جهود استخباراتية معقدة: كيف تجمع إسرائيل المعلومات لاستعادة الرهائن في غزة؟

امرأة تمشي بجوار صور تذكارية للرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (رويترز)
امرأة تمشي بجوار صور تذكارية للرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (رويترز)
TT

جهود استخباراتية معقدة: كيف تجمع إسرائيل المعلومات لاستعادة الرهائن في غزة؟

امرأة تمشي بجوار صور تذكارية للرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (رويترز)
امرأة تمشي بجوار صور تذكارية للرهائن الذين اختطفوا خلال الهجوم الذي شنته «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (رويترز)

في عملية استخباراتية معقدة، تمكنت القوات الإسرائيلية من العثور على جثث 6 رهائن بغزة، في تطور يعكس التقدم المستمر في عمليات جمع المعلومات التي تركز على تحديد أماكن المختطفين منذ هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، استمرت العملية عدة ساعات داخل نفق بطول 650 قدماً (200 متر) في خان يونس، حيث عثر الجنود الإسرائيليون على جثث أربعة رجال وامرأة واحدة.

جاء هذا الاكتشاف بفضل معلومات دقيقة أدلى بها فلسطيني معتقل، مما ساعد الجيش الإسرائيلي على توجيه عملية البحث بشكل دقيق.

وصرح أحد جنود الاحتياط الذين شاركوا في العملية: «من الصعب إزالة تلك الرائحة من رأسك.. إنها أيضاً نفسية لأنك تعلم أنها رائحة إنسان»، في إشارة إلى الأثر النفسي للعملية.

والدة أحد الرهائن لدى «حماس» تحتج مع عائلات أخرى بتل أبيب في 17 أغسطس الحالي لإطلاق سراحه (أ.ب)

ومنذ بداية النزاع، واجهت إسرائيل تحدياً كبيراً في جمع المعلومات الاستخباراتية، إذ لم تكن على دراية كافية بمصير المفقودين أو عددهم.

ومع ذلك، وبعد أشهر من العمليات العسكرية التي خلفت آلاف القتلى في غزة، بدأت إسرائيل باستخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لتجميع أجزاء اللغز، من خلال تحليل الأجهزة الإلكترونية المضبوطة واستجواب المعتقلين.

جاء التقدم الأخير بفضل التعاون بين مختلف الوكالات الأمنية الإسرائيلية، حيث تم استخراج كميات هائلة من بيانات «حماس» من الحواسيب والهواتف المحمولة والوثائق المضبوطة في غزة. واستخدمت إسرائيل الذكاء الاصطناعي لفحص تلك البيانات، مع دعم أميركي عزز من قدراتها في استخبارات الإشارات. بالإضافة إلى ذلك، كان للاستخبارات البشرية، التي تم جمعها من الفلسطينيين المعتقلين ومن أولئك الذين يقدمون المعلومات للقوات الإسرائيلية، دور أساسي في هذه الجهود.

وأشار الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إسرائيل زيف، الذي يطّلع على تطورات العمليات من المسؤولين العسكريين، إلى أن تلك الجثث كانت هناك لعدة أشهر، واستغرق الأمر وقتاً لجمع الصورة وتنفيذ هذه المهمة.

وفي سياق متصل، لعبت كارين نهون، عالمة المعلومات من جامعة ريخمان، دوراً محورياً في تنظيم فريق من المتطوعين لمسح وسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير خوارزميات لفحص 200 ألف مقطع فيديو، في محاولة لتحديد المفقودين. شارك هذا الفريق نتائجه مع المسؤولين الاستخباريين، على الرغم من العقبات التي واجهتهم في البداية بسبب غياب دعم الدولة.

ووفقاً لأوفر ميرين، المدير العام لمركز «شعاري تسيديك» الطبي، أنه بعد أسبوعين من هجمات السابع من أكتوبر، شُكِّلت لجنة من الخبراء الصحيين لمراجعة المعلومات الاستخباراتية السرية، وتحديد ما إذا كان الرهائن أحياءً أو أمواتاً، وبناءً على الأدلة المتاحة خلصت اللجنة إلى أن أكثر من 40 رهينة لقوا حتفهم.

حاييم بيري أحد الرهائن الذي أعلنت إسرائيل استعادة جثته (رويترز)

وما زال التحدي الأكبر الذي تواجهه إسرائيل هو أن الرهائن موزعون في جميع أنحاء قطاع غزة، ويتم نقلهم باستمرار، مما يصعّب تحديد مواقعهم.

فقد أفادت الرهينة المحررة، أفيفا سيجل، بأنها كانت محتجزة في 13 موقعاً مختلفاً خلال 51 يوماً قضتها في غزة.

ورغم صعوبة إنقاذ الرهائن الأحياء، فإن تحديد أماكن جثث الأسرى يعد مهمة معقدة، خصوصاً أن الجثث غالباً ما يتم إخفاؤها بعناية.

ففي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عثر على جثتي رهينتين داخل أكياس قمامة في نفق شمالي غزة، وفقاً لشهادة إحدى العائلات.

وعلى الرغم من التقدم في جمع المعلومات الاستخباراتية، فإن إسرائيل لا تختار دائماً تنفيذ عمليات إنقاذ، معتبرة أن المفاوضات هي الخيار الأكثر أماناً لعودة الرهائن.

