من الانتعاش إلى النمو المحدود... الاقتصاد الإسرائيلي يتخبط بعد 320 يوماً من الحرب

«العقد الضائع» يعود للواجهة... ومخاوف من ركود طويل الأمد

دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
TT

من الانتعاش إلى النمو المحدود... الاقتصاد الإسرائيلي يتخبط بعد 320 يوماً من الحرب

دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)
دبابة تناور على الجانب الإسرائيلي من الحدود بين إسرائيل وغزة (رويترز)

بعد 320 يوماً من الصراع بين إسرائيل و«حماس»، لا يزال الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من التأثيرات الشديدة للحرب، التي تزداد سوءاً شهراً بعد شهر. ومع استمرار العمليات العسكرية واستنزاف الموارد بشتى أنواعها، تقف إسرائيل عند مفترق طرق اقتصادي حرج، تتجلى آثاره بوضوح في الانخفاض الحاد في النمو، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم العجز المالي، وخفض التصنيف الائتماني. كما تشير التوقعات إلى أن العجز المالي في موازنة 2024 سيتجاوز التقديرات السابقة بكثير بسبب الإنفاق الدفاعي. وفي هذا السياق، تتزايد المخاوف من استمرار الحرب، وسط التوترات الجيوسياسية والضغوط على الحكومة الإسرائيلية للتعامل مع التداعيات المالية والعسكرية طويلة الأمد.

تباطؤ النمو الاقتصادي

وفقاً للبيانات الصادرة عن دائرة الإحصاء المركزية، سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً سنوياً قدره 1.2 في المائة خلال الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، إلا أنه انخفض بنسبة 1.4 في المائة مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي. وهذه النتائج جاءت أقل من توقعات خبراء الاقتصاد التي تراوحت بين 2.3 في المائة و5 في المائة. وعلى أساس نصيب الفرد، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4 في المائة في الربع.

وجاءت هذه الأرقام بعد فترة انتعاش شهدها الاقتصاد في بداية العام، حيث سجل نمواً سنوياً قدره 17.3 في المائة خلال الربع الأول من 2024، عقب انكماش حاد بنسبة 20.6 في المائة في الربع الأخير من 2023، عندما تسبب اندلاع الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) في تقليص الإنفاق الاستهلاكي والتجارة والاستثمار بشكل ملحوظ.

وفي يوليو (تموز)، خفّض بنك إسرائيل توقعاته لنمو الاقتصاد، مشيراً إلى زيادة خطر التصعيد مع «حزب الله» على الحدود الشمالية، متوقعاً أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة في عام 2024، و4.2 في المائة في عام 2025. وهذا أقل من توقعات النمو السابقة في أبريل التي بلغت 2 في المائة في عام 2024 و5 في المائة في عام 2025، في حين تتوقع وزارة المالية الإسرائيلية نمواً بنسبة 1.9 في المائة لهذا العام.

منظر عام لمدينة حيفا الساحلية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

تراجع الإنتاج وزيادة الاستهلاك

خلال الربع الثاني، انخفض إنتاج الأعمال بنسبة 1.9 في المائة، في حين تراجعت صادرات السلع والخدمات بنسبة 8.3 في المائة. ورغم زيادة طفيفة بنسبة 1.1 في المائة في الاستثمار في الأصول الثابتة، وصف الخبراء الاقتصاديون نمو الناتج المحلي الإجمالي في هذا الربع بأنه مخيب للآمال؛ نظراً لانكماش الصادرات وضعف الاستثمارات. إضافة إلى ذلك، لا تزال استثمارات البناء منخفضة بنسبة 26 في المائة على أساس سنوي بسبب نقص العمال الفلسطينيين، كما أن إغلاق الشركات الزراعية والتجارية في الشمال والجنوب أضر بالنمو الاقتصادي بشكل مباشر. في المقابل، ارتفع الاستهلاك الحكومي بنسبة سنوية بلغت 8.2 في المائة مقارنة بـ2.6 في المائة في الربع السابق، مما زاد من المخاوف بشأن اعتماد النمو الاقتصادي بشكل مفرط على الإنفاق العام المرتفع المرتبط باحتياجات الحرب. كما ارتفع الاستهلاك الخاص بنسبة 12 في المائة، متجاوزاً مستويات ما قبل الحرب.

خفض التصنيف الائتماني

تأتي بيانات النمو الضعيفة بعد خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل من «إي بلس» إلى «إيه» من قبل وكالة «فيتش»، التي تتوقع استمرار الحرب حتى عام 2025. وحذرت الوكالة من أن التصعيد إلى جبهات متعددة قد يؤدي إلى إنفاق عسكري إضافي كبير، وتدمير البنية التحتية، وإلحاق المزيد من الضرر بالنشاط الاقتصادي والاستثمار. وأبقت على نظرتها المستقبلية «سلبية»، وهو ما يعني إمكانية خفض التصنيف مرة أخرى. وكانت «فيتش» ثالث وكالة ائتمان عالمية تخفض تصنيف إسرائيل هذا العام، بعد «ستاندرد آند بورز» و«موديز» بسبب ارتفاع المخاطر الجيوسياسية.

