تعرضت ناقلة نفط تديرها شركة يونانية إلى سلسلة هجمات في جنوب البحر الأحمر، الأربعاء، ما أدى إلى جنوحها وخروجها عن السيطرة، في حين تُعتقد مسؤولية الجماعة الحوثية المدعومة من إيران عن الهجوم، وذلك في مطلع الشهر العاشر من التصعيد الذي تزعم الجماعة أنه لمناصرة الفلسطينيين في غزة.
وإذ لم تتبنَّ الجماعة الهجوم على الفور، لكن زعيمها عبد الملك الحوثي كان هدد في أحدث خطبه الأسبوعية باستمرار الهجمات، وبرر تراجعها في الآونة الأخيرة بندرة مرور السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا في البحر الأحمر وخليج عدن.
وأفادت «هيئة عمليات التجارة البريطانية» بأنها تلقت تقريراً عن حادث تعرضت له السفينة، التي اتضح أنها يونانية وتحمل اسم «سونيون»، على بعد 77 ميلاً بحرياً غرب مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين.
ونقلت أن الربان أبلغ عن زورقين اقتربا من السفينة؛ وأن الأول كان يحمل ما بين 3 و5 أشخاص، وأن الثاني كان يحمل نحو 10 أشخاص، وأنهما هاجما السفينة التجارية، ما أدى إلى تبادل قصير لنيران الأسلحة الخفيفة، قبل أن يبلغ الربان عن أن السفينة أصيبت بقذيفتين «مجهولتين».
وفي حين لم يبلّغ عن إصابات بين أفراد الطاقم، أضافت «الهيئة البريطانية» أن القبطان أبلغ عن تعرض السفينة لقذيفة ثالثة «مجهولة»؛ ما أدى إلى اندلاع حريق على متنها، وفقدان طاقة المحرك، وانجرافها وخروجها عن السيطرة، كما أبلغ عن وجود مركب صغير يتصرف بشكل مريب في المنطقة المجاورة.
من جهتها، قالت وزارة الشحن اليونانية إن ناقلة النفط «سونيون»، التي تقل 25 بحاراً بينهم روسيون والبقية من الفلبين، تعرضت لهجوم من قاربين صغيرين واستُهدفت بـ3 مقذوفات في البحر الأحمر، ما ألحق أضراراً بالسفينة، لكن الهجوم لم يسفر عن إصابات، طبقاً لما أوردته «رويترز».
في السياق نفسه، نقلت «رويترز» عن شركة «دلتا تانكرز»، المشغلة للناقلة «سونيون»، تأكيدها أن الناقلة تعرضت «لواقعة عدائية» في البحر الأحمر، وأن أضراراً بسيطة لحقت بها، وأن «أفراد الطاقم بأمان (...) والسفينة جانحة في الوقت الحالي، بينما يقيم الطاقم الأضرار قبل أن تكمل السفينة رحلتها».
هجمات سابقة
تشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.
كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.
وادعت الجماعة مهاجمة أكثر من 180 سفينة، وأصابت الهجمات نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.
كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.
وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.
وعيد بالتصعيد
بينما تبنت الجماعة العشرات من الهجمات ضد إسرائيل منذ بدء التصعيد، لم يسجل أي تأثير يُذكر لهذه العمليات، باستثناء هجوم المسيّرة على تل أبيب في 19 يوليو (تموز) الماضي الذي أدى إلى مقتل شخص، وردت عليه إسرائيل بقصف ميناء الحديدة.
وشهدت هجمات الجماعة تراجعاً في الآونة الأخيرة من حيث العدد والأثر، خصوصاً عقب الضربات الإسرائيلية في 20 يوليو الماضي على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة.
وتوعّد زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في أحدث خطبه، بالرد على القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة، وبالاستمرار في مهاجمة السفن التي لها صلة بإسرائيل، مشيراً إلى مقتل 73 عنصراً من أتباعه، وإصابة 181، منذ بدء التصعيد البحري، جراء الضربات الغربية؛ بمن فيهم نحو 6 قتلى سقطوا في القصف الإسرائيلي على الحديدة، ونحو 80 جريحاً.
كما اعترف الحوثي بأن جماعته نجحت منذ بدء التصعيد، في 19 نوفمبر الماضي، في تعبئة أكثر من 400 ألف متخرج في الدورات العسكرية. وقال إن الرد على اغتيال إسماعيل هنية وقصف الحديدة «آتٍ حتماً، وله مساره وتجهيزاته وتكتيكه، وله إمكاناته المخصصة»، وإن تأخّر الرد «هو في سياق عملي ليكون موجعاً».
وأقرّت الجماعة حتى الآن بتلقّي نحو 600 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، في سياق العمليات الدفاعية الاستباقية التي تقودها واشنطن تحت اسم تحالف «حارس الازدهار» للحد من الهجمات.
ويرى مراقبون يمنيون أن الضربات الاستباقية الأميركية المتلاحقة أدت إلى تراجع هجمات الجماعة الحوثية، خصوصاً أنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.