ومع ذلك، تظل عملية استعادة جثث الرهائن المتوفين تحدياً كبيراً بسبب تعمد «حماس» إخفاءها في مواقع متعددة ومعقدة.

تجسد هذه التطورات التحديات الكبيرة التي تواجه إسرائيل في جهودها لاستعادة الرهائن، سواء كانوا أحياء أو موتى، في ظل ظروف أمنية وسياسية بالغة الصعوبة.


مقالات ذات صلة

8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

تحليل إخباري فلسطينية تنتحب يوم الثلاثاء بعد مقتل أقاربها في غارة إسرائيلية على دير البلح (أ.ف.ب) play-circle 01:49

8 ملفات إشكالية خيمت على اتفاق غزة... ما هي؟ وكيف ستُحل؟

بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب، تستعد إسرائيل و «حماس» لإعلان اتفاق مرتقب على وقف إطلاق النار في غزة، فما الملفات المهمة التي خيمت على المفاوضات؟ وكيف سيتم حلها؟

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية أطفال يتجولون بين الحطام في موقع قصف إسرائيلي على حي سكني بمدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle 01:33

مسؤول إسرائيلي: قدمنا ​​كل التنازلات اللازمة للتوصل إلى اتفاق

نقلت شبكة «سي.إن.إن» اليوم (الثلاثاء) عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه القول إن الحكومة الإسرائيلية مستعدة لوقف إطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
أوروبا المدعي العام لـ«المحكمة الجنائية الدولية» كريم خان (رويترز)

مدّعي «الجنائية الدولية» يطلب رفض اعتراضات إسرائيل على مذكرة اعتقال نتنياهو

أكد المدعي العام لـ«المحكمة الجنائية الدولية» للقضاة أن الاعتراضات الإسرائيلية على التحقيق في الحرب، المستمرة منذ نحو 15 شهراً، على غزة يجب رفضها.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
المشرق العربي مبانٍ مدمرة بسبب الحرب في شمال قطاع غزة (رويترز)

«جولة الدوحة» تُنتج مسودة نهائية لاتفاق غزة

وسط أجواء تفاؤل قوية بقرب إبرام صفقة تُوقِف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد «انفراجة» في مفاوضات الدوحة، يشكك كثيرون في النيات الحقيقية لرئيس الوزراء بنيامين.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي طفل يُطْعم طفلاً آخر بينما هما جالسان في مقبرة لجأت إليها عائلات نازحة في دير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

نتنياهو يُبعد وزراءه عن «أجواء صفقة غزة» خشية إفشالها

أبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزراءه، عن أجواء المفاوضات الجارية لإبرام «صفقة» بشأن الحرب الدائرة في غزة، خشية إفشالها.

كفاح زبون (رام الله)

الجيش الإيراني يدشن مدمرة للرصد المخابراتي

صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)
صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)
TT

الجيش الإيراني يدشن مدمرة للرصد المخابراتي

صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)
صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)

أعلنت البحرية الإيرانية عن تدشين أول مدمرة للرصد المخابراتي ورصد الذبذبات، وذلك بعد أيام قليلة من تسلم الجيش ألف طائرة مسيرة جديدة.

وأفادت وكالة «تسنيم»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، بأن المدمرة «زاغروس» فئة جديدة من السفن العسكرية المزودة بأجهزة استشعار إلكترونية، ولديها القدرة على اعتراض العمليات السيبرانية وإجراء رصد مخابراتي، حسبما نقلت وكالة «رويترز». وقال قائد البحرية الإيرانية شهرام إيراني إن السفينة ستكون «العين الساهرة للبحرية الإيرانية في البحار والمحيطات».

وبدأت إيران هذا الشهر تدريبات عسكرية سنوية، شملت بالفعل مناورات حربية تدافع فيها قوات «الحرس الثوري» عن منشآت نووية رئيسية وسط البلاد، في نطنز وفوردو ومفاعل أراك للمياه الثقيلة، خلال محاكاة لهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة. وتستمر التدريبات لمدة شهرين.

صورة وزعها الجيش الإيراني من مدمرة «زاغروس» اليوم (أ.ب)

وتأتي التدريبات والمشتريات العسكرية في وقت تشهد فيه إيران توتراً شديداً مع عدوّيها اللدودين إسرائيل والولايات المتحدة، مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الأسبوع المقبل.

كان ترمب، خلال ولايته الأولى (2017 - 2021)، مهندس ما يسمى سياسة «الضغوط القصوى» على إيران، وأعاد فرض عقوبات شديدة عليها، أبقت عليها إدارة جو بايدن.

وأفاد موقع «أكسيوس» الإخباري الأميركي بأن مستشار الأمن القومي جيك ساليفان عرض مؤخراً على الرئيس جو بايدن خيارات لشنّ ضربة أميركية محتملة ضد منشآت نووية إيرانية، في حال تحرّكت طهران نحو تطوير سلاح نووي قبل تولي ترمب منصبه.

وتقول القوى الغربية إنه ليس هناك مبرر مدني موثوق لتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع سلاح نووي. وتنفي طهران السعي لحيازة قنبلة ذرية. وقال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) إن البلاد تخطط لزيادة ميزانيتها العسكرية بنحو 200 في المائة لمواجهة التهديدات المتزايدة.