عجز مالي متزايد

في يوليو، اتسع العجز المالي إلى 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الاثني عشر السابقة، مقارنة بـ7.6 في المائة في يونيو، حيث تجاوز الإنفاق الحكومي في الشهر الماضي البالغ 49.4 مليار شيقل (13 مليار دولار) إيرادات الدولة البالغة 40.9 مليار شيقل. وكان هذا الشهر هو الرابع الذي يتجاوز فيه العجز سقف الهدف الحكومي البالغ 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المحدد لنهاية عام 2024، مع الإشارة إلى أن إسرائيل سجلت عجزاً في الموازنة بنسبة 4.2 في المائة في عام 2023.

وأشارت وزارة المالية حينها في تقريرها الشهري إلى أن «الزيادة تعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع الإنفاق على الدفاع والأمن، وكذلك من قبل الوزارات المدنية بسبب الحرب، بالإضافة إلى المدفوعات الصارمة الناتجة عن الاتفاقيات».

فلسطينيون يعودون إلى الجهة الشرقية لمدينة خان يونس بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من المنطقة (رويترز)

ثلاثية تضغط على الاقتصاد

ارتفع معدل التضخم السنوي في يوليو إلى 3.2 في المائة من 2.9 في المائة في الشهر السابق، مسجلاً أعلى قراءة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة ضغوط الأسعار على الغذاء والإسكان والتعليم والثقافة والترفيه. في الوقت نفسه، ارتفع التضخم الأساسي إلى 2.9 في المائة في يوليو من 2.7 في المائة في يونيو، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في ظل التحديات المستمرة.

كما شهدت إسرائيل ارتفاعاً ملحوظاً في معدلي الفقر والبطالة. فقد ارتفع معدل الفقر بنسبة 2.6 نقطة مئوية، ليصل إلى 25.3 في المائة في منتصف عام 2024، في حين ارتفع معدل البطالة بنسبة 1.7 نقطة مئوية، ليصل إلى 6.2 في المائة في يوليو 2024، مما يعني فقدان مئات الآلاف من فرص العمل.

قرارات السياسة النقدية

رغم تباطؤ النمو الاقتصادي، من غير المرجح أن يخفض بنك إسرائيل تكاليف الاقتراض في قراره القادم بشأن أسعار الفائدة، وذلك بسبب ارتفاع التضخم بشكل مستمر (3.2 في المائة)، وهو خارج نطاق الهدف المحدد من المصرف المركزي بين 1 في المائة و3 في المائة. ويرى خبراء الاقتصاد أن الأرقام الضعيفة للنمو تعود إلى مشكلات في العرض وليس في الطلب، مما يعني أن تخفيضات أسعار الفائدة قد لا تكون فعالة في تعزيز النمو. ويأتي هذا التوجه في ظل مؤشرات تسارع التضخم في مؤشر يوليو وارتفاع المخاطر الجيوسياسية، التي تزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي.

تراجع قياسي في السياحة

شهد قطاع السياحة تراجعاً حاداً في الفترة الأخيرة، حيث انخفض عدد السياح بشكل ملحوظ من نحو 300 ألف في سبتمبر (أيلول) إلى 89 ألفاً في أكتوبر، ثم إلى 38 ألفاً فقط في نوفمبر. وانسحب هذا الانخفاض الكبير على إيرادات القطاع، إذ تراجعت من 1.4 مليار دولار في الربع الثالث من عام 2023 إلى 464 مليون دولار في الربع الأخير.

واستمر النزيف خلال النصف الأول من العام، حيث تراجع عدد الزوار بشكل حاد إلى 500 ألف زائر فقط، مقارنة بـ2.1 مليون زائر في الفترة نفسها من العام الماضي. وشهد القطاع تحولاً جذرياً بعد السابع من أكتوبر، إذ انقلبت موازين السياحة بشكل كامل، فبينما كانت الغالبية العظمى من السياح تأتي من خارج إسرائيل، أصبح الإسرائيليون يشكلون الآن نحو 30 في المائة من إجمالي عدد النزلاء في الفنادق، في حين انخفضت نسبة السياح الأجانب إلى 70 في المائة.

