (كانون الأول) 2023، السكان الفلسطينيين في غزة إلى مغادرة القطاع المحاصر. وقال وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير إن الحرب قدمت «فرصة للتركيز على تشجيع هجرة سكان غزة».
وبعد أن قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، في 10 ديسمبر 2023، إن الهجوم الإسرائيلي «مجهود ممنهج لإفراغ قطاع غزة من سكانه»، وصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي تلك التعليقات بأنها «اتهامات سافرة وكاذبة».