ناقلة نفط تنجو من سلسلة هجمات حوثية... وأميركا تنفذ ضربات استباقية

زعيم الحوثيين تبنّى قصف 177 سفينة منذ نوفمبر 2023

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
TT

ناقلة نفط تنجو من سلسلة هجمات حوثية... وأميركا تنفذ ضربات استباقية

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)
صورة وزعها الحوثيون لاستهداف إحدى السفن في البحر الأحمر بزورق مسيّر مفخخ (أ.ف.ب)

استهدفت سلسلة هجمات يُعتقد أنها حوثية، ناقلة نفط في جنوب البحر الأحمر، يومي الخميس والجمعة، دون أضرار أو إصابات، في وقت أكد فيه الجيش الأميركي تنفيذ ضربات استباقية دمرت قدرات عسكرية للجماعة المدعومة من إيران، في سياق سعي واشنطن للحد من الهجمات ضد السفن.

وفي حين أكدت تقارير أمن بحري بريطانية أن ناقلة النفط التي تعرضت للهجمات في طريقها إلى ميناء التوقف التالي، كان زعيم الحوثيين تبنى في خطبة، الخميس، مهاجمة 177 سفينة منذ بدء التصعيد البحري في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأوضحت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الجمعة، أن ناقلة النفط الخام «دلتا بلو» أبلغت عن تعرضها لأربعة هجمات يومي الخميس والجمعة قبالة ميناء المخا اليمني على البحر الأحمر، وأن الطاقم بخير والسفينة تتجه إلى ميناء التوقف التالي.

ووفقاً للهيئة البريطانية، فإن هجومي الجمعة، كان أحدهما بزورق مسيّر مفخخ، والآخر بصاروخ سقط في الجوار، في حين أفادت وكالة «أمبري» للأمن البحري من جهتها، بأن الزورق المفخخ تم تفجيره من قبل حراس الناقلة قبل اصطدامه بها.

وكان ربان السفينة التي ترفع علم ليبيريا وتملكها شركة مقرها في اليونان، أبلغ الخميس أن زورقين صغيرين أطلقا قذيفة صاروخية انفجرت قرب الناقلة على بعد نحو 45 ميلاً بحرياً جنوب ميناء المخا.

وطبقاً لهيئة عمليات التجارة البريطانية، كان على متن الزورقين ثمانية أشخاص، قبل أن ينفجر صاروخ آخر بعد ساعات بالقرب من الناقلة، في حين لم يتبنَّ الحوثيون الهجمات على الفور.

سفينة «روبيمار» البريطانية غرقت في البحر الأحمر إثر هجوم حوثي (أ.ف.ب)

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي القيام بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

وبينما تبنت الجماعة العشرات من الهجمات ضد إسرائيل منذ بدء التصعيد، لم يسجل أي تأثير يُذكر لهذه العمليات، باستثناء هجوم المسيّرة على تل أبيب في 19 يوليو (تموز) والذي أدى إلى مقتل شخص، وردت عليه إسرائيل بقصف ميناء الحديدة.

ضربات وقائية

واصل الجيش الأميركي ضرباته الاستباقية الوقائية والدفاعية للحد من هجمات الحوثيين للسفن، وأقرت الجماعة بتلقي خمس غارات استهدفت غارتان منها، الخميس، منطقة الجبانة في مدينة الحديدة، في حين ضربت ثلاث غارات مواقع في منطقة ميناء رأس عيسى شمال المدينة، حيث يوجد ميناء نفطي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، بخصوص تطورات العمليات، في 8 أغسطس (آب)، أن قواتها دمرت بنجاح صاروخين مجنحين مضادين للسفن تابعين للحوثيين المدعومين من إيران، ومحطة تحكم أرضية في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، إضافة إلى تدمير زورق مسيّر في البحر الأحمر.

وذكر البيان أن هذه الأسلحة شكلت تهديداً واضحاً ومباشراً للقوات الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة، وأن السلوك المتهور والخطير من جانب الحوثيين «مستمر في تهديد الاستقرار والأمن الإقليميين».

وكان الجيش الأميركي أعلن، الخميس، أن قواته دمرت بنجاح طائرتين من دون طيار تابعتين للحوثيين، ومحطة تحكم أرضية، وثلاثة صواريخ «كروز» مضادة للسفن في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة.

وأقرّت الجماعة الحوثية حتى الآن بتلقّي نحو 600 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

ويرى مراقبون يمنيون أن الضربات الاستباقية الأميركية المتلاحقة أدت إلى تراجع هجمات الجماعة الحوثية، خصوصاً أنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.

وشهدت هجمات الجماعة الحوثية تراجعاً في الآونة الأخيرة من حيث العدد والأثر، وخاصة عقب الضربات الإسرائيلية في 20 يوليو الماضي على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة.

صاروخ استعرضته الجماعة الحوثية في صنعاء (رويترز)

وأصابت الهجمات نحو 31 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

العالم العربي طبيب يمني يعاين مريضاً في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات للحوثيين بإخفاء أدوية مرضى السكري المجانية

يعاني الآلاف من مرضى السكري في محافظة إب اليمنية من انعدام الأدوية المخصصة لهم مجاناً من منظمات دولية، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإخفائها.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مساكن النازحين في اليمن كانت الأكثر تضرراً من السيول (إعلام محلي)

يمنيون غاضبون من خنادق حوثية وسواتر أغرقت جنوب الحديدة

اتهمت مصادر يمنية حكومية الحوثيين بالتسبب في غرق الأجزاء الجنوبية من مدينة الحديدة بسبب خنادقهم وسواترهم الترابية التي حالت دون تصريف السيول للبحر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي خسائر هائلة لحقت بأهالي تهامة في اليمن جراء السيول التي طالت الأرواح والممتلكات والأراضي الزراعية (إكس)

اليمن يستنجد لإغاثة سكان تهامة غداة أمطار وسيول مميتة

تواجه منطقة تهامة اليمنية الواقعة على الساحل الغربي المحاذي للبحر الأحمر وضعاً مأساوياً بعد أمطار غزيرة تسببت بسيول جارفة خلَّفت عشرات القتلى والمفقودين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من حاملة الطائرات «يو إس إس أيزنهاور» لشن ضربات على أهداف للحوثيين في اليمن (أرشيفية -أ.ف.ب)

ضربات أميركية استباقية تدمر قدرات عسكرية حوثية

أعلن الجيش الأميركي، الخميس، تدمير قدرات عسكرية للحوثيين في ضربات استباقية في سياق عمليات التصدي التي تقودها واشنطن لحماية السفن من الهجمات المدعومة من إيران.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي المزارعون اليمنيون يتعرضون لتعسف الحوثيين وإتاواتهم (رويترز)

قيود الحوثيين على تصدير رمّان صعدة تهوي بأسعاره

يضطر مزارعو الرمان في محافظة صعدة اليمنية (شمال) إلى بيع محصولهم بأبخس الأثمان بعد أن منعتهم الجماعة الحوثية من التصدير إلى خارج مناطق سيطرتها.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: قفزة في «الإيجارات»... و«الضيوف» مُتهم أول

انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر: قفزة في «الإيجارات»... و«الضيوف» مُتهم أول

انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)
انتشار لافت لمحال سودانية في القاهرة (الشرق الأوسط)

اضطرت الفتاة العشرينية هالة رزق، ابنة محافظة الدقهلية بدلتا مصر، والتي تعمل في القاهرة، لتحمّل زيادة في إيجار الشقة التي تقيم فيها بالعاصمة المصرية مع صديقاتها المغتربات، بأكثر من 120 في المائة تقريباً خلال أقل من عام، بعدما هددتهن مالكة الشقة بالطرد بسبب وجود عروض عدة لدفع إيجار أعلى من مستأجرين من جنسيات عربية يرغبون في الإقامة بالشقة الواقعة في حي الدقي في قلب القاهرة الكبرى.

تقول هالة لـ«الشرق الأوسط» إن المشكلة بدأت منذ بداية الصيف الماضي مع تزايد أعداد السودانيين في المنطقة، الذين استأجروا الشقق الشاغرة بأسعار أعلى من الأسعار التي كانت تُدفع من قبل، ما دفع مالكة الشقة لإبلاغهن برغبتها في مغادرتهن بسبب وجود مستأجرين بسعر أعلى، مما دفعها للاتفاق مع زميلاتها على مضاعفة الإيجار تدريجياً بعدما فشلن في العثور على شقة بأسعار مقاربة في نفس المنطقة.

توضح هالة أنها اضطرت هي وزميلاتها إلى زيادة الإيجار من 4 آلاف جنيه (الدولار يعادل 49.20 جنيه في البنوك) إلى 9 آلاف جنيه خلال 3 أشهر فقط، بعد مناقشات مطولة مع مالكة الشقة، التي لم تبرم معهن عقداً بالقيمة الإيجارية الجديدة وتضغط عليهن لزيادة الإيجار مجدداً في وقت قريب مع استمرار ارتفاع الأسعار.

زادت أسعار الإيجارات بشكل ملحوظ مؤخراً (محافظة القاهرة)

وتواجه مصر تدفقات مستمرة من مهاجرين اضطروا إلى ترك بلادهم؛ بسبب الصراعات أو لأسباب اقتصادية ومناخية، خصوصاً من دول الجوار العربي والأفريقي، منها سوريا، واليمن، والسودان، وفلسطين.

واعترف رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بالارتفاع اللافت لأسعار إيجارات الشقق السكنية؛ بسبب إقبال الوافدين الأجانب عليها، والذين يطلق عليهم لقب «ضيوف»، لكنه رفض تدخل الحكومة في ضبط تلك الأسعار، مشيراً إلى أن «السوق تخضع للعرض والطلب».

ووصف مدبولي، في مؤتمر صحافي، الخميس، ارتفاع الإيجارات بـ«الأزمة المؤقتة» وليست الدائمة في ظل مرور المنطقة بـ«ظروف استثنائية»، لافتاً إلى أنه «مع استقرار الأوضاع في المنطقة سيعود عدد كبير من ضيوف مصر إلى بلادهم».

وتطلق مصر لفظ «ضيوف» على اللاجئين والمقيمين والمهاجرين الأجانب في البلاد، ووفق تقديرات حكومية مصرية ودولية، فإن أعدادهم على الأراضي المصرية تتعدى 9 ملايين أجنبي، من نحو 133 دولة. في حين قدّرت الحكومة المصرية التكلفة المباشرة لاستضافتهم في أبريل (نيسان) الماضي، بأكثر من 10 مليارات دولار سنوياً.

ولا يمكن للدولة التدخل في أسعار الإيجارات؛ لأن «نتائجه ستكون كارثية»، وفق رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب (البرلمان) النائب محمد عطية الفيومي، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن كل ما تستطيع الدولة فعله حالياً هو زيادة عدد الوحدات التي يتم بناؤها، لافتاً إلى أن جزءاً من ارتفاع الأسعار مرتبط بزيادة تكلفة الأعمال الإنشائية للعقارات نتيجة ارتفاع الأسعار في الفترة الأخيرة.

وأضاف: «السوق المصرية تخضع لقواعد العرض والطلب، وتدخل الدولة قد يؤدي لإحداث أزمة كبيرة، فملاك الوحدات قد يتوقفون عن تأجيرها حال تغير ضوابط الإيجار، وخصوصاً أن أزمة الإيجارات القديمة لم تنتهِ بعد في ظل وجود مئات الآلاف من الشقق المؤجرة وفقاً للقوانين القديمة بجنيهات محدودة ويرفض أصحابها وورثتهم إخلاءها». لكن عضو مجلس النواب، النائب ضياء الدين داود، يصف أزمة ارتفاع الإيجارات بأنها «عَرَض لمرض»، مؤكداً أن عدم وجود انضباط في مسألة «الضيوف» المقيمين في البلاد هو السبب الرئيسي في الأزمة الحالية، نتيجة الإخفاق الحكومي في عدم ترتيب الأمر والتعامل معه بشكل واضح منذ البداية.

عودة إلى هالة التي تؤكد أن عدداً من زملائها اضطروا لتغيير الأماكن التي استأجروها خلال العام الماضي؛ بسبب زيادة ملاك الشقق في الإيجارات عليهم بصورة لم يستطيعوا تحملها، ما دفعهم للانتقال إلى مناطق أبعد عن أماكن عملهم في وسط القاهرة، وقضاء وقت أطول في المواصلات، وإنفاق مبالغ فيها كبديل أقل ضرراً من تحمّل زيادة الإيجارات.

ويتفق داود مع الفيومي في أن العرض والطلب في سوق العقارات سيشهد تغييراً مع عودة «الضيوف» إلى بلادهم، وبالتالي وفرة في المعروض للإيجار من العقارات بالمناطق التي يتركزون فيها، والتي شهدت زيادات كبيرة في الأسعار.