يتجول الناس في البلدة القديمة بالقدس عبر باب الخليل حيث يتسبب الصراع في إحداث دمار بقطاع السياحة (رويترز)

التوقعات المستقبلية

تتوقع وكالة «فيتش» أن تزيد الحكومة الإسرائيلية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مما يزيد من الضغوط على الموازنة ومستويات الديون. وقالت الوكالة إن المالية العامة تضررت، وتوقعت عجزاً في الميزانية بنسبة 7.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 لتمويل الإنفاق على الأمن والدفاع. ومن المتوقع أن تؤثر هذه النفقات سلباً على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل، التي من المتوقع أن ترتفع إلى 75 في المائة، مما قد يؤثر سلباً على التصنيف الائتماني لإسرائيل.

ونظراً للعواقب الجيوسياسية والمحلية لحالة الحرب المستمرة، فمن المتوقع أن يستمر تآكل مكانة إسرائيل الدولية، مع تزايد المخاوف بشأن الاستثمار فيها، وخاصة في قطاع التكنولوجيا.

وفيما يتصل بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب في الشمال مع لبنان، فإن أي زيادة في علاوة المخاطر سوف تؤدي إلى زيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة على الدين العام الإسرائيلي، الذي من المرجح أن يظل في مستوى يتراوح بين 1.3 في المائة و1.5 في المائة، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب وهو 0.8 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، فإن خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى المستوى الموصى به وهو 60 في المائة سوف يكون مهمة صعبة قد تستغرق أكثر من عقد من الزمان. وكانت آخر مرة تجاوزت فيها نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل 80 في المائة خلال الانتفاضة الثانية، عندما وصلت إلى 93 في المائة في عام 2003. ورغم عدة سنوات من النمو السريع، كان انخفاض هذه النسبة بطيئاً، ولم تصل إلى 60 في المائة حتى عام 2017.

وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن انخفاض معدلات النمو في ثلاثة سيناريوهات (استمرار الوضع الحالي، والتصعيد في الشمال، والتوصل إلى اتفاق على أساس الصفقة المقترحة لإطلاق سراح الرهائن، ووقف القتال في غزة وانسحاب قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من القطاع) إلى جانب زيادة في الإنفاق الأمني، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الركود الاقتصادي، مما قد يتسبب في مشاكل اقتصادية تذكر بفترة «العقد الضائع» التي أعقبت حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر 1973 عندما استنفدت الموازنة وانخفض معدل النمو في الاقتصاد إلى النصف أو أكثر). وقد تتطلب هذه الظروف تخفيضات إضافية في موازنات الوزارات الحكومية المختلفة، مما سيؤدي إلى خفض التمويل المخصص للتعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية، وهي قطاعات تهدف إلى تعزيز الإنتاجية الاقتصادية في إسرائيل.


مقالات ذات صلة

الجمهوريون يضيّقون الخناق على وزير الحرب بيت هيغسيث

الولايات المتحدة​ طائرات حربية أميركية تشارك في الضربات على قوارب يشتبه بتهريبها المخدرات في البحر الكاريبي (أ.ف.ب) play-circle

الجمهوريون يضيّقون الخناق على وزير الحرب بيت هيغسيث

تتصاعد حدة التوتر داخل المعسكر الجمهوري تجاه وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث وتطورات تشير إلى تآكل في الثقة قد يمهّد لمرحلة من الصدام المفتوح داخل الحزب.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الجيش الأميركي دان دريسكول (أ.ب)

دان دريسكول... أصغر وزير جيش في أميركا وقائد مفاوضات إنهاء حرب أوكرانيا

رغم صغر سنه وحقيقة أنه أصغر وزير جيش أميركي في تاريخ البلاد، فقد وقع الاختيار على دان دريسكول من قبل دونالد ترمب لقيادة محادثات إنهاء حرب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي في أنقرة... 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

زيلينسكي يواجه أزمات متلاحقة... ما أبرز التحديات؟

يواجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سلسلة من الأزمات التي تختبر قدرته على قيادة بلد أنهكته الحرب بعد نحو أربع سنوات على الغزو الروسي الواسع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا مجندون للقتال في صفوف الجيش الروسي (أب - أرشيفية)

شبان أوكرانيون يتجنبون التجنيد الروسي في المناطق التي تحتلها موسكو

يُقْدِم شبان أوكرانيون على الهروب من سكنهم تجنباً للتجنيد الروسي في المناطق التي تحتلها موسكو.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا المكان المخصص في مقبرة كتابوي لعائلة فرنكو بمدينة فيرول مسقط رأس الديكتاتور (رويترز)

خمسون عاماً على رحيل فرنكو

منذ خمسين عاماً، طوت إسبانيا صفحة الجنرال فرنسيسكو فرنكو الذي قاد أطول نظام ديكتاتوري في تاريخ أوروبا الغربية الحديث

شوقي الريّس (مدريد